المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللقاء بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف


z زهـٌِـرّةِ آلــيــآسٍــٌمِـيـ،ـنـِْﮯ
08-22-2010, 10:21 PM
اللقاء بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
الحكاية الأولى - تشرف محمود الفارسي بخدمة الإِمام المهدي (ع) ، ودخوله في مذهب التشيع.
المصدر: كتاب جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة

حدًث السيد المعـظّم المبجّل ، بهـاء الدِّين عليُّ بن عبـدالحميد الحسينيُّ النجفي النيلي المعـاصـر للشهيـد الأول في كتـاب الغيبـة عن الشيخ العالم الكامل القدوة المقرىء الحافظ، المحمود الحاج المعتمر شمس الحقِّ والدِّين محمّد بن قارون قال : دعيت إلى امرأة فأتيتهـا وأنا أعلم أنّهـا مؤمنـة من أهـل الخير والصـلاح فـزوَّجهـا أهلهـا من محـمود الفارسيِّ المعروف بأخي بكر ، ويقـال له ولأقـاربه : بنو بكر، وكان أهل فـارس مشهورون بشـدَّة التسنّن والنصب والعـداوة لأهـل الإِيمـان وكـان محمود هذا أشـدَّهم في البـاب ، وقـد وفّقـه اللّه تعـالى للتشيّـع دون أصحـابـه . فقلت لها واعجبـاه كيف سمـح أبوك بك؟ وجـعلك مـع هؤلاء النواصب؟ وكـيف ااتفق لـزوجك مخـالفـة أهله حتّى ترفضهم فقـالت : يا أيها المقرئ إن لـه حكايـة عجيبـة إذا سمعها أهـل الأدب حكموا أنّها من العجب ، قلت : وما هي؟ قالت : سله عنها سيخبرك.

قـال الشيخ : فلمَّـا حضرنـا عنده قلت له : يـا محمود ما الذي أخـرجـك من ملة أهلك ، وأدخلك مـع الشيعـة؟ فقلت : يـا شيـخ لمّـا اتّضح لي الحق تبعته ، اعلم أنّه قد جـرت عادة أهـل الفرس أنهم إذا سمعوا بورود القوافل عليهم ، خرجوا يتلقونهم ، فاتفق أنّـا سمعنا بـورود قافلة كبيرة ، فخـرجت ومعي صبيان كثيـرون وأنا إذ ذاك صبيٌّ مراهق، فاجتهدنا في طلب القافلة ، بجهلنا ، ولم نفكّر في عاقبة الأمر ، وصرنـا كلّمـا انقـطع منّـا صبي من التعب خلوه إلى الضعف ، فضللنـا عـن الطريق ، ووقعنا في واد لم نكن نعـرفه ، وفيـه شوك ، وشجر ودغـل ، لم نر مثله قطُّ فـأخـذنـا في السير حتّى عجـزنـا وتـدلّت ألسنتنـا على صدورنا من العطش ، فأيقنّا بالموت ، وسقطنا لوجوهنا.

فبينمـا نحنِ كذلـك إذا بفارس على فـرس أبيض ، قد نـزل قـريبـاً منّا ، وطرح مفرشاَ لطيفاً لم نر مثله تفوح منـه رائحة طيّبـة ، فالتفتنـا إليه وإذا بفارس آخر على فرس أحمر عليـه ثياب بيض ، وعلى رأسـه عمامـة لهـا ذؤابتان ، فنـزل على ذلـك المفـرش ثمَّ قـام فصلّى بصـاحبـه ، ثمَّ جلس للتعقيب.

فـالتفت إليَّ وقال : يـا محمود ! فقلت : بصـوت ضعيف لبّيـك يـا سيّـدي ، قـال : أدن منّي ، فقلت : لا أستـطيـع لمـا بي من العـطش والتعب ، قال : لا بأس عليك.

فلمّـا قـالهـا حسبت كـأن قـد حـدث في نفسي روح متجـدِّدة ، فسعيت إليـه حبواً فمرّ يـده على وجهى وصـدري ورفعهـا إلى حنكي فـردَّه حتّى لصق بـالحنـك الأعلى ودخـل لسـاني في فمي ، وذهب مـا بي ، وعدت كـما كنت أولا.

فقـال : قم وإئتني بحنظلة من هـذا الحنظل وكـان في الـوادي حنظل كثير فـأتيته بحنظلة كبيرة فقسّمهـا نصفين ، وناولنيهـا وقال : كـل منها فأخـذتها منـه ، ولم اُقدم على مخـالفته وعنـدي من العقيدة والنظر أنه أمرني أن آكل الصبّر لمـا أعهـد من مـرارة الحنـظلِ فلمّـا ذقتهـا فـإذا هي أحلى من العسل وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحاَ من المسك شبعت ورويت.

ثمَّ قـاك لى : ادع صـاحبـك ، فـدعوتـه ، فقـال بلسـان مكسـور ضعيف : لا أقدرعلى الحركة ، فقال له : قم لا بأس عليـك فأقبـل إليه حبوا وفعل معه كما فعل معي ثم نهض ليركب، فقلنا بالله عليك يا سيدنا إلاّ مـا أتممت علينـا نعمتـك ، وأوصلتنا إلى أهلنـا ، فقـال : لا تعجـلوا وخطً حولنا برمحه خـطّة ، وذهب هو وصـاحبه فقلت لصاحبي : قـم بنـا حتّى نقف بازاء الجبـل ونقـع على الـطريق ، فقمنـا وسـرنـا وإذا بحائط في وجوهنا فأخذنا في غير تلك الجهة فـإذا بحائط آخـر، وهكذا من أربع جوانبنا.
فجلسنـا وجعلنـا نبكي على أنفسنـا ثمَّ قلت لصاحبي : ائتنـا من هـذا الحنظل نأكـله ، فـأتى بـه فـإذا هـو أمرُّ من كـلِّ شيء ، وأقبـح ، فرمينا بـه ، ثمَ لبثنا هنيهـة وإذا قد استـدار من الوحش مـا لا يعلم إلاّ اللّه عـدده ، وكلّما أرادوا القـرب منّا منعهم ذلـك الحائط ، فـإذا ذهبـوا زال الحائط ، وإذا عادوا عاد.
قـال : فبتنـا تلك الليلة آمنين حتّى أصبحنـا ، وطلعت الشمس واشتـذَ الحرَّ وأخـذنا العطش فجزعنا أشدَّ الجزع، وإذا بالفـارسين قد أقبلا وفعلا كمما فعلا بـالأمس ، فلمّا أرادا مفـارقتنا قلنـا له : بـاللّه عليك الاّ أوصلتنا إلى أهلنا ، فقال : أبشـرا فسيـأتيكمـا من يـوصلكمـا إلى أهليكما ثم غابا.
فلمّا كان آخر النهار إذا برجل من فـراسنا ، ومعـه ثلاث أحمـرة ، قد أقبك ليحتطب فلمَا رآنـا ارتاع منّا وانهزم ، وتـرك حـميره فصحنا إليه بـاسمه ، وتسمينـا له فرجع وقـال : يا ويلكمـا إنَّ أهاليكمـا قـد أقـامـوا عزاءكـما ، قوما لا حـاجة لي في الحطب ، فقمنا وركبنـا تلك الأحمرة ، فلمّـا قربنـا من البلد ، دخل أمـامنا ، وأخبـر أهلنا ففـرحوا فـرحاً شـديداً وأكرموه وأخلعواعليه.
فلمّا دخلنـا إلى أهلنـا سألـونـا عن حـالنـا ، فحكينـا لهم بما شاهدناه ، فكذبونا وقالوا : هوتخييل لكم من العطش.
قال محـمود : ثم أنسـاني الدَّهرحتّى كأن لم يكن ، ولم يبق على خاطري شيء منه حتّى بلغت عشرين سنـة ، وتزوَجت وصـرت أخرج في المكـاراة ولم يكن في أهلي أشدُّ منّي نصبـاً لأهل الإِيمان ، سيما زوار الأئمّة عليهم السلام بسرَّ من رأى فكنت أكريهم الدواب بالقصد لأذيتهم
بكلِّ ما أقـدر عليه من السـرقة وغيرها. وأعتقد أن ذلك ممّا يقربني إلى اللّه تعالى.
فـاتّفق أنّي كريت دوابّي مرَّة لقوم من أهـل الحلّة ، وكانوا قادمين إلى الـزيـارة منـهم ابـن السـهيـلي وابن عـرفـة وابن حـارب ، وابن الزهـدري ، وغيـرهم من أهـل الصـلاح ، ومضيت إلى بغداد ، وهم يعـرفون مـا أنا عليـه من العناد ، فلمّـا خلوا بي من الطريق وقد امتلأوا عليَّ غيظاً وحنقاً لم يتركوا شيئاً من القبيح إلا فعلوه بي وأنا ساكت لا أقـدر عليهم لكثرتهم ، فلمّـا دخلنا بغـداد ذهبوا إلى الجانب الغربي فنزلوا هناك ، وقد امتلأ فؤادي حنقاً.
فلمّـا جـاء أصحـابي قمت إليهم ، ولطمت على وجهي وبكيت ، فقالوا: ما لـك ؟ ومـا دهـاك ؟ فحكيت لهم مـا جرى عليّ من اُولئك القوم ، فأخـذوا في سبّهم ولعنهم وقالـوا: طب نفساً فإنّا نجتمع معهم في الطريق إذا خرجوا ، ونصنع بهم أعظم ممّا صنعوا .
فلمّـا جنَّ اللّيـل ، أدركتني السعـادة ، فقلت في نفسي : إنَ هؤلاء الرافضة لا يـرجعون عن دينهم ، بـل غيرهم إذا زهـد يرجـع إليهم ، فما ذلـك إلا لأن الحق معهم فبقيت ّ مفكراً في ذلك ، وسألت ربى بنبيّه محمد صلى اللّه عليه وآلـه وسلم أن يريني في ليلتي علامة أستدلُ بها على الحقِّ الّذي فرضه اللّه تعالى على عباده .
فـأخذني النـوم فإذا أنـا بـالجنّـة قـد زخرفت ، فـإذا فيها أشجـار عظيمة ، مختلنـة الألـوان والثمـار ، ليست مثـل أشجـار الذُنيا ، - لأنَّ أغصانها مـدلاة ، وعروقها إلى فوق، ورأيت أربعة أنهار: من خمر، ولبن ، وعسل، وماء ، وهي تجـري وليس لها جرف بحيث لو أرادت النملة أن تشرب منها لشربت ، ورأيت نساء حسنـة الأشكال ورأيت قـوما يـأكـلون من تلك الثمار ، ويشـربون من تلك الأَنهـار ، وأنا لا أقـدر على ذلـك ، فكلّمـا أردت أن أتنـاول من الثمـار ، تصعّـد إلى فـوق ، وكلّمـا هممت أن أشـرب من تلك الأَنهـار ، تغـوَّر إلى تحت فقلت للقـوم : مـا بالكـم تأكلون وتشربون؟ وأنا لا اُطيق ذلك؟ فقـالوا : إنّـك لا تأتي إلينـا بـعد.
فبينمـا أنا كـذلك وإذا بفـوج عظيم ، فقلت : مـا الخبر؟ فقـالـوا : سيّدتنا فاطمة الزهراء عليهـا السلام قـد أقبلت ، فنظرت فـإذا بأفواج من الملائكة على أحسن هيئـة ، ينـزلـون من الهـواء إلى الأرض، وهم حـافون بهـا ، فلمّـا دنوت وإذا بـالفـارس الذي قـد خلّصنـا من العطش بـإطعامـه لنا الحنظل ، قائمـاً بين فـاطمة عليهـا السلام فلمّـا رأيته عـرفتـه ، وذكـرت تلك الحكـايـة ، وسمعت القـوم يقولون : هـذا م ح م د بن الحسن القائم المنتظر، فقام الناس فسلموا على فاطمة عليها السلام.
فقمت أنـا وقلت : السلام عليك يا بنت رسول الله، فقالت: وعليـك السلام يا محمود أنت الذي خلّصك ولدي هذا من العطش؟ فقلت : نعم ، يـا سيدتي ،فقالت : إن دخلت مع شيعتنا أفلحت ، فقلت : أنـا داخل في دينـك ودين شيعتك ، مقر بـإمـامـة من مضى من بنيك ، ومن بقى منهم ، فقالت : أبشرفقد فزت.
قـال محمـود : فـانتبهت وأنـا أبكي ، وقـد ذهـل عقلي ممّـا رأيت فـانزعـج أصحابي لبكائي ، وظنّوا أنـه ممّا حكيت لهم ، فقـالـوا : طب نفساً فـوالله لننتقمنّ من الرافضـة فسكتُ عنهم حتّى سكتوا، وسمعت المؤذِّن يعلن بالأَذان ، فقصت إلى الجانب الغـربيِّ ودخلت منزل اُولئـك الزُّوار ، فسلّمت عليهم ، فقـالـوا : لا أهـلاً ولا سهـلاً اخـرج عنّا لا بـارك اللّه فيـك ، فقلت : إنّي قـد عـدت مـعكـم ، ودخلت عـليكـم لتعلّمـوني معـالم ديني ، فبهتـوا من كـلامي ، وقـال بعضهم : كـذب ، وقال : آخرون جاز أن يصدق .
فسألوني عن سبب ذلـك ، فحكيت لهم ما رأيت ، فقـالوا : إن صدقت فإنّا ذاهبون إلى مشهـد الإمام مـوسى بنِ جعفر عليهما السلام ، فـامض معنا حتّى نشيّعـك هناك فقلت : سمعـاَ وطـاعـة ، وجعلت اُقبّـل أيـديهم وأقـدامهم ، وحملت اخـراجهم وأنـا أدعو لهم حتّى وصلنـا إلى الحضـرة الشريفـة ، فـاستقبلنـا الخـدَّام ، ومعهم رجـل علويٌّ كـان أكبـرهم ، فسلّموا على الزوار فقالـوا لـه : افتـح لنـا الباب حتّى نـزور سيّـدنا ومولانا ، فقال : حبّـا وكـرامـة ، ولكن معكـم شخص يـريـد أن يتشيِّع ، ورأيته في منامي واقفاً بين يـدي سيّدتي فـاطمة الـزهراء صلوات اللّه عليها ، فقالت لي : يأتيك غداً رجل يريد أن يتشيّع فافتـح له البـاب قبل كلِّ أحد ، ولو رأيته الآن لعرفته.
فنظرالقوم بعضهم إلى بعض متعجّبين ، فقـالوا : فشرع ينظر إلى واحـد واحد فقـال : اللهّ أكبر هـذا والله الرجل الّـذي رأيتـه ثمَّ أخـذ بيـدي فقال القـوم : صدقت يـا سيد زبررت، وصدق هـذا الرجل بمـا حكاه ، واستبشروا بـأجمعهم وحمدوا الله تعـالى ثمَّ إنّه أدخلني الحضـرة الشريفة ، وشيعني وتولّيت وتبريت.
فلمّـا تم أمري قال العلويُّ: َوسيّـدتـك فـاطمـة تقـول لـك : سيلحقـك بعض حـطام الـدُّنيـا فـلا تحفـل بـه ، وسيخلفـه الله عليـك ، وستحصل في مضايق فـاستغث بنا تنجـو، فقلت : السمع ، والـطاعة ، وكـان لي فـرس قيمتهـا مـائتـا دينـار فمـاتت وخلف اللّه عليَّ مثلهـا ، وأضعـافها ، وأصـابني مضايق فنـدبتهم ونجوت ، وفرَّج الله عني بهم وأنا اليوم أوالي من والاهم، وأعادي من عاداهم، وأرجو بهم حسن العاقبة.
ثم إني سعيت إلى رجل من الشيعة، فزوجني هذه المرأة، وتركت أهلي فما قبلت أن أتزوج منهم، وهذا ما حكى لي في تاريخ شهر رجب سنة ثمان وثمانين وسبعمائة هجرية، والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله. (دار السلام ج2 ص14-http://www.ro-7-up.com/files/7510.jpg

z زهـٌِـرّةِ آلــيــآسٍــٌمِـيـ،ـنـِْﮯ
08-22-2010, 10:55 PM
اللقاء بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
الحكاية الثانية - تشرف عبد المحسن ورسالته إلى على بن طاوس رحمه الله
المصدر: كتاب جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة

قال السيد الجليل صاحب المقامات الباهرة والكرامات الظاهرة رضي الدين علي بن طاوس في كتاب غياث سلطان الورى على ما نقله عنه المحدث الاسترابادي في الفوائد المدنية في نسختين كانت إحداهما بخط الفاضل الهندي ما لفظه:

يقول علي بن موسى بن جعفر بن طاوس: كنت قد توجهت أنا وأخي الصالح محمد بن محمد بن محمد القاضي الآوي ضاعف الله سعادته، وشرف خاتمته من الحلة إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، في يوم الثلثاء سابع عشر شهر جمادي الاخرى سنة إحدى وأربعين وستمائة، فاختار الله لنا المبيت بالقرية التي تسمى دورة بن سنجار، وبات أصحابنا ودوابنا في القرية، وتوجهنا منها أوائل نهار يوم الاربعاء ثامن عشر الشهر المذكور.

فوصلنا إلى مشهد مولانا علي صلوات الله وسلامه عليه قبل ظهر يوم الاربعاء

المذكور، فزرنا وجاء الليل في ليلة الخميس تاسع عشر جمادي الاخرى المذكورة فوجدت من نفسي إقبالا على الله، وحضورا وخيرا كثيرا فشاهدت ما يدل على القبول والعناية والرأفة وبلوغ المأمول والضيافة، فحدثني أخي الصالح محمد بن محمد الآوي ضاعف الله سعادته أنه رأى في تلك الليلة في منامه كأن في يدي لقمة وأنا أقول له: هذه من فم مولانا المهدي (عليه السلام) وقد أعطيته بعضها.


فلما كان سحر تلك الليلة، كنت على ما تفضل الله به من نافلة الليل فلما أصبحنا به من نهار الخميس المذكور، دخلت الحضرة حضرة مولانا علي صلوات الله عليه على عادتي، فورد علي من فضل الله وإقباله والمكاشفة، ما كدت أسقط على الارض، ورجفت أعضائي واقدامي، وارتعدت رعدة هائلة، على عوائد فضله عندي وعنايته لي، وما أراني من بره لي ورفدي، وأشرفت على الفناء ومفارقة دار الفناء والانتقال إلى دار البقاء، حتى حضر الجمال محمد بن كنيلة، وأنا في تلك الحال فسلم علي فعجزت عن مشاهدته، وعن النظر إليه، وإلى غيره، وما تحققته بل سالت عنه بعد ذلك، فعرفوني به تحقيقا وتجددت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة، و بشارات جميلة.

وحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي ضاعف الله سعادته، بعدة بشارات رواها لي منها أنه رأى كأن شخصا يقص عليه في المنام مناما، ويقول له:

قد رأيت كأن فلانا يعني عني (1) وكأنني كنت حاضرا لما كان المنام يقص عليه راكب فرسا وأنت يعني الاخ الصالح الآوي، وفارسان آخران قد صعدتم جميعا إلى السماء قال: فقلت له: أنت تدري أحد الفارسين من هو؟ فقال صاحب المنام في حال النوم لا أدري، فقلت: أنت يعني عني ذلك مولانا المهدي صلوات الله وسلامه عليه.

وتوجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة، فوصلنا ليلة الجمعة، سابع عشر جمادى الآخرة بحسب الاستخارة، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة أن شخصا فيه صلاح يقال له: عبدالمحسن، من أهل السواد قد حضر بالحلة وكر أنه قدلقيه مولانا المهدي صلوات الله عليه ظاهرا في اليقظة، وقد أرسله إلى عناى؟ برسالة، فنفذت قاصدا وهو محفوظ بن قرا فحضرا ليلة السبت ثامن عشر من جمادي الآخرة المقدم ذكرها.

.................................................

* (هامش) *

(1) قد تكرر في الحكاية قوله " يعنى عنى " وأمثاله، وهي من لغة أهل العراق:

المولدين، وكانه يستعمل " يعني " بمعنى " يكنى " أى يكنى بفلان عني.


فخلوت بهذا الشيخ عبدالمحسن، فعرفته فهو رجل صالح، لا يشك النفس في حديثه، ومستغن عنا، وسألته فذكر أن أصله من حصن بشر وأنه انتقل إلى الدولاب الذي بازاء المحولة المعروفة بالمجاهدية، ويعرف الدولاب بابن أبي الحسن وأنه مقيم هناك، وليس له عمل بالدولاب ولا زرع، ولكنه تاجر في شراء غليلات وغيرها، وأنه كان قد ابتاع غلة من ديوان السرائر وجاء ليقبضها، وبات عند المعيدية في المواضع المعروفة بالمحبر.

فلما كان وقت السحر كره استعمال ماء المعيدية، فخرج بقصد النهر، والنهر في جهة المشرق، فما أحس بنفسه إلا وهو في قل السلم، في طريق مشهد الحسين (عليه السلام)، في جهة المغرب، وكان ذلك ليلة الخميس تاسع عشر شهر جمادي الآخرة من سنة لحدى وأربعين وستمائة التي تقدم شرح بعض ما تفضل الله علي فيها وفي نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام).

فجلست أريق ماء وإذا فارس عندي ما سمعت له حسا، ولا وجدت لفرسه حركة، ولا صوتا، وكان القمر طالعا، ولكن كان الضباب كثيرا (1).

فسألته عن الفارس وفرسه، فقال: كان لون فرسه صدءا وعليه ثياب بيض وهو متحنك بعمامة ومتقلد بسيف.

فقال الفارس لهذا الشيخ عبدالمحسن: كيف وقت الناس؟ قال عبدالمحسن:

فظننت أنه يسال عن ذلك الوقت، قال: فقلت الدنيا عليه ضباب وغبرة، فقال: ما سألتك عن هذا أنا سألتك عن حال الناس، قال: فقلت: الناس طيبين مرخصين آمنين في أوطانهم وعلى أموالهم.

فقال: تمضي إلى ابن طاوس، وتقول له كذا وكذا، وذكر لي ما قال صلوات الله عليه ثم قال عنه (عليه السلام): فالوقت قددنا، فالوقت قد دنا، قال عبدالمحسن فوقع في قلبي وعرفت نفسي أنه مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) فوقعت على وجهي

.................................................

* (هامش) *

(1) الضباب: ندى كالغبار يغشى الارض وقيل سحاب رقيق كالدخان، يقال له بالفارسية " مه ".

وبقيت كذلك مغشيا علي إلى أن طلع الصبح، قلت له: فمن أين عرفت أنه قصد ابن طاوس عني؟ (1) قال: ما أعرف من بني طاوس إلا أنت، وما في قلبي إلا انه قصد بالرسالة إليك، قلت: أي شئ فهمت بقوله (عليه السلام) " فالوقت قددنا فالوقت قددنا " هل قصد وفاتي قددنا أم قددنا وقت ظهوره صلوات الله وسلامه عليه؟

فقال: بل قددنا وقت ظهوره صلوات الله عليه.

قال: فتوجهت ذلك الوقت (2) إلى مشهد الحسين (عليه السلام) وعزمت أنني ألزم بيتي مدة حياتي أعبدالله تعالى، وندمت كيف ما سألته صلوات الله عليه عن أشياء كنت أشتهي أسأله فيها.

قلت له: هل عرفت بذلك أحدا؟ قال: نعم، عرفت بعض من كان عرف بخروجي من المعيدية، وتوهموا أني قد ضللت وهلكت بتأخيري عنهم، واشتغالي بالغشية التي وجدتها، ولانهم كانوا يروني طول ذلك النهار يوم الخميس في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه (عليه السلام) فوصيته أن لا يقول ذلك لاحد أبدا، وعرضت عليه شيئا فقال: أنا مستغن عن الناس وبخير كثير.

فقمت أنا وهو فلما قام عني نفذت له غطاء وبات عندنا في المجلس على باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلة، فقمت وكنت أنا وهو في الروشن (3) في خلوة، فنزلت لانام فسألت الله زيادة كشف في المنام في تلك الليلة أراه أنا.

فرأيت كأن مولانا الصادق (عليه السلام) قد جاءني بهدية عظيمة، وهي عندي وكأنني ما أعرف قدرها، فاستيقظت وحمدت الله، وصعدت الروشن لصلاة نافلة

.................................................

* (هامش) *

(1) هكذا في النسخة والصحيح " قصدني عن ابن طاوس " منه رحمه الله، أقول:

قد عرفت أن ناقل الحكاية من أهل السواد، فاذا عدى " عنى " و " قصد " بعن الجارة يضمنه معنى الكناية كانه قال " كنى بابن طاوس عنى " ومعناه على لغته ظاهر.

(2) اليوم، خ.

(3) الروشن: أصلها فارسية، قال الفيروز آبادي: " الروشن: الكوة " لكن المراد بقرينة ما بعده: الغرفة المشرفة.


الليل، وهي ليلة السبت ثامن عشر جمادي الآخرة فأصعد فتح (1) الابريق إلى عندي فمددت يدي فلزمت عروته لافرغ على كفي فأمسك ماسك فم الابريق وأداره عني ومنعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة، فقلت: لعل الماء نجس فأراد الله أن يصوني عنه فإن لله عزوجل علي عوائد كثيرة أحدها مثل هذا وأعرفها.

فناديت إلى فتح، وقلت: من أين ملات الابريق؟ فقال: من المصبة (2)

فقلت: هذا لعله نجس فاقلبه واطهره (3) واملاه من الشط فمضى وقلبه وأناأسمع صوت الابريق وشطفه وملاه من الشط، وجاء به فلزمت عروته وشرعت أقلب منه على كفي فأمسك ماسك فم الابريق وأداره عني ومنعني منه.

فعدت وصبرت، ودعوت بدعوات، وعاودت الابريق وجرى مثل ذلك، فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل تلك الليلة، وقلت في خاطري: لعل الله يريد أن يجري علي حكما وابتلاء غدا ولا يريد أن أدعو الليلة في السلامة من ذلك، وجلست لا يخطر بقلبي غير ذلك.

فنمت وأنا جالس، وإذا برجل يقول لي: يعني عبدالمحسن الذي جاء بالرسالة كأنه ينبغي أن تمشي بين يديه، فاستيقظت ووقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه وإكرامه، فتبت إلى الله جل جلاله، واعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك، وشرعت في الطهارة فلم يمسك أبدا [فم] الابريق وتركت على عادتي فتطهرت وصليت ركعتين فطلع الفجر فقضيت نافلة الليل، وفهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة.

فنزلت إلى الشيخ عبدالمحسن، وتلقيته وأكرمته، وأخذت له من خاصتي


.................................................

* (هامش) *

(1) فتح: اسم غلامه. منه رحمه الله.

(2) في الاصل المطبوع: المسببة، بالسين وهو تصحيف.

(3) في نسخة الفاضل الهندي: " فاشطفه " وهو الاصح لغة، وبقرينة ما يأتي، منه رحمه الله. أقول: الشطف: الغسل، وهي لغة سواد أهل العراق، ليست بأصيلة.

ستانير (1) ومن غير خاصتي خمسة عشر دينارا مما كنت أحكم فيه كمالي (2)

وخلوت به في الروشن، وعرضت ذلك عليه، واعتذرت إليه، فامتنع من قبول شئ اصلا، وقال: إن معي نحو مائة دينار وما آخذ شيئا، أعطه لمن هو فقير، وامتنع غاية الامتناع.

فقلت: إن رسول مثله عليه الصلاة والسلام، يعطى لاجل الاكرام لمن أرسله لا لاجل فقره وغناه، فامتنع، فقلت له " مبارك " أماالخمسة عشر، فهي من غير خاصتي، فلا أكرهك على قبولها، وأما هذه الستة دنانير فهي من خاصتي فلا بد أن تتقبلها مني فكاد أن يؤيسني من قبولها، فألزمته فأخذها، وعاد تركها، فألزمته فأخذها، وتغديت أنا وهو، ومشيت بين يديه كما أمرت في المنام إلى ظاهر الدار وأوصيته بالكتمان، والحمد لله وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين.



http://fc01.deviantart.net/fs70/i/2010/192/d/b/Imam_Hussain_Birthday_2010_by_alitraa.jpg

z زهـٌِـرّةِ آلــيــآسٍــٌمِـيـ،ـنـِْﮯ
08-22-2010, 11:10 PM
اللقاء بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
الحكاية الثالثة - قصة تشبه قصة الجزيرة الخضراء
المصدر: كتاب جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة

الحكاية الثالثة في آخر كتاب في التعازي عن آل محمد (عليهم السلام) ووفاة النبي صلى الله عليه وآله تأليف الشريف الزاهد أبي عبدالله محمد بن علي بن الحسن بن عبدالرحمن العلوي الحسيني رضي الله عنه عن الاجل العالم الحافظ، حجة الاسلام، سعيد بن أحمد بن الرضي عن الشيخ الاجل المقرئ خطير الدين حمزة بن المسيب بن الحارث أنه حكى في داري بالظفرية بمدينة السلام في ثامن عشر شهر شعبان سنة أربع وأربعين وخمسمائة قال: حدثني شيخي العالم ابن أبي القاسم (3) عثمان بن عبدالباقي بن احمد الدمشقي في سابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة قال: حدثني الاجل

.................................................

* (هامش) *

(3) كذا في نسخة كشكول المحدث البحراني، منه رحمه الله.


العالم الحجة كمال الدين أحمد بن محمد بن يحيى الانباري بداره بمدينة السلام ليلة عاشر شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.

قال: كنا عند الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها، ونحن على طبقة، وعنده جماعة، فلما أفطر من كان حاضرا وتقوض (1)

أكثر من حضر خاصرا، (2) أردنا الانصراف، فأمرنا بالتمسي عنده، فكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه، ولم أكن رأيته من قبل، ورأيت الوزير يكثر إكرامه، ويقرب مجلسه، ويصغي إليه، ويسمع قوله، دون الحاضرين.

فتجارينا الحديث والمذاكرة، حتى أمسينا وأردنا الانصراف، فعرفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل، وأنه يمنع من يريد الخروج، فأشار الوزير أن نمسي عنده فأخذنا نتحادث، فأفضى الحديث حتى تحادثنا في الاديان والمذاهب ورجعنا إلى دين الاسلام، وتفرق المذاهب فيه.

فقال الوزير: أقل طائفة مذهب الشيعة، وما يمكن أن يكون أكثر منهم في خطتنا هذه، وهم الاقل من أهلها، وأخذ يذم أحوالهم، ويحمد الله على قتلهم في أقاصي الارض.

فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلا عليه، مصغيا إليه، فقال له: أدام الله أيامك أحدث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعرض عنه، فصمت الوزير، ثم قال: قل: ما عندك.

فقال: خرجت مع والدي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، من مدينتنا وهي المعروفة بالباهية، ولها الرستاق الذي يعرفه التجار، وعدة ضياعها ألف ومائتا ضيعة، في كل ضيعة من الخلق ما لا يحصي عددهم إلا الله، وهم قوم نصارى، وجميع

.................................................

* (هامش) *

(1) يقال: تقوض الحلق والصفوف: انتقضت وتفرقت.

(2) في الاصل المطبوع: " من حضر حاضرا " وهو تصحيف، والصحيح ما في الصلب ومعناه أنه: قام أكثر أهل المجلس وكل منهم وضع يده على خاصرته، من طول الجلوس وكسالته.

الجزائر التي كانت حولهم، على دينهم ومذهبهم، ومسير بلادهم وجزائرهم مدة شهرين، وبينهم وبين البر مسير عشرين يوما وكل من في البر من الاعراب وغيرهم نصارى وتتصل بالحبشة والنوبة، وكلهم نصارى، ويتصل بالبربر، وهم على دينهم فان حد هذا كان بقدر كل من في الارض، ولم نضف إليهم الافرنج والروم.

وغير خفي عنكم من بالشام والعراق والحجاز من النصارى، واتفق أننا سرنا في البحر، وأوغلنا، وتعدينا الجهات التي كنا نصل إليها، ورغبنا في المكاسب ولم نزل على ذلك حتى صرنا إلى جزائر عظيمة كثيرة الاشجار، مليحة الجدران فيها المدن الملدودة (1) والرساتيق.

وأول مدينة وصلنا إليها وأرسي المراكب بها، وقد سألنا الناخداه أي شئ هذه الجزيرة؟ قال: والله إن هذه جزيرة لم أصل إليها ولا أعرفها، وأنا وأنتم في معرفتها سواء.

فلما أرسينابها، وصعد التجار إلى مشرعة تلك المدينة، وسألنا ما اسمها؟

فقيل هي المباركة، فسألنا عن سلطانهم ومااسمه؟ فقالوا: اسمه الطاهر، فقلنا وأين سرير مملكته فقيل بالزاهرة، فقلنا: وأين الزاهرة؟ فقالوا: بينكم وبينها مسيرة عشر ليال في البحر، وخمسة وعشرين ليلة في البر، وهم قوم مسلمون.

فقلنا: من يقبض زكاة ما في المركب لنشرع في البيع والابتياع؟ فقالوا:

تحضرون عند نائب السلطان، فقلنا: وأين أعوانه؟ فقالوا: لا أعوان له، بل هو في داره وكل من عليه حق يحضر عنده، فيسلمه إليه.

فتعجبنا من ذلك، وقلنا: ألا تدلونا عليه؟ فقالوا: بلى، وجاء معنا من أدخلنا داره، فرأيناه رجلا صالحا عليه عباءة، وتحته عباءة وهو مفترشها، وبين يديه دواة يكتب منها من كتاب ينظر إليه، فسلمنا عليه فرد علينا السلام وحيانا و قال: من أين أقبلتم؟ فقلنا: من أرض كذا وكذا، فقال: كلكم؟ فقلنا: لا، بل

.................................................

* (هامش) *

(1) الملدودة: معناها أن تلك المدن قد جعلت فيها لديدة كثيرة: وهي الروضة الخضراء الزهراء.


فينا المسلم واليهودي والنصراني، فقال: يزن اليهودي جزيته والنصراني جزيته. ويناظر المسلم عن مذهبه.

فوزن والدي عن خمس نفر نصارى: عنه وعني وعن ثلاثة نفر كانوا معنا ثم وزن تسعة نفر كانوا يهودا وقال للباقين: هاتوا مذاهبكم، فشرعوا معه في مذاهبهم.

فقال: لستم مسلمين وإنما أنتم خوارج وأموالكم محل للمسلم المؤمن، وليس بمسلم من لم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر وبالوصي والاوصياء من ذريته حتى مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليهم.

فضاقت بهم الارض ولم يبق إلا أخذ أموالهم.

ثم قال لنا: يا أهل الكتاب لا معارضة لكم فيما معكم، حيث أخذت الجزية منكم، فلما عرف أولئك أن أموالهم معرضة للنهب، سألوه أن يحتملهم إلى سلطانهم فأجاب سؤالهم، وتلا: " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ".

فقلنا للناخداه والربان (1) وهو الدليل: هؤلاء قوم قد عاشرناهم وصاروا رفقة، وما يحسن لنا أن نتخلف عنهم أينما يكونوا نكون معهم، حتى نعلم ما يستقر حالهم عليه؟ فقال الربان: والله ما أعلم هذا البحر أين المسير فيه، فاستاجرنا ربانا ورجالا، وقلعناالقلع (2) وسرنا ثلاثة عشر يوما بلياليها حتى كان قبل طلوع الفجر، فكبر الربان فقال: هذه والله أعلام الزاهرة ومنائرها وجدرها إنها قد بانت، فسرنا حتى تضاحى النهار.

فقدمنا إلى مدينة لم تر العيون أحسن منها ولا أحق (3) على القلب، ولا أرق

من نسيمها ولا أطيب من هوائها، ولا أعذب من مائها، وهي راكبة البحر، على جبل من صخر أبيض، كأنه لون الفضة وعليها سور إلى ما يلي البحر، والبحر يحوط الذي يليه منها، والانهار منحرفة في وسطها يشرب منها أهل الدور والاسواق

.................................................

* (هامش) *

(1) الناخدا، مأخوذ من الفارسية ومعناه معروف والاربان كرمان: رئيس الملاحين.

(2) القلع: شراع السفينة، وقلعنا: أي رفعنا وأصلحنا الشراع لتسير السفينة.

(3) أخف، خ.


وتأخذ منها الاحمامات وفواضل الانهار ترمى في البحر، ومدى الانهار فرسخ ونصف، وفي تحت ذلك الجبل بساتين المدينة وأشجارها، ومزارعها عند العيون وأثمار تلك الاشجار لا يرى أطيب منها ولا أعذب، ويرعى الذئب والنعجة عيانا ولو قصد قاصد لتخلية دابة في زرع غيره لمارعته، ولا قطعت قطعة حمله ولقد شاهدت السباع والهوام رابضة في غيض تلك المدينة، وبنو آدم يمرون عليها فلا تؤذيهم.

فلما قدمنا المدينة وارسى المركب فيها، وما كان صحبنا من الشوابي و الذوابيح من المباركة بشريعة الزاهرة، صعدنا فرأينا مدينة عظيمة عيناء كثيرة الخلق، وسيعة الربقة، وفيها الاسواق الكثيرة، والمعاش العظيم، وترد إليها الخلق من البر والبحر، وأهلها على أحسن قاعدة، لا يكون على وجه الارض من الامم والاديان مثلهم وأمانتهم، حتى أن المتعيش بسوق يرده إليه من يبتاع منه حاجة إما بالوزن أو بالذراع فيبايعه عليها ثم يقول: أيا هذا زن لنفسك واذرع لنفسك.

فهذه صورة مبايعاتهم، ولا يسمع بينهم لغو المقال، ولا السفه ولا النميمة، ولا يسب بعضهم بعضا، وإذا نادى المؤذن الاذان، لا يتخلف منهم متخلف ذكرا كان أو أنثى. إلا ويسعى إلى الصلاة، حتى إذا قضيت الصلاة للوقت المفروض، رجع كل منهم إلى بيته حتى يكون وقت الصلاة الاخرى فيكون الحال كما كانت.

فلما وصلنا المدينة، وأرسينا بمشرعتها، أمرونا بالحضور إلى عند السلطان فحضرنا داره، ودخلنا إليه إلى بستان صور في وسطه قبة من فصب، والسلطان في تلك القبة، وعنده جماعة وفي باب القبة ساقية تجري.

فوافينا القبة، وقد أفام المؤذن الصلاة، فلم يكن أسرع من أن امتلا البستان بالناس، وأقيمت الصلاة، فصلى بهم جماعة، فلا والله لم تنظر عيني أخضع منه لله، ولا ألين جانبا لرعيته، فصلى من صلى مأموما.

فلما قضيت الصلاة التفت إلينا وقال: هؤلاء القادمون؟ قلنا: نعم، وكانت تحية الناس له أو مخاطبتهم له " يا ابن صاحب الامر " فقال: على خير مقدم.


ثم قال: أنتم تجار أو ضياف؟ فقلنا: تجار، فقال: من منكم المسلم، ومن منكم اهل الكتاب؟ فعرفناه ذلك؟ فقال: إن الاسلام تفرق شعبا فمن اي قبيل أنتم؟ وكان معنا شخص يعرف بالمقري ابن دربهان بن أحمد (1) الاهوازي، يزعم أنه على مذهب الشافعي، فقال له: أنا رجل شافعي قال: فمن على مذهبك من الجماعة؟ قال: كلنا إلا هذا حسان بن غيث فانه رجل مالكي.

فقال: أنت تقول بالاجماع؟ قال: نعم، قال: إذا تعمل بالقياس، ثم قال:

بالله يا شافعي تلوت ما أنزل الله يوم المباهلة؟ قال: نعم، قال: ما هو؟ قال قوله تعالى: " قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " (2).

فقال: بالله عليك من أبناء الرسول ومن نساؤه ومن نفسه يابن دربهان؟

فأمسك، فقال: بالله هل بلغك أن غير الرسول والوصي والبتول والسبطين دخل تحت الكساء؟ قال: لا، فقال: والله لم تنزل هذه الآية إلا فيهم، ولا خص بها سواهم.

ثم قال: بالله عليك يا شافعي ما تقول فيمن طهره الله بالدليل القاطع، هل ينجسه المختلفون؟ قال: لا، قال: بالله عليك هل تلوت " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (3) قال: نعم، قال: بالله عليك من يعني بذلك؟ فأمسك، فقال: والله ما عنى بها إلا أهلها.

ثم بسط لسانه وتحدث بحديث أمضى من السهام، وأقطع من الحسام فقطع الشافعي ووافقه فقام عند ذلك فقال: عفوا يا ابن صاحب الامر انسب إلي نسبك، فقال: أنا طاهر بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي الذي أنزل الله فيه: " وكل شئ


.................................................

* (هامش) *

(1) اسمه دربهان بن أحمد، كذا في كشكول الشيخ يوسف البحريني، منه رحمه الله (2) آل عمران: 61.

(3) الاحزاب: 33.

أحصيناه في إمام مبين " (1) هو والله الامام المبين، ونحن الذين أنزل الله في حقنا " ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " (2).

يا شافعي نحن أهل البيت نحن ذرية الرسول، ونحن أولو الامر، فخر الشافعي مغشيا عليه، لما سمع منه، ثم أفاق من غشيته، وآمن به، وقال: الحمد لله الذي منحني بالاسلام، ونقلني من التقليد إلى اليقين.

ثم أمر لنا باقامة الضيافة، فبقينا على ذلك ثمانية أيام، ولم يبق في المدينة إلا من جاء إلينا، وحادثنا، فلما انقضت الايام الثمانية سأله أهل المدينة أن يقوموا لنا بالضيافة، ففتح لهم في ذلك، فكثرت علينا الاطعمة والفواكه، وعملت لنا الولائم، ولبثنا في تلك المدينة سنة كاملة.

فعلمنا وتحققنا أن تلك المدينة مسيرة شهرين كاملة برا وبحرا، وبعدها مدينة اسمها الرائقة، سلطانها القاسم بن صاحب الامر (عليه السلام) مسيرة ملكها شهرين وهي على تلك القاعدة ولها دخل عظيم، وبعدها مدينة اسمها الصافية، سلطانها إبراهيم بن صاحب الامر (عليه السلام) بالحكام وبعدها مدينة أخرى اسمها ظلوم سلطانها عبدالرحمان بن صاحب الامر (عليه السلام)، مسيرة رستاقها وضياعها شهران، وبعدها مدينة أخرى اسمها عناطيس، سلطانها هاشم بن صاحب الامر (عليه السلام) وهي أعظم المدن كلها وأكبرها وأعظم دخلا، ومسيرة ملكها اربعة أشهر.

فيكون مسيرة المدن الخمس والمملكة مقدار سنة لا يوجد في أهل تلك الخطط والمدن والضياع والجزائر غير المؤمن الشيعي الموحد القائل بالبراءة والولاية الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، سلاطينهم أولاد إمامهم، يحكمون بالعدل وبه يأمرون، وليس على وجه الارض مثلهم، ولو جمع أهل الدنيا، لكانوا أكثر عددا منهم على اختلاف الاديان والمذاهب.

ولقد أقمنا عندهم سنة كاملة نترقب ورود صاحب الامر إليهم، لانهم زعموا


.................................................

* (هامش) *

(1) يس: 12.

(2) آل عمران: 34.


أنها سنة وروده، فلم يوفقنا الله تعالى للنظر إليه، فأما ابن دربهان وحسان فانهما أقاما بالزاهرة يرقبان رؤيته، وقد كنا لما استكثرنا هذه المدن وأهلها، سألنا عنها فقيل: إنها عمارة صاحب الامر (عليه السلام) واستخراجه.

فلما سمع عون الدين ذلك، نهض ودخل حجرة لطيفة، وقد تقضى الليل فأمر باحضارنا واحدا واحدا، وقال: إياكم إعادة ما سمعتم أو إجراءه على ألفاظكم وشدده وتأكد علينا، فخرجنا من عنده ولم يعد أع حد منا مما سمعه حرفا واحدا حتى هلك.

وكنا إذا حضرنا موضعا واجتمع واحدنا بصاحبه، قال: أتذكر شهر رمضان فيقول: نعم، سترا لحال الشرط.

فهذا ما سمعته ورويته، والاحمد له وحده، وصلواته على خير خلقه محمد وآله الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.

قلت: وروى هذه الحكاية مختصرا الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي في الفصل الخامس عشر من الباب الحادي عشر من كتاب " الصراط المستقيم " وهو أحسن كتاب صنف في الامامة عن كمال الدين الانباري الخ وهو صاحب رسالة " الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح " التي نقلها العلامة المجلسي بتمامها في السماء والعالم.

وقال السيد الاجل علي بن طاوس، في أواخر كتاب جمال الاسبوع، وهو الجزء الرابع من السمات والمهمات بعد سوقه الصلوات المهدوية المعروفة التي أولها: اللهم صل على محمد المنتجب في الميثاق، وفي آخرها: وصل على وليك وولاة عهدك والائمة من ولده، وزد في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أقصى آمالهم دينا ودنيا وآخرة الخ.

والدعاء الآخر مروي عن الرضا (عليه السلام) يدعى به في الغيبة أوله " اللهم ادفع عن وليك " وفي آخره " اللهم صل على ولاة عهدك في الائمة من بعده " الخ.

قال بعد كلام له في شرح هذه الفقرة ما لفظه: ووجدت رواية متصلة الاسناد

بأن للمهدي صلوات الله عليه أولاد جماعة ولاة في أطراف بلاد البحر، على غاية عظيمة من صفات الابرار، والظاهر، بل المقطوع أنه إشارة إلى هذه الرواية.

والله العالم.

ورواه أيضا السيد الجليل علي بن عبدالحميد النيلي في كتاب السلطان المفرج عن أهل الايمان، عن الشيخ الاجل الامجد الحافظ حجة الاسلام سعيد الدين رضي البغدادي، عن الشيخ الاجل خطير الدين حمزة بن الحارث بمدينة السلاخ الخ.

ورواه المحدث الجزائري في الانوار عن المولى الفاضل الملقب بالرضا علي بن فتح الله الكاشاني قال: روى الشريف الزاهد.



http://am888.jeeran.com/untitled-2.jpg

ثآر الله
09-07-2010, 04:14 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن عدوهم
أشكر لكم الطرح المفيد والموضوع المميز
واجدد الشكر لتواصلكم اتمنى ان يديم الله هذا التواصل لما فيه الصلاح والأصلاح
يسعدني ان اقرأ جديدكم القادم
دمتم بلطف وعين صاحب الطلعة البهيه والمباركه محفوظين ومسددين..
تحياتي ودعواتي
ثآر الله

ثآر الله
09-07-2010, 04:17 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن عدوهم
زهـــــــــــــــرة الياسميــــــــــــــن
أشكر لكم الطرح المفيد والموضوع المميز
واجدد الشكر لتواصلكم اتمنى ان يديم الله هذا التواصل لما فيه الصلاح والأصلاح
يسعدني ان اقرأ جديدكم القادم
دمتم بلطف وعين صاحب الطلعة البهيه والمباركه محفوظين ومسددين..
تحياتي ودعواتي
ملاحظة : تم دمج الموضوع للتنسيق مع فائف المودة
ثآر الله

z زهـٌِـرّةِ آلــيــآسٍــٌمِـيـ،ـنـِْﮯ
11-03-2010, 06:57 PM
http://i217.photobucket.com/albums/cc243/geminirose2007/155455172.gif (java******:void(0);)
http://img212.imageshack.us/img212/6072/11os4.jpg

بحر الجود
11-04-2010, 11:37 AM
يعطيك العافيه
على الطرح المفيد
بارك الله فيك
تحياتي

z زهـٌِـرّةِ آلــيــآسٍــٌمِـيـ،ـنـِْﮯ
11-04-2010, 08:15 PM
http://files.fatakat.com/2009/6/1243964173.gif

http://www.air.flyingway.com/up/jun/0cdf112488.gif

احرار الزهراء
12-22-2010, 12:46 AM
http://vb.arabseyes.com/uploaded/33206_1186390610.gif

z زهـٌِـرّةِ آلــيــآسٍــٌمِـيـ،ـنـِْﮯ
12-23-2010, 05:18 AM
http://i360.photobucket.com/albums/oo42/sayedmido7/-.gif