المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا خالف مالك و أحمد والشافعي وابو حنيفة مذهب أهل البيت ?


الامبراطوره ملاك
10-19-2010, 10:12 PM
لماذا خالف مالك و أحمد والشافعي وابو حنيفة مذهب أهل البيت ?


في البداية لا بأس بذكر نبذة مختصرة في كيفية نشوء المذاهب الأربعة ليتضح من خلالها الجواب إن شاء الله تعالى .

إن الناس في زمن النبي (ص) كانوا يلجأون إليه في معرفة أمور دينهم وإلى من جعلهم النبي (ص) من قبله كأمراء أو رسل إلى البلاد الأخرى وبقي الحال على ذلك إلى أن قبضَ النبي (ص).

وأما بعد زمانه (ص)
فكان الناس يسألون الخلفاء خاصة والصحابة عامة لما تفرّقوا في سائر البلدان , لأنهم كانوا أقرب الناس إلى رسول الله (ص) وأعرفهم بأحكام دينه.

ولما جاء عصر التابعين وتابع التابعين

انقسم العلماء إلى قسمين, أهل الحديث وأهل الفتوى , وكثر المفتون في المدينة ومكة والشام ومصر والكوفة وبغداد وغيرها من بلاد الإسلام, فكان العامة يسألون من يظهر لهم علمه ومعرفته دون أن يتمذهبوا بقول واحد بعينه.

إلا أنّ المهاترات التي وقعت بين أهل الحديث وأهل الفتوى وبالأخص أهل الرأي منهم من جهة , مضافاً إلى تقريب الخلفاء لبعض العلماء دون البعض الآخر من جهة أخرى, وَ لَّدَ روح التعصب عند الناس لبعض الفقهاء والحرص على الإلتزام بآرائه الفقهية وطرح آراء غيره.

ولمّا ظهر أبو حنيفة
كفقيه له آراؤه الفقهية, إستطاع أن يستقطب له تلاميذ صار لهم الدور الكبير بعد ذلك في نشر تلك الآراء , ولاسيما القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الذي نال الحظوة عند الخلفاء العباسيين, فتولى منصب قاضي القضاة عند هارون الرشيد , وكان هارون لا يعيّن قاضياً أو مفتيا إلا بالرجوع إلى أبي يوسف (انظر الانتقاء لابن عبد البر ص172), فسعى أبو يوسف على نشر مذهب استاذه أي مذهب أبي حنيفة بواسطة القضاة الذين كان يعينهم هو وأصحابه.

ولمّا بزغ نجم مالك بن أنس أراد أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس على العمل بما في الموطأ , وأمر من ينادي في الناس : ((ألا لا يفتينَّ أحد ومالك بالمدينة))،

وحظي مالك بمكانة عظيمة عنده وعند من جاء بعده من أبنائه الخلفاء. فسببَّ ذلك ظهور أتباع له يروجّون مذهبه, ويظهرون التعصب له .

ومن هنا قال ابن حزم الأندلسي : ((مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان: مذهب أبي حنيفة , ومذهب مالك عندنا ...))(انظر وفيات الاعيان لابن خلكان6/144).
ثمَّ تألق الشافعي وبرز على علماء عصره, وساعده على ذلك تتلمذه على مالك في المدينة ونزوله ضيفاَ لما ذهب الى مصر عند محمد بن عبد الله بن الحكم الذي كانت له في مصر مكانة عظيمة ومنزلة علمية, وكان مقدماً عند أهل مصر, فقام هذا الأخير بنشر علم الشافعي وبثّ كتبه , مضافاً إلى مالقيه الشافعي في باديء الامر من المالكية في مصر من الإقبال والحفاوة, بسبب كثرة ثنائه على الإمام مالك, وتسميته ب(الإستاذ).
ولما وقع الإمام أحمد بن حنبل في محنة خلق القرآن , وضربَ وحبـسَ مع ما أظهر من الصبر والتجلد, جعل له المكانة عند الناس , ولا سيما بعدما أدناه المتوكل العباسي وأكرمه وعظّمه , وعني به عناية فائقة.

هكذا نشأت هذه المذاهب وانتشرت دون غيرها, تحت عوامل مختلفة من الترغيب والترهيب عاشها أصحابها وأتباعهم.

ثمّ إنَّ الأغراض السياسية والمآرب الدنيوية كانت وراء دعم الخلفاء لهذه المذاهب واستمرارها ,فإنّ خلفاء بني العباس أرادوا أن يلفتوا الناس إلى علماء من أهل السنة لتكون لهم المكانة السامية عند الناس, بإعتبارهم أئمة في الدين ليصرفوا الأنظار عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين كانت نقطة التوتر بينهم هي الاولوية بالخلافة.

ولهذا كان شعراء بني العباس يثيرون هذه المسألة في مناسبات كثيرة , يعرّضون فيها بأبناء علي وفاطمة (عليهما السلام) ويحتجون بأنّ الخلافة ميراث النبي (ص) وعلي (ع) ابن عم النبي (ص) والعباس عمّه , وابن العم لايرث مع وجود العم.
وممّا أنشده مروان بن أبي الجنوب للمتوكل :

ملك الخليفة جعـفـر ***** للدين والدنيــا سلامه
لـكم ترَاث محمـــد ***** وبعد لكم تنفى الظلامة
يرجوا التراث بنــو ***** البنات ومالهم فيها قلامه
والصهر ليس بــوارث ***** والبنت لاترث الإمامـة
مـا للذين تنحلــــوا ***** ميراثـكم إلاّ الندامــة
أخذ الوراثة أهلهـــا ***** فعلام لومكم علامــه
لو كان حقكـم لمــا ***** قامت على الناس قيامه
ليس التراث لغيركــم ***** لا والإلـه , ولاكرامه
أصبحت بين محبكــم ***** والمبغضين علامـــه
قال مروان : فعقد لي على البحرين واليمامة , وخلع لي أربع خلع , وخلع علي المنتصر, وأمر لي المتوكل بثلاثة آلاف دينار ونثرت علي. (الكامل في التأريخ لابن الاثير 7/101).
أنظر (مسائل خلافية للشيخ علي آل محسن - طبعة دار الهادي ص118- 121).



السؤال: سبب الاختلاف بين المذاهب في العبادات

جميع الفرق مقرين بأن الرسول قد أتم الدين, فلماذا الإختلاف في الصلاة أو غيرها من العبادات؟


ان الاختلاف لم يأت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما بلغه, ولا من الأئمة (عليهم السلام), وانما جاء ممن روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وقد أجاب أمير المؤمنين (عليه السلام) على ذلك عندما سأله سليم بن قيس: قال: قلت لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين، إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم. ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله تخالف الذي سمعته منكم، وأنتم تزعمون أن ذلك باطل. أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين ويفسرون القرآن برأيهم؟
قال: فأقبل علي فقال لي: يا سليم، قد سألت فافهم الجواب. إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما. وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام فيهم خطيبا فقال:
(أيها الناس، قد كثرت علي الكذابة. فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار). ثم كذب عليه من بعده حين توفي، رحمة الله على نبي الرحمة وصلى الله عليه وآله.
وإنما يأتيك بالحديث أربعة نفر ليس لهم خامس:
رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا. فلو علم المسلمون أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: (هذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، رآه وسمع منه وهو لا يكذب ولا يستحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله). وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصفهم فقال الله عز وجل: (( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم )).
ثم بقوا بعده وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والنفاق والبهتان، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم من الدنيا. وإنما الناس مع الملوك في الدنيا إلا من عصم الله. فهذا أول الأربعة.
ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا فلم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا وهو في يده يرويه ويعمل به ويقول: (أنا سمعته من رسول الله). فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوا، ولو علم هو أنه وهم فيه لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه نهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ. فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون أنه منسوخ إذ سمعوه لرفضوه.
ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله بغضا للكذب وتخوفا من الله وتعظيما لرسوله صلى الله عليه وآله ولم يوهم، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمعه ولم يزد فيه ولم ينقص، وحفظ الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ.
وإن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ونهيه مثل القرآن، ناسخ ومنسوخ، وعام وخاص، ومحكم ومتشابه. وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان: كلام خاص وكلام عام، مثل القرآن، يسمعه من لا يعرف ما عنى الله به ومن عنى به رسول الله صلى الله عليه وآله.
وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الطارئ والأعرابي فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا منه.
وكنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم دخلة وفي كل ليلة دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار. وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري. وربما كان ذلك في منزلي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره. وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من ابني.
وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت أو نفدت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي، فكتبتها بخطي. ودعا الله أن يفهمني إياها ويحفظني.
فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها وعلمني تأويلها، فحفظته وأملاه علي فكتبته. وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام أو أمر ونهي أو طاعة ومعصية كان أو يكون إلى يوم القيامة إلا وقد علمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفا واحدا. ثم وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وفقها وحكما ونورا، وأن يعلمني فلا أجهل، وأن يحفظني فلا أنسى.
فقلت له ذات يوم: يا نبي الله، إنك منذ يوم دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا مما علمتني، فلم تمليه علي وتأمرني بكتابته؟ أتتخوف علي النسيان؟ فقال: يا أخي، لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل، وقد أخبرني الله أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.
قلت: يا نبي الله، ومن شركائي؟ قال: الذين قرنهم الله بنفسه وبي معه، الذين قال في حقهم: (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) فإن (خفتم التنازع في شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم.
قلت: يا نبي الله، ومن هم؟ قال: الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم. هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم. بهم ينصر الله أمتي وبهم يمطرون، ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم.
فقلت: يا رسول الله، سمهم لي. فقال: ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن عليه السلام - ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم ابن ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم ابن له على اسمي، اسمه (محمد) باقر علمي وخازن وحي الله، وسيولد (علي) في حياتك يا أخي، فاقرأه مني السلام. ثم أقبل على الحسين عليه السلام فقال: سيولد لك (محمد بن علي) في حياتك فاقرأه مني السلام. ثم تكملة الاثني عشر إماما من ولدك يا أخي.
فقلت: يا نبي الله، سمهم لي. فسماهم لي رجلا رجلا. منهم - والله يا أخا بني هلال - مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. والله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم.
ودمتم في رعاية الله