المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسين مني وانا من حسين للسيد الحسني


السيف الالكتروني
08-28-2008, 07:52 PM
حسين مني وأنا من حسين
بعد تسلط الطواغيت والظلمة على رقاب المسلمين وتصديهم وتقمصهم المناصب الإلهية ظلماً وجوراً, وبعد تزلف أئمة الضلالة , وعاظ الشياطين والسلاطين لأولئك الطغاة وتزييفهم للحقائق وخداع الناس وإيقاعهم في الشبهات وإضلالهم وعملهم على إبعاد الإسلام والدين وحرفه عن مساره الصحيح الإلهي الرسالي كما فعل رؤساء وعلماء اليهود عندما حرفوا الدين والإسلام الذي أتى به موسى (عليه السلام) وبعد تعطل أو ضمور فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..... وبعد ...... وبعد ...... وبعد انحراف دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) , لم يكن أمام الإمام الحسين (عليه السلام) إلا التصدي بنفسه وأهل بيته وأصحابه والتضحية بالأهل والمال والنفس من اجل إحياء دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتصحيح مساره والحفاظ على استقامته ولهذا سمعناه (عليه السلام) يرفع شعار (ان كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني) ونسمعه (عليه السلام) يقول : (..... ان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت هذاء , ولم يبقَ منها إلا صبابة كصبابة الإناء , وخسيس عيش كالمرعى الوبيل , إلا ترون إلى الحق لا يعمل به , والى الباطل لا يتناهى عنه , فليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً , فإني لا أرى الموت إلا سعادة , والحياة مع الظالمين إلا برما .....)
ولهذا الموقف وغيره يحصل عندنا الاطمئنان بل اليقين ان ما صدر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قول (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا) يريد (صلى الله عليه وآله وسلم) الإشارة والتأكيد على ان الثورة الحسينية هي المصححة للمسيرة المهدوية من الانحراف بل هي الحياة للرسالة المحمدية المقدسة بعد ان حاول أئمة الضلال والمنافقون إماتتها ودفنها .... وإذا أضفنا لذلك قول الإمام الحسين (عليه السلام) : (إني لم اخرج أشراً , ولا بطراً , ولا مفسداً , ولا ظالماً , وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمتي جدي (صلى الله عليه وآله وسلم) أريد ان آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر , وأسير بسيرة جدي وأبي علي ابن أبي طالب ....)
نجد ان شخص الحسين وثورته ونهضته وتضحيته تمثل المثل الأعلى والقدوة الحسنى والتطبيق الصادق الواقعي للقوانين الإلهية الروحية والاجتماعية , حيث جسد (عليه السلام) بفعله وقوله وتضحيته , توثيق العلاقة بين العبد وربه وتعميقها والحفاظ على استقامتها وكذلك جسد (عليه السلام) العلاقة الإسلامية الرسالية بين الإنسان وأخيه الإنسان حيث الاهتمام لأمور الأخوان وهمومهم ورفع الظيم عنهم ومساعدتهم وتوفير الأمان والتضحية من اجل ذلك حتى لو كلفه حياته (عليه السلام) وهكذا انتهج أهل بيته وأصحابه المنهاج المقدس الذي خطه الإمام الحسين (عليه السلام) فأصبح ثورة الحسين ونهضته وتضحيته هي الهدف والغاية التي ملكت القلوب وصهرت أمامها النفوس فانقادت لها بشوق ولهفة حاملة الأرواح على الأكف راغبة في رضا الله تعالى لنصرة أولياءه وتحقيق الأهداف الإلهية الرسالية الخالدة , وبعد معرفة هذا يحصل عندنا الاطمئنان بل اليقين ان إحياء ثورة الإمام وامتدادها عبر التاريخ حتى قبل وقوعها وقبل ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) على أيدي الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) وعلى يد خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيه (عليه السلام) وامتدادها عبر العوالم في السماوات والأرضين كما عرفنا سابقاً كل ذلك لم يكن إلا من اجل تحقيق الأهداف الإلهية التي خلق الإنسان من اجلها وصدرت الأحكام الشرعية من اجل تحقيقها وتلك الأهداف وتحقيقها جعلها الله تعالى مرتبطة ومتلازمة مع ثورة ونهضة الإمام الحسين (عليه السلام) .


ملة إبراهيم حنيفاً مسلماً
ولتعمق الفكرة السابقة وترسيخها بتفسير قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : (حسين مني وأنا من حسين) فإننا نذكر في المقام عدة نقاط :
1- في الوقت الذي بعث نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت ديانة أهل الكتاب من اليهود والنصارى هي السائدة في مجتمع مكة بل في أنحاء المعمورة .
2- في ذلك الوقت من البعثة الشريفة المقدسة كان التوحيد والحنيفية الإبراهيمية حالة شاذة ونادرة , فالإبراهيمي عادة ينعزل عن المجتمع المكي للابتعاد عن أهل الشرك وأوثانهم حتى يتفرغ لعبادة الله الواحد الأحد الصمد وكثيراً ما يذهب الموحد الإبراهيمي إلى الجبال للتفرغ للعبادة .
3- ان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) صرح بأنه على ملة إبراهيم (عليه السلام) ولم يدعِّ انه على ملة عيسى أو موسى المتمثلة باليهود والنصارى في ذلك الوقت ,
ومما يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى : (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) البقرة / 130 .
وفي قوله تعالى : (قالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا , قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين) البقرة / 135 .
4- إضافة لذلك يقال ان الله تعالى نهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أتباع ملة اليهود والنصارى فإن في أتباعهم يمثل اتباع الهوى وفيه الضلالة والخسران ويشير لهذا المعنى قوله تعلى : (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم , قل ان هدى الله هو الهدى , ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير) البقرة / 120 .
5- الظاهر ان السبب في ذلك ان اليهود والنصارى قد حرفوا ما انزل على أنبيائهم موسى وعيسى (عليهما السلام) وغيرهما , ولان الشياع انعقد على كون اليهود والنصارى يمثل كلاً منهما دين موسى وعيسى (عليهما السلام) فالانتساب إلى ملة موسى وعيسى (عليهما السلام) سيفسر ظاهراً ويشاع بأنه اتباع لليهود والنصارى وانه إقرار وإمضاء لما يفعله ويقوله اليهود والنصارى , ولا يخفى على الجميع كيف استغل اليهود توجه المسلمين في بداية البعثة النبوية إلى بيت المقدس في الصلاة حيث أشاعوا بتبعية دين الإسلام لهم وإنهم الأحق بالاتباع والمرجعية الدينية والإلهية , حتى تأذى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من افتراءاتهم , وترتب على هذا تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام , ومثل هذا حصل عندما توجه المسلمون إلى بيت المقدس في الصلاة , فتصور ماذا سيحصل لو ادعى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه على ملة موسى أو عيسى (عليهما السلام) وكيف سيفسر هذا القول .... ويشير إلى تلك المعاني :
أ- قوله تعالى : (ان تقولون ان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى , قل أأنتم اعلم أم الله , ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله , وما الله بغافل عما تعملون)البقرة / 140 .
ب- قوله تعالى : (سيقول السفهاء من الناس ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) .


الاستمرار والتجديد
جرت السيرة الإلهية المقدسة في دعوتها الصادقة الرسالية الإسلامية على إعطاء صفة الاستمرارية والديمومة والتجديد على طول التاريخ وهذا الأجراء لابد منه مادام إبليس والهوى والنفس وشياطين الجن والأنس كلهم أعداء الحق ومسيرته, ولهذا تتالى بعث الأنبياء والمرسلين (عليهم الصلاة والسلام) وتلازم مع ذلك مساندة ومؤازرة الأنبياء والصالحين (عليهم السلام) , وعلى هذه السيرة كانت الثورة الحسينية حياة وروحاً وامتداداً وصيانة للنهضة والرسالة المحمدية (صلوات الله على صاحبها النبي وعلى آله) , وعلى هذا الأساس احتاجت النهضة الحسينية التي جعلها الشارع المقدس المحور والقطب إلى الاستمرار والديمومة والتجديد على طول التاريخ حتى تحقق الأهداف الإلهية التي من اجلها اتقدت وانطلقت الثورة المقدسة , فذكر الإمام الحسين (عليه السلام) والتأسي به ومذاكرة واقعة الطف وعقد المجالس والبكي والتباكي بها والحث على ذلك من قبل الأنبياء (عليهم السلام) وخاتم النبيين (صلوات الله عليه وعلى آله) وسيد الوصيين (عليه السلام) وأبنائه المعصومين (عليهم السلام) , كل ذلك يصب في إعطاء الروح والحياة والاستمرارية والديمومة والثبوت لثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ولكن مع هذا يبقى السؤال , ان ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) والتأكيد عليها والحث على استمراريتها والحفاظ عليها عبر التاريخ الأرضي والسمائي ما هي غايتها وهدفها النهائي الأقصى , وكيف سيتحقق الهدف المقدس وعلى يد من ؟ !!
وتفصيل الإجابة نذكره لا حقاً خاصة في الفصل الثالث وما بعده ان شاء الله تعالى .