المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشزوعية التوسل باهل البيت(عليه السلام)


البصري
04-10-2009, 09:57 PM
بعد أن أقمنا الأدلة الواضحة من الكتاب والسنة وسيرة المسلمين على مشروعية التوسل. يقع الكلام في مناقشة الشبهات التي أثارها المخالفون على مشروعية التوسل والرد عليها.
الشبهة الأُولى: طلب الدعاء من الميت يُعدّ شركاً باللّه
"يعتقد السلفية أنّ طلب الدعاء من الإنسان الحي القادر على القيام بالدعاء أمرٌ جائز، ولكن طلب الدعاء من الميت الدرس السادس: التوسل: شبهات وردود:
شرك ينبغي التحرز منه و الاجتناب عنه.
جواب الشبهة
إنّ الشبهة المذكورة قائمة على اعتبار أنّ طلب الدعاء من الميت يُعدّ نوعاً من العبادة له، وحينئذ يكون من قبيل الشرك في العبادة. ولا ريب أنّ هذا التوهّم باطل، وذلك:
أوّلاً: إذا كان طلب الدعاء من الميت عبادة له فلا ريب يكون طلب الدعاء من الحي عبادة أيضاً، وذلك لأنّ ماهية العمل واحدة في الحالتين، لأنّها في الحقيقة«طلب من الغير مقترن بالخضوع» فعلى المستشكل إمّا أن يقبل بأنّ الحالتين من الشرك المحرّم، أو ينفي الشرك عن الحالتين على السواء، وأمّا التفريق بينهما بأن يقبل إحداهما وينفي الأُخرى فهو تفريق لا أساس له من الصحّة ولا يقوم على الدليل والبرهان.
ثانياً: إنّه ليس كلّ خضوع أو دعاء أو نداء أو طلب هو عبادة، بل العبادة هو الخضوع المقترن باعتقاد خاص. وبعبارة أُخرى: الخضوع أمام من يعتقد كونه ـ و العياذ باللّه ـ ربّاً، أو الاعتقاد بأنّه مخلوق ولكن فوّض إليه فعل الربّ كما يعتقد ذلك الوثنيون وعبدة الأصنام.
وأمّا الخضوع المجرّد عن هذه المعتقدات الباطلة والواهية فليس بشرك. وبعبارة أوضح: إنّ الدعاء المقترن باعتقاد كون الطرف المدعو إنساناً ذا شأن ومقام ومنزلة لدى اللّه سبحانه، ومن هنا ينطلق الداعي ليتوسّل به ويطلب منه الدعاء له عند ربّه كما كان يفعل المسلمون في حياة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد وفاته، فلا يُعدّ ذلك العمل مخالفاً للتوحيد والوحدانية أبداً.
الشبهة الثانية: لا جدوى في طلب الدعاء من الميت
قد يقال: إنّ طلب الدعاء من الميت العاجز عن استجابة دعاء الإنسان أمرٌ لا يجدي نفعاً ولا طائل فيه، وحينئذ يكون طلب الدعاء منه أمراً عبثياً وحالة لغوية لا فائدة فيها.
جواب الشبهة
إنّ هذه الشبهة تنطلق من الرؤية المادية للأُمور والتي ترى أنّ الموت يمثل نهاية الحياة وليس وراء هذه الحياة الدنيا شيء، ومن هنا فإنّ الأموات ـ وفقاً لهذه النظرية ـ يعدمون ويفنون بالكامل، ولا معنى حينئذ للطلب من المعدوم أو مخاطبته لأنّها أُمور لغوية وعبثية لا طائل فيها.
ويتّضح جواب هذه الشبهة من خلال مراجعة الآيات القرآنية والروايات، التي تؤكد على أنّ الموت لا يمثل نهاية الحياة، بل هو في الواقع مرحلة انتقال من حياة إلى حياة أُخرى، وانّ الذي يتعرض للفناء هو العنصر المادي من الإنسان، وأمّا العنصر الروحي فيبقى خالداً يحيا حياة أُخرى يطلق عليها اسم الحياة البرزخية، فإذا كان موجوداً وحيّاً فحينئذ تصح مخاطبته وطلب الدعاء منه، وانّه قادر بإذن اللّه تعالى أن يلبّي طلبنا ويستجيب دعاءنا.
" وإليك نماذج من الآيات القرآنية التي تنفي كون الموت من العدم.
1. قوله تعالى: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً) وهذه الطائفة نازلة في حق المؤمنين، إذ تبين نوع الرعاية لهم، في الدنيا والآخرة.

2. وأصرح منها قوله تعالى: (النار يعرضون عليها غدوا وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) حيث يبين الله سبحانه ما يجده العصاة من العذاب في الحياة البرزخية، مما يدل على كونهم أحياء بعد الموت. فيثبت أن الموت ليس انعداماً، وإنما هو حياة.
الشبهة الثالثة: وجود الحائل والمانع بين الأموات والأحياء
إنّ أصحاب هذه الشبهة يسلمون أنّ الموت لا يمثل نهاية الحياة وفناء الإنسان بالكامل، بل هناك عنصر مهم من الإنسان وهو الروح ينطلق إلى عالم آخر ليعيش فيه، ولكنّهم يرون في نفس الوقت انّ هناك حائلاً ومانعاً بين الأموات والأحياء أطلق عليه القرآن الكريم عنوان «البرزخ» حيث قال تعالى : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(1) وعلى هذا الأساس لا يتسنّى للموتى أن يسمعوا دعاء الأحياء، وإذا لم يسمعوه فما الفائدة من مخاطبة موجود لا يسمع الكلام؟!
جواب الشبهة
صحيح انّ البرزخ لغة معناه الحائل والمانع، ولكن المقصود من المانع والحائل هنا، هو المانع والحائل من العودة إلى الحياة الدنيا، لا بمعنى الحائل والمانع من الارتباط والاتصال بهم، وانّ الإمعان في الآية المباركة يوضح لنا وبجلاء المعنى المقصود من البرزخ حيث يقول تعالى:
(حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاّ إِنّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها).(2)
ومن الواضح أنّ الآية تشير إلى حقيقة جلية، وهي انّ المذنبين والمجرمين حينما يأتي أحدهم الموت ويواجه المصير المحتوم الذي طالما حاول التمرّد عليه والفرار منه، حينئذ يعود إلى نفسه ويدرك الحقيقة ويعرف قيمة العمل الصالح في الدنيا، فيطلب من اللّه تعالى أن يسمح له بالعودة وأن يرجعه إلى الحياة الدنيا ليتدارك ما فات (ولاتَ حينَ مَناص)(1)، وعندئذ جاء الرد الإلهي بقوله: (كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَارئهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).(2)
إذاً المراد من الحائل والمانع هنا هو الحائل والمانع عن العودة والرجوع إلى الحياة الدنيا،ولا علاقة للآية، بالمنع عن الارتباط ونفي الصلة بين الأحياء والأموات أبداً، وبالنتيجة تكون هذه الشبهة واهية كسابقاتها ولا تبتني على أساس محكم ودليل قوي.
ويمكن أن تساق مجموعة من الأدلة لبيان إمكانية الاتصال بالأموات من القرآن الكريم والسنة النبوية.
أولاً: من القرآن الكريم
في دعوة النبي صالح عليه السلام قومه إلى عبادة الله، وأمره بأن لا يمسوه معجزته- وهي الناقة- بسوء، وبعد أن عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم، قال تعالى: (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين* فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) فترى أن الله يخبر على وجه القطع والبت بأن الرجفة قد أهلكت أمة صالح، فأصبحوا في دارهم جاثمين، وبعد ذلك يخبر أن النبي صالحاً تولى عنهم ثم خاطبهم قائلاً: (لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين).
والخطاب صدر من صالح(ع) لقومه بعد هلاكهم وموتهم، بشهادة قوله (فتولى) المصدرة بالفاء المشعرة بصدور الخطاب عقيب هلاك القوم.
من الأحاديث:
أما الأحاديث الشريفة التي تشير إلى إمكان الارتباط بالأرواح فمنها:
ما روي عن النبي(ص) أنه وقف على قليب (بدر) وخاطب المشركين الذين قتلوا وألقيت جثثهم في القليب. عن أنس بن مالك: سمع أصحاب رسول الله(ص) رسول الله(ص) من جوف الليل وهو يقول يا أهل القليب يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ريبعة، يا أمية بن خلف، يا أبا جهل بن هشام، فعدد من كان منهم في القليب: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً، فقال المسلمون: يا رسول الله(ص) أتنادي قوماً قد جيفوا؟ قال (ًص): ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني[1][1]."[2][2]

الشبهة الرابعة: النبي لا يسمع خطابنا ودعاءنا
تنطلق هذه الشبهة من الفكرة التالية: انّ القرآن الكريم حينما ذم المشركين في عدم تأثرهم بكلام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعوته وعدم انصياعهم للحق، وصفهم بأنّهم كالموتى، فقال تعالى مخاطباً النبي الأكرم: (إِنّك لا تُسْمِعُ الْمَوتى)(3)، وفي آية أُخرى: (وَما أَنْتَ بِمُسْمِع مَنْ فِي الْقُبُور).(4)
وهذا تصريح واضح من القرآن الكريم بأنّ الأصل المسلّم في أنّ الموتى لا يسمعون الخطاب، ولذلك شبه القرآن الكريم المشركين بهم، ومن المعلوم أنّ الآيات مطلقة تشمل جميع الموتى بما فيهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومن هنا يمكن القول إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد رحيله عن هذه الدنيا هو أيضاً لا يسمع الخطاب الموجّه إليه من الإنسان الحي، وفقاً لإطلاق الآيات المذكورة. فإذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يسمع دعاءنا وخطابنا فما هي الفائدة والثمرة من خطابه وطلب الدعاء منه؟!
جواب الشبهة
لا شكّ أنّه يوجد في كلّ عملية تمثيل أو تشبيه «وجه شبه» يدور حوله التشبيه أو التمثيل المذكور، فحينما نشبه: زيداً بالأسد ونقول: «زيد كالأسد»، أو «زيد أسد» فإنّ وجه الشبه هنا هو «الشجاعة» الموجود في المشبه والمشبه به.
وحينئذ لابدّ من التركيز على هذه النقطة لنرى ما هو وجه الشبه بين المشركين والأموات، أو بين المشبه والمشبه به في الآية؟
من المستحيل القول بأنّ وجه الشبه بينهما هو نفي السماع بصورة مطلقة، وذلك لأنّه على فرض صحّة ذلك في الميت وانّ الميت لا يسمع مطلقاً وانّه يفتقد للقوّة السامعة، ولكن ذلك لا يصحّ في حقّ المشركين، لأنّ المشركين يسمعون كلام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكلام غيره ممّن يخاطبونهم ويتكلّمون معهم، وهذا أمر ثابت بالوجدان.
إذاً لابدّ من القول بأنّ وجه الشبه شيء آخر وهو: نفي السماع النافع والمفيد، بمعنى أنّه كما أنّ خطاب الميت ودعوته للقيام بالعمل الصالح لا تجدي له نفعاً، لأنّه قد انقضى زمان العمل، كذلك دعوة المشركين إلى الإيمان والعمل الصالح دعوة لا فائدة فيها ولا طائل وراءها، لأنّ المشرك يفتقد كلّ المقومات الروحية التي توفر له أرضية قبول الدعوة والإذعان لها، وحينئذ لا فائدة من مخاطبته أبداً.
وتتّضح هذه الحقيقة من خلال الآيات والروايات الكثيرة التي وردت في إطار الحديث عن الحياة البرزخية للمؤمنين والمشركين.
وبعبارة مختصرة: انّ دعوة المشركين إلى العمل الصالح كدعوة الموتى، لا يجني صاحبها أية ثمرة من خطابه لهم، لأنّ الميت وإن كان يسمع الخطاب ولكنّه لا يستجيب للقيام بالعمل الصالح، لأنّه قد انقضى زمن ذلك، وأمّا المشرك فإنّه هو الآخر لا يقوم بالعمل الصالح لا لأنّه لا يسمع، بل لأنّه لا تتوفر فيه الأرضية المناسبة للقيام بالعمل.
والجدير بالذكر أنّ ابن قيم الجوزية تلميذ ابن تيمية فسّر الآية في كتابه «الروح» بنفس هذا التفسير، ولا ريب أنّ تفسيره للآية بهذا النحو يعني عدوله عن نظرية أُستاذه ومخالفته له فيها.
هذه مجموعة من الشبهات التي قد أُثيرت أو تثار حول التوسل بدعاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد رحيله. [3][3]"

أفضال
04-11-2009, 12:50 AM
مشكور على الطرح الجميل

البصري
04-11-2009, 11:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيك اختي نضال على المرور موفقه الى كل خير

أفضال
04-12-2009, 04:11 PM
مشكور ولكن أسمي أفضال وليس نضال

البصري
04-13-2009, 09:53 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
العفو ياخي افضال مشكوره على المرور موفق الى كل خير