المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عظمة الزهراء عليها السلام ووضاعة أبو بكر لعنه الله


أبو حيدر
04-11-2012, 01:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

http://www.alsada.org/up/do.php?imgf=2014_1410718633613.jpg (http://www.alsada.org/up/)

عظمة الزهراء عليها السلام ووضاعة أبو بكر لعنه الله

نتقدم إلى ساحة القداسة إلى مولانا وسيدنا صاحب العصر والزمان (صلوات الله وسلامه عليه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف) بأصدق التبريكات والتهاني وإليكم أيها المؤمنون الكرام بهذه المناسبة العطرة، مناسبة ميلاد قطب الأكوان ونور الأنوار أم الأئمة الأطهار فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها).

الحوراء الإنسيه
"روى العلامة المجلسي في البحار [بدون مقدمات، أدخل في صلب الموضوع] والإربلي في كشف الغمة عن الحسين بن أحمد ابن خالويه في كتاب الآل قال: حدثني أبو عبدالله الحمبلي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن قضاعة قال: حدثنا أبو معاذ عبدان بن محمد قال: حدثني مولاي أبو محمد الحسن بن علي [العسكري] {أنتم فقط دققوا في هذا السند العالي جداً والقوي جداً الذي إذا قُرء على مجنون لأفاق بشهادة المؤالف والمخالف} عن أبيه علي بن محمد [الهادي] عن أبيه محمد بن علي [الجواد] عن أبيه علي بن موسى [الرضا] عن أبيه موسى بن جعفر [الكاظم] عن أبيه جعفر بن محمد [الصادق] عن أبيه محمد بن علي [الباقر] عن أبيه علي بن الحسين [زين العابدين] عن أبيه الحسين بن علي [سيد الشهداء] عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
"لما خلق الله آدم وحواء، تبخترا في الجنة، فقال آدم لحواء: ما خلق الله خلقاً هو أحسن منا, كانا يظنان أن الله عزّ وجل لم يخلق أحسن منهما وإذا بالله عزّ وجل فوراً يتدخل ليصحح هذه المعلومة] فأوحى الله إلى جبرائيل (عليه السلام): أأت بعبدي الفردوس الأعلى، يعني آدم عليه السلام وحوّاء كانا في الجنة..أما بعدما أمر الله (عزّ وجل) جبرائيل لكي يذهب إليهما ويصحح هذه المعلومة، جاء بهما إلى الفردوس الأعلى..يعني إلى مقامٍ عظيمٍ في الجنة..ما كان آدم ولا حواء قد رأياه من قبل، فلمّا دخلا الفردوس نظر إلى جارية على درنوكٍ من درانيك الجنة، وعلى رأسها تاج من نور، وفي أذنيها قرطان من نور، قد أشرقت الجنان من نور وجهها. من هي هذه التي أشرقت الجنان من نور وجهها؟ فقال آدم: حبيبي جبرائيل من هي هذه الجارية التي أشرقت الجنان من حسن وجهها؟ قال: هذه فاطمة بنت محمد، عجباً فاطمة التي هي من صلب آدم تكون خلقتها متقدمة على آدم..الله أكبر..عجيب؛ نبي من ولدك يستمر جبرائيل في تعليم آدم عن هذا الكائن الذي رآه في الجنة؛ يكون في آخر الزمان، قال: فما هذا التاج الذي على رأسها؟ قال: بعلها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: فما القرطان اللذان في أذنيها؟ قال: ولداها الحسن والحسين، ويبقى السؤال..كيف أنهم من ذريته وقد خلقوا قبله؟] فقال آدم: حبيبي جبرائيل أخلقوا قبلي؟ قال: هم موجودون في غامض علم الله قبل أن تُخلق [يعني قبل أن تُخلق أنت يا آدم] بأربعة آلاف سنة".

إنما الزهراء نور تجسد في صورة إنسية، وكانت هذه الصورة الإنسية من ذرية آدم وظهرت في عالمنا هذا، وإلا فهي موجودة في الفردوس الأعلى، في أعلى قمم الجنة، قبل أن يُخلق آدم، قبل أن تُخلق الخلائق بأربعة آلاف سنة من تعداد السنوات التي عند الله. هذا مقامها، والرواية من أعلى وأقوى الأسانيد مروية عن كل إمامٍ إمامٍ من الأئمة الطاهرين، إمامٌ معصومٌ منه عن أبيه عن أبيه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله).

أيهما أفضل من الآخر علي أم الزهراء (سلام الله عليهما)
حتى نعرف شيئاً من مقام الزهراء، كلنا نعلم أننا لا يمكن لنا أن نحيط بهذا المقام، أن نحيط به من كل جوانبه. هذا أمرٌ محال, الداني لا يحيط بمن هو أعلى منه، وهي أعلى منا بحيث أنّ أنبياء الله كانوا يتحيرون في الإحاطة بكنهها (صلوات الله عليها)، أما كل الذي نستطيع أن نرجع إلى ما لدينا من روايات، ونحاول أن نستشف منها صورةً من صور أو جانباً من جوانب عظمة الزهراء البتول (صلوات الله وسلامه عليها) - دققوا إخواني في هذا التقريب- نحن إذا سُئِلنا: ما هي عقيدتكم في أفضل الخلق بعد رسول الله على الإطلاق؟ فوراً نهتف باسم علي (صلوات الله عليه)..أنه هو أفضل الخلائق، أفضل حتى من الملائكة، من الأنبياء، من المرسلين، من الكل أفضل ومقامه أعلى ما خلا رسول الله (صلى الله عليه وآله). صحيح؟! وهنا قد يتصور البعض أنّ علياً أفضل من الزهراء, أنا أسئلكم: تؤمنون بأن علي بن أبي طالب أفضل من الزهراء؟! إن قلتم نعم، حرتم. وإن قلتم لا، أيضاً حرتم.

علي (عليه السلام) وُصف في القرآن الحكيم بأنه نفس رسول الله، يعني له مرتبةٌ توازي مرتبة رسول الله، وبلا شك أن رسول الله أفضل الخلق، فإذن الزهراء بالنسبة إليه مفضولة، وهو أفضل منها، عليٌ الذي حينما يُسأل أنت أم آدم؟! يقول أنا؛ أنت أفضل أم آدم؟! يقول أنا؛ أنت أفضل من نوح؟! أنت أفضل من إبراهيم؟! يقول أنا؛ أنت أفضل من موسى؟! يقول أنا, أنت أفضل من عيسى؟! يقول أنا, مجرد أنه حينما يُسأل: أنت أفضل أم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ يقول إنما أنا عبدٌ من عبيد محمد.

عليٌ هذا الذي مقامه يستعصي على الفهم، لا يمكن لأحد أن يفهم مقامه, المخالفون – لا نحن فقط – يروون في مصادرهم هذه الرواية كمثال رواها القندوزي الحنفي في ينابيع المودة عن أحمد بن حنبل في المسند، وكذلك رواها ابن المغازلي الشافعي في المناقب، والخورازمي في المناقب، والطبراني في المعجم وغيرهم من أعلام المخالفين، يقولون:
”قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليٍ (عليه السلام): يا علي، والذي نفسي بيده لولا أن تقول طوائف من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالةً لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت قدميك للبركة“.
هذا مقام عليٍ (صلوات الله عليه) الذي لا يستوعبه البشر، نُفاجأ بأن علياً حينما يتعامل مع الزهراء. كيف يتعامل؟! أيتعامل مع الزهراء على أساس أنه أفضل منها؟! على أساس أنه سيدها؟! أم العكس؟! كيف يتعامل؟! إذا وجدنا نصاً واضحاً عليٌ (عليه السلام) يقول أن الزهراء أفضل مني، أنها سيدتي مثلما قال بالنسبة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). ماذا نفعل؟! اعطيكم لمحتين فقط من أسلوب عليٍ (عليه السلام) مع الزهراء حتى تعرفون مدى الحيرة التي وقعنا فيها جميعاً تجاه هذا السؤال: أيهما أفضل وأعلى مقاماً عند الله علي أم فاطمة (صلوات الله عليهما)؟! حتى علمائنا المتقدمون منهم، المتأخرون منهم، وما بينهما كلهم يقولون ليس عندنا إجابة بضرس قاطع تجاه هذه المسألة. لا نعلم، من جهةٍ عليٌ النصوص تأيد أنه الأفضل من بعد رسول الله، من جهة أخرى هذا الأفضل بعد رسول الله هو ذاته حينما يتعامل مع الزهراء يتعامل معها تعامل الخادم. إلى هذه الدرجة. ماذا فعل؟! لاحظوا هذه الرواية.

روى العلامة المجلسي في البحار عن عيون المعجزات للشيخ الحسين بن عبد الوهاب أنه: ”روي عن حارثة بن قدامة قال: حدثني سلمان (رضوان الله تعالى عليه) قال: حدثني عمار [عمار بن ياسر] وقال: أخبرك عجبا؟ [عمار شاهد موقفاً عجيباً. قال لسلمان أخبرك عجبا؟] قلت: حدثني يا عمار. قال: نعم، شهدت علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد ولج على فاطمة (عليه السلام) [يعني دخل على فاطمة، رأيت أنا منظره أنه دخل على زوجته فاطمة فإذا به] فلمّا أبصرت به [أبصرت الزهراء بعلي أمير المؤمنين قادم] نادت: ادنو مني لأحدثك بما كان وما هو كائن وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة. الله أكبر، علي يتتلمذ عند يد الزهراء؟! عجيب تقول له ادنو مني، اجلس، حتى أحدثك، أعلمك، بما هو كائن وما لا يكون إلى يوم القيامة حتى تقوم الساعة] قال عمار: فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) يرجع القهقهرى [هل تعلمون معنى رجوعه القهقهرى؟! رجوع القهقهرى أنه يتراجع إلى الخلف لكنه يستمر في إعطاء وجهه ومقاديم بدنه للزهراء (عليها السلام)، يعني لا يستدبر الزهراء، يعني يرجع هكذا، بهذه الطريقة التي هي طريقة التعامل مع السادة والملوك، العبيد والخدم حينما كانوا يتعاملون مع سادتهم هكذا يتعاملون، لا ينصرف عنه ويعطيه ظهره، أبداً، يتراجع وهو يعطيه وجهه، عليٌ أمير المؤمنين، حجة الله على الخلق أجمعين هكذا كان يتراجع أمام الزهراء، معظماً إياها، مجلّاً إياها] فرجعت برجوعه إذ دخل على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: ادنو يا أبا الحسن فدنا، فلمّا اطمئن به المجلس، قال له: تحدثني أم أحدثك؟ قال: الحديث منك أحسن يا رسول الله. فقال: كأني بك وقد دخلت على فاطمة وقالت لك كيت وكيت؛ يعني قالت لك هذه الحوادث، هذه الأخبار؛ فرجعت، فقال علي (عليه السلام): نور فاطمة من نورنا؟ يسأل رسول الله؛ فقال (صلى الله عليه وآله): أولا تعلم؟ فسجد عليٌ شكراً لله تعالى. قال عمار: فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) وخرجت بخروجه، فولج على فاطمة (عليها السلام) وولجت معه، دخلت معه على فاطمة، فقالت [قالت لعليٍ]: كأنك رجعت إلى أبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته بما قلته لك. قال: كان كذلك يا فاطمة، فقالت: اعلم يا أبا الحسن أن الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله (جلّ جلاله)، ثم أودعه شجرةً من شجر الجنة فأضائت، فلمّا دخل أبي الجنة، أوحى الله تعالى إليه إلهاماً أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك، ففعل فأودعني الله سبحانه صلب أبي (صلى الله عليه وآله) ثم أودعني خديجة بنت خويلد (عليها السلام) فوضعتني وأنا من ذلك النور أعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى“.

هكذا كان يتعامل عليٌ (عليه السلام) مع الزهراء وكأنها في مقامٍ الأستاذ والسيد، وهو في مقام الخادم لها، إلى هذه الدرجة، يرجع القهقهرى، ويتعلّم منها ما كان وما يكون وما هو كائن.

وعندنا نصٌ آخر أوقع وأشد وأعظم، في هذا النص يصرح عليٌ (عليه السلام) بما يبهر الألباب والعقول، يبهر حتى عقول الكُمّل كأنبياء الله تبارك وتعالى، يصرح بأن الزهراء سيدته، لا يخاطبها هكذا، يقول يا سيدتي، إلى هذه الدرجة، لاحظوا هذه الرواية،
”روى الشيخ الطوسي في مصباح الأنوار عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: لمّا حضرت فاطمة الوفاة [جاء استشهادها (صلوات الله عليها) بعد تلك الآلام والمحن؛ بكت؛ بكت الزهراء. لماذا؟ على مصيبتها؟! على حالها؟! أبداً]، فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): يا سيدتي ما يبكيك؟ هذا شاهدنا، يخاطب عليٌ هذا الذي إذا مر بملأ من المسلمين كما قال رسول الله يأخذون التراب من تحت قدميه للبركة، إلى هذه الدرجة، يخاطب الزهراء ويقول يا سيدتي، يعني أنتِ أفضل مني، أنت سيدتي، أنا خادم لكِ، إلى هذه الدرجة، فمن الذي يستطيع أن يقول بضرس قاطع أن علياً أفضل من فاطمة (صلوات الله عليهما)؟!قالت: أبكي لما تلقى بعدي؛ كانت لا تبكي على حالها، على حال عليٍ (صلوات الله عليه) والمحن سيتعرض لها بعدها؛ فقال لها: لا تبكين، فوالله إن ذلك لصغيرٌ عندي في ذات الله؛ يكمل الإمام (عليه السلام) يقول، وأوصته أن لا يؤذن بها الشيخين ففعل، يعني لا يعلم الشيخين بأمرها حتى يصليا عليها، الشيخين يعني أبو بكر وعمر (عليهما لعنة الله)، فلذلك ما كانت تأذن (صلوات الله عليها) بأن يأتيان ليصليا عليها. إذن هذا هو مقام الزهراء، بل هذه لمحةٌ خاطفة وقطرةٌ واحدةٌ من بحر عظمة الزهراء (صلوات الله عليها)، لا يمكن لنا أن نحيط بهذا المقام العظيم وكما قلت، إلى اليوم العلماء يحارون في تقديم أيهما أفضل من الآخر؟ أمير المؤمنين أم الزهراء (صلوات الله عليهما)؟

مقام أبي بكر (لعنه الله)
من محاسن الألفاظ أن هذا اليوم بالذات فيه مناسبةٌ سعيدةٌ ومبهجةٌ لقلوب المؤمنين أيضاً، هذه المناسبة هي هلاك أول ظالمٍ ظلم أهل البيت (عليهم السلام) وهو أبو بكر، هذا اليوم، يوم الثاني والعشرين من جمادى الآخرة هو يوم هلاكه (لعنة الله عليه)، فنحن قد تحدثنا عن مقام الزهراء بمناسبة ميلادها يوم أول من أمس، يوم العشرين من جمادى، فالآن لا بأس أيضاً، يعني حتى المخالفين مثلاً لا يزعلون منّا، أنه تحدثتم عن مقام سيدتكم الزهراء كذا وأجريتم احتفالاً في يوم هلاك خليفتنا، يعني يوم موته، يوم حزينٌ بالنسبة إلينا، فلا بأس أن تتحدثوا شيئاً من مقامه أيضاً، مقام أبي بكر، لنذهب إلى مقام أبي بكر.

مقام أبي بكر عند الله تعالى، كيف يكون؟! لا يمكن لنا طبعاً أن نأتي برواياتٍ من مصادرنا ونحتج بها ونقول هذا هو مقامه عند الله (عزّ وجل)، فإذن نتجه إلى كتب المخالفين المعتبرة لنحاول أن نتصور مقام أبي بكر, ما هو؟! لاحظوا إخواني هنالك عالمٌ كبيرٌ جداً من علماء المخالفين يعتمدون عليه اعتماداً كبيراً، هذا الرجل يُقال له الراغب الأصبهاني، يعني أصفهان، صاحب المفردات، ألف كتاباً في التفسير وبيان مفردات القرآن الكريم وهو كتابٌ معتبرٌ عندهم، والعالم أيضاً معتبرٌ عندهم يقول فيه الفخر الرازي: ”إنه من أئمة أهل السنّة والجماعة“، والألباني- هذا الهالك قبل سنوات – أيضاً يقول فيه أنه: ”الإمام“ يصفه بأنه ”الإمام الراغب الأصبهاني“. هذا الرجل الراغب الأصبهاني عنده كتاب وهو كتاب معتبرٌ أيضاً، اسم هذا الكتاب محاضرات الأدباء، يُباع، في مكتباتهم موجود، اذهبوا واشتروه – إن شاء الله – نسخةٌ منه وافتحوا على الجزء الأول الصفحة 326، يروي هذه الرواية، يقول:
”دخل قيس بن عاصم على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال؛ هذا قيس بن عاصم كان سيداً من سادات الجاهلية، وهذا الرجل لأنه كان في الجاهلية، على عادتهم، كان يأد البنات، يعني كان يقتلهن، يقتل بناته إذا وُلدت له بنت، يأدها، يقتلها، فحينما جاء ليسلم، جاء لرسول الله حتى يسلم على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويتشهد الشهادتين، سأل رسول الله أنه أنا كنت فعلت كذا وكذا على بناتي، فهل علي إثم؟ ماذا أفعل؟ علي مثلاً دية؟ علي مثلاً كفارة؟ علي شيء من هذا القبيل؟ فلاحظوا رسول الله كان جالس وقيس بن عاصم جاء له، أبو بكر هَم كان موجود: إنّي وأدت اثني عشر بنتاً، فما أصنع؟ فقال (صلى الله عليه وآله): أعتق عن كل مؤودةٍ نسمة؛ يعني كل واحدة أعتق واحداً من عبيدك، هنا أبو بكر تدخل كما يروي الراغب الأصبهاني؛ فقال له أبو بكر (رضي الله عنه) [طبعاً هو يقول]: فما الذي حملك على ذلك وأنت أكثر العرب مالاً؟ قال لقيس بن عاصم لماذا تفعل هكذا وأنت رجل عندك مال كثير، أنت غني وصاحب سيادة وصاحب مقام فما كان يعجزك أن تصرف على هذه البنات؟ فالتفت إليه الرجل، فماذا قال؟ قال: مخافة أن ينكحهن مثلك، أنت وأشكالك أخاف يتزوجون بناتي في المستقبل، انته الوضيع، انته الرذيل، هذه عبارة طبعاً فيها إهانة شديدة لأبي بكر، يقول له لماذا وأدت بناتك؟ لم قتلتهن؟ يقول حتى أنت وأشكالك ما أراه يوم من الأيام يتزوج بناتي.. أبو بكر صاحب المقام العظيم عند المخالفين، رسول الله كان جالس يرى هذه الإهانة من قيس بن عاصم لأبي بكر ابن أبي قحافة، المفروض الرسول يقف في وجهه يقول، لا هذا عيب، أو ما يجوز، هذا الصديق، هذا الخليفة، هذا العظيم، هذا كذا وكذا، صاحبي في الغار مثلاً، يعني يوقفه أمام حده، ينتصر لصاحبه إن كان له مقامٌ عنده أو على أقل التقادير يسكت، لا أنه يتبسم في وجه الرجل، وكأنه يقر بكلامه لاحظوا الرواية ماذا يقول؟! يقول: فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) [تبسم، يعني ارتاح لكلام قيس بن عاصم، بل وأضاف، وقال: هذا سيد أهل الوبر، يعني وصف قيس بن عاصم، منحه لقب السيادة، قال هذا سيد أهل الوبر] “.

إذن يتبين من خلال هذه الرواية التي يرويها المخالفون في مصادرهم أن أبا بكر ليس عنده مقامٌ عند الله (عزّ وجل) لأنه لو كان عنده مقامٌ عظيم عند الله، ولو مقام مؤمنٍ عادي لوقف رسول الله في وجه ذلك الرجل الذي أهانه، إلا أنه يتبسم في وجهه، وأكثر من هذا، يمتدحه أيضاً، يقول هذا سيد أهل الوبر، وينعم عليه بلقب السيادة.

الشيء الذي يكون أقوى من هذا هو الآتي، تصريح أبي بكر بنفسه عن نفسه، يعني مثلاً نحن جئنا بالنسبة إلى الزهراء (عليها السلام) نريد أن نعرف مقامها جئنا إلى تصريحاتها وأقوالها، هي صرحت، "قالت أنا نورٌ خلقني الله عزّ وجل قبل آدم" ووصفت نفسها بما هو حق، الآن نأتي نأخذ من فم أبي بكر ما هو مقامك؟! لاحظوا هذه الرواية، روى ابن الجوزي في التبصرة الجزء الثاني الصفحة 222 والمنّاوي في فيض القدير الجزء الرابع الصفحة 418: ”عن أبي بكر أنه قال: ليتني كنت شعرةً في صدر مؤمن“.

فإذن هو يصرح بل ينفي عن نفسه أنه مؤمن، لأنه لو كان مؤمناً فعلى الأقل هو يعني جسدٌ وشعر، ليس فقط شعر، لماذا تقول أنه شعرة في صدر مؤمن؟! يا ليت أنا أكون شعرة في صدر رجل مؤمن، إذن أبو بكر في ذاته لا يقر ولا يعتقد أنه مؤمن، لو كان مؤمناً لا يصدر منه هذا الكلام، لماذا تحتاج إلى أن يحولك الله إلى شعرة تكون في صدر مؤمن؟! أنت بحد ذاتك مؤمن وأفضل الخلق بعد الأنبياء على تعبير المخالفين.

وقال ابو بكر عند إحتضاره أيضاً لما رأى طيراً على شجرة: (( طوبى لك يا طير والله لوددت أني كنت مثلك ، تقع على الشجرة ، وتأكل من الثمر ، ثم تطير وليس عليك حساب ولا عذاب ، والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانب الطريق مر علي جمل ، فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ، ثم إزدردني ، ثم أخرجني بعراً ولم أكن بشراًً )). (إبن أبي شيبة - المصنف - كتاب الزهد).

الأسوء من هذا أن أبا بكر وأترككم مع الرواية وأختم، روى ابن سعد في الطبقات الجزء الثالث الصفحة 198 والبلاذري في أنساب الأشراف الجزء العاشر الصفحة 84: ”عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال في مرض موته: [حينما بدأ يموت، يهلك، مثل أيام التي مضت، قبل يومنا هذا، قال هذه العبارة] ودتت أني خضرةٌ تأكلني الدواب“ يعني ماذا؟ يعني يا ليت أكون هذه الخضرة التي تأكله البهائم – أجلّكم الله -، إذن الرجل يعبر عن نفسه هذا التعبير ويصرح عن نفسه هذا التصريح ويقول أنا هذا مقامي، مقامي أن أكون – أجلّكم الله – هذا الشيء الذي يُعطى للبهائم والحمير والبغال وما أشبه، متى قال ذلك؟! قال ذلك حينما بدأ يعاين الموت فرأى مقامه الواقعي لأن الإنسان حينما يعاين الموت تنكشف أمامه الحُجُب فيبدأ يرى موقعه أين يكون في عالم الآخرة، هل في الجنة أم في النار؟! فهذه نبذةٌ عن مقام أبي بكر بمناسبة يوم هلاكه.

وكنّا قد بيّنا مقام الزهراء (صلوات الله عليها) بمناسبة يوم ميلادها ويوم بزوغ فجرها ونورها (صلوات الله عليها) والعاقل يمايز بين الروايات والمقامين.

ومع السلامة.