المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناضرة الامام الباقر(علية السلام)


ابو زينب الطالبي
03-26-2009, 01:03 AM
كان عبد الله بن نافع بن الأزرق يقول : لو عرفت أنّ بين قطريها أحدا تبلغني إليه الإبل ، يخصمني بأنّ عليا (ع) قتل أهل النهروان وهو غير ظالم لرحلتها إليه ، قيل له : إيت ولده محمد الباقر (ع) ، فأتاه فسأله فقال (ع) بعد كلام :
الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته ، واختصّنا بولايته ، يا معشر أولاد المهاجرين والأنصار !.. مَن كان عنده منقبة في أمير المؤمنين (ع) فليقم وليحدّث ، فقاموا ونشروا من مناقبه ، فلما انتهوا إلى قوله : ( لأعطين الراية ) الخبر ، سأله الباقر (ع) عن صحته ، فقال : هو حقّ لاشك فيه ، ولكنّ عليا أحدث الكفر بعد .. فقال الباقر (ع) :
أخبرني عن الله أحبّ علي بن أبي طالب (ع) يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان ، أم لم يعلم ؟.. إن قلت : لا كفرت ، فقال : قد علم ، قال :
فأحبّه على أن يعمل بطاعته ، أم على أن يعمل بمعصيته ؟.. قال : على أن يعمل بطاعته ، فقال الباقر (ع) : قم مخصوما !.. فقام وهو يقول :
{ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } الله يعلم حيث يجعل رسالته . ص158 المصدر:المناقب 2/289 خرجت حاجّا فصحبني عمر بن ذر القاضي ، وابن قيس الماصر ، والصلت بن بهرام ، وكانوا إذا نزلوا منزلا قالوا : انظر الآن فقد حرّرنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفر (ع) منها عن ثلاثين كل يوم ، وقد قلدّناك ذلك ، قال ثوير : فغمّني ذلك حتى إذا دخلنا المدينة فافترقنا ، فنزلت أنا على أبي جعفر فقلت له : جعلت فداك !.. إن ابن ذر وابن قيس الماصر والصلت صحبوني وكنت أسمعهم يقولون : قد حرّرنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفر (ع) عنه فغمّني ذلك ، فقال أبو جعفر (ع) :
ما يغمّك من ذلك ؟.. فإذا جاءوا فأذن لهم .
فلما كان من غد دخل مولى لأبي جعفر (ع) فقال : جعلت فداك !.. إنّ بالباب ابن ذر ومعه قوم ، فقال لي أبو جعفر (ع) : يا ثوير !.. قم فأذن لهم ، فقمت فأدخلتهم ، فلما دخلوا سلّموا وقعدوا ولم يتكلّموا ، فلما طال ذلك أقبل أبو جعفر (ع) يستفتيهم الأحاديث وأقبلوا لا يتكلّمون ، فلما رأى ذلك أبو جعفر (ع) قال لجارية له يقال لها سرحة : هاتي الخوان .
فلما جاءت به فوضعته ، قال أبو جعفر (ع) : الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدّاً ينتهي إليه ، حتى أنّ لهذا الخوان حدا ينتهي إليه ، فقال ابن ذر :
وما حدّه ؟.. قال : إذا وُضع ذُكر اسم الله ، وإذا رُفع حُمد الله ، ثم أكلوا ثم قال أبو جعفر (ع) : اسقيني فجاءته بكوز من أدم فلما صار في يده قال :
الحمد الله الذي جعل لكلّ شيئ حدّا ينتهي إليه ، حتى أنّ لهذا الكوز حدّا ينتهي إليه ، فقال ابن ذر : وما حدّه ؟.. قال : يُذكر اسم الله عليه إذا شرب ، ويُحمد الله عليه إذا فرغ ، ولا يشرب من عند عروته ، ولا من كسرٍ إن كان فيه .
فلما فرغوا أقبل عليهم يستفتيهم الأحاديث فلا يتكلّمون ، فلما رأى ذلك أبو جعفر (ع) قال : يا بن ذر !.. ألا تحدّثنا ببعض ما سقط إليكم من حديثنا ؟..
قال : بلى ، يا بن رسول الله !.. قال : إني تاركٌ فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من آخر : كتاب الله ، وأهل بيتي ، إن تمسكتم بهما لن تضلّوا ، فقال أبو جعفر (ع) :
يا بن ذر !.. إذا لقيت رسول الله (ص) فقال : ما خلّفتني في الثقلين ؟.. فماذا تقول ؟.. فبكى ابن ذر حتى رأيت دموعه تسيل على لحيته ، ثم قال : أما الأكبر فمزّقناه ، وأما الأصغر فقتلناه .
فقال أبو جعفر (ع) : إذاً تصدّقه يا بن ذر !.. لا والله لا تزول قدمٌ يوم القيامة حتى يُسأل عن ثلاث : عن عمره فيما أفناه ، وعن ماله أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبّنا أهل البيت ، فقاموا وخرجوا ، فقال أبو جعفر (ع) لمولى : اتبِعهم فانظر ما يقولون ، فتبعهم ثم رجع ، فقال : جعلت فداك !.. قد سمعتهم يقولون لابن ذر : ما على هذا خرجنا معك ، فقال :
ويلكم !.. اسكتوا ما أقول ؟.. إنّ رجلاً يزعم أنّ الله يسألني عن ولايته ، وكيف أسأل رجلاً يعلم حدّ الخوان وحد الكوز ؟.. ص161 المصدر:الكشي 143