المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأبعاد المستوحاة من ليلة عاشوراء:: ( البعد الديني ج 1 )


شمس لاتغيب
11-29-2011, 12:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
يارب الحسين اشف صدر الحسين بظهور الحجة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأبعاد المستوحاة من ليلة عاشوراء:: ( البعد الديني ج 1 )
إن لهذه الليلة العظيمة أبعاداً مختلفةً ، وجوانبَ متعددةً ، وعِبَراً نافعةً ، في ميادين العقيدة والشريعة الاسلامية يجدُرُ الوقوفُ عليها ، واستكناه ما في سويعاتها العصيبة التي نزلت بساحة أهل بيت الوحي والتنزيل (عليهم السلام) ، وما أعقبها من أحداث مُنيَ بها الاسلامُ والمسلمون بأفدح ما عرفهُ تاريخ البشرية أجمع ، وكيف لا وقد اتفقت الكلمةُ على إبادة أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة ومهبط التنزيل.
إن ليلة عاشوراءَ الاليمة من سنة ( 61 هـ ) وإن كانت في حساب الليالي ليلةً واحدةً ذات سُويعات محدودة ، إلا أنها في حساب التاريخ شكلت مُنعطفاً حاداً في تاريخ الاسلام ، لم تشهده ليلةٌ من لياليه مُنذ فجره وإلى يومنا هذا ، سوى ليال معدودة شاءَ اللهُ أن يجعلها شموساً في تاريخ الاسلام ، والتي منها ليلةُ مبيتِ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على فراش النبي (صلى الله عليه وآله) ، وليلةٌ سَمعت فيها فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ صوتَ بلال يُردد : أشهد أن محمداً رسول الله ، وأبوها العظيم (صلى الله عليه وآله)ملبٍّ نداء الله ( يَاأَيَّتُها النَّفسُ المُطمئنَّةُ ، ارجِعي إِلى رّبِكِ راضِيةً مَّرضِيَّةً ).
وليلةٌ سمعت فيها عقيلةُ الهاشميين ـ عليها السلام ـ إخاها الحسين (عليه السلام) ينشد ويردد : يا دهر اُف لك من خليل..

إنها ليلةُ عاشوراء التي أعاد صبحُهَا أحداثَ بدر الكُبرى ، مجسمةً حيّةً على رمال كربلاءَ ، حيثُ تصارعَ الكفرُ والايمانُ ، وانهزم فيها السيف الجبان ، وانتصر الحقُّ بحدِّ اللسان وَكانت كلمةُ الله هي العليا ، وكلمة الكُفر هي السُفلى.
صحيح أن أحداثَ ليلة عاشوراءَ قد غشيها الظلامُ ، إلا أن الحسين (عليه السلام) جعل من ذلك الليلِ المظُلم شُموساً وأقماراً تُضيءُ التِلال والاكام ، وتدلُ على الحق وتُعرّف أهله ، وتشخّصُ الباطلَ وتلعنُ اهلهَ في كل عصر وجيل.
وإذا ما نظرنا بعين الاعتبار في هذه الليلة العظيمة أدركنا أهمية هذه الليلة وضرورةَ الاطلاع عليها وعلى أبعادها العقائدية والاخلاقية والاجتماعية وغيرها ، ودراستها وفَهم ما أرادَه سيدُ الشهداء (عليه السلام) منها.
ولا ندعي استيعابَ جميع ما فيها من أبعاد ، فهي أوسع من أن تُحصر أو تُعد لانها الحد الفاصلُ بين محض الايمان ولبابه ، وبين مَكر الشيطان وأوليائه ، إلا أن ما لم يُدرك كُلّه لا يُترك جلّه ، وفي إدراك اليسير النافع من أبعاد هذه الليلة ومحاولة الاستفادة منها وتجسيدها على أرض الواقع هو ما نرجوه ومن الله التوفيق والعون.أ ـ البعد الديني في موقف الحسين (عليه السلام)
إن ليلة عاشوراءَ وما ترتب عليها من آثار ومواقف جاءت نتيجة لموقف الحسين (عليه السلام) الشرعي ، وانطلاقاً من مبدئه السامي القائم على طلب الاصلاح في أُمة جده (صلى الله عليه وآله)كما أوضح هذا قبل خروجه قائلاً :
وأني لم أخرُج أَشِراً ولا بَطِراً ولا مُفسِداً ولا ظالِماً ، وإِنما خَرجتُ لطِلبِ الاصلاح في اُمّة جَدّي (صلى الله عليه وآله) ، اُريدُ أَن آمرَ بالمعروف وأَنهى عن المُنكر ، وأَسيرَ بسيرةِ جَدّي وَأبي علي بن أبي طالب ، فمن قَبلني بقَبول الحق فاللهُ أولى بالحق َ ومَنْ رَدَّ عليَّ هذا أصبرُ حتى يقضي اللهُ بيني وبين القوم وهو خيرُ الحاكمين.
وقد أكد على ذلك أيضاً في خطبته التي خطبها في ذي حُسْم قائلاً :
إنَّهُ قد نَزل بنا مِن الامر ما قد تَرون ، وإِنَّ الدُّنيا قَدْ تَغيَّرت وتَنكّرَت وأَدبر معرُوفُها ، واستمرَّت جِدّاً ، فلم يَبقَ مِنْها إلا صُبابَةٌ كصُبابةِ الاناءِ ، وخَسيسُ عَيش كالمرعى الوبيلِ ، أَلا تَرَونَ أن الحَقَّ لا يُعملُ بهِ ، وأن الباطل لا يُتناهى عنهُ ، ليرغَبِ المؤْمنُ في لقاءِ اللهِ مُحقّاً ، فإنّي لا أَرى المَوتَ إلاسعادةً ، ولا الحياةَ مع الظالِمين إلا بَرماً.
فقد أوضح (عليه السلام) في خُطبته أن الدنيا تغيرت عما هو المرجو من جريانها ، وأنكرت وأدبر معروفها ، بحيث صار المُنكر مَعروفاً والمعروف مُنكراً ، ولا بدَ من إصلاح ما فسد وتقويم ما اعوج ، وإن أدى ذلك إلى الشهادة ، وهو ما عَبّر عنه بقوله (عليه السلام) : ليرغب المؤمنُ في لقاءِ الله مُحقاً.
ومما أشار إليه (عليه السلام) في خطبته هو أنه يرى الحياةَ مع الظالمين برماً ، ولِذا وَقف موقفاً صارماً وحازماً من بيعة يزيد بن معاوية.
وحيث أن الامام الحسين (عليه السلام) إمامٌ معصومٌ مفترضُ الطاعة فيجب على الامة الانقياد إليه والائتمار بأمره ، فما رآه (عليه السلام) ودعا إليه فهو الحق وما رفضه ونهى عنه فهو الباطل ، فلما رأى (عليه السلام) بأن وظيفته وتكليفه يحتمان عليه السير في إصلاح ما فسد في الامة ، ليحق الحق ويبطل الباطل سار على ذلك وإن انتهى به الامر إلى الشهادة ، وله بهذا أسوةٌ بالانبياء (عليهم السلام) الذين واجهوا الصعاب في سبيل الله تعالى ، حتى أُوذوا وشُرِّدوا ونُفوا عن أوطانهم ، ومنهُم من تَعرَّض للقتل ونُشر بالمنشار ، ومنهم من قُطع رأسُه في سبيله تعالى كيحيى بن زكريا (عليه السلام) وأُهدي رأسُه إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.
واختار يحيى أن يُطاف برأسه * وله التأسي بالحسين يكونُ

ومنهم من أرادوا إحراقه بالنار لولا أن نجاه اللهُ كإبراهيم الخليل (عليه السلام) الذيِ سار على ضَوءِ ما يُمليِه عليه الواجب الديني ، فَكسّرَ أصنام المشركين فكانت النتيجة تعرضه للقتل ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وانصُرُوا آلهَتكُم )وغيرهما من الانبياء (عليهم السلام) وَلم يَمنعهم كلُ ذلك من السعي قُدماً تجاه وظائفهم الشرعية من أجل إصلاح الامة ، ودعوتهم إلى الله تعالى وإن أدى ذلك إلى الشهادة.
فكذلك الحسين (عليه السلام) الذي لا يثنيه عن عزيمته ّمرٌ ولا يلويه أحدٌ عن موقفه الديني ، سار حسبما أملاه عليه الواجب الشرعي والديني وإن تعرض هو مع أهل بيته للتشريد والقتل والابادة ما دام ذلك بنظر الله وأمره تعالى.

وللحديث بقية ....

رمــــز الــــمـــــحــبــه
11-29-2011, 01:02 AM
جزيتي خير الجزاء
ماجورين ومثابين

شمس لاتغيب
11-29-2011, 06:29 PM
كم اسعدني تواجدك العطر في متصفحي
دمتي بود