المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عمر بن الخطاب في رزية يوم الخميس


أبو حيدر
10-06-2011, 03:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على الرسول الأمين محمد واله الطيبين الطاهرين المعصومين

عمر بن الخطاب في رزية يوم الخميس

صحيح البخاري - البخاري - ج 1 ، كتاب العلم ، باب كتابة العلم، ص 36 - 37
حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده قال عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال قوموا عنى ولا ينبغي عندي التنازع فخرج ابن عباس يقول إن الرزيئة كل الرزيئة ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه.


صحيح البخاري - البخاري - ج 8 - باب كراهية الخلاف- ص 161
حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم قال وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده قال عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال قوموا عني قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

صحيح البخاري - البخاري - ج 7 - باب قول المريض قوموا عني- ص 9
حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام عن معمر ح وحدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما حضر رسول اله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم هلم اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا قال عبيد الله وكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.


صحيح البخاري - البخاري - ج 5 - باب مرض النبي ( صلى الله عليه وسلم )- ص 137 - 138
حدثنا قتيبة حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه فقال دعوني فالذي انا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصاهم بثلاث قال اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها.

حدثنا علي بن عبد الله حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلموا اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال بعضهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ومنهم من يقول غير ذلك فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا قال عبيد الله فكان يقول ابن عباس ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.

وقد ورد هذا الحديث - بمضمون غلبة الوجع - في مصادرهم الأخرى ، منها : مسند أحمد ج 1 ص 325 و 326 ، صحيح مسلم ج 5 ص 76 ، مجمع الزوائد ج 4 ص 214 وج 9 ص 34 ، السنن الكبرى للنسائي ج 3 ص 433 إلى 435 ، ج 4 ص 360 ، صحيح ابن حبان ج 14 ص 562 ، المعجم الأوسط ج 5 ص 288 ، الطبقات الكبرى ج 2 ص 242 و 244 و . . . ، المصنف لعبد الرزاق ج 5 ص 438 .


صحيح البخاري - البخاري - ج 4 - باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم -ص 31 .
حدثنا قبيصة حدثنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوني فالذي انا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصى عند موته بثلاث اخر جوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة.

صحيح البخاري - البخاري - ج 4 - باب اخراج اليهود من جزيرة العرب- ص 65 - 66
حدثنا محمد حدثنا ابن عيينة عن سليمان بن أبي مسلم الأحول سمع سعيد بن جبير سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت يا ابن عباس ما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني بكتف اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ماله أهجر استفهموه فقال ذروني فالذي انا فيه خير مما تدعوني إليه فأمر هم بثلاث قال اخرجوا المشركين من جريرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم والثالثة اما ان سكت عنها واما ان قلها فنسيتها قال سفيان هذا من قول سليمان هذا من قول سليمان.

صحيح مسلم - مسلم النيسابوري - ج 5 - في كتاب الوصية بثلاثة أسانيد- ص 75 - 76
حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد ( واللفظ لسعيد ) قالوا حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى فقلت يا ابن عباس وما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فتنازعوا وما ينبغي عند نبي تنازع وقالوا ما شأنه أهجر استفهموه قال دعوني فالذي انا فيه خير أوصيكم بثلاث اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم قال وسكت عن الثالثة أو قالها فأنسيتها.

قال أبو إسحاق إبراهيم حدثنا الحسن بن بشر قال حدثنا سفيان بهذا الحديث حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وكيع عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة ( أو اللوح والدواة ) اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا فقالوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر.

وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبد أخبرنا وقال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معتمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلم اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده فقال عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

وقد ورد هذا الحديث - بمضمون الهجر - في مصادر أخرى للعامة ، منها : مسند أحمد ج 1 ص 222 و 355 ، السنن الكبرى للبيهقي ج 9 ص 207 ، المصنف لعبد الرزاق ج 6 ص 57 وج 10 ص 361 ، مسند الحميدي ج 1 ص 241 ، مسند أبي يعلى ج 4 ص 298 ، المعجم الكبير ج 11 ص 30 و 352 ، تاريخ الطبري ج 2 ص 436 ، البداية والنهاية ج 5 ص 247 ، السنن الكبرى للنسائي ج 3 ص 433 و 435 ، ومصادر أخرى للعامة .


مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل - ج 3 - ص 346
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده قال فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها.


وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثرج٥ ص٢٤٥ في مادة هجر : ومنه حديث مرض النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " قالوا ما شأنه أهجر ؟ " أي اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الاستفهام ، أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به المرض ؟ وهذا أحسن ما يقال فيه ، ولا يجعل إخبارا ، فيكون إما من الفحش أو الهذيان ، والقائل كان عمر ، ولا يظن به ذلك.

ومن مصادر الخاصة راجع : الإيضاح ص 359 و . . . ، المسترشد ص 681 و 682 ، أوائل المقالات ص 406 ، الإرشاد ج 1 ص 184 ، الأمالي للمفيد ص 36 ، الإحتجاج ج 1 ص 223 ، سعد السعود ص 297 ومصادر أخرى .


في هذه القضية أمور لا بد من التأمل فيها :
الأول : إن إطاعة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مأمور بها من الله سبحانه بنص الكتاب مقرونة بطاعة الله تعالى في عدة آيات ، كقوله تعالى : { وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون } ومنفردة كقوله تعالى : { وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين }. ومقتضى إطلاق الواجب والوجوب عدم الإختصاص بحال من الأحوال ، وقد أكد سبحانه وجوب إطاعته بتفريعه على أمانته في عدة آيات ، كقوله تعالى : { إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون } ، وجعل إطاعته إطاعة الله سبحانه بقوله تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } فمن لم يطع الرسول خرج عن طاعة الله .

الثاني : إن القول بأنه : " غلبه الوجع وعندنا كتاب الله " بعد أمره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " ائتوني بكتاب " عصيان للرسول ، وقد قال الله تعالى : { إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية الرسول } ، وعصيان لله سبحانه حيث قال : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ، وقد قال الله سبحانه : { ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا } ، { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا }.

الثالث : إن ما يختاره الرسول هو مختار الله سبحانه بمقتضى العقل والكتاب ، وقد قال الله سبحانه : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } والتعبير بجملة " ما كان " تنبيه على أنه حكم لا يقبل التخلف بوجه ، واتصاف موضوع الحكم بالإيمان مع أنه حكم عام للمؤمن وغيره بحكم العقل ، للإعلام بأن اختيار خلاف ما اختاره الله ورسوله كاشف عن عدم الإيمان .

الرابع : إن هذه المقالة إيذاء للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ورد على الله تعالى حيث قال { ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى }. وقد ظهر شدة تأذي النبي وتأثره من ذلك ، حيث طردهم من بينه بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " قوموا عني " ، مع أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان إذا صافحه أحد لم يترك يده من يده حتى يكون هو التارك ، وإذا جلس إليه أحد لم يقم حتى يقوم الذي جلس إليه ، وكان أحيى الناس وأكرمهم لمن يرد عليه ، فقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " قوموا عني " يكشف عن تألمه إلى حد لم يتحمل جلوسهم عنده ، وقد قال الله تعالى : { والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم } ، وقال سبحانه : { إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة } .


الخامس : إن هذه المقالة صارت سببا لرفع الأصوات عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } ، وقال سبحانه : { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى } ، كما صارت سببا للتنازع عنده ، وقد قال سبحانه : { وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا }، وقد قال الله تعالى : { فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول } ، فصار الذي جعله الله مردودا إليه في كل أمر ، مردودا عليه في أمره !

السادس : إن الغاية القصوى من إرسال الرسل وإنزال الكتب هداية الانسان وصيانته عن الضلال { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق }، والدعاء الذي في أم الكتاب يدعو به كل مسلم في كل صلاة هو { اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } ، والرسول الذي يرى الفتن من بعده ، أشفق على أمته وأراد أن يصونهم عن الضلال بعد الهدى بكتاب يكون ضمانا لهم عن الضلال ، حيث قال : " أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده " ، وتعليق عدم الضلال على الكتاب يدل على حرمان الأمة - بفقد ذلك الكتاب - من أعظم النعم وهو الهداية ، وابتلائها بأكبر النقم وهو الضلالة !

السابع : مقولة " كتاب الله حسبنا " ، مخالفة للكتاب والسنة والإجماع والعقل :
فإنها مخالفة للكتاب إذ لا يبقى مع هذا الكلام موضوع لوجوب إطاعة الرسول ، ولا للنهي عن معصيته في الآيات الكثيرة ، منها قوله تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }.
ومخالفة للإجماع القطعي على وجوب اتباع السنة لما ورد في أبواب العلم وغيره ، فلو كان الكتاب كافيا لكان ما في الصحاح الست فضولا مستغنى عنه ،
ومخالفة للإجماع القطعي من الرجوع إلى السنة .
ومخالفة للعقل الحاكم بأنه لا يمكن استفادة تفاصيل الأحكام في العبادات والمعاملات والسياسات من شعار " عندنا كتاب الله حسبنا " .
ويدل على وضوح الأمر ما صرح به أحد من كبار أئمة العامة وهو الذهبي ، أن ( حسبنا كتاب الله ) هو ما تقوله الخوارج ( تذكرة الحفاظ ج 1 ، ص 3)
وقد غفل عما هو موجود في عدة أبواب من صحيح البخاري وفي غيره من الصحاح والمسانيد .

الثامن : أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مبعوث إلى كافة الناس ، وأمته باقية إلى يوم القيامة ، وقد أراد أن يكتب كتابا كي لا تضل الأمة بعده ، فبأي حق منعه من هذا العمل وأضاع حق الأمة بقوله " عندنا كتاب الله حسبنا " ؟ ! .

التاسع : روى مسلم عن عبد الرحمن بن أبزى أن رجلا أتى عمر فقال : إني أجنبت فلم أجد ماء . فقال عمر : لا تصل ، فقال عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء ، فأما أنت فلم تصل ، وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ، ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك ، فقال عمر : اتق الله يا عمار . قال : إن شئت لم أحدث به .
( صحيح مسلم ج 1 ص 193 ، مسند أحمد ج 4 ص 265 ، صحيح البخاري ج 1 ص 87 كتاب التيمم باب المتيمم هل ينفخ فيهما ، سنن ابن ماجة ج 1 ص 188 ، سنن أبي داود ج 1 ص 81 ، سنن النسائي ج 1 ص 166 و 170 ، السنن الكبرى للبيهقي ج 1 ص 209 ، عون المعبود ج 1 ص 355 ، مسند أبي داود الطيالسي ص 89 ، السنن الكبرى للنسائي ج 1 ص 134 و 135 ، مسند أبي يعلى ج 3 ص 183 ، صحيح ابن خزيمة ج 1 ص 135 ، صحيح ابن حبان ج 4 ص 131 و 133 ، تذكرة الحفاظ ج 3 ص 951 ومصادر أخرى للعامة) .

وغير خفي أن الصلاة عمود الدين ومفتاحه الطهور وقد قال الله : { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون } والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد بينه لهم !

وأنبأ الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أتى عمر بمبتلاة قد فجرت فأمر برجمها فمر بها علي بن أبي طالب ومعها الصبيان يتبعونها ، فقال ما هذه قالوا أمر بها عمر أن ترجم ، قال فردها وذهب معها إلى عمر وقال ألم تعلم أن القلم رفع عن المجنون حتى يعقل وعن المبتلى حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم .
( المستدرك على الصحيحين ج 4 ص 389 ، وفي التلخيص أيضا ، وج 1 ص 258 ، وفي التلخيص أيضا ، وج 2 ص 59 ، سنن أبي داود ج 2 ص 339 بأسانيد متعددة ، السنن الكبرى للبيهقي ج 4 ص 269 وج 8 ص 264 ، المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 80 ، مسند ابن الجعد ص 120 ، السنن الكبرى للنسائي ج 4 ص 323 ، مسند أبي يعلى ج 1 ص 440 ، صحيح ابن خزيمة ج 2 ص 102 ، وج 4 ص 248 ، صحيح ابن حبان ج 1 ص 356 ، وبتفاوت في صحيح البخاري ج 8 ص 21 باب رجم المحصن ومصادر أخرى كثيرة لأهل السنة . الخصال ص 93 و 175 ، مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 3 ومصادر أخرى للشيعة) .

وروى عن عبد الله بن الحسن ، قال دخل علي على عمر ، وإذا امرأة حبلى تقاد ترجم ، قال ما شأن هذه قالت : يذهبون بي ليرجموني ، فقال : يا أمير المؤمنين لأي شئ ترجم ، ان كان لك سلطان عليها ، فمالك سلطان على ما في بطنها . فقال عمر كل أحد أفقه مني ثلاث مرات.
( ذخائر العقبى ص 81 ، الرياض النضرة ج 3 ص 143 ، كفاية الطالب ص 227 باب 59 ).

وروى البيهقي في سننه عن الشعبي قال : خطب عمر بن الخطاب الناس ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال ألا لا تغلوا في صداق النساء ، فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شئ ساقه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أو سيق إليه إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال ، ثم نزل ، فعرضت له امرأة من قريش ، فقالت يا أمير المؤمنين : أكتاب الله أحق أن يتبع أو قولك ، قال : بل كتاب الله تعالى ، فما ذاك ؟ قالت : نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء ، والله تعالى يقول في كتابه { وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } فقال عمر كل أحد أفقه من عمر مرتين أو ثلاثا.
( السنن الكبرى للبيهقي ج 7 ص 233 ، كنز العمال ج 16 ص 537 ، كشف الخفاء ج 1 ص 269 وج 2 ص 118 ومصادر أخرى)

وروى في السنن الكبرى أن عمر أتى بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها فبلغ ذلك عليا ( رضي الله عنه ) فقال ليس عليها رجم ، فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه فسأله فقال { والوالدات يرضعن أولدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } وقال { وحمله وفصله ثلاثون شهرا } فستة أشهر حمله حولين تمام لا حد عليها أو قال لا رجم عليها قال فخلى عنها.
( السنن الكبرى للبيهقي ج 7 ص 442 ، المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 350 ، نظم درر السمطين ص 131 ، كنز العمال ج 5 ص 457 ، الدر المنثور ج 1 ص 288 وج 6 ص 40 ، تاريخ المدينة ج 3 ص 979 ومصادر أخرى لأهل السنة ).

ولا ريب أن الجرأة على الدماء من أشد ما يحتاط الفقيه فيه ، وهناك موارد أخرى ، لكن نقتصر على ما ذكرنا .
وهل يمكن بهذا المبلغ من العلم بالكتاب مقابلة من أنزل الله عليه الكتاب برد كتابه بأن يقال ( حسبنا كتاب الله ) .


العاشر : من تأمل في قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما " وفي قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده " يظهر له أن هذا الكتاب متمم لذلك الحديث ، لتصير الأمة مصونة عن الضلال كما قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " لن تضلوا " ، فلله در ابن عباس حيث قال : " إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين كتابه " .


المصدر: منهاج الصالحين - الشيخ وحيد الخراساني - ج 1 - ص 228 – 230

والحمد لله