المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطا ابو بكر


ام جواد
02-15-2009, 03:08 PM
خطأ الخليفة الأول ولنبين خطأ أبي بكر في تلك القضية مع وضوحها بوجوه : أما أن فدكا كانت لرسول الله فمما لا نزاع فيه ، وقد أوردنا من رواياتنا وأخبارنا للمخالفين ما فيه كفاية ونزيده وضوحا بما رواه في جامع الأصول : مما أخرجه من صحيح " أبي داود " ، عن عمر ، قال : إن أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله خاصة قرى عرينة وفدك وكذا وكذا ينفق على أهله منها نفقة سنتهم ، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله وتلا : * ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ) * الآية .
وروي أيضا : عن مالك بن أوس قال : كان فيما احتج به عمر أن قال : كانت لرسول الله ثلاث صفايا : بنو النضير ، وخيبر ، وفدك ، إلى آخر الخبر . وروى ابن أبي الحديد : قال أبو بكر : حدثني أبو زيد عمر بن شبه ، قال : حدثنا حيان ابن بشير ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : أخبرنا ابن أبي زائدة ، عن محمد ابن إسحاق ، عن الزهري ، قال : بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا ، فسألوا رسول الله أن يحقن دماءهم ويسيرهم ، ففعل ، فسمع ذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك ، وكانت للنبي خاصة ، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب " قال " : قال أبو بكر : وروى محمد بن إسحاق أيضا : إن رسول الله لما فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك ، فبعثوا إلى رسول الله فصالحوه على النصف من فدك ، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطريق ، أو بعد ما قدم المدينة ، فقبل ذلك منهم وكانت فدك لرسول الله خالصة له ، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب .
قال : وقد روي أنه صالحهم عليها كلها ، الله أعلم أي الأمرين كان .
انتهى .
وسيأتي اعتراف عمر بذلك في تنازع علي عليه السلام والعباس ، وأما أنه وهبها لفاطمة عليها السلام فلأنه لا خلاف في أنها صلوات الله عليها ادعت النحلة مع عصمتها بالأدلة المتقدمة ، وشهد له من ثبت عصته بالأدلة الماضية والآتية والمعصوم لا يدعي إلا الحق ولا يشهد إلا بالحق ويدور الحق معه ، حيثما دار ، وأما أنها كانت في يدها صلوات الله عليها فلأنها ادعتها بعد الوفاة عليها السلام على وجه الاستحقاق وشهد المعصوم بذلك لها ، فإن كانت الهبة قبل الموت تبطل بموت الواهب ، كما هو المشهود ، ثبت القبض وإلا فلا حاجة إليه في إثبات المدعى .
قد مر من الأخبار الدالة على نحلتها وأنها كانت في يدها عليها السلام ما يزيد على كفاية المنصف بل يسد طريق إنكار المتعسف ، ويدل على أنها كانت في يدها صلوات الله عليها ما ذكر أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه إلى عثمان بن حنيف ، حيث قال : " بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء ، فشحت عليهم نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، ونعم الحكم الله " وما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانها في غير جدث ! " .
وأما أن أبا بكر وعمر أغضبا فاطمة عليها السلام فقد اتضح بالأخبار المتقدمة .
ثم اعلم أنا لم نجد أحدا من المخالفين أنكر كون فدك خالصة لرسول الله في حياته ، ولا أحدا من الأصحاب طعن على أبي بكر بإنكاره ذلك ، إلا ما تفطن به بعض الأفاضل من الأشارف ، مع أنه يظهر من كثير من أخبار المؤالف والمخالف ذلك . وقد تقدم ما رواه ابن أبي الحديد في ذلك ، عن أحمد بن عبد العزيز الجوهري وغيرها من الأخبار ، ولا يخفى ، أن ذلك يتضمن إنكار الآية وإجماع المسلمين ، إذ القائل : إن رسول الله كان يصرف شيئا من غلة فدك وغيرها من الصفايا في بعض مصالح المسلمين ، لم يقل بأنها لم تكن لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، بل قال : بأنه فعل ذلك على وجه التفضل وابتغاء مرضاة الله تعالى ، وظاهر الحال أنه أنكر ذلك دفعا لصحة النحلة ، فكيف كان يسمع الشهود على النحلة مع ادعائه أنها كانت من أموال المسلمين .
واعتذر المخالفون من قبل أبي بكر بوجوه سخيفة :
الأول : منع عصمتها صلوات الله عليها ، وقد تقدمت الدلائل المثبتة لها .
الثاني : أنه لو سلم عصمتها ، فليس للحاكم أن يحكم بمجرد دعواها ، وإن تيقن صدقها ، وأجاب أصحابنا بالأدلة الدالة على أن الحاكم يحكم بعلمه ، وأيضا اتفقت الخاصة والعامة على رواية قصة خزيمة بن ثابت وتسميته بذي الشهادتين لما شهد للنبي صلى الله عليه واله وسلم بدعواه ، ولو كان المعصوم كغيره لما جاز النبي عليه السلام قبول شاهد واحد والحكم لنفسه ، بل كان يجب عليه الترافع إلى غيره .
وقد روى أصحابنا : أن أمير المؤمنين عليه السلام خطأ شريحا في طلب البينة ، وقال : إن إمام المسلمين يؤتمن من أمور على ما هو أعظم من ذلك ، وأخذ ما ادعاه من درع طلحة بغير حكم شريح ، والمخالفون حرفوا هذا الخبر وجعلوه حجة لهم ، واعتذروا بوجوه أخرى سخيفة لا يخفى على عاقل بعد ما أوردنا في تلك الفصول ضعفها ووهنها ، فلا نطيل الكلام بذكرها