المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في خطبة الحسين (ع) الأولى في يوم عاشوراء...


خادمة ام البنين
01-29-2009, 12:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة * رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة * وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة * وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة * إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية * إن الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه .صدق الله العلي العظيم
في البداية ذكرت سورة البينة للتأمل، ومكنكم الرجوع للتفاسير لمعرفة مضامين الآيات الكريمات، اسال الله أن يحسرنا مع من نحب محمد وآله خير البرية.
وإذ نعيش هذه الأيام ونستذكر تلكم الدقائق التي حدثت فيها مصيبة ما أعظمها وأعظم رزيتها في الإسلام وفي جكيع السماوات والأرض، حينها أمطرت السماء دما، لهول المصاب وعظم الحدث الجلل، وجدت نفسي أتوقف عند خطبة سبط رسول الله صلى الله عليه وآله، الخطبة الأولى التي توجه بها إلى ذلك الجيش الجرار، الذي تذكر الروايات أنه كان تعداده (33) ألفاً، في قبالة (32فارس و 40 رجل) في معسكر وخيام الإمام الحسين بين نساء وأطفال، فيا للمفارقة بين العسكرين!
لما صار يوم العاشر، وحانت ساعة قرر فيها سيد الشهداء القاء الحجة على الجيش المعادي، نظر الإمام إليهم فوجدهم كالسيل لكثرتهم وتكاثرهم عليه، فرفع بالدعاء يديه وقال:
{اللّهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو أنزلته بك وشكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك فكشفته وفرجته فأنت ولي كل نعمة ومنتهى كل رغبة}
فما أعظمه من دعاء وما أعظمها من استفتاح لخطاب القوم، فيه تأكيد على الإتكال على الله وعلى الثقة بالله ليقوي به الإمام قلوب من معه من الأنصار في مجابهه القوم. ودعاء يبعث في النفس الطمئنينة والقوة والمنعه والعزم، رغم خذلان الناصر وشماته العدو، ويا له من عدو غير آبه لعظيم الجرم العازم على فعله، من مقاتلة سيد شباب أهل الجنة، فما أشبه اليوم بالبارحة حين وقف الإمام علي عليه السلام في مواجهة الظلم والعدوان لقتال جيش معاوية.
ويبين ويؤكد الإمام صلوات الله عليه في هذا الدعاء في قوله ((كشفته)) بان الكرب والهم وقلة الحيلة قد رفعت بالتوكل عليك يا رب، فأنت ولي كل نعمة يا الله، وما اعظمهم من عبارة هنا ((ومنتهى كل رغبه)) قوة وطاقة وهدف كل مؤمن ومؤمنة بقضاء الله وقدره.
بعد ذلك خطب الإمام عليه السلام فيهم، بعد أن ركب دابته ليكون في مكان مرتفع يراه جلهم، ويسمعه أكثرهم إن لم يكون كلهم وقال:
{أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم علي وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم فان قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف من أنفسكم كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم علي سبيل وان لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون ان وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين}.
وكأني بالإمام صلوات الله عليه حين قال ((ولا تعجلون حتى أعظكم))، حتى يلقي الحجة على كل القوم خصوصاً الجاهل والمغرر به منهم، ويؤكد ذلك قوله صلوات الله عليه ((هو حق لكم عليَّ))، فهو الإمام المعصوم والعالم بأمر القوم.
وأكد الإمام عليه السلام في خطابه بأن المستمع منهم والمصدق لقوله – وهو الصدق- بأنه سيكون الأسعد حيث سينجون من النار ويدخلون الجنة، فيا لهما من سعادة، قد أعطاها لهم الإمام، وقد كانت فرصة قد ضيعها كثيرون...!!!
وبعد ذلك ذكر الإمام لهم في خطابه، بأنهم في حالة إعراضهم فليعلموا بأن وليه هو الله، وهو الذي يتولى الصالحين، وتمثل لهم بقول نبي الله نوح عليه السلام {واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركائكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلىَّ ولا تُنظرون}يونس: ٧١
[إقتباس من تفسير الأمثل : جزء 6/ حينما جاهد نبي الله نوح عليه السلام قومه، جانب من جهاد نوح: واتل عليهم نبأ نوح إِذا قال لقومه يا قوم إِن كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت) ولهذا فإِنّي لا أخاف غيره. ثمّ تضيف: (فاجمعوا أمركم وشركاءكم) أي أدعوا أصنامكم أيضاً لتعينكم في المشورة، حتى لايبقى شيء خافياً على أحد ولايتعرض منكم الى الهم والغم أحد (ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة) بل اتّخذوا قراركم في شأني بكل وضوح.] إنتهى.
هنا انتقل الإمام إلى الشق الآخر في خطابه فقال:
{الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفةً بأهلها حالاً بعد حال فالمغرور من غرته والشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا}
- لعلم الإمام بما اعتمد وارتكز عليه القوم للقدوم والقتال، فكانت الدنيا وزخرفها وزبرجها الفاني هو المحرك الأساس لهم في تكبدهم العناء والسفر لإعتراض ركب الإمام الحسين قبل بلوغه الكوفة في أرض كربلاء.
- وأكد الإمام عليه السلام على زوال ما يتمنون في قوله :
(( فانها تقطع رجاء من ركن اليها وتخيب طمع من طمع فيها))
- وأما قوله عليه السلام :
{وأراكم قد اجتمعتم على امر أرى أنكم قد أسخطتم الله فيه عليكم وأعرض بوجهه الكريم عنكم وأحل بكم نقمته وجنبكم رحمته}
ففيه تأكيد على علم الإمام، ويقين الإمام ببطلان أعمالهم في قوله ((وأراكم)) تحديداً، وأما قوله ((اجتمعتم)) ففيها تأكيد على أنهم كلهم على حد سواء في نفس الكفة الهالكة بسخط الله، وإعراضه عز وجل عنهم، الذي استلزم حلول النقمة وتجنيب الرحمة عنهم، فيا له من خلود في نار جهنم يدخلونها ولبئس القرار.
لقد أكد الإمام لهم بأن تكذيبهم إياه وإجتماعهم على هذا الحال هو القرار في والخلود في العذاب الأخروي، في هذه الكلمات البليغات.
ويلي ذلك بيان لحاهم فيا حسرتاه من قوم آمنو ثم كفروا، فحق عليهم أن يدعوا الإمام عليهم :
{فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم إنكم زحفتم الى ذريته وعترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبّاً لكم ولما تريدون إنا لله وانا اليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعداً للقوم الظالمين}
بعد ذلك، وقبل أن يختم صلوات الله عليه خطابه الأول، يقرع آذانهم ويحرك مشاعرهم وعقولهم بكلمات تقرح القلوب، في بيان نسبه الشريف وإلقاء الحجة عليهم، ويذكره رجالاتهم الذين بعثوا بالخطابات التي تذكر الروايات إنها تربوا على 12000 حسب نقل الشيخ المفيد أعلى الله مقامه، علَّهم يُفيقون من نومه الظالمين:
{ أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا الى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق برسوله بما جاء من عند ربه أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي أو ليس جعفر الطيار عمي أو لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق والله ما تعمدت الكذب منذ علمت ان الله يمقت عليه أهله ويضر به من اختلقه وإن كذبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي أما في هذا حـاجـز لكم عن سفك دمي؟
فقال الشمر: هو يعـبد اللّه على حــرف إنْ كـان يدري ما يقول.
فقال له حبيب بن مظـاهر: والله اني أراك تعبد الله على سبعين حرفاً وأنا أشهد انك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك.
إن كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أني ابن بنت نبيكم فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته او بقصاص جراحة فأخذوا لا يكلمونه فنادى يا شبث بن ربعي ويا حجار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن اقدم قد أينعت الثمار واخضر الجناب وإنما تقدم على جند لك مجندة. فقالوا لم نبعث قال سبحان الله بلى والله لقد فعلتم ثم قال أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم الى مأمني من الأرض.
فقال له قيس بن الأشعث: أولا تنزل على حكم بني عمك فإنهم لن يروك الا ما تحب ولن يصل اليك منهم مكروه.
فقال الحسين: أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر من دم مسلم بن عقيل لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد، عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.}
ما اعظمها من لحظات، وما أقساهم من قوم، وما اسوءها من خاتمة، ما انتهى الإمام من خطابه هذا وأناخ راحلته وأمر عُقبةَ بنَ سَمْعانَ فعقلَها، وأَقبلوا يزحفونَ نحوَه، فتبا لهم وترحا.
إلا أن الحر بن يزيد الرايحي بعد خطاب إمامنا الحسين تبين له الحق:
[إقتباس من كتاب الإرشاد جزء 2 صفحة 99: فلمّا رأى الحرُّ بنُ يزيدَ أَنّ القومَ قد صمَمُوا على قتالِ الحسينِ عليهِ السّلامُ قالَ لعمر بن سعدٍ : أيْ عُمَر، أمُقاتِلٌ أنتَ هذا الرّجلَ ؟ قالَ : إِيْ واللّهِ قتالاً أيْسَرُه أَن تَسقطَ الرُّؤوسُ وتَطيحَ الأَيدي ، قالَ : أفما لكم فيما عرضه عليكم رضىً؟ قالَ عمر: أما لوكانَ الأمرُ إِليَّ لَفعلتُ ، ولكنَّ أميرَكَ قد أبى.
فأقبلَ الحرُّحتّى وقفَ منَ النّاسِ موقفاً، ومعَه رجلٌ منقومِه يُقالُ له : قُرّةُ بنُ قَيْسٍ ، فقالَ : يا قُرّةُ هل سقيتَ فرسَكَاليومَ ؟ قالَ : لا، قالَ : فما تُريدُ أن تَسقِيَه ؟ قالَ قُرّةُ : فظننتُ واللّهِأنّه يُريد أَن يَتنحّى فلا يشهدَ القتالَ ، ويكرهُ أن أَراه حينَ يَصنعُذلكَ ، فقلتُ له : لم أسقِه وأَنا منطلق فأسقيه ، فاعتزلَ ذلكَ المكانالّذي كانَ فيه ، فواللّهِ لوأَنّه أطْلَعَني على الّذي يُريدُ لخرجتُ معَه إِلىالحسينِ بنِ عليٍّ عليه السّلامُ ؛ فأخذَ يَدنو منَ الحسينِ قليلاً قليلاً،فقالَ له المهاجرُ بنُ أوسٍ : ما تُريدُ يا ابنَ يزيدَ، أتريدُ أن تَحملَ ؟فلم يُجبْه وأخَذَهُ مثلُ الأفْكَلِ - وهي الرِّعدةُ - فقالَ له المهاجرُ:إِنّ أمْرَكَ لَمُريبٌ ، واللهِّ ما رأيتُ منكَ في موقفٍ قطُّ مثلَ هذا ، ولوقيلَ لي : مَنْ أشجعُ أَهلِ الكوفِة ما عَدَوْتُكَ ، فما هذا الّذي أرىمنكَ ؟! فقالَ له الحرُّ: إِنِّي واللّه أُخيِّرُ نفسي بينَ الجنَّةِ والنّارِ، فواللّهِلا أختارُ على الجنّةِ شيئاً ولو قُطًّعْتُ وحُرِّقْت .
ثمّ ضربَ فرسَه فلحِقَ بالحسينِ عليهِ السّلامُ فقالَ له :جُعِلْتُ فِداكَ - يا ابنَ رسولِ اللهِّ - أَنا صاحبُكَ الّذي حبستُكَ عنِ الرُّجوع ، وسايرْتُكَ في الطَريقِ ، وجَعْجَعْتُ بكَ في هذا المكانِ ، وماظننتُ انَّ القومَ يَرُدُّونَ عليكَ ماعَرَضْتَه عليهم ، ولايَبلُغونَ منكَ هذه المنزلَة، واللهِّ لو علمتُ أنّهم يَنتهونَ بكَ إِلى ما أرى ما رَكِبْتُ منكَ الّذيرَكِبْتُ ، وِانِّي تائبٌ إِلى اللهِ تعالى ممّا صنعتُ ، فترى لي من ذلكَ توبةً؟ فقالَ له الحسينُ عليهِ السّلام : «نَعَمْ ، يتوبُ اللّهُ عليكَ فانزِلْ »]إنتهى
فهنيئا لك يا حر، والخز والعار لمن قاتل تحت راية يزيد بن معاوية.


نص الخطبة الأولى:


خطبة الإمام الحسين الأولى

لما نظر الحسين عليه السلام الى جمعهم كأنه السيل رفع يديه بالدعاء وقـــال: اللهم انت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو أنزلته بك وشكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك فكشفته وفرجته فأنت ولي كل نعمة ومنتهى كل رغبة، ثم دعا براحلته فركبها ونادى بصوت عال يسمعه جلّهم أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم علي وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم فان قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف من أنفسكم كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم علي سبيل وان لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون ان وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين فلما سمعن النساء هذا منه صحن وبكين وارتفعت أصواتهن فأرسل اليهن أخاه العباس وابنه علياً الأكبر وقال لهما سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن ولما سكتن حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى الملائكة والأنبياء وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ولم يسمع متكلم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه ثم قال: الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفةً بأهلها حالاً بعد حال فالمغرور من غرته والشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فانها تقطع رجاء من ركن اليها وتخيب طمع من طمع فيها وأراكم قد اجتمعتم على امر أرى أنكم قد أسخطتم الله فيه عليكم وأعرض بوجهه الكريم عنكم وأحل بكم نقمته وجنبكم رحمته فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم إنكم زحفتم الى ذريته وعترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبّاً لكم ولما تريدون انا لله وانا اليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعداً للقوم الظالمين أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا الى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق برسوله بما جاء من عند ربه أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي أو ليس جعفر الطيار عمي أو لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق والله ما تعمدت الكذب منذ علمت ان الله يمقت عليه أهله ويضر به من اختلقه وإن كذبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي أما في هذا حـاجـز لكم عن سفك دمي؟
فقال الشمر: هو يعـبد اللّه على حــرف إنْ كـان يدري ما يقول. فقال له حبيب بن مظـاهر والله اني أراك تعبد الله على سبعين حرفاً وأنا أشهد انك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك.
ثم قال الحسين: إن كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أني ابن بنت نبيكم فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته او بقصاص جراحة فأخذوا لا يكلمونه فنادى يا شبث بن ربعي ويا حجار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن اقدم قد أينعت الثمار واخضر الجناب وإنما تقدم على جند لك مجندة. فقالوا لم نبعث قال سبحان الله بلى والله لقد فعلتم ثم قال أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم الى مأمني من الأرض. فقال له قيس بن الأشعث أولا تنزل على حكم بني عمك فإنهم لن يروك الا ما تحب ولن يصل اليك منهم مكروه.
فقال الحسين: أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر من دم مسلم بن عقيل لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد، عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب(راجع الإرشاد:ج2 ص 97).تم

نسالكم الدعاء، وعظم الله أجوركم...