المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسالة السهو لنبينا(ص)


ام جواد
01-27-2009, 10:42 PM
مسألة السهو لنبينا محمد (ص)

بما أنّ مسألة سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم توجد روايةً وقولاً ، لذا أحببنا أن نمرَّ عليها من دون إخلال بمطالب الكتاب ، وبدون تعميق للجذور ، بما ينفع في دفع هذا الوهم والقول الشاذّ بالكلية.
إنّ روايات السهو توجد في كتب الفريقين ، فلذا أحببنا دغدغتها من كلا الطرفين ، لرؤية الطريق الواضح.
روي عن أبي هريرة أنّهُ قال : ( إنّكم تقولون إنّ أبا هريرة يُكثر الحديث عن رسول الله ، ويقولون : ما بال المهاجرين والاَنصار لا يحدّثون عن رسول الله بمثل حديث أبي هريرة ، إنّ إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالاَسواق ، وكنت ألزم رسول الله على ملء بطني ، فأشهد إذا غابوا ، وأحفظ إذا نسوا.
وكان يشغل إخوتي من الاَنصار عمل أموالهم ، وكنت امرأً مسكيناً من
____________
(1) وهو رأي أبي علي الجبائي ومن وافقه.
--------------------------------------------------------------------------------

مساكين الصُّفّة ، أعي حين ينسون. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث يحدّثه : « إنّه لن يبسط أحد ثوبه حتّى أقضي مقالتي هذه ، ثمّ يجمع إليه ثوبه إلاّ وعى ما أقول ». فبسطت نمرة عليَّ حتى إذا قضى رسوله الله مقالته جمعتها إلى صدري ، فما نسيت من مقالة رسول الله من شيء ) (1).
وروي كذلك عنه أنّ رسول الله قال : « ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك ؟ ! » قلت : أسألك أن تعلمني ممّا علمك الله. فنزع نمرة كانت على ظهري ، فبسطها بيني وبينه ، حتى كأنّي أنظر إلى القمل يدبّ عليها ، فحدّثني حتّى استوعبت حديثه. قال : « اجمعها ، فصُرها إليك ». فأصبحتُ لا أُسقط حرفاً مما حدثني.
وروي عن أبي هريرة أيضاً ، قال : قلت لرسول الله إنّي سمعت منك حديثاً كثيراً ، فأنساه. فقال : « ابسط رداءك » فبسطته ، فغرف بيديه فيه ، ثم قال : « ضُمّه ». فضممته فما نسيت حديثاً بعده (2).
فهل ينبغي لمن يصحح هذه الاَحاديث في أبي هريرة أن ينسب السهو إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ (3).
ولقد تنبّه الشيخ محمود أبو ريّة إلى ذلك في كتابه « شيخ المضيرة أبو هريرة » فعلّق قائلاً : ( ومن عجيب أمر الذين يثقون بأبي هريرة ، ويمنعون
____________
(1) فتح الباري في شرح البخاري 4 : 231. وسير أعلام النبلاء|الذهبي 2 : 429.
(2) طبقات ابن سعد 4 : 56.
(3) وقد ناقش هذه المرويات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، السيد عبدالحسين شرف الدين في كتابه ( أبو هريرة ) ، وأثبت بطلانها بوجوه عدّة ، فراجع.
--------------------------------------------------------------------------------

عنه السهو ، والنسيان ، لا يتحرّجون أن ينسبوهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) (1).
أما عند الخاصة فقد وردت روايات سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الكتب الروائية الجليلة ، وهي : كتاب « التهذيب » للشيخ الطوسي قدس سره (2) ، وكتاب « الكافي » للشيخ الكليني (3) ، وكتاب « من لا يحضره الفقيه » للشيخ الصدوق (4)..
فقد ورد في « الكافي » مرفوعاً إلى أبي عبدالله عليه السلام أنّه قال : « إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلّى بالناس الظهر ركعتين ، ثمَّ سها فسلّم ، فقال له ذو الشمالين : يا رسول الله أنزل في الصلاة شيء ؟ ! قال : وما ذاك ؟ ! قال : إنّما صلّيت ركعتين . فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أتقولون مثل قوله ؟ ! قالوا : نعم. فقام صلى الله عليه وآله وسلم فأتمَّ بهم الصلاة ، وسجد بهم سجدتي السهو... ».
وأمّا أبو جعفر بن بابويه ، فقد روى عن سعيد الاَعرج قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : « إنّ الله تبارك وتعالى أنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صلاة الفجر حتّى طلعت الشمس ، ثم قام فبدأ فصلى الركعتين اللتين قبل الفجر ، ثمّ صلّى الفجر ، وأسهاه في صلاته ، فسلّم في الركعتين ، ثم..
____________
(1) شيخ المضيرة أبو هريرة : 217 ، ط3.
(2) التهذيب 2 : 345|1433.
(3) الكافي 3 : 355|1.
(4) من لا يحضره الفقيه 1 : 233|1031. وروى كلّ ذلك عنهم صاحب الوسائل في وسائله 8 : 198 ـ 203 الباب الثالث من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ط مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
--------------------------------------------------------------------------------

وإنّما فعل ذلك به ، رحمةً لهذه الاُمّة ، لئلاّ يعيّر الرجل المسلم اذا هو نام عن صلاته أو سها فيها.
فيقال : قد أصاب ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. » (1).
وقد علّق الشيخ ابن بابويه على روايته بما يمكن أن نحصره بنقاط :
1 ـ إن هناك عبادة مخصوصة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهناك عبادة عامّة تشمله وتشمل غيره ، والعبادة المخصوصة به ، هي النبوة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز في هذه الاُمور النسيان مطلقاً. وأمّا في العبادة المشتركة فيجوز فيها وقوع السهو منه ، وحاله حال بقية المكلفين.
2 ـ إنّ باثبات النوم له تُنفى عنه الربوبية ، لاَنّ الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الباري عزَّ وجل.
3 ـ إن سهوه صلى الله عليه وآله وسلم ليس كسهونا ، فسهونا من الشيطان وسهوه من الرحمن ، وأسهاه لفائدتين ؛ أولاً : ليُعلَم من انّه بشر. ثانياً : ليُعلِّمنا أحكام السهو.
4 ـ وإنّما قال بأنّ سهوه ليس من الشيطان ؛ لاَنّه ليس للشيطان على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمة عليهم السلام سلطان : ( إنّما سلطانه على الذين يتولّونه والذين هم به مشركون ) (2) وعلى من تبعه من الغاوين.
____________
(1) من لا يحضره الفقيه 1 : 358.
(2) سورة النحل : 16|100.
--------------------------------------------------------------------------------

5 ـ وذكر أنّ شيخه محمد بن الحسن بن الوليد يقول : أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. هذا مقتضى كلامه كلّه هناك (1).
أما الشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة وزعيمها ، وهو أحد الاَجلاّء الذين ذكروا حديث السهو كما أسلفنا ، فقد قال في « التهذيب » بعد إيراده لحديث مؤدّاه : ( إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما سجد سجدتي السهو قط ، ولا يسجدهما فقيه.
قال قدس سره ـ : الذي أفتي به ما تضمنه هذا الخبر ، فأمّا الاَخبار التي قدّمناها من أنه سها فسجد ، فهي موافقة للعامّة. وإنّما ذكرناها لاَنَّ ما تضمَّنته من الاَحكام معمول به على ما بيناه.. ) (2).
وقال تعليقاً على ما رواه مما تضمّن قصة ذي الشمالين : ( على أنّ في الحديثين الاَولين ما يمنع من التعلق بهما ، وهو حديث ذي الشمالين وسهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا ممّا تمتنع العقول منه ) (3).
وقال في « الاستبصار » : ( وذلك ممّا تمنع منه الاَدلة القاطعة في أنّه لايجوز عليه السهو والغلط ) (4).
وقد روى صاحب « الوسائل » روايتين في ذلك (5) قبل أن يُعلِّق بقوله :
____________
(1) راجع كلامه كلّه في من لا يحضره الفقيه 1 : 358 ـ 360.
(2) التهذيب 2 : 180.
(3) التهذيب 2 : 180.
(4) الاستبصار 1 : 371.
(5) وسائل الشيعة|الحر العاملي 8 : 198 ـ 199|2 و 4 بطريقين ، الباب الثالث من أبواب الخلل الواقع
--------------------------------------------------------------------------------

( ذكر السهو في هذا الحديث وأمثاله محمول على التقية في الرواية كما أشار إليه الشيخ وغيره ، لكثرة الاَدلة العقلية والنقلية على استحالة السهو عليه مطلقاً. وقد حقّقنا ذلك في رسالة مفردة وذكرنا لذلك محامل متعددة ) (1).
وهكذا ( فإنّ أدلة العصمة التي يقول بها جمهور المسلمين تقتضي الحكم بنفي السهو عنه في القول والفعل. وقد ذهب إلى ذلك المحققون من علماء الكلام من الشيعة ، وممن قال بذلك من أهل السنة : أبو اسحاق الاسفراييني ، وقد فصّل ذكر الخلاف منهم في كتاب « حجيّة السُنّة » للشيخ عبدالغني عبدالخالق ) (2).
أمّا الشيعة فلم يرد منهم خلاف في عصمته صلى الله عليه وآله وسلم من السهو في الاَقوال (3). من كلِّ ذلك نستفيد ما يلي :
أولاً : أنّ الظاهر يجب أن يؤوّل إذا كان مخالفاً للدليل العقلي ، فضلاً عن وجود ادلّة نقلية كثيرة تفيد خلافه ، وهذا ما فعله الاَعلام.
إذا عرفنا أن اُصول الاعتقاد يجب أن تكون مبنية على الجزم ، وأما الاَمر المستند على الظن فلا يغني عن الحق شيئاً ، والدليل الجازم قد قام
____________
في الصلاة. (1) ويقصد بها ( التنبيه بالمعلوم ) أو ( البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان ) : 199 ، ومن أراد الاستفادة الاكثر ، والتدقيق في هذا المطب الحساس ، وملاحظة آراء العلماء وما يُساعد عليه الدليل بصورة موسّعة فعليه بهذه الرسالة المهمة.
(2) حجية السُنّة : 17 ـ 99.
(3) مصنّفات الشيخ المفيد|السيد محمدرضا الجلالي المجلد العاشر رسالة عدم سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم
--------------------------------------------------------------------------------


عقلاً ونقلاً على عصمة هؤلاء ، فما جاء خلافه لا يؤخذ على ظاهره بل يجب أن يؤوّل.
ثانياً : يردُ على الشيخ ابن بابويه في النقطة الاُولى مما حصرنا فيه رأيه : من أين له هذا التقسيم للعبادة ، وإنّه يجوز في أحدها السهو ، ولا يجوز في الاُخرى ، مع إطلاق الروايات في العصمة وقيام الدليل عليها مطلقاً كذلك ؟ ولو ( جاز السهو والنسيان من المعصوم في العبادة ، لجاز في التبليغ. والفرق ليس عليه دليل قاطع ، ولا يفهمه كلُّ أحد ، بل كل من وقف على أحدهما جوّز الآخر قطعاً.
وأقلّهُ أنّ الاَكثر الاَغلب لا يُفرِّقون بينهما ، فلا يوثَقُ بشيءٍ من أقواله ، وأفعاله ، وتختلُّ عصمته ، وهو باطل قطعاً ) (1).
ثالثاً : نُعلِّقُ على نقطته الثانية بأنّ انحصار العبودية هل يتمُّ بهذا فقط حتى نقول به ؟ ! وهل انحصار كونه بشراً يتمّ بيانه بالنوم عن الصلاة ، لابالنوم عن غيرها ، حتى نستدل من خلاله بأنّه ليس ربّاً ، إذ الربّ لاتأخذه سنة ولا نوم ؟ ! ففي بيان هذا يمكن أن ينام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أيّ مكان وأي وقت لكشف كونه غير رب. وأين نضع الاَحاديث الواردة في أنّه تنام عينه ولا ينام قلبه ؟ ! وسيأتي مزيد بيان حول هذه النقطة بالذات.
رابعاً : وهل انحصر كونه من البشر في إسهائه ؟ ! وهل انحصر التعليم في اسهائه ؟ ! وإذا تمَّ هذا ، فلماذا لم يرتكب بقيّة المحرمات والموبقات
____________
(1) التنبيه بالمعلوم|الشيخ الحرّ العاملي : 111.
-------------------------------------------------------------------------------

ليعلّمنا أحكامها ، وحدودها.
ولماذا لم يسرق ، حتّى يعلّمنا كيفية قطع يد السارق ، وكيفية اعترافه قبل ذلك ؟ ! ما هذا كلّه إلاّ خروج عن طريق الصواب. وقياس لغير العبادات والمناسك بها ، وهو كما ترى.
خامساً : وقد قسَّم الشيخ ابن بابويه الناس إلى قسمين :
القسم الاَول : النبي والاَئمة عليهم السلام.
القسم الثاني : بقية الناس.
فالاَول من القسمين ليس للشيطان عليهم سبيل. وأمّا الثاني منهما فهم مصاديق للآية المباركة : ( إنّما سلطانه على الذين يتولّونه والذين هم به مشركون ) (1) وعلى من تبعه من الغاوين على حدِّ تعبيره.
فهو بنفسه الشريفة من أيّ قسمٍ يمكن أن يدخل ، وحاشاه من توليه للشيطان والغواية والشرك ؟ !!
سادساً : نقول لماذا يكون ذلك غلواً إذا أخذت بأعناقنا الاَدلة العقلية والنقلية عنهم عليهم السلام ؟ !!

وهذا وصلى الله على نبينا محمد واله.

كياني حسيني
01-28-2009, 01:38 AM
يسلمووو عالطرح لاعدمنا جديدك

صراط علي
01-30-2009, 03:55 PM
استغفر الله العلي العظيم ...


إن كان رسول الله صلى الله عليه واله كما يقولون ويفترون ,,



فكيف يمكن للناس أن يتقبلوا رسالته ويثقوا به ,,



استغفر الله..





مشكورة للموضوع

ام جواد
01-31-2009, 09:47 PM
يسلمو على المرور

حيدر الكربلائي
02-03-2009, 10:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا جزيلا على الطرح القيم
في ميزان حسناتك
دمتم بخير