المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من ذهب صبره ذهبت طاعته


عاشقة بيت النبوه
10-22-2008, 11:25 PM
من ذهب صبره ذهبت طاعته

الصبر في البلاء

في المنهج التربوي الإسلامي، يريد الله للإنسان المسلم أمام ما حمّله من مسؤوليات في الحياة، سواء في أوضاعه الخاصة أو العامة، أو في مواجهة التحديات الكبرى، أو في الدعوة التي يحملها من أجل أن يبلّغها للناس، أو في أوضاع الحرب والسلم، يريد له أن يتماسك ويثبت ويبقى قوياً في موقفه، بحيث لا يهتز ولا يتزلزل ولا يتراجع ولا يسقط أمام الآلام، والمشاكل، بل يبقى قويا ثابتاً في مواجهة كل ما يثقل جسده وموقفه وكل ما يتحدى موقعه. وهذا ما تحمله كلمة الصبر من معاني ودلالات؛ فعندما يُبتلى الإنسان في جسده، بما يتعرّض له من أمراض وآلام، أو فيما يواجهه من فقدان لحبيب هنا أو هناك، أو عندما يُصاب في مواقعه الاقتصادية، فيتعرّض للخسارة ولا يحصل على الربح، أو عندما يجوع ويعطش، فإن عليه أن يتماسك ويصبر.



الصوم تجسيدٌ للصّبر

وقد فُسّر قوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} [البقرة:45]، بأن الصبر هو الصوم، لأن الصوم في مضمونه الإرادي هو حركة صبر، إذ إنّ الإنسان عندما يصوم عن عاداته التي أخضع لها حياته كل يوم، أو عندما يجوع أو يعطش أو يشتهي الشهوة الحلال ويكون كل شيء بين يديه، ومع ذلك يمنع نفسه من كل هذه الأمور أثناء الصوم بحركة إرادية حرة، فإنه بذلك يجسِّد معنى الصبر.
وقد أكد الإسلام أهمية الصبر ونهى عن الجزع. والجزع هو أن يستعظم الإنسان البلاء ويُخيّل إليه أنه لا يُحتمل، بينما خلق الله الإنسان وأعدّه على أساس أن يتحمل الأثقال الكبيرة في حياته. والصبر يمثّل حال قوة، لأنه يساعد الإنسان على أن يضغط على شهواته ومشاعره وأحاسيسه ومشاكله وخسارته وآلامه، فالصبر ليس موقف ضعف، ولكنه موقف قوة، لأن الإنسان في صبره يصبح هو سيد نفسه وسيد مشاعره وأحاسيسه وآلامه، فلا تسقطه مشاعره وأحاسيسه الحزينة وآلامه القاسية، بل تقوّيه.
ونحن نقرأ قول علي(ع)، عندما كان يلي دفن رسول الله(ص): "لولا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع، لأنفدنا عليك ماء الشؤون". بعض الناس، ومنهم بعض العلماء، يقولون باستحباب الجزع على الحسين(ع)، وهم يبررون بذلك كل ما يفعله الناس من ضرب الرؤوس بالسيف، أو الظهور بالسلاسل، أو ما أشبه ذلك مما استحدثه الناس من أمور تدلّ على التخلّف. ونحن نحزن على الحسين(ع) حزناً عميقاً، ولكننا نتوازن في حزننا، ونتعلّم من الحسن والحسين(ع) كيف صبرا على اغتيال أبيهما، ونتعلّم من زينب(ع) كيف صبرت على استشهاد أخيها الحسين(ع).
وفي آيات الله الكريمة الكثير من الأحاديث التي تتحدث عن الصبر، فنحن نقرأ عن أصحاب الأنبياء(ع) الذين دخلوا في معارك ضد الكفر والشرك من أجل الرسالة، قوله تعالى: {وكأيّن من نبي قاتل معه ربيّون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحبّ الصابرين} [آل عمران:146].



جزاء الصبر

ويحدثنا الله تعالى عن الأوضاع الصعبة التي تمر على الإنسان، كالمجاعات، أو الخوف الذي يحدث في حالات الاهتزاز الأمني والخطر، وفي حالات الجدب الزراعي أيضاً، وما إلى ذلك، فيقول تعالى: {ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ـ فما هو ثواب الصابرين؟ ـ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة:155-157].
أما بالنسبة إلى الإنسان الذي يواجه المشاكل، سواء في حياته العائلية أو الزوجية أو العملية، فنقرأ قوله تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم ـ أي حاول أن تحل المشكلة على نحو تحوّل فيه عدوك إلى صديق، لا أن تحوّل أصدقاءك إلى أعداء، وهذه تحتاج إلى جهد وقوة إرادة ـ وما يلقّاها إلا الذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم} [فصّلت:34-35].
وورد عن الإمام عليّ(ع): "الصبر في الأمور بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد، وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور". وفي الصبر يقول الإمام الصادق(ع): "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، وكذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان"، لأنّ الإنسان إذا ذهب صبره ذهبت طاعته وحلّت مكانها المعصية.



الصبر رأس الإيمان

وورد عن الإمام الكاظم(ع) في وصيته لهشام بن الحكم: "يا هشام، اصبر على طاعة الله، واصبر على معاصي الله ـ أي إذا أجهدتك الطاعة فاصبر عليها ولا تتركها، وإلا فإنه ستحل مكانها المعصية ـ فإنما الدنيا ساعة ـ هو مقدار إحساس الإنسان بالدنيا ـ فما مضى منها فليس تجد له سروراً ولا حزناً، وما لم يأتِ منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت". ويقول الإمام عليّ(ع): "الصبر أن يحتمل الرجل ما ينوبه ويكظم ما يغضبه"، وورد عنه(ع): "الصبر صبران؛ صبر عند المصيبة حسنٌ جميل، وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرّم الله عزّ وجلّ عليك، والذكر ذكران؛ ذكر الله عزّ وجلّ عند المصيبة، وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرّم الله عليك فيكون حاجزاً".


التواصي بالصبر

ويقول أحد أصحاب الإمام الصادق(ع) وهو أبو بصير: "سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: "إن الحر حرّ على جميع أحواله، إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكّت عليه المصائب لم تكسره، وإن أُسِر وقُهر واستبدل باليسر عسراً، كما كان يوسف الصدّيق الأمين (صلوات الله عليه)، لم يضرر حريته أن استُعبد وقُهر وأُسر، ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله أن منّ الله عليه، فجعل الجبار العاتي له عبداً بعد إذ كان له مالكاً، فأرسله ورحم به أمةً، وكذلك الصبر يعقب خيراً، فاصبروا، ووطّنوا أنفسكم على الصبر تؤجروا".
وقال الإمام الباقر(ع): "لما حضرت أبي علي بن الحسن الوفاة، ضمّني إلى صدره وقال: يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي الحسين(ع) حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به: يا بني، اصبر على الحق وإن كان مراً".
وقد أكد الله تعالى في كتابه الكريم أن نتواصى بالصبر أمام التحديات الكبرى، ولأننا نعيش في مرحلة من المراحل الصعبة القاسية التي يفرضها الكافرون والمشركون والمستكبرون والتكفيريون، والتي لم يمرّ على المسلمين أصعب منها من خلال التحديات التي يريدون لنا أن نسقط أمامها ونهتز لنتراجع عن حقنا وقضايانا، فإنّ علينا أن نصبر ونصبر ونصبر، وقد جاء في قوله تعالى: {إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر:10].

خادمة فاطمة الزهراء
10-22-2008, 11:46 PM
يسعدني ان اكون اول المتواجدين

مشكوره اختي على الطرح
جعله الله في ميزان حسناتك
دمتي مبدعه دوما

عاشقة بيت النبوه
10-22-2008, 11:52 PM
تشرفت بقدومك

وزدت شرفا

بردك الرائع

ضياء الحسين
10-23-2008, 12:43 AM
يسلمو على الطرح الرائع

موفقه

كياني حسيني
10-23-2008, 07:08 AM
يسلمووووووووو عالطرح الجميل
لاعدمنااااك

ولــــد ناس
10-24-2008, 09:16 AM
امسكت بقلمي لعلي اسطر كلمات ما يدور بخلجات نفسي،
وفيض مشاعري اسطر تلك الحروف بماء الذهب لتبقى
خالده على مر التاريخ في ازهى الحلل ،
واعبر عن شكري واعتزازي وفخري بكم وبهذه الكلمات الجميله
والذى يدل على روعه كاتبه الموضوع ، حقيقه احييكم على هذا الاسلوب
ومن صميم قلبي اشكركم ، ولا حرمنا الله منكم ولا من مواضيعكم الراقيه

أبو رباب
10-24-2008, 03:09 PM
تسلم يمينك اختي الكريمه وبارك الله فيك
تقبلي مروري

عاشقة بيت النبوه
10-24-2008, 03:17 PM
يسلموو على المرور المعطر