المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وَ كَانَ العَصْرُ حُلْمَاً


ع ـبق ذكرى.!
02-03-2009, 07:23 PM
أنا لا أدري ، وكيف لِي أَن أدري مَا كان يجري فِي عَصر أيّامِه ، فكُلُّ ما كُنتُ أدري أنّهُ كان يُسرفُ في المُكوثِ فِي هذهِ الزَوايِة المُنعزِلة .


حَاولتُ عُنوة أن أُفتّش عَن عَبق جريمة ، أو ورقةٍ تفضَحُ ما يَجري ، فحينما يهمُّ خارجاً مِن معبودَتهِ العَصرية ، أثوي مُسرعة الخُطى علّني أرمِقُ رذاذ دَليل يُطْفِأُ الحَيرةَ و يَضرِمُ أَصَابِع الاتّهام ، إلاّ إنّنِي أصفعُ حِين لا أجِد سِوى كُلَّ شيءٍ فِي مَكانِه ، وهَذا مَا دَفعنِي لِسؤالِهِ ذاتَ مَساء ، بَعدما بَلغَ الصَبرُ ذروَته عَن السبب الذي يدفَعهُ للجُلوسِ في هذهِ الغُرفة كُلّ هذا الوَقت ، إلاّ إنّه حدّق بِيّ بعينٍ عَاتِبة ونَام!


أصبحَ سُكونَهُ اللامَفهوم يُشتّتُنِي ، و كَنتُ لفرطِ ما أمقت نَظراتِه الباحِثة عَن هِبة يبعثُها القَدر لفرطِ مَا أكْرَهُنِي ، بَل وَمَا كَان يُمزّقُنِي أكثر هُو أنّهُ مَا زَال يُوصِدُ كَعادَتِه بَابَ الُغرفَةِ فِي عَصرِ كُلّ يَوم مُختَلياً بِذاتِهِ ، مُنْعَزلاً عَن البَشر .


وَهَكذا أفنَيتُ مَعَهُ العُمر ظنّاً مِنّي أنّهُ سيتَغير ، وَلكنّنِي قضيتُ حَياتِي فِي صِراعٍ مُبهَم ، و وِحْدَةٍ قَاتِلة ، وأملٍ عقيم ، وَ صمتٍ أغدَقَنِي بألمٍ مَرير ، وَكثيراً مَا وَسوَسَت خَواطِري فِي ثنايا فِكري العَطِب اعتقاداً أنّهُ رُبما يُعانِي مِن أَزْمَةٍ نَفْسِيّة ، هَكذا فَسّرتُه وَلَمْ أُفسرنِي !


إلاّ إنّ نَبأ وَفاتِه كَان أشبَهُ برِيحٍ لَمْ أتنفّسُ مِنها إلاّ أكسِجين الغُربَة ، لـ أقطِنُ وَوِحْدَتِي والآهُ بيتاً تُخضّبُ جِدرانَهُ أنفَاسَ زَوجِي ( مُحمّد ) ، وذِكراهُ قَد سَرقت منّي النِسيان ، ليتْرِكُني بذاكِرةٍ تنعى فَقدَ إنسان ، بِذاكِرةٍ لَم تَحمل لهُ مِن الذِكرى سِوى بِضع صُورٍ وأحلام ،وحُجْرٍ مُقدّسُ الكَيان ، غُرفة أخشى الولوجَ إليها ، خَوفاً من أن تَسكُننِي أصداءُ أنفاسه المَبتُورة ، ورائِحَة سيجارتِه التي خَنَقت رُوحَهُ المغويّة بِهوى هذهِ الغُرفة .


لا أُنْكِرُ أنّي كثيراً مَا مَارَستُ تلك الطُقوس العَصرية ، حِين كَان يَتفرّدُ مُحمد مُنعَزِلاً عنّي فِي تِلك الغُرفَةِ الخَاوِية منّي ، لأبْقَى وَعقارِبُ سَاعَتِي نُراقِبُ مَضي الزمن بِحرْقَة وَتأنّي ، أحدّقُ فِي مِقْبَضِ البَاب طَويلاً ، حتّى لا أغفَل عَن تَفّحُصِ وَجْهَهُ المُلطّخِ بِتَعابِيرهِ المَجْهُولَةُ المَعالِم .إلاّ إنّنِي شَعرتُ اليَوم برغْبَةٍ عَارِمَة كَانت تُعربِد فِي خَاطِري مِنذُ زَمَنٍ لَيسَ ببعِيد ، أن أقْضي عَصرية هذا اليُوم وأكُون أنا مكان( مُحمّد ) .


كَان الولوج مُضنيٌّ حقّاً ، كَأنّي حينما دلجتُ إلى داخِل الغُرفة رَاحِلة نَحوَ حَتفِي ، وَبَعد ثلاث عَشر خُطوة مِنَ التَعب ، جَلستُ عَلى كُرسِي مُحمد مُقابِلة لتلكَ النافِذة الطَويلة التِي تُطِلُّ عَلى الحَيّ، كَان الجُلوس مُخيفاً كَما كَان التنفّسُ أصْعَب ، فثمّة أتربة قَد بَنت مِن تَراكُمِها الجِبال . إلاّ إنّنِي أصريت عَلى البَقاء ، لأكْشِف عَن ذَلِك السِرُّ الذِي خبّأهُ عَنّي مُحمّد .


وَمَاهِي إلاّ لَحَظَات إذ بِضجّةٍ تَملأ الحَيّ ، وألوانُ الطُفولَةِ تُضفِي عَلى هذا العَصرِ الكَئيب لَوْنَاً أبيض ، كَما كَان حُلمُ مُحمّد الأبْيَض أن يَكُونَ لَهُ طِفلٌ يَلْعَبُ عَصراً مَع أولادِ هَذا الحَي !


بِـ : عَبَقُ ذِكْرَى.!

ثآر الله
02-03-2009, 09:45 PM
هكذا تنصهر الأحلام في بوتقة الوعي
لتنبيء عن حقيقة الشعور بلوحة امل
لايمكن وصفها الا بقلم عبق ذكرى


كـــــ الســــــاقي ــــــــــف

ولــــد ناس
02-03-2009, 09:50 PM
ماأجمل أحرفك حينما تتراقص على قمة الأبداع ..
وماأجمل كلماتك حينما تعزف لنا معاني الأحساس الصادق..
فلقد حلقت بنا الى قمم الرومانسية
شكراً لك
وتقبل مروري المتواضع
تحياتي

نبراس الحياة
02-04-2009, 07:21 PM
حروف قادتني نحو تلك النافدة لاشاهد منظر الاطفال اليومي وهم يتراقصوون لعباً هنا وهناك..
كم احزنني الم محمداً لكن شاءت الاقدار موته رغم حلمه الذي لم يكتمل..
رزقه الله باحلامه في جنان الخلد..

دام قلمكِ مبدعا ودمتِ انت له ^_^

حيدر الكربلائي
02-05-2009, 11:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اسجل اعجابي بروعة كلماتكِ
دمتي مبدعة ونجمة لامعة في سماء منتدانا
تحياتي لك

جود الزهراء
02-06-2009, 04:21 AM
بأي فلسفة نزف حرفكِ هنا... ؟
كان باذخاً وأكثر وكأنكِ خلقتي أبجدية جديده
استميحـكِ سأسكنُ بين حـنايا تلك الفلسفة طويلاً
لكِ باقة من الزيزفون وأجمل التحايا

المجروحة
02-09-2009, 04:03 PM
http://www.up-00.com/xafiles/zH182721.gif (http://www.up-00.com/)




http://www.up-00.com/czfiles/wTL82888.bmp (http://www.up-00.com/)http://www.up-00.com/czfiles/wTL82888.bmp (http://www.up-00.com/)


http://www.up-00.com/xafiles/2HZ82721.gif (http://www.up-00.com/)


http://www.up-00.com/xafiles/Bpq82721.gif (http://www.up-00.com/)




المجروحة

أنثى بملامح قمر
02-10-2009, 03:28 PM
شكرا على الطرح المميز و الله أبدعت في كلامك أخي عبق الذكرى

أسيرة الشوق
02-10-2009, 04:23 PM
مشكور أخوي عبق الذكرى على الموضوع المميز
وننتظر مزيدك
تحياتي

الموالي
02-11-2009, 01:58 AM
مااشبه غرفة الاحزان هذه بحياتنا التي نعيشها كل يوم
ولتصرخ نبضاتك عاش محمد..عاش محمد
فلقد عاش بحزنك العارم ....
الحروف قليلة نسبة الى مشاعرك الفياضة
تسلم اناملك وتقبلي مروري

فاطمة حامد
02-11-2009, 03:06 PM
يخجل قلمي أن يعبر عن جمال ما كتبتي
ليظهر انبهاري بروعتك
ودمتي بحفظ الله