المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل اطلعت على خبث الصحيفة:


عاشقة نحر الحسين
12-27-2010, 08:14 PM
نختصر الموضوع بأن نبدأه بمقاطع مختارة من رواية مطوّلة لأحد أصحاب رسول الله الأخيار «رضوان الله عليه» ألا وهو حذيفة بن اليمان والموضوع بحد ذاته يتفرع إلى تفاصيل كثيرة نحاول أن نوفق في بيانها لمن لا إطلاع له على من يُعرفون بـ «أصحاب الصحيفة الثانية» وهم 34 لعينًا.

مقتطفات من رواية حذيفة:
قال حذيفة «رضوان الله عليه»: اجتمع القوم جميعا وكتبوا صحيفةً بينهم على ذكر ما تعاهدوا عليه في هذا الأمر وكان أول ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب «عليه السلام» وأن الأمر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالمٌ معهم ليس بخارجٍ منهم ، وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلاً ، هؤلاء أصحاب العقبة وعشرون رجلاً آخر واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة بن الجرّاح وجعلوه أمينهم عليها ، فوجّه بها إلى مكة فلم تزل الصحيفة في الكعبة مدفونة إلى أوان عمر فاستخرجها من موضعها ، ثم انصرفوا وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس صلاة الفجر ثم جلس في مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس فالتفت إلى أبي عبيدة بن الجراح فقال له: بخٍ بخٍ من مثلك وقد أصبحت أمين هذه الأمة؟ ثم تلى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} لقد أشبه هؤلاء رجالٌ في هذه الأمة {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}؛ ثم قال: لقد اصبح في هذه الأمة قومٌ ضاهوا أصحاب الصحيفة التي كتبوها علينا في الجاهلية وعلّقوها في الكعبة وإن الله تعالى يمتّعهم ليبتليهم ويبتلي من يأتي بعدهم تفرقةً بين الخبيث والطيّب ولولا أنه سبحانه أمرني بالإعراض عنهم للأمر الذي هو بالغه لقدّمتهم فضربتُ أعناقهم.

شرح إجمالي:
نعرّف أولاً «أصحاب العقبة» الأربعة عشر وهم الذين تآمروا على قتل رسول الله «صلى الله عليه وآله» في عقبة هرشى بأن ينفروا به ناقته بدحرجة دباب طرحوا فيها الحصا لتمر بين قوائم الناقة وهم:
1- أبو بكر و
2- عمر و
3- عثمان و
4- طلحة و
5- عبد الرحمن بن عوف و
6- سعد بن أبي وقاص و
7- أبو عبيدة بن الجراح و
8- معاوية بن أبي سفيان و
9- عمرو بن العاص و
10- أبو موسى الأشعري و
11- المغيرة بن شعبة الثقفي و
12- أوس بن الحدثان البصري و
13- أبو هريرة و
14- أبو طلحة الأنصاري.
وبعدما فشلت مآمرة المذكورين الشيطانية اجتمعوا في المدينة المنورة واتفقوا مع عشرين آخرين على إقصاء أمير المؤمنين «عليه السلام» عن الخلافة بعد رحيل رسول الله «صلى الله عليه وآله» وكتبوا فيما بينهم صحيفة ووقّعوا عليها ، ومن كبار العشرين:
1- أبو سفيان و
2- عكرمة بن أبي جهل و
3- صفوان بن أمية بن خلف و
4- سعيد بن العاص (كاتب الصحيفة) و
5- خالد بن الوليد و
6- عيّاش بن أبي ربيعة و
7- بشير بن سعد و
8- سهيل بن عمر و
9- حكيم بن حزام و
10- صهيب بن سنان و
11- أبو الأعور السلمي و
12- ومطيع بن الأسود المدري

نص الصحيفة:
ونصل هنا إلى محور موضوعنا الذي أردنا الحديث عنه وصدّرنا به عنوان الموضوع وهو الدعوة للتمعن في الخداع الذي مارسه هؤلاء الكفرة الأوغاد لجماهير الأمة بلبسهم لبوس الإسلام وهو الخطر الأعظم فإدعوا السلطة الدينية ولم يكتفوا بالسلطة الزمنية ، فانظروا كيف صاغوا صحيفتهم الخبيثة:


بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما اتفق عليه الملأ من أصحاب محمدٍ رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم من المهاجرين والأنصار الذين مدحهم الله تعالى في كتابه على لسان نبيه ، اتفقوا جميعا بعد أن أجهدوا في رأيهم وتشاوروا في أمرهم وكتبوا هذه الصحيفة نظرًا منهم إلى الإسلام وأهله على غابر الأيام وباقي الدهور ليقتدي بهم من يأتي من المسلمين من بعدهم، أمّا بعد فإن الله تعالى بمنهِ وكرمهِ بعث محمدًا صلى الله عليه [وآله] وسلم رسولاً إلى الناس كافة بدينه الذي ارتضاه لعباده فأدى من ذلك وبلّغ ما أمره الله به وأوجب علينا القيام بجميعه حتى إذا أكمل الدين وفرض الفرائض وأحكم السنن اختار الله له ما عنده فقبضه إليه مكرّمًا محبورا من غير أن يستخلف أحدًا من بعده وجعلَ الاختيار إلى المسلمين يختارون لأنفسهم من وثقوا برأيهِ ونصحهِ لهم ، وأن للمسلمين في رسول الله أسوة حسنة ، قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} ، وأن رسول الله لم يستخلف أحدا لئلا يجري في أهل بيت واحد ، فيكون إرثا دون سائر المسلمين ، ولئلا يكون دولة بين الأغنياء منهم ، ولئلا يقول المستخلف إن هذا الأمر باق في عقبه من والد إلى ولد إلى يوم القيامة.
والذي يجب على المسلمين عند مضي خليفة من الخلفاء أن يجتمع ذوو الرأي والصلاح فيتشاوروا في أمورهم ، فمن رأوه مستحقا لها ولّوه أمورهم ، وجعلوه القيّم عليهم ، فأنه لا يخفى على أهل كل زمان من يصلح منهم للخلافة.
فإن إدعى مدع من الناس جميعا أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم استخلف رجلا بعينه نصبه للناس ونص عليه باسمه ونسبه ، فقد أبطل في قوله ، وأتى بخلاف ما يعرفه أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، وخالف على جماعة المسلمين.
وإن ادعى مدع أن خلافة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إرث ، وأن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يورث ، فقد أحال في قوله ، لأن رسول الله قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة.
وإن إدعى مدع أن الخلافة لا تصلح إلا لرجل واحد من بين الناس وأنها مقصورة فيه ، ولا تنبغى لغيره ، لأنها تتلو النبوة ، فقد كذب لأن النبى صلى الله عليه [وآله] وسلم قال : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " .
وإن إدعى مدع أنه مستحق للخلافة والإمامة بقربه من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ثم هي مقصورة عليه وعلى عقبه ، يرثها الولد منهم عن والده ، ثم هي كذلك في كل عصر وزمان لا تصلح لغيرهم ، ولا ينبغي أن يكون لأحد سواهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فليس له ولا لولده ، وإن دنا من النبي نسبه ، لأن الله يقول - وقوله القاضي على كل أحد : {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: " إن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم وكلهم يد على من سواهم ".
فمن آمن بكتاب الله وأقر بسنة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقد استقام وأناب ، وأخذ بالصواب ، ومن كره ذلك من فعالهم فقد خالف الحق والكتاب ، وفارق جماعة المسلمين فاقتلوه ، فأن في قتله صلاحا للأمة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم من جاء إلى أمتي وهم جميع ففرقهم فاقتلوه ، واقتلوا الفرد كائنا من كان من الناس ، فأن الاجتماع رحمة ، والفرقة عذاب ، ولا تجتمع أمتي على الضلال أبدا ، وإن المسلمين يد واحدة على من سواهم ، وأنه لا يخرج من جماعة المسلمين إلا مفارق ومعاند لهم ، ومظاهر عليهم أعداءهم فقد أباح الله ورسوله دمه وأحل قتله ".
وكتب سعيد بن العاص باتفاق ممن أثبت اسمه وشهادته آخر هذه الصحيفة في المحرم سنة عشرة من الهجرة ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد [وآله] وسلم.


(المصدر: بحار الأنوار/ج28)

عبرة في سطرين:
إذا كان أهل الباطل من أعداء أمير المؤمنين يجتذبون الناس بأسلوب اظهار الحرص على الدين فعلى الداعين لولايته انتهاج الأحسن منه والتغلب عليهم بمصداقية الحق.
منقول