المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «جعلت الخبائث في بيت، وجعل مفاتحه الكذب»


l
08-01-2010, 11:28 AM
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾. كذب: يكذب فهو كاذب وكذاب وكذوب.
الكذب أما ما كان مخالف للواقع والاعتقاد أو ما كان مخالف للواقع فقط أو ما كان مخالف للاعتقاد فقط.
الكذب صفة تجعل صاحبها ذليلا وتذهب بماء وجهه واعتباره وهي أصل الانفعال والخجل واسواد الوجه في الدنيا والآخرة.
نستعرض بعض الروايات الشريفة من السنة المطهرة للمصطفى وآله الحجج «صلوات الله وسلامه عليهم».
قال «ص»: «كبرت خيانة ان تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدق وأنت به كاذب».
كما وصف النبي«ص» الكذب بأنه يهدي إلى الفجور وانه باب من أبواب النفاق، وان العبد إذا كذب تباعد الملك عنه ميلا من نتن ما جاء به وان الكاذب لا يكذب إلا من مهانة نفسه.
وسئل النبي«ص» «ذات يوم عن الكذب أيكون المؤمن جباناً قال: نعم، قبل أيكون المؤمن بخيلاً قال: نعم، قبل أيكون المؤمن كذاباً قال: لا».
واللسان الكذوب من أعظم الخطايا عند أمير المؤمنين«ع» ودعا إلى اجتنابه فانه مجانب للإيمان والكاذب يكون على شرف مهواة «هاوية» ومهانة بينما يكون الصادق على شفا منجاة وكرامة.
ومن مواعظ الإمام كاظم الغيظ«ع»: «يا هشام ان العاقل لا يكذب وان كان فيه هواه».
قال النبي«ص»: «المؤمن إذا كذب بغير عذر لعنه سبعون ألف ملك وخرج من قبله نتن حتى يبلغ العرش فيلعنه جملة العرش وكتب الله عليه بتلك الكذبة سبعين زنيه أهونها كمن يزني مع أمه».
قال أمير المؤمنين«ع»: «أوصاني رسول الله ص حين زوجني فاطمة«ع» فقال: إياك والكذب فانه يسود الوجه، وعليك بالصدق فانه مبارك والكذب مشوؤم».
وروي عن الباقر«ع» انه قال: «ان الله جعل للشر أقفالا وجعل مفاتيح الأقفال الشراب والكذب شر من الشراب».
وروي عن خاتم الأنبياء«ص» قوله: «أربا الربا الكذب».
وروي عن أمير المؤمنين علي«ع» قوله: «اعتبار الكذب يورث الفقر».
وروي عن الإمام الصادق«ع»: «ليس لكذاب مروة».
وروي عن الإمام الحسن العسكري«ع» قوله: «جعلت الخبائث في بيت، وجعل مفاتحه الكذب».
إذن الكذب من الصفات الاجتماعية القبيحة جداً والتي ترجع على صاحبها بالذم والسقوط من أنظار أفراد المجتمع وكذلك يوجب المقت ويكون منبوذاً لا قيمة له في المجتمع.
فالكذب يمكن تقييمه على انه مرض يصيب النفس الإنسانية بعد ان كانت طاهرة فما هو السبيل لكي تعود النفس إلى طهارتها وفطرتها التي فطرها الله عليه؟
يمكن القول ان أفضل طريق هو تشخيص السبب الدافع لهذه الرذيلة فان الدافع لابد ان يكون أما لجلب منفعة أو لدفع ضرر وهذا ناتج من توهم وجهل كبير لان من يحاول ان يجلب انفع بواسطة الكذب فانه أنما يهلك نفسه من حيث لا يعلم ويبتعد عن الوصول إلى هدفه المادي بدليل الحديث الشريف «من حاول أمراً بمعصية الله كان ابعد لما يرجو واقرب لما يحذر»، هذا أولاً.
وثانياً عليه ان ينظر ويتأمل في مفاسد الكذب فان مفاسد الكذب لا تعد ولا تحصى.
قال أمير المؤمنين«ع»: «لا يجد العبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب هز له وجده».
وقال«ع»: «الكذب هو خراب الإيمان».
ثم عليه ان يتأمل فيما ورد في ذم الكذب من الآيات والروايات ليعلم انه لو لم يتركه لأدركه الهلاك الأبدي. ثم يتذكر ان كل كاذب ساقط عن القلوب في الدنيا والآخرة ولا يغني احد بقوله وكثيرا ما يفتضح عند الناس بظهور كذبه. ومن أسباب افتضاحه. ان الله سبحانه يسلط عليه النسيان حتى انه لو قال شيئاً ينسى انه قاله والى ذلك أشار الإمام الصادق«ع» بقوله: «إن مما أعان الله به على الكذابين النسيان».
ثم يتأمل في الآيات والرايات الواردة في مدح ضده اعني الصدق. قال تعالى: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، وقال تعالى: ﴿اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾، وغيرها من الروايات.
وعن الإمام الصادق«ع»: «لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده فان ذلك شيء اعتاده ولو تركه لاستوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته».
وقال«ع»: «أربع من كن فيه كمل إيمانه ولو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك ـ قال ـ هي الصدق وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق».
وعن الصادقين«عليهم السلام»: «ان الرجل ليصدق حتى يكتبه الله صديقاً».
وعن الإمام الصادق«ع»: «ان الله لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة للبر والفاجر».
وعنه «عليه السلام»: «من صدق لسانه زكى عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره بأهل بيته زيد في عمره».
ثم ان حرمة الكذب ليس حرمه ذاتيه بحيث لا تنفك عنه كما في حرمة الظلم فان الظلم لا يكون إلا قبيحاً بخلاف الكذب الذي ربما يعرض عليه عنوان طارئ يخرجه من الحرمة إلى الوجوب أو الاستحباب أو الإباحة مثلاً الإصلاح بين الناس قال الإمام الصادق«ع»: «الكلام ثلاث صدق وكذب وإصلاح بين الناس».
وقال «صلى الله عليه وآله»: «كل الكذب يكتب على ابن ادم إلا رجل كذب بين رجلين يصلح بينهما».
وقال «صلى الله عليه وآله»: «كل الكذب مكتوب كذباً لا محالة إلا ان يكذب الرجل في الحرب، فان الحرب خدعه، أو يكون بين رجلين شحناء فيصلح بينهما، أو يحدث امرأته يرضيها».
وقال الصادق«ع»: «كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوماً، إلا كذباً في ثلاثة: رجل كحاير في حروبه، فهو موضوع عنه. أو رجل أصلح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا، يريد بذلك الإصلاح بينهما. أو رجل وعد أهله شيئاً وهو لا يريد ان يتم لهم».
فالمتحصل من هذه الروايات ان الكذب الذي يخرج من عنوان الحرام هو ثلاثة أقسام:
1ـ الإصلاح بين الناس كان يلقى زيدا فيخبره ان علياً – اللذين بينهما خصومه- قد ذكر عنه كلاماً طيباً وهو نادم اشد الندم على ما آلت إليه الأمور وهكذا يلقى علياً فيخبره بمثل ما اخبر به زيد وهو في الحقيقة أما لم يسمع شيئاً أو سمع كلام سيء فأخفاه وتكلم بكلام لم يصدر من المتخاصمين من اجل الإصلاح.
2ـ الكذب في الحرب كما اشتهر بان الحرب خدعه.
3ـ كذب الزوج على زوجته بان يعدها بشيء وهو لا يريد ان يفعله