المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع الشعر العماني.."بائعة البخور"


No0orth.Star
04-12-2011, 03:42 PM
«بائعة البخور»




رأيتُهـا تحمـلُ الأقـدامَ مســرعـــةً



نحوي تغذُّ خُطاها قلـتُ واعَجَـبـِـي



مـاذا تريـدُ فـتــاةٌ فــي بـراءَتـِهـا



سمراءُ والوجــه مصفر من التعب



مـاذا تريــد مــن المرآة أرمُـقـُهــا



وكـلما اقترَبـَتْ يـزدادُ بـي عَجَبـِي



تقدَّمـتْ وأنـا دَهَشَــاً أُناظــرُهــــا



صغيرتي ما الذي أغراكِ بالنَّصَـبِ



فمثلُك الآن بين الصَّحْـبِ وادعـةً



لتنهـلَ العلــــمَ أو تــزدانَ بــالأدبِ



فـأيـن والـدُك الحانــي وأمُّــــك أيـ



ـن الأهلُ أين ذوو الإحسان؟لم تُجِبِ



«بخورُ يا عَمُّ» هل تشـري فرائحـةٌ



للعودِ والصَّمغِ لـم تُخْلَطْ ولم تشـبِ



«بخورُ يا عَـمُّ» خـذْ للأهلِ واحـدةً



أو اثنتيـن فهـذا غايــةُ الطــلــــبِ



«بخور يا عم» أغرتنـي براعَتُهـا



فقلتُ هاتِ فقد أعفيـكِ مـن تَعَــــبِ



بكم بخـورُكِ هـاتِ الكــــــلَّ آمنــةً



وهاكِ قيمَتَـهُ بالضِّعْـفِ فاقتـربـي



قرأتُ في عينِها والـدّفءُ يسكُنُهـا



ما لستُ أقرؤُهُ في أعذَبِ الخُطَـبِ



يا عمُّ شكراً لقد خففتَ مـن ألمـِي



فصوتُ أمي هناك الآن يهتفُ بـي



فوق السريرِ مع المرضـى ممـددةً



في إثر حادثِ سَيرٍ ماتَ فيـه أبـِي



أبي، وندَّتْ مـن العينيـن دمعَتُهـا



وفارقتني وكاد الحزنُ يعصفُ بـي



وبينما صوتُها الحاني يـرنُّ أسـىً



في مسمعيّ وصدري جـذوة اللهبِ



إذا بصوتٍ يثيرُ الرعـبَ أفزعنـــي



وزحمةٍ لجموعِ الناسِ بل صَخَــبِ



مَنْ؟ مَا؟ وكيفَ؟ وما هذا؟ أُسائلُهُم



قالوا اقتربْ لترى ما كان من عَجَبِ



لما اقتربتُ وكان الخوفُ يسبقُنِـــي



دعوتُ يا ربُّ يا رحمنُ لطفُـك بـــي



رأيت سيـارةً حمـراءَ صاحبـُهَــــــا



روائحُ الخمرِ من بُردَيْهِ لـم تَغِـــــبِ



ثم التفتُّ يمينـاً فاحترقـتُ أســـــىً



رأيتُها والـدمُ المسفـوحُ كالــقِـــرَبِ



دنوتُ منها وقـد بانـَتْ بشاشَتُــهـــا



وافتر مبسَمُها عـن لؤلـؤٍ رطــــــبِ



«بخور يا عم» إنـي كنـتُ عائـــدةً



لحضنِ أمي أواسيهـا مـن التَّعَــــبِ



«بخور يا عم» شرُّ النـاسِ منزلــةً



ذاك الذي يرجعُ العافين بالغضــــبِ



«­بخور يا عم» فافق حيـن تسمعهـــا



ثم اشترِ أو فجُدْ بالقــــــولِ فـي أدَبِ



الله مـا أنبـلَ الإحســـان أعظمَــــهُ



في رقةِ القول ما يُغني عن الذهـــبِ



«بخور ياعم» كان الصوتُ مُنخنِقَـاً



كأنمـا يتـوارى ثَـم بالحُــجُـــــبِ



«بخور يا عم» ريحُ العـود طيبـةً



لكنَّ هذا بغيرِ الخمـرِ لـم يَطِــــبِ



«بخور يا عـم» وانسلَّـتْ أمانَتُهـا



لله عائـدةً فـي موكـبِ الشُّهُــــــبِ



وحينها فاحَ في الأرجـاءِ رائحـة



كأنما بُعثَتْ في الكـونِ روحُ نبـي



وعـدتُ للبيـتِ مُغتمـاً ومُنقهـــراً



وحسرةُ الحزنِ تُطفي فورةَ الغَضَبِ



أُكفكفُ الدَّمعَ فـي عينـيّ أحبسُــهُ



وحرقةُ القلبِ مثـلُ الجمـرِ واللَّهَبِ



ما ذاك؟ تسألني زوجي حُفِظت لنـا



فقلتُ صمغٌ وعودٌ طيّـبُ الحَطَـــبِ



هاكِ انشُرِي في ربوعِ الدارِ رائحةً



زكيـةً ودعينـي أحتسـِي تَعَبِــــــي



فقـد شَهـدتُ قُبيـلَ الآن حادثــــةً



مريعةً فاسمعي بالحـادث العَجَـبِ



إنـي شهـدتُ فتـاةً مثـل طفلتنـــا



وديعةَ الوجه في حُسْنِ المها العربي



رأيتُهـا تلفـظُ الأنفـاسَ قائـلـــة



«بخورُ يا عم» بلّغْ كـلَّ ذي أَرَبِ



أني قضيت وفي نفسي أسى وجوى



لم ألقَ حولي ذوي الأرحام والنَّسَبِ



سعيتُ خلفَ رغيفِ الخبـزِ أطلبُـهُ



بالكـدّ حافيـةً فـي لَسْعَـةِ اللَّهَـــــبِ



«بخور يا عم» والألبـابُ حائـرةً



في ما تقول ومـا تحـوي مـن الأدَبِ



وعندها همسَ النقـالُ فـي أذنـي



قمْ حانَ وقتُ صلاةِ الفجر واحْتَسِبِ



الحمـدُ لله رؤيـا تلـك أيقظَـنِــــــــي



بها الإلـــهُ لفعـلِ الخيـرِ والقـُرَبِ






لـلشاعر العماني: سعيد اليعربي

z زهـٌِـرّةِ آلــيــآسٍــٌمِـيـ،ـنـِْﮯ
04-12-2011, 08:05 PM
سطرتي اروع كلام واجمله

بكل كلمة من كلماتك خاطره

وبكل حرف اعذوبه وبكل سطر لحن

اجمل العبارات انكتبت واروعها وجدت بنصك

عنوان يشد القارئ وكلمات الخاطره متعة للمتلقى

دمت ودام قلمك

No0orth.Star
04-13-2011, 10:10 AM
أشكرك على هذه الإطلالة الرائعة والعبارات المشرفة..


دمتي في حفظ الودود

حنين الروح
04-17-2011, 09:22 AM
عواافي يالغلا

طرح أكثر من رائع

في إنتظار المزيد من إبداعاتك الجميله

كلمااات سُطرت بحروف من ذهب

سلمت يداااك