المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : :: مرض الزهراء ( عليها السلام ) و استشهادها ::


أبو حيدر
07-07-2010, 09:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف


http://www.alyageen.org/Arresalah/_upl/pix/mid/0905051202311241550151.jpg
صورة تحزن القلب لمسجد السيدة الطاهرة الزهراء بعد أن أغلقه الوهابية عن زواره والصلاة فيه . صلوات الله عليك ياسيدتنا يافاطمة الزهراء ظلموك في حياتك ويظلمونك بعد استشهادك ! - المدينة المنورة



مرض الزهراء ( عليها السلام ) و استشهادها
1 ـ فاطمة (عليها السلام) على فراش المرض :
إنتشر خبر مرض السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في المدينة ، وسمع الناس به، ولم تكن تشكو السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من داء عضال غير ماحدث لها بين الحائط والباب من عصرها وكسر ضلعها وسقوط جنينهاولطمها على خدها .
كلّ هذه الاُمور ساهمت في انحراف صحتها وقعودها عن ممارسة أعمالها، وكان زوجها العطوف هو الذي يتولّى تمريضها ، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس[1] ، جاءت نسوة من أهل المدينة لعيادتها ، وخطبت فيهنّ تلك الخطبة ـ التي ستمرّ عليك ـ وأعادت النسوة كلامها على رجالهن ، فجاء الرجال يعتذرون ، فما قبلت اعتذارهم فقالت (عليها السلام) : « إليكم عنّي لا عذر بعد تعذير ولا أمر بعد تقصير » .
لقد انتشر خبر استياء السيّدة فاطمة (عليها السلام) من السلطة ونقمتها على الذين آزروا الحزب الحاكم بسكوتهم وصمتهم، وتناسوا كلّ النصوص التي نزلت في آل الرسول، وأعرضوا عن كلّ حديث سمعوه من شفتي الرسول (صلى الله عليه وآله) في حقّ الزهراء (عليها السلام) وزوجها وولديها، وأخيراً تولَّد شيء من الوعي عند الناس ، وعرفوا أنّهم مخطئون في دعم السلطة الحاكمة التي لم تعترف بشرعية الزعامة لآل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا تعير للحقّ اهتماماً ولا للمنطق موقعاً سوى القوّة وحدّ السيف .
2 ـ عيادة النساء للسيّدة فاطمة (عليها السلام) :
لا نعلم بالضبط السبب الحقيقي والدافع الأصلي الذي دعا بنساء المهاجرين والأنصار لعيادة السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، فهل كان ذلك بإيعاز من رجالهن ؟ وما الذي دعا اُولئك الرجال لإرسال نسائهم إلى دار السيّدة فاطمة (عليها السلام) ؟ وهل حصل الوعي عند النساء وشعرن بالتقصير بل الخذلان لبنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فانتشر هذا الشعور بين النساء فحضرنَ للعيادة والمجاملة أو إرضاء لضمائرهن المتألمة ممّا حدث وجرى على سيدة النساء؟ أو كانت هناك أسباب سياسية فرضت عليهنّ ذلك، فحضرن لتلطيف الجوّ وتخفيف التوتّر للعلاقات بين بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين السلطة الحاكمة في ذلك اليوم؟ خاصة وإنّ الموقف الاعتزالي الذي اختارته السيّدة فاطمة (عليها السلام) لنفسها وانسحابها عن ذلك المجتمع لم يكن خالياً عن التأثير ، بل كان عاملاً مساعداً لانتباه الناس ، وبالأخص حين حمل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) السيّدة فاطمة (عليها السلام) يطوف بها على بيوت الأنصار تستنجد بهم وتستنهضهم فلم تجد منهم الإسعاف بل وجدت منهم التخاذل[2] .
وعلى كلّ تقدير فلا يعلم أيضاً عدد النساء اللاّتي حضرن عند الزهراء(عليها السلام) وهي طريحة الفراش ، ولكن يبدو أنّ العدد لم يكن قليلاً بل كان مما يُعبأ به .
3 ـ خطبتها الثانية :
قال سُوَيْدُ بن غفلة : لمّا مرضت سيّدتنا فاطمة (عليها السلام) المَرْضة التي توفّيت فيها; اجتمعت اليها نساء المهاجرين والأنصار ليَعِدْنَها ، فقلن لها : يا بنت رسول الله كيف أصبحت من علّتك ؟ فحمدت الله وصلّت على أبيها (صلى الله عليه وآله) ثم قالت :
«أصبَحتُ واللهِ عائِفَةً[3] لدنياكم ، قالِية[4] لرجالكم، لَفَظْتُهُم[5] بَعدَ أنْ عَجَمْتهُمْ[6] وَشَنَأْتُهُمْ[7] بَعْدَ أن سَبَرْتُهُمْ[8]، فَقُبحاً[9] لفُلولِالحدِّ[10][واللَّعبِ بَعدَ الجِدِّ[11] ، وقَرْعِ الصَّفاةِ[12]][13] ، وخَوْرِ القَناةِ[14] ، وخَطَلِ الرّأيِ[15][ وزَلَلِ الأهواءِ ][16] .
وَبِئسَ ما قَدَّمَتْ لهم أنفُسُهم أنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيهْمِ وفي العذابِ هُم خالدون .
لا جَرَمَ[17] [والله][18] لَقَدْ قَلَّدَتْهُم رِبْقَتها[19] [وَحَمَّلَتْهُم أَوْقَتَها ][20] وَشَنْنتْ عَلَيْهِم غارتها[21] ، فجَدعاً[22] وعَقراً[23] وسُحْقاً[24] للقوم الظالمين .
وَيْحَهُم[25] أنّى زَحْزَحوها[26] عن رَواسي[27] الرِّسالةِ ، وقواعِدِ[28] النبوّةِ والدّلالَةِ ومَهبِطِ الوحيِ الأمين، والطّبين[29] بأمرِ الدُّنيا والدّين،ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما نَقَموا[30] من أبي الحسن ؟ ! نَقَموا واللهِ مِن نَكيرِ[31] سيفِهِ، [وَقِلَّةِ مُبالاتِه بِحَتْفِهِ ]وشِدَّةِ وَطأتِهِ[32] ونَكالِ[33] وَقْعته[34] وتَنَمُّرِهِ[35] في ذاتِ اللهِ عزّوَجَلَّ .
واللهِ لو تَكافُّوا[36] عَن زَمان[37] نَبَذَهُ[38] رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) لأعْتَلَقَهُ[39] ولَسار بِهِم سَيْراً سُجُحاً[40][41]، لا يُكْلَمُ[42] خِشاشُه[43][ ولا يكلّ سائره ]ولا يُتَعْتَعُ[44] راكبهُ ، ولأوردهم مَنْهَلاً نميراً[45] فَضْفاضاً[46] تَطْفَحُ ضِفّتاه[47] [ ولا يَتَرَنَّقُ جانِباهُ ][48] ولاصَدَرَهُم بِطاناً[49] [ ونصح لهم سرّاً وإعلاناً ] قد تحيّر بهم الرّيّ[50] غير متحلٍّ منه بطائل[51] . [ولا يحظى من الدنيا بنائل][52] إلاّ بِغَمْرِ[53] الماءِ وَرَدْعِه[54] شَرَرَ الساغِب[55][ وَلَبانَ لَهُمُ الزّاهِدُ من الرّاغِب والصّادقُ مِنَ الكاذِبِ][56]ولَفُتِحَتْ عليهِم بَرَكاتٌ مِنَ السماءِ والأرضِ، وسَيَأْخُذُهُمُ اللهُ بما كانوا يكْسِبونَ[57] .
أَلا هَلُمَّ فَاسْمَعْ[58]، وَما عِشْتَ أراكَ الدَّهْرُ العَجَبَ، وإنْ تَعْجَبْ فَقَد أعْجَبَك الحادِثُ [لَيْتَ شِعري][59] إلى أيِّ سِناد[60] استَنَدوا [وعلى أيّ عِماد اعتَمَدوا] وبِأيَّةِ عُرْوة تَمَسّكوا، [وعلى أيّةِ ذُرِّيَّة اَقْدَموا واحتنكوا ]؟[61] [لبئس المولى ولبئس العشير، وبئس للظالمين بدلا][62] .
استبدلوا الذُنابى[63] والله بالقوادِمِ والعَجزَ بالكاهِل، فَرَغْماً لمَعاطِسِ قوم يحسبون أنّهُم يُحسِنون صُنْعاً ، ألا إنّهم هُمُ المُفْسِدون وَلكن لا يَشْعُرونَ .
وَيْحَهُم [ أَفَمَنْ يهَدي إلى الحقِّ أَحَقُّ أن يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدّي[64] إلاّ أَنْ يُهدى فما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمونَ][65] .
أما لَعَمْري لقد لَقِحَتْ فَنَظِرَةٌ رَيْثَما تُنْتِج[66] ثمّ احْتَلِبوا طِلاعَ القَعْبِ[67] دَماً عَبيطاً[68]، وذُعافاً مُمْقِراً[69]، هُنالِكَ يَخْسَرُ المُبْطِلونَ، ويَعْرِفُ التالون غِبَّ[70] ماسَنَّ[71] الأوَّلونَ .
ثمّ طيبوا [بعد ذلك] عن أنفسكم[72] أنفساً[73]، وَطَأْمنوا لِلْفِتْنَةِ جَأشاً[74] ، وابْشروا بِسَيْف صارِم[75] [وَسَطْوَةِ مُعْتَدغاشِم][76] وهَرَج شامِل[77] ، وَاستِبداد[78] مِنَ الظالمينَ ، يَدَعُ فَيْئَكُم زَهيداً[79] ، وَزَرْعَكُمْ حَصيداً[80] ، فَيا حسرتي لكم ، وَأَ نّى[81] بِكُمْ وَقَدْ عُمِّيَتْ[82] عليكم أَ نُلزِمُكموها وَأَنْتُم لها كارِهون» .
قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها (عليها السلام) على رجالهن فجاء اليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين ، وقالوا : يا سيّدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد ونحكم العقد; لما عَدَلنا إلى غيره، فقالت : « إلَيْكُمْ عَنيّ ! فَلا عُذْرَ بَعْدَ تَعذيرِكُم وَلا أمْرَ بَعْدَ تَقصيرِكُم »[83] .
4 ـ عيادة أبي بكر وعمر بن الخطاب للزهراء (عليها السلام) :
كان الصحابة رجالاً ونساءً يعودون فاطمة (عليها السلام) بين الحين والحين إلاّ عمر وأبا بكر لم يعوداها لأنّها قاطعتهُما ورفضتهُما ولم تأذن لهُما بعيادتها ، ولمّا ثقل عليها المرض وقاربتها الوفاة لم يجدا بُدّاً من عيادتها لئلاّ تموت بضعة المصطفى (صلى الله عليه وآله) وهي ساخطة عليهما على رؤوس الأشهاد، فتبقى وصمة عار تلاحق الخليفة وجهازه الحاكم إلى يوم الدين ، وأرادوا تغطية انحرافهم باسترضاء الزهراء (عليها السلام) وعند ذلك ينتهي كلّ شيء، وتكون مأساة فعلتهم منسية بالتدريج .
وروي أنّ عمر قال لأبي بكر : إنطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها، فانطلقا فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّاً فكلَّماه فأدخلهما عليها، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط فسلّما عليها ، فلم تردّ عليهما السَّلامَ ، فتكلّم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والله إنّ قرابة رسول الله أحبّ إليّ من قرابتي وإنك لأحبّ إليَّ من عائشة إبنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أَنّي متّ ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفكِ وأعرف فضلك وشرفك ، وأمنعك حقّكِ وميراثك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ إلاّ أنّي سمعت أباكِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : « لا نورّث ، ما تركناه صدقه » .
فقالت (عليها السلام) : « أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعرفانه وتفعلان به ؟» فقالا : نعم، فقالت : «نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة إبنتي فقد أحبّني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ » .
قالا : نعم ، وسمعناه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
قالت : «فإنّي اُشهدُ الله وملائكته أَنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي (صلى الله عليه وآله) لأشكونّكما اليه »، فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه ومن سخطكِ يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي ، حتى كادت نفسه أن تزهق و فاطمة تقول : « والله لأدعونَّ عليكما في كلّ صلاة اُصليها ، ثم خرج باكياً» فاجتمع الناس إليه فقال لهم : يبيت كلّ رجل معانقاً حليلته مسروراً بأهله، وتركتموني وما أَنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعت[1] .
5 ـ الساعات الأخيرة قبل الرحيل :
كانت السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في ذلك اليوم الذي توفيت فيه طريحة الفراش، وقد أخذ منها الهزال كلّ مأخذ ، وما بقي منها سوى الهيكل العظمي فقط ، لقد رأت أَباها في المنام وهو يقول لها : «هلمّي إليّ يا بُنَيَّة فإنّي اليك مشُتاقٌ» ثمّ قال لها : «أنتِ الليلةَ عندي» .
انتبهت من غفوتها واستعدّت للرحيل إلى الآخرة ، فقد سمعت من أبيها الصادق المصدَّق الذي قال : «من رآني فقد رآني». سمعت منه نبأ ارتحالها فلا مجال للشكّ والتردّد في صدق الخبر .
فتحت عينها واستعادت نشاطها ولعلّها كانت في صحوة الموت وقامت لاتّخاذ التدابير اللازمة ، واغتنمت تلك السويعات الأخيرة من حياتها، أقبلت الزهراء تزحف أو تمشي متّكئة على الجدار نحو الموضع الذي فيه الماء من بيتها، وشرعت تغسل ثياب أطفالها بيديها المرتعشتين، ثم دعت أطفالها وطفقت تغسل رؤوسهم، ودخل الإمام عليّ (عليه السلام) البيت وإذا به يرى عزيزته قد غادرت فراش العلّة وهي تمارس أعمالها المنزلية .
رقّ لها قلب الإمام حين نظر إليها وقد عادت إلى أعمالها المتعبة التي كانت تجدها أيام صحتها، فلا عجب إذا سألها عن سبب قيامها بتلك الأعمال بالرغم من انحراف صحّتها ، أجابته بكلّ صراحة لأن هذا اليوم هو آخر يوم من أيام حياتي، قمت لأغسل رؤوس أطفالي وثيابهم لأنّهم سيصبحون يتامى بلا اُم، سألها الإمام عن مصدر هذا النبأ فأخبرته بالرؤيا ، فهي بذلك قد نعت نفسها إلى زوجها بما لا يقبل الشك .
6 ـ وصيّة الزهراء (عليها السلام) للإمام عليّ (عليه السلام) :
وفي الساعات الأخيرة من حياتها حان لها أن تكاشف زوجها بما أضمرته في صدرها ( طيلة هذه المدّة ) من الوصايا التي يجب تنفيذها .
فقالت (عليها السلام) لعليّ (عليه السلام) : « يابن عمّ إنّه قد نُعيت إليَّ نفسي وإنّني لا أرى ما بي إلاّ أننّي لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة ، وأنا اُوصيك بأشياء في قلبي » قال لها عليّ (عليه السلام) : «أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) » . فجلس عند رأسها ، وأخرج من كان في البيت ثم قالت : « يابن عمّ ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني »؟ فقال عليّ (عليه السلام) : « معاذ الله أنتِ أعلم بالله ، وأبرّ وأتقى وأكرم وأشدّ خوفاً من الله من أن أُوبّخكِ بمخالفتي وقد عزّ عليَّ مفارقتكِ وفقدكِ إلاّ أنّه أمر لا بد منه، والله لقد جددتِ عليَّ مصيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد عظمت وفاتك وفقدك فإنّا لله وإنّا اليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضّها وأحزنها!! هذه مصيبة لا عزاء منها، ورزية لا خلف لها » .
ثم بكيا جميعاً ساعة ، وأخذ الإمام رأسها وضمها إلى صدره ثم قال : « أوصيني بما شئت فإنّكِ تجديني وفياً أمضي كلّما أمرتني به ، وأختار أمركِ على أمري ». فقالت (عليها السلام) : «جزاكَ الله عنّي خير الجزاء ، يابن عمّ اُوصيك أولاً :
أن تتزوّج بعدي . . . . فإنّ الرجال لا بدّ لهم من النساء » ثم قالت (عليها السلام) : «اُوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني فإنّهم عدوّي وعدوّ رسول الله ، ولا تترك أن يصلّي عليَّ أحد منهم ولا من أتباعهم ، وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار[2] .
ثم قالت (عليها السلام) : «يابن العمّ إذا قضيت نحبي فاغسلني ولا تكشف عنّي، فإنّي طاهرة مطهّرة، وحنّطني بفاضل حنوط أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وصَلِّ عليَّ، وليصلِّ معك الأَدنى فالأَدنى من أهل بيتي، وادفني ليلاً لا نهاراً، وسرّاً لا جهاراً ، وعفَّ موضع قبري، ولا تشهد جنازتي أحداً ممن ظلمني ، يابن العمّ أنا أعلم أنّك لا تقدر على عدم التزويج من بعدي فإن أنت تزوّجت امرأة اجعل لها يوماً وليلةً ، واجعل لأولادي يوماً وليلةً ، يا أبا الحسن ! ولا تصح في وجوههما فيصبحا يتيمين غريبين منكسرين ، فإنّهما بالأمس فقدا جدّهما واليوم يفقدان اُمهما[3] .
وروى ابن عباس وصيّة مكتوبة لها (عليها السلام) جاء فيها :
« هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصت وهي تشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأَنّ الجنّة حقّ ، والنار حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأَنّ الله يبعث من في القبور ، يا عليّ أنا فاطمة بنت محمّد ، زوّجني الله منك لأكون لك في الدنيا والآخرة ، أنت أولى بي من غيري ، حنّطني وغسّلني وكفّني بالليل، وصلِّ عليَّ وادفني بالليل، ولا تُعلم أحداً ، وأستودعك الله، وأقرأ على ولديّ السلام إلى يوم القيامة [4] .
7 ـ أول نعش أُحدث في الإسلام :
روي عن أسماء بنت عميس أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) قالت لأسماء : إنّي قد استقبحت ما يصنع بالنساء ، إنّه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى، فقالت أسماء : يا بنت رسول الله أنا اُريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة، فدعت بجريدة رطبة فحسنتها ، ثم طرحت عليها ثوباً ، فقالت فاطمة (عليها السلام) : «ما أحسن هذا وأجمله ، لا تعرف به المرأة من الرجل[5] .
وعن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) : «أول نعش اُحدث في الإسلام نعش فاطمة ، إنّها اشتكت شكاتها التي قبضت فيها، وقالت لأسماء : إنّي نحلت فذهب لحمي ، ألا تجعلين لي شيئاً يسترني ؟ فقالت أسماء : إنّي إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئاً أفلا أصنع لك مثله ؟ فإن أعجبك صنعت لك ، قالت (عليها السلام) : نعم ، فدعت بسرير ، فأكبته لوجهه ، ثم دعت بجرائد ـ نخل ـ فشدّدته على قوائمه، ثم جلّلته ثوباً فقالت أسماء: هكذا رأيتهم يصنعون ، فقالت (عليها السلام) : اصنعي لي مثله ، اُستريني سترك الله من النار» .
8 ـ لحظات عمرها الأخيرة :
انتقلت السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) إلى فراشها المفروش وسط البيت ، واضطجعت مستقبلة القبلة .
وقيل : إنّها أرسلت بنتيها زينب واُمّ كلثوم إلى بيوت بعض الهاشميات لئلاّ تشاهدا موت اُمهما ، كلّ ذلك من باب الشفقة والرأفة والتحفّظ عليهما من صدمة مشاهدة المصيبة .
كان الإمام عليّ والحسن والحسين (عليهم السلام) خارج البيت في تلك الساعة ولعلّ خروجهم كان لأسباب قاهرة وظروف معينة .
وجاء عن أسماء أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) لمّا حضرتها الوفاة قالت لأسماء : «إنّ جبرئيل أتى النبيّ ـ لما حضرته الوفاة ـ بكافور من الجنّة فقسّمه أثلاثاً، ثلثاً لنفسه، وثلثاً لعلي، وثلثاً، لي وكان أربعين درهماً فقالت : يا أسماء ائتني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا، وضعيه عند رأسي ، فوضعته ثم قالت لأسماء حين توضّأت وضوءها للصلاة : هاتي طيبي الذي أتطيّب به ، وهاتي ثيابي التي اُصلي فيها فتوضأت» ثم تسجَّت بثوبها ثم قالت : «انتظريني هنيئةً وادعيني فإن أجبتك وإلاّ فاعلمي أنّي قدمت على أبي فأرسلي إلى علي» .
وحين حانت ساعة الاحتضار وانكشف الغطاء نظرت السيّدة فاطمة (عليها السلام) نظرة حادة ثم قالت : «السلام على جبرئيل، السلام على رسول الله، اللهمّ مع رسولك، اللهمّ في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام، ثم قالت : هذه مواكب أهل السماوات وهذا جبرئيل وهذا رسول الله يقول : يا بنية أَقدمي فما أمامكِ خيرٌ لك» وفتحت عينيها ثم قالت : «وعليك السلام يا قابض الأرواح عجّل بي ولا تعذّبني» ثم قالت : «إليك ربّي لا إلى النار» ثم غمضت عينيها ومدّت يديها ورجليها .
فنادتها أسماء فلم تجبها ، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الحياة، فوقعت عليها تقبّلها وهي تقول : يا فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله فاقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام ، ودخل الحسن والحسين فوجدا اُمّهما مسجاة فقالا : يا أسماء ما ينيم اُمّنا في هذه الساعة ؟ قالت : يا ابنيّ رسول الله ليست اُمّكما نائمة ، قد فارقت الدنيا .
فألقى الحسن نفسه عليها يقبّلها مرةً ويقول : «يا اُماه كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني»، وأقبل الحسين يقبّل رجلها ويقول : «أنا ابنك الحسين كلّميني قبل أن يتصدّع قلبي فأموت» .
فقالت لهما أسماء : يا ابنيّ رسول الله ، إنطلقا إلى أبيكما عليّ فأخبراه بموت اُمّكما ، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء فابتدر إليهما جمع من الصحابة وسألوهما عن سبب بكائهما فقالا : «قد ماتت اُمّنا فاطمة (عليها السلام)» . فوقع الإمام عليّ (عليه السلام) على وجهه يقول : «بمن العزاء يابنت محمد»[1] ؟

9 ـ مراسم التشييع والدفن :
وارتفعت أصوات البكاء من بيت عليّ (عليه السلام) فارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، واجتمعت نساء بني هاشم في دار فاطمة (عليها السلام) فصرخن وبكين ، وأقبل الناس إلى عليّ (عليه السلام) وهو جالس والحسن والحسين بين يديه يبكيان ، وخرجت
اُمّ كلثوم وهي تقول : يا أبتاه يا رسول الله! الآن حقاً فقدناك فقداً
لا لقاء بعده أبداً[2] .
واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجّون ، وينتظرون خروج الجنازة ليصلّوا عليها ، وخرج أبو ذر وقال : انصرفوا فإنّ ابنة رسول الله قد اُخر إخراجها في العشية ، وأقبل أبو بكر وعمر يعزّيان علياً (عليه السلام) ويقولان له : يا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)[3] .
وهكذا تفرّق الناس ، وهم يظنّون أنّ الجنازة تشيّع صباح غد ( وروي أنّ وفاتها كانت بعد صلاة العصر أو أوائل الليل ) .
ولكنّ الإمام عليّاً (عليه السلام) غسّلها وكفّنها هو وأسماء في تلك الليلة، ثم نادى: يا حسن يا حسين يا زينب يا اُمّ كلثوم هلمّوا فتزوّدوا من اُمّكم فهذا الفراق واللقاء الجنّة ، وبعد قليل نحّاهم أمير المؤمنين (عليه السلام) عنها[4] .
ثم صلّى عليٌّ على الجنازة ورفع يديه إلى السماء فنادى « اللهمّ هذه بنت نبيّك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور ، فأضاءت ميلاً في ميل » .
فلمّا هدأت الأصوات ونامت العيون ومضى شطر من الليل تقدّم أمير المؤمنين والعباس والفضل بن العباس ورابع يحملون ذلك الجسد النحيف، وشيّعها الحسن والحسين وعقيل وسلمان وأبو ذر والمقداد وبريدة وعمار[5] .
ونزل عليّ (عليه السلام) إلى القبر ، واستلم بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأضجعها في لحدها وقال : « يا أرض أستودعك وديعتي ، هذه بنت رسول الله ، بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله)، سلمتكِ أيتها الصدّيقة إلى من هو أولى بكِ منّي ، ورضيت لكِ بما رضي الله تعالى لكِ » ، ثم قرأ ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اُخرى ) ، ثم خرج من القبر ، وتقدّم الحاضرون وأهالوا التراب على تلك الدرّة النبويّة، وسوّى عليّ (عليه السلام) قبرها .
10 ـ تأبين الإمام عليّ (عليه السلام) للزهراء (عليها السلام) :
انتهت مراسم الدفن بسرعة خوفاً من انكشاف أمرهم وهجوم القوم عليهم ، فلمّا نفض الإمام يده من تراب القبر هاج به الحزن لفقد بضعة الرسول وزوجته الودود التي عاشت معه الصفاء والطهارة والتضحية والإيثار ، وتحمّلت من أجله الأهوال والصعاب ، فأرسل دموعه على خدّيه ، وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثم قال :
« السلام عليك يا رسول الله عنّي ، والسلام عليك عن ابنتك وحبيبتك وقرّة عينك وزائرتك والبائنة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري، وعفى عن سيدة نساء العالمين تجلّدي، إلاّ أنّ في التأسي لي بسنَّتك في فرقتك موضع تعزي، فلقد وسدتُك في ملحودة قبرك بعد أن فاضت نفسك بين نحري وصدري ، وغمضتك بيدي ، وتوليت أمرك بنفسي .
بلى ، وفي كتاب الله لي أنعم القبول، إنّا لله وإنّا اليه راجعون ، قد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله !
أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد ، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله دارك التي أنت فيها مقيم ، كَمَدٌ مقيّح ، وهم مهيّج ، سرعان ما فرّق الله بيننا وإلى الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتضافر اُمّتك عليَّ ، وعلى هضمها حقّها فأحفها السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين، والسلام عليكما يا رسول الله سلام مودّع لاسئم ولا قال، فإن أَنصرف فلا عن ملالة ، وإن أُقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين، والصبر أَيمن وأجمل .
ولو لا غلبة المستولين علينا لجعلتُ المقام عند قبرك لزاماً، والتلبّث عنده عكوفاً ، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية ، فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً ، ويهتضم حقّها قهراً، ويمنع إرثها جهراً ولم يطل منك العهد ، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله ـ يا رسول الله ـ المشتكى ، وفيك ـ يا رسول الله ـ أجمل العزاء ، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته»[6] .
11 ـ محاولة نبش القبر :
أصبح الصباح من تلك الليلة فأقبل الناس ليشيّعوا جنازة الزهراء (عليها السلام) فبلغهم الخبر أنّ عزيزة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد دفنت ليلاً وسراً .
وكان الإمام عليّ (عليه السلام) قد سوّى في البقيع صور قبور سبعة أو أكثر ، وحيث إنّ البقيع كان في ذلك اليوم وإلى يومنا هذا مقبرة أهل المدينة ولهذا أقبل الناس إلى البقيع يبحثون عن قبر فاطمة (عليها السلام) فاُشكل عليهم الأمر ولم يعرفوا القبر الحقيقي لسيّدة نساء العالمين ، فضجّ الناس ، ولام بعضهم بعضاً وقالوا : لن يخلف نبيّكم إلاّ بنتاً واحدة ، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها ولا تعرفون قبرها ، فقال بعضهم : هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نخرجها فنصلي عليها .
وروي أنّ أبا بكر وعمر أقبلا والناس يريدون الصلاة على فاطمة (عليها السلام) .
فقال المقداد : قد دفنّا فاطمة (عليها السلام) البارحة ، فالتفت عمر إلى أبي بكر فقال :
ألم أقل لك إنّهم سيفعلون ؟ قال العباس : إنّها أوصت أن لا تصلّيا عليها، فقال عمر : لا تتركون ـ يا بني هاشم ـ حسدكم القديم لنا أبداً ، إنّ هذه الضغائن التي في صدوركم لن تذهب، والله لقد هممت أن أنبش قبرها فاُصلي عليها[7] .
وصل خبر محاولات القوم لنبش القبر إلى الإمام عليّ (عليه السلام) فلبس القباء الأصفر الذي كان يلبسه في الحروب ، وحمل سيفه ذا الفقار وقد احمرّت عيناه ودرّت أوداجه من شدة الغضب ، وقصد نحو البقيع .
سبقت الأخبار عليّاً إلى البقيع ، ونادى مناديهم : هذا عليّ بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه ، يقسم بالله لئن حُوّل من هذه القبور حجر ليطعن السيف في رقاب الآمرين، فقال رجل : ما لك يا أبا الحسن والله لننبشنّ قبرها ولنصلّين عليها؟ فضرب عليّ (عليه السلام) بيده إلى جوامع ثوب الرجل وهزّه ثم ضرب به الأرض، وقال له : « يابن السوداء أَمّا حقي فقد تركته مخافة أن يرتدّ الناس عن دينهم ، وأمّا قبر فاطمة فوالذي نفس عليّ بيده لئن رُمتَ وأصحابك شيئاً من ذلك لأسقينّ الأرض من دمائكم » .
فقال أبو بكر : يا أبا الحسن بحقّ رسول الله وبحقّ فاطمة إلاّ خلَّيت عنه ، فإنّا غير فاعلين شيئاً تكرهه . فخلى عنه وتفرّق الناس[8] .
12 ـ تأريخ شهادتها (عليها السلام) :
لا شك أنّ وفاة الزهراء (عليها السلام) كانت في السنة الحادية عشرة من الهجرة ، لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) حجّ حجّة الوداع في السنة العاشرة ، وتوفّي في أوائل السنة الحادية عشرة ، واتّفق المؤرّخون على أنّ السيّدة فاطمة (عليها السلام) قد عاشت بعد أبيها أقلّ من سنة ، علماً بأنّها كانت في ريعان شبابها كما كانت في أتمّ الصحة في حياة أبيها ، نعم اختلفوا في يوم وشهر وفاتها اختلافاً شديداً .
فقد روي أنّها عاشت بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ستة أشهر . وقيل : خمسة وتسعين يوماً . وقيل: خمسة وسبعين يوماً أو أقلّ من ذلك .
فعن الإمام الصادق (عليه السلام) : «أنها قبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه ، سنة إحدى عشرة من الهجرة»[9] .
وعن الإمام الباقر (عليه السلام) : « وتوفّيت ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوماً » .
وعن جابر بن عبدالله الأنصاري : وقبض النبيّ ولها يومئذ ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر[10] .
قال أبو الفرج الإصفهاني : وكانت وفاة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بمدّة يختلف في مبلغها، فالمكثر يقول ستة أشهر ، والمقلّ يقول أربعين يوماً ، إلاّ أنّ الثابت في ذلك ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّها توفيت بعد النبيّ بثلاثة أشهر[11] .
وهكذا انتهت حياتها الزاخرة بالفضائل والمناقب والمواقف المبدئية المشرفة ، فالسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيةً ورحمة الله وبركاته .

مصدر الموضوع : موقع أعلام الهداية
_____________________________
[1] بحار الأنوار : 43 / 185 .
[2] الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 29 .
[3] عائفة : أي كارهة .
[4] القالية : المبغضة .
[5] لفظت الشيء من فمي : أي رميته وطرحته.
[6] عجمتهم : جرّبتم .
[7] شنأتهم : أبغضتهم .
[8] سبرتُهُم : اختبرتُهُم ، فعلى ما في أكثر الرّوايات المعنى : طرحتهم وأبغضتهم بعد امتحانهم ومشاهدة سيرتهم وأطوارهم .
[9] قبحاً ـ بالضمّ ـ : مصدر حذف فعله ، إمّا من قولهم : قبّحه الله قبحاً ، أو من قبح بالضمّ قباحة ، فحرف الجرّ على الأوّل داخل على المفعول ، وعلى الثّاني على الفاعل ، والفلول بالضمّ : جمع فلّ بالفتح ، وهو الثّلمة والكسر في حدّ السيف ، وحكى الخليل في العين أنّه يكون مصدراً ، ولعلّه أنسب بالمقام.
[10] وفي الأمالي : « فقبحاً لأفون الرأي ». قال الجزريّ : في حديث عليّ (عليه السلام) : إيّاك ومشاورة النساء فإنّ رأيهنّ إلى أفن ، الأفن : النقص ، ورجل أفن ومأفون أي ناقص العقل ] النهاية : 51 / 57 [ .
[11] اللّعب بعد الجدّ : أي أخذتم دينكم باللّعب والباطل بعد أن كنتم مجدّين فيه آخذين بالحجّة .
[12] وقرع الصّفاة ، الصّفاة : الحجر الأملس أي جعلتم أنفسكم مقرعاً لخصامكم حتّى قرعوا صفاتكم أيضاً.
[13] من الاحتجاج .
[14] الخور ـ بالفتح وبالتحريك ـ : الضعف « وفي الاحتجاج : صدع : أي شقّ » والقناة : الرّمح .
[15] والخطل ـ بالتحريك ـ : المنطق الفاسد المضطرب ، وخطل الرأي : فساده واضطرابه . وفي الأمالي : « القول » وفي الاحتجاج : «الآراء» .
[16] من الاحتجاج .
[17] لا جرم : كلمة تورد لتحقيق الشيء . يعني: حقّاً .
[18] من الأمالي .
[19] ربقتها : الرّبقة في الأصل : عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها ، ويقال للحبل الذي تكون فيه الربّقة ، ربق ، وتجمع على ربق ورباق وأرباق، والضمير في ربقتها راجع إلى الخلافة المدلول عليها بالمقام ، أو إلى فدك ، أو حقوق أهل البيت (عليهم السلام) أي جعلت إثمها لازمة لرقابهم كالقلائد .
[20] من الاحتجاج وحمّلتهم أوقتها : قال الجوهري : الأوق : الثّقل ، يقال : ألقى عليه أوقه ، وقد أوّقته تأويقاً أي حمّلته المشقّة والمكروه .
[21] قولها : وشننت عليهم غارها ، الشنّ : رشّ الماء رشّاً متفرّقاً ، والسنّ ـ بالمهملة ـ : الصبّ المتّصل ، ومنه قولهم : سنّت عليهم الغارة إذا فرّقت عليهم من كلّ وجه .
[22] الجدع : قطع الأنف أو الأذن أو الشّفة ، وهو بالأنف أخصّ ، ويكون بمعنى الحبس .
[23] والعقر بالفتح : الجرح ، ويقال في الدّعاء على الإنسان : عقراً له وحلقاً . أي عقر الله جسده وأصابه بوجع في حلقه ، واصل العقر : ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسّيف ، ثمّ اتّسع فيه فاستعمل في القتل والهلاك .
[24] وفي الاحتجاج : بُعداً .
[25] ويح : كلمة تستعمل في الترحّم والتوجّع والتعجّب .
[26] الزّحزحة : التّنحية والتّبعيد . وفي الاحتجاج : زعزعوها . والزّعزعة : التحريك .
[27] الرواسي من الجبال : الثّوابت الرّواسخ .
[28] قواعد البيت : أساسه .
[29] الطّبين ـ هو بالطاء المهملة والباء الموحّدة ـ : الفطن الحاذق .
[30] يقال : نَقَمْتُ على الرّجل : أي عتبت عليه وكرهت شيئاً منه .
[31] والنكير : إنكار سيفه فإنّه (عليه السلام) كان لا يسلّ سيفه إلاّ لتغيير المنكرات .
[32] الوطأة : الأخذة الشديدة والضغطة .
[33] النكال : العقوبة التي تنكل الناس .
[34] الوقعة : صدمة الحرب .
[35] تنمّر فلان : أي تغيّر وتنكّر وأوعد ، لأنّ النمر لا تلقاه أبداً إلاّ متنكّراً غضبان .
[36] التكافّ : تفاعل من الكفّ : وهو الدّفع والصرف .
[37] في الأمالي : زمام . والزّمام ككتاب الخيط الّذي يشدّ في البُرة والخشاش ثمّ يشدّ في طرفه المقوَد ، وقد يسمّى المقود زماماً .
[38] نبذه : أي طرحه .
[39] اعتلقه : أحبّه .
[40] السّجح ـ بضمّتين ـ : اللّين السّهل .
[41] وفي الاحتجاج بدل « والله لو تكافّوا ـ إلى قولها ـ لاعتلقه » وتالله لو مالوا عن المحجّة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة لردّهم ، وحملهم عليها .
[42] الكلم : الجرح .
[43] الخِشاش ـ بكسر الخاء المعجمة ـ : ما يجعل في أنف البعير من خشب ويشدّ به الزّمام ليكون أسرع لانقياده .
[44] وتعتعت الرّجل : أي أقلقته وأزعجته .
[45] المنهل : المورد ، وهو عين ماء ترده الإبل في المراعي ، ماء قاله الجوهريّ ، وقال : ماء نمير : أي ناجع ، عذباً كان أو غيره، وقال الصّدوق نقلاً عن الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري : النمير: الماء النامي في الجسد، وذكر في الأمالي بدل كلمة نميراً: رويّاً، والرويّ: سحابة عظيمة القطر، شديدة الوقع .
[46] الفضفاض : الواسع ، يقال : ثوب فضفاض ، وعيش فضفاض، ودرع فضفاضة .
[47] ضفّتا النهر ـ بالكسر وقيل وبالفتح أيضاً ـ : جانباه، وتطفح : أي تمتلئ حتّى تفيض .
[48] ترنّق : كدر ، وصار الماء رونقة : غلب الطين على الماء والترنوق : الطين الّذي في الأنهار والمسيل ، والمراد أنّه لا ينقص الماء حتّى يظهر الطين والحمأ من جانبي النهر ويتكدّر الماء بذلك .
[49] بطن كعلم : عظم بطنه من الشّبع ، ومنه الحديث : «تغدو خماصاً وتروح بطاناً» ، والمراد عظم بطنهم من الشّرب .
[50] تحيّر الماء : أي اجتمع ودار كالمتحيّر، يرجع أقصاه إلى أدناه ، ويقال : تحيّرت الأرض بالماء إذا امتلأت ، ولعلّ الباء بمعنى «في» أي تحيّر فيهم الريّ ، أو للتعدية : أي صاروا حيارى لكثرة الريّ ، والريّ ـ بالكسر والفتح ـ ضدّ العطش . وفي رواية الشيخ بدل قولها «قد تحيّر» قد خثر بالخاء المعجمة والثّاء المثلّثة ، أي أثقلهم من قولك : أصبح فلان خاثر النفس ، أي ثقيل النّفس غير طيّب ولا نشيط ، وحلي منه بخير كرضي : أي أصاب خيراً .
[51] غير متحلّ منه بطائل : قال الجوهريّ : قولهم : لم يحلّ منها بطائل أي لم يستفد منها كثير فائدة .
والتحلّي : التزيّن ، والطائل : الغنى والمزيّة والسّعة والفضل .
[52] النائل : العطية .
[53] التغمّر : هو الشّرب دون الرّيّ ، مأخوذ من الغمر ـ بضمّ الغين المعجمة وفتح الميم ـ : وهو القدح الصغير ، وفي الاحتجاج : غير ريّ الناهل . والنّاهل : العطشان .
[54] الرّدع : الكفّ والدّفع ، والرّدعة : الدّفعة.
[55] وفي الأمالي : سورة سغب وسورة الشيء ـ بالفتح ـ : حدّته وشدّته ، والسّغب : الجوع . وفي الاحتجاج بدل قولها «وردعه شرر الساغب» «وشعبة الكافل» قال الفيروز آباديّ : الكافل : العائل ، والذي لا يأكل أو يصل الصّيام ، والضامن ، انتهى . أقول : يمكن أن يكون هنا بكلّ من المعنيين الأوّلين ، ويحتمل أن يكون بمعنى كافل اليتيم، فإنّه لا يحلّ له الأكل إلاّ بقدر البلغة ، وحاصل المعنى : أنّه لو منع كلّ منهم الآخرين عن الزّمام الّذي نبذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو تولّي أمر الاُمة ، لتعلّق به أمير المؤمنين(عليه السلام) أو أخذ محبّاً له ويسلك بهم طريق الحقّ من غير أن يترك شيئاً من أوامر الله أو يتعدّى حدّاً من حدوده ، ومن غير أن يشقّ على الاُمّة، ويكلّفهم فوق طاقتهم ووسعهم، ولفازوا بالعيش الرّغيد في الدنيا والآخرة ، ولم يكن ينتفع من دنياهم وما يتولى من أمرهم إلاّ بقدر البلغة وسدّ الخلّة .
[56] من الاحتجاج .
[57] وفي الاحتجاج أضاف قوله تعالى : ( والّذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيّئات ما كسبوا وما هم بمعجزين )الزمر (39) : 51 .
[58] وفي رواية ابن أبي الحديد : ألا هلمّنّ فاسمعن ، وما عشتنّ أراكنّ الدهر عجباً .
قولها : وما عشتنّ : أي أراكنّ الدهر شيئاً عجيباً لا يذهب عجبه وغرابته مدة حياتكنّ، أو يتجدّد لكنّ كلّ يوم أمر عجيب متفرّع على هذا الحادث الغريب .
[59] ليت شعري : أي ليتني علمت .
[60] السناد : ما يستند إليه .
[61] قال الجوهريّ : احتنك الجراد الأرض : أي أكل ما عليها وأتى على نبتها وقوله تعالى حاكياً عن إبليس: «ولأ حتنكنّ ذرّيّته» ] الاسراء (17) : 64 [ قال الفرّاء : يريد : لأستولينّ عليهم ، والمراد بالذّريّة ذريّة الرّسول (صلى الله عليه وآله) .
[62] المولى : الناصر والمحبّ ، والعشير : الصاحب المخالط المعاشر ، وبئس للظالمين بدلا : أي بئس البدل من اختاروه على إمام العدل وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) .
[63] الذُّنابى بالضمّ : ذنب الطائر ومنبت الذّنب، والذّنابى في الطائر أربع ذنابى بعد الخوافي وهي مادون الرّيشات العشر من مقدّم الجناح التي تسمّى قوادم ، الذّنابى من الناس : السفلة والأتباع . والعجز كالعضد : مؤخّر الشيء ، يؤنث ويذكر ، وهو للرّجل والمرأة جميعاً ، والكاهل : الحارك ، وهو ما بين الكتفين، وكاهل القوم : عمدتهم في المهمّات، وعدتهم للشدائد والملمّات ، ورغماً ، مصدر رغم أنفه أي لصق بالرّغام بالفتح، وهو التّراب ، ورغم الأنف يستعمل في الذّل ، والعجز عن الانتصار ، والانقياد على كره ، والمعاطس جمع معطس ـ بالكسر والفتح ـ وهو الأنف .
[64] قرئ فـي الآية «يهـدّي» بفتح الهاء وكـسرها وتسديد الـدّال فأصله يهتدي، وبتخفيف الدال وسكون الهاء .
[65] يونس (10) : 35 .
[66] وفي بعض نسخ ابن أبي الحديد : أما لعمر الله ، وفي بعضها : أما لعمر إلهكنّ ، والعمر ـ بالفتح والضمّ ـ بمعنى العيش الطويل ، ولا يستعمل في القسم إلاّ العَمَر ـ بالفتح ـ ، ومعنى عمر الله بقاؤه ودوامه ، ولقحت كعلمت أي حملت ، والفاعل فعالتهم ، أو فعالهم ، أو الفتنة ،أو الأزمنة ، والنظرة ـ بفتح النّون وكسر الظاء ـ : التأخير ، واسم يقوم مقام الانظار ، أي انتظروا ]أو انظروا[ نظرة قليلة ، وريثما تنتج : أي قدر ما تنتج ، يقال : نتجت الناقة على ما لم يسمّ فاعله : تنتج نتاجاً وقد نتجها أهلها نتجاً وأنتجت الفرس إذا حان نتاجها .
[67] القعب : قدح من خشب يروي الرجل ، أو قدح ضخم ، واحتلاب طلاع القعب : هو أن يمتلئ من اللّبن حتى يطلع عنه ويسيل . في الاحتجاج : ملء العقب .
[68] العبيط : الطريّ .
[69] الذُعاف ، كغُراب : السّم ، والمَقِر ـ بكسر القاف ـ : الصبر ـ وربّما يسكّن ـ ، وأمقر أي صار مرّاً . في الأمالي : ذعافاً ممضّاً . وفي الاحتجاج : ذعافاً مبيداً . والمبيد : المهلك، وأمضّه الجرح : أوجعه .
[70] غبّ كلّ شيء : عاقبته .
[71] في الأمالي : ما أسكن ، وفي الاحتجاج : ما أسس.
[72] في الاحتجاج : عن دنياكم .
[73] في الأمالي : لنتنها . وطاب نفس فلان بكذا : أي رضي به من دون أن يكرهه عليه أحد، وطابت نفسه عن كذا أي رضي ببذله .
[74] في الأمالي : ثم اطمئنّوا وفي الاحتجاج : واطمئنّوا . وفي كتاب ناظر عين الغريبين : طأمنته : سكنته فاطمأنّ، والجأش ـ مهموزاً ـ : النفس والقلب أي اجعلوا قلوبكم مطمئنّة لنزول الفتنة .
[75] السيف الصارم : القاطع.
[76] الغشم : الظلم .
[77] الهرج : الفتنة والاختلاط . وفي الأمالي : هرج دائم شامل . وفي رواية ابن أبي الحديد : وقرح شامل ، فالمراد بشمول القرح ، إمّا للأفراد أو للأعضاء .
[78] الاستبداد بالشيء : التفرّد به .
[79] والفيء : الغنيمة والخراج وما حصل للمسلمين من أموال الكفّار من غير حرب ، والزهيد : القليل .
[80] والحصيد : المحصود ، وعلى رواية : زرعكم ، كناية عن أخذ أموالهم بغير حقّ ، وعلى رواية ، جمعكم يحتمل ذلك ، وأن يكون كناية عن قتلهم واستئصالهم . وفي الأمالي والاحتجاج : جمعكم حصيداً .
[81] وأنّى بكم : أي وأنّى تلحق الهداية بكم ، وعميت عليكم ـ بالتخفيف ـ : أي خفيت والتبست ، وبالتشديد على صيغة المجهول أي لبّست .
[82] وأنّى بكم : أي وأنّى تلحق الهداية بكم ، وعميت عليكم ـ بالتخفيف ـ : أي خفيت والتبست ، وبالتشديد على صيغة المجهول أي لبّست .
[83] مصادر الخطبة : معاني الأخبار لابن بابويه، والاحتجاج للطبرسي ، والأمالي للشيخ الطوسي، ودلائل الإمامة للطبري ، و بلاغات النساء لأبي الفضل بن أبي طاهر ، وكشف الغمّة للأربلي ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
الصفحة الثانية :
[1] الإمامة والسياسة : 1 / 31 .
[2] روضة الواعظين : 1 / 151 ، وفي رواية: إذا هدأت الأصوات ونامت العيون .
[3] بحار الأنوار : 43 / 178 و 192 .
[4] بحار الأنوار : 43 / 214 .
[5] كشف الغمة : 1 / 503 ، وبحار الأنوار : 43 / 213 ، وتهذيب الأحكام : 1 / 469 .
الصفحة الثالثة :
[1] بحار الأنوار : 43 / 186 .
[2] بحار الأنوار : 43 / 192 .
[3] المصدر نفسه : 199 .
[4] المصدر نفسه : 179 .
[5] المصدر نفسه : 193 .
[6] بحار الأنوار : 43 / 193 .
[7] بحار الأنوار : 43 / 199 .
[8] دلائل الإمامة للطبري : 46 ـ 47 .
[9] دلائل الامامة ، للطبري : ص45 وكشف الغمة : 1 / 53 .
[10] مناقب آل أبي طالب : 2 / 357 .
[11] راجع كشف الغمة : 128 .

والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.

بنت الهدى
07-07-2010, 10:15 PM
وعليكم السلام ورحمة الله بركاته
الله صل ِّ على محمد وآل بيت محمد وعجل فرجهم الشريف

وبعد .... فقد أثار موضوعكم هذا يا اخي العزيز المجاهد (ابو حيدر) شجوننا وأجرى دمعتنا على مصاب بنت الحبيب المصطفى محمد وقرة عينه ِ وفلذة َ كبده ِ صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ...

الله اكبر الله اكبر الله اكبر ..لقد عظم المصاب بكم علينا يآل بيت محمد ......

اسأل الله بحق مصاب فاطمة الزهراء وعظمة ألمها عند الله وبحق دمعتها الطاهرة التي مانشفت الى يوم التحاقها بربها أن يوفقك َ يا ابا حيدر لما فيه خير الدنيا والاخرة وأن يرزقك َ شفاعة فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها صلوات الله عليهم ..
أنه هو السميع المجيب ....

تقبل مروري (هندسه)

أبو حيدر
10-19-2011, 05:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
مشكورين على المرور العطر وعساكم على قوة.