محبة ابي الفضل العباس
11-14-2008, 05:00 PM
بداية وتوطئة : سنبدأ حديثنا في هذا الفصل عن تاريخ ميلاد الزهراء ( ع ) لأن البعض يحاول أن يتحاشى ، بل يأبى الالزام أو الالتزام بما ورد عن النبي الكريم ( ص ) ، وعن الأئمة الطاهرين عليهم السلام ، من أنها ( ع ) قد ولدت من ثمر الجنة بعد الإسراء والمعراج ، أو يحاول تحاشي الالتزام بأنها عليها السلام قد تزوجت من علي ( ع ) في سن مبكر ، لأنه يشعر بدرجة من الإحراج على مستوى الإقناع ، يؤثر أن لا يعرض نفسه له . .
وقد لا يكون هذا ولا ذاك ، بل ربما أمر آخر ، هو الذي يدعوه إلى اتخاذ هذا الموقف والله هو العالم بحقائق الأمور ، والمطلع على ما في الصدور .
ثم نتحدث بعد ذلك ، عن أمور لها ارتباط قريب بشأن عصمة الأنبياء ، والأوصياء ، والأولياء عليهم السلام لا سيما عصمة الصديقة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليها .
وسيكون حديثنا هذا عن العصمة مدخلا مقبولا وتمهيدا لعرض بعض الحديث عن منازل الكرامة ، ودرجات القرب والزلفى لسيدة نساء العالمين عليها الصلاة والسلام ، في ظل الرعاية الربانية ، والتربية الإلهية ، دون أن نهمل الإشارة إلى موضوع ارتباطها بالغيب ، الذي تمثل بما حباها الله سبحانه وتعالى به من صفات وخصوصيات
وكرامات ميزتها عن سائر نساء العالمين . فكانت المرأة التي تحتفل السماء قبل الأرض بزواجها من علي عليه الصلاة والسلام ، وكانت أيضا المرأة الطاهرة المطهرة عن كل رجس ودنس ونقص ، حتى لقد نزهها الله عما يعتري النساء عادة من حالات خاصة بهن دون أن يكون لذلك أي تأثير سلبي على شخصيتها فيما يرتبط بشأن الحمل ، والولادة .
ثم إننا : قبل أن نخرج من دائرة كراماتها الجلي ، وميزاتها وصفاتها الفضلى ، كانت لنا إلمامة سريعة بما حباها الله به من علم متصل بالغيب ، أتحفها الله به بواسطة ملك كريم كان يحدثها ويسليها بعد وفاة أبيها ، الأمر الذي أنتج كتابا هاما جدا ، كان الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام يهتمون ، به ويعتزون به ، وكانوا يقرؤون فيه ، وينقلون عنه وهو ما عرف ب " مصحف فاطمة " عليها السلام ، بالإضافة إلى كتب أخرى اختصت بها صلوات الله وسلامه عليها .
إننا سنقرأ لمحات عن ذلك كله في هذا الفصل ، مع توخي سلامة الاختيار ومراعاة الاختصار قدر الإمكان . . وبالله التوفيق ، ومنه الهدى والرشاد .
متى ولدت الزهراء عليها السلام ؟ إن أول ما يطالعنا في حياة الصديقة الطاهرة هو تاريخ ولادتها عليها السلام . حيث يدعي البعض أنها عليها السلام قد ولدت قبل البعثة بخمس سنوات ؟ !
ونقول : إن ذلك غير صحيح . والصحيح هو ما عليه شيعة أهل البيت ( ع ) ، تبعا لأئمتهم ( ع ) ( 1 ) - وأهل البيت أدرى بما فيه - وقد تابعهم عليه جماعة آخرون ، وهو : أنها عليها السلام قد ولدت بعد البعثة بخمس سنوات ، أي في سنة الهجرة إلى الحبشة ، وقد توفيت وعمرها ثمانية عشر عاما .
وقد روي ذلك عن أئمتنا ( ع ) بسند صحيح ( 2 ) . مضافا إلى هذا .
فمن الممكن الاستدلال على ذلك أو تأييده بما يلي :
1 - ما ذكره عدد من المؤرخين من أن جميع أولاد خديجة رحمها الله قد ولدوا بعد البعثة ( 3 ) ، وفاطمة ( ع ) كانت أصغرهم .
2 - الروايات الكثيرة المروية عن عدد من الصحابة ، مثل : عائشة وعمر بن الخطاب وسعد بن مالك وابن عباس وغيرهم ، التي تدل على أن نطفتها عليها السلام قد انعقدت من ثمر الجنة ، الذي
تناوله النبي ( ص ) حين الإسراء والمعراج ( 1 ) ، الذي أثبتنا أنه قد حصل في أوائل البعثة ( 2 ) .
وإذا كان في الناس من يناقش في أسانيد بعض هذه الروايات
على طريقته الخاصة ، فإن البعض الآخر منها لا مجال للنقاش فيه ، حتى بناء على هذه الطريقة أيضا . وأما ما يزعم من أن هذه الرواية لا تصح ، لأن الزهراء قد ولدت قبل البعثة بخمس سنوات ، فهو مصادرة على المطلوب ، إذ أن هذه الروايات التي نحن بصدد الحديث عنها - وقد رويت بطرق مختلفة - أقوى شاهد على عدم صحة ذلك الزعم .
3 - قد روى النسائي : أنه لما خطب أبو بكر وعمر فاطمة ( ع ) ردهما النبي ( ص ) متعللا بصغر سنها ( 1 ) . فلو صح قولهم : إنها ولدت قبل البعثة بخمس سنوات ، فإن عمرها حينما خطباها بعد الهجرة - كما هو مجمع عليه عند المؤرخين - يكون حوالي ثمانية عشر أو تسعة عشر سنة ، فلا يقال لمن هي في مثل هذا السن : إنها صغيرة .
4 - قد روي : أن نساء قريش هجرن خديجة رحمها الله ، فلما حملت بفاطمة كانت تحدثها من بطنها وتصبرها ( 2 )
وقد يستبعد البعض حمل خديجة بفاطمة ( ع ) بعد البعثة بخمس سنوات ، لأن عمر خديجة ( رض ) حينئذ كان لا يسمح بذلك .
ولكنه استبعاد في غير محله ، إذ قد حققنا في كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسم ) أن عمرها كان
حينئذ حوالي خمسين سنة ، بل أقل من ذلك أيضا ، على ما هو الأقوى ، وإن اشتهر خلاف ذلك .
واحتمال أن يكون ذلك - أي ولادتها بعد سن اليأس - قد جاء على سبيل الكرامة لخديجة والرسول الله ( ص ) على غرار قوله تعالى : " أألد وأنا عجوز " . غير وارد هنا ، إذ لو كان الأمر كذلك لكان قد شاع وذاع ، مع أننا لا نجد أية إشارة تدل على ذلك .
5 - ويدل على ذلك أيضا الأحاديث الكثيرة التي ذكرت سبب تسميتها بفاطمة ، وبغير ذلك من أسماء ، حيث تشير وتدل على أن هذه التسمية قد جاءت من السماء بأمر من الله عز وجل . وهي روايات كثيرة موجودة في مختلف المصادر ، فلتراجع ثمة ( 1 ) .
وقد لا يكون هذا ولا ذاك ، بل ربما أمر آخر ، هو الذي يدعوه إلى اتخاذ هذا الموقف والله هو العالم بحقائق الأمور ، والمطلع على ما في الصدور .
ثم نتحدث بعد ذلك ، عن أمور لها ارتباط قريب بشأن عصمة الأنبياء ، والأوصياء ، والأولياء عليهم السلام لا سيما عصمة الصديقة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليها .
وسيكون حديثنا هذا عن العصمة مدخلا مقبولا وتمهيدا لعرض بعض الحديث عن منازل الكرامة ، ودرجات القرب والزلفى لسيدة نساء العالمين عليها الصلاة والسلام ، في ظل الرعاية الربانية ، والتربية الإلهية ، دون أن نهمل الإشارة إلى موضوع ارتباطها بالغيب ، الذي تمثل بما حباها الله سبحانه وتعالى به من صفات وخصوصيات
وكرامات ميزتها عن سائر نساء العالمين . فكانت المرأة التي تحتفل السماء قبل الأرض بزواجها من علي عليه الصلاة والسلام ، وكانت أيضا المرأة الطاهرة المطهرة عن كل رجس ودنس ونقص ، حتى لقد نزهها الله عما يعتري النساء عادة من حالات خاصة بهن دون أن يكون لذلك أي تأثير سلبي على شخصيتها فيما يرتبط بشأن الحمل ، والولادة .
ثم إننا : قبل أن نخرج من دائرة كراماتها الجلي ، وميزاتها وصفاتها الفضلى ، كانت لنا إلمامة سريعة بما حباها الله به من علم متصل بالغيب ، أتحفها الله به بواسطة ملك كريم كان يحدثها ويسليها بعد وفاة أبيها ، الأمر الذي أنتج كتابا هاما جدا ، كان الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام يهتمون ، به ويعتزون به ، وكانوا يقرؤون فيه ، وينقلون عنه وهو ما عرف ب " مصحف فاطمة " عليها السلام ، بالإضافة إلى كتب أخرى اختصت بها صلوات الله وسلامه عليها .
إننا سنقرأ لمحات عن ذلك كله في هذا الفصل ، مع توخي سلامة الاختيار ومراعاة الاختصار قدر الإمكان . . وبالله التوفيق ، ومنه الهدى والرشاد .
متى ولدت الزهراء عليها السلام ؟ إن أول ما يطالعنا في حياة الصديقة الطاهرة هو تاريخ ولادتها عليها السلام . حيث يدعي البعض أنها عليها السلام قد ولدت قبل البعثة بخمس سنوات ؟ !
ونقول : إن ذلك غير صحيح . والصحيح هو ما عليه شيعة أهل البيت ( ع ) ، تبعا لأئمتهم ( ع ) ( 1 ) - وأهل البيت أدرى بما فيه - وقد تابعهم عليه جماعة آخرون ، وهو : أنها عليها السلام قد ولدت بعد البعثة بخمس سنوات ، أي في سنة الهجرة إلى الحبشة ، وقد توفيت وعمرها ثمانية عشر عاما .
وقد روي ذلك عن أئمتنا ( ع ) بسند صحيح ( 2 ) . مضافا إلى هذا .
فمن الممكن الاستدلال على ذلك أو تأييده بما يلي :
1 - ما ذكره عدد من المؤرخين من أن جميع أولاد خديجة رحمها الله قد ولدوا بعد البعثة ( 3 ) ، وفاطمة ( ع ) كانت أصغرهم .
2 - الروايات الكثيرة المروية عن عدد من الصحابة ، مثل : عائشة وعمر بن الخطاب وسعد بن مالك وابن عباس وغيرهم ، التي تدل على أن نطفتها عليها السلام قد انعقدت من ثمر الجنة ، الذي
تناوله النبي ( ص ) حين الإسراء والمعراج ( 1 ) ، الذي أثبتنا أنه قد حصل في أوائل البعثة ( 2 ) .
وإذا كان في الناس من يناقش في أسانيد بعض هذه الروايات
على طريقته الخاصة ، فإن البعض الآخر منها لا مجال للنقاش فيه ، حتى بناء على هذه الطريقة أيضا . وأما ما يزعم من أن هذه الرواية لا تصح ، لأن الزهراء قد ولدت قبل البعثة بخمس سنوات ، فهو مصادرة على المطلوب ، إذ أن هذه الروايات التي نحن بصدد الحديث عنها - وقد رويت بطرق مختلفة - أقوى شاهد على عدم صحة ذلك الزعم .
3 - قد روى النسائي : أنه لما خطب أبو بكر وعمر فاطمة ( ع ) ردهما النبي ( ص ) متعللا بصغر سنها ( 1 ) . فلو صح قولهم : إنها ولدت قبل البعثة بخمس سنوات ، فإن عمرها حينما خطباها بعد الهجرة - كما هو مجمع عليه عند المؤرخين - يكون حوالي ثمانية عشر أو تسعة عشر سنة ، فلا يقال لمن هي في مثل هذا السن : إنها صغيرة .
4 - قد روي : أن نساء قريش هجرن خديجة رحمها الله ، فلما حملت بفاطمة كانت تحدثها من بطنها وتصبرها ( 2 )
وقد يستبعد البعض حمل خديجة بفاطمة ( ع ) بعد البعثة بخمس سنوات ، لأن عمر خديجة ( رض ) حينئذ كان لا يسمح بذلك .
ولكنه استبعاد في غير محله ، إذ قد حققنا في كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسم ) أن عمرها كان
حينئذ حوالي خمسين سنة ، بل أقل من ذلك أيضا ، على ما هو الأقوى ، وإن اشتهر خلاف ذلك .
واحتمال أن يكون ذلك - أي ولادتها بعد سن اليأس - قد جاء على سبيل الكرامة لخديجة والرسول الله ( ص ) على غرار قوله تعالى : " أألد وأنا عجوز " . غير وارد هنا ، إذ لو كان الأمر كذلك لكان قد شاع وذاع ، مع أننا لا نجد أية إشارة تدل على ذلك .
5 - ويدل على ذلك أيضا الأحاديث الكثيرة التي ذكرت سبب تسميتها بفاطمة ، وبغير ذلك من أسماء ، حيث تشير وتدل على أن هذه التسمية قد جاءت من السماء بأمر من الله عز وجل . وهي روايات كثيرة موجودة في مختلف المصادر ، فلتراجع ثمة ( 1 ) .