المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام ودعوته إلى التنمية الاجتماعية


عباس محمد س
08-17-2015, 11:03 PM
الإسلام ودعوته إلى التنمية الاجتماعية
ونعني بالتنمية الاجتماعية هو تحرّك المجتمع المنظّم والواعي (على الصعيد المادي والمعنوي) نحو الأفضل إنسانياً .
فهناك التحرّك الإرادي الواعي لكل المجتمع .
وهناك التنظيم والتنسيق بين الأهداف المادية والمعنوية ولا يصار إلى هدف على حساب الآخر .
أمّا تنمية الإنتاج التي تنادي بها المؤسسات الحديثة كشعار لها فهو ممّا شجّع عليه الإسلام بدون اعتداء وعنف ، فقد قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(1) .
وممّا جاء في كتاب الإمام علي (عليه السلام) لمحمّد بن أبي بكر أنّه قال : "يا عباد الله إنّ المتّقين حازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم . . . سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت وأكلوها بأفضل ما أكلت وشاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيّبات ما يأكلون ، وشربوا من طيّبات ما يشربون . . ."(2) .
وقد جعل الإسلام العمل عبادة ، والعامل لقوتهِ أفضل من العابد ، وقد رفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يد عامل مكدود فقبّلها ، وقال : "طلب الحلال فريضة على كلّ مسلم ومسلمة"(3) .
____________
1- المائدة : 87 .
2- نهج البلاغة ، شرح صبحي الصالح : 383 ، وراجع الأمالي 1 : 25 .
3- أسد الغابة 2 : 269 ، بحار الأنوار 103 : 9 .
وقال تعالى : {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الاَْرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(1) .
وقد شرّع الإسلام تشريعات كثيرة تدفع إلى الإنتاج ، وعدم تعطيل الأرض والمصادر الطبيعية ، كما حرّم الكسب بلا عمل ، وحرّم الربا الذي هو أيضاً من مصاديق الكسب بلا عمل ، كما حرّم القمار والسحر ، ومنع من الاكتناز للنقود بوضعه ضريبة على المكتنز للنقود الذهبيّة والفضيّة ، كما حرّم اللهو والمجون الذي يمنع من العمل ، كما حرّم الاستجداء والإسراف والتبذير ، وأوجب تعلّم الصناعات والفنون بالواجب الكفائي "وكلّ هذا يمكن تفصيله في البحوث الفقهية" ، وجعل للدولة حق الإشراف على الإنتاج والتخطيط له ; ليكون الإنتاج منظّماً خالياً من الفوضى .
والمرأة بما أنّها إنسانة (أُمّاً أو أُختاً أو بنتاً أو زوجة) والإنسان هو محوَر التنمية ، إذاً ستكون المرأة هي ركن التنمية كالرجل ، لابدّ من الاستفادة منها في التنمية لخير المجموع بأفضل ما يمكن .
نعم ، هناك تقسيماً رحيماً بين وظائف الرجل ووظائف المرأة في التنمية .
فالزوجة لها دور في التنمية الاجتماعية والإنتاجية يختلف عن دور الزوج ، كما أنّ دور الولد يختلف عن دور الوالد ، وكلّ واحد يكمّل الآخر للوصول إلى الهدف .
فالزوجة والأُم : تعدّ وتهيّء البيئة العائليّة السليمة ، والعائلة الصالحة هي قوام المجتمع الصالح .
كما هي التي تقوم بتربية الجيل الصاعد القوي الفاعل ليتمكّن من العمليّة الاجتماعية والتنمية .
____________
1- الملك : 15 .
وبهذا نعرف أنّ أيّ ضربة للعائلة ستكون ضربة قويّة للمجتمع الصالح القوي الفاعل ، فيتحوّل إلى مجتمع لإصلاح فيه ولا قوّة ولا فاعليّة .
وللمرأة ـ بعد هذا الدور العظيم ـ أن تدخل مناحي الحياة العلمية والأدبية والسياسية والاقتصادية لتكون فاعلة في كلّ ما تكون قادرة عليه بحسب بنيتها وعاطفتها ، ومجال ذلك واسع جدّاً ، فهي شريكة الرجل في العملية الاجتماعية والإنسانية والإنتاجية ، وقد تقدّم كلّ ما يسمح للمرأة من التصدّي له من المناصب العالية حتى منصب رئاسة الدولة (بالمعنى المألوف في الدول الحالية) ، وتمكّنها من الترشيح والإنتخاب والمشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية باستثناء القضاء الذي منع منه الإسلام المرأة كما تقدّم ، وهو إعفاء عن مسؤوليّة عظمى ، وليس نقصاً في حقوقها ، ولها أيضاً المشاركة في كلّ من شؤون القضاء دون نفس الحكم القضائي ، وباستثناء الخلافة العامّة التي تستوجب قيادة الأُمّة .
وهذا كلّه تقدّم فلا نعيد .