المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحرمان البشري يحاصر تجمعا سكانيا يضم 200ألف نسمة قرب الطائف والحكومة تغمض أعينها عنه


سلمان الفضل
04-22-2009, 12:30 PM
التنمية في مملكتنا لم ولن تشمل كافة المناطق، فهي تنمية مزاجية تعتمد على درجة ولاء المناطق لعائلة آل سعود ومدى ما يقدمونه من خدمات لهذه العائلة حتى لو كانت على حساب كرامة وشرف المواطنين، وخلاف ذلك فإن المناطق ستظل محرومة من أية خدمات وتبقى قابعة في مؤخرة قائمة التنمية دون الالتفات إليها حتى لو كانت هذه المناطق تجمعات بشرية كبيرة أو مدنا أو بلدات مجاورة لها وقريبة منها.
ففي جنوب محافظة الطائف هناك تجمعات سكانية لبعض القرى تضم أكثر من 200 ألف نسمة، يشكلون أكثر من ربع سكان المحافظة يعانون الحرمان الشديد من كافة الخدمات التي يفترض أن يتمتع بها مواطن يعيش في أغنى بلد بترولي.
قرى بني مالك، ثقيف، ميسان، الحمة الشاحطة، الصخرة، رخمات، العرق وداما وغيرها من القرى الأخرى في المنطقة تعاني من نقص المشاريع المهمة في تقديم الخدمات الضرورية للمواطن، فسكانها يعيشون في مساكن بدون وجود مخططات سكنية حيث لا صكوك معتمدة لها، وهي أيضا مناطق لم تدخل ضمن المخططات العمرانية.
ورغم وجود موارد سياحية وقرى أثرية بهذه المنطقة إلا أنها محرومة من تطوير مرافقها السياحية، والأكثر من ذلك فإن أنفاق الطرق لا كهرباء فيها.
ورغم تعداد هذه المنطقة الذي يقترب من ربع المليون ساكن فإن المواطن فيها إذا ما أراد استخراج جواز سفر أو تسجيل مولود أو غير ذلك فإنه سوف يفكر في السفر 150 كيلو مترا لإنهاء معاملته فلا مكتب للجوازات ولا مكتب للأحوال الشخصية فيها بل لا يوجد بها حتى مركز للمرور أو مكافحة المخدرات أو مكتب للعمل والأوقاف فهي منطقة حكمت عليها عائلة آل سعود بالتخلف بكل معانيه البشرية والاقتصادية.
ويحلم الأهالي بوجود فروع للجوازات والأحوال المدنية والمرور ومكافحة المخدرات والعمل والمياه وكتابات العدل والأوقاف بالإضافة إلى توفير دوريات أمن الطرق على الطريق السياحي، التي لا وجود لأي منها، وكذلك تحويل مكتب البلدية في قرية حداد بني مالك إلى مجمع قروي، وتطوير مخافر الشرطة ودعمها بالمعدات والأفراد التي تفتقر إليها.
حلم الأهالي هذا يتمادى أيضا إلى استكمال سفلتة الطرق التي تربط بين قرى بني مالك، ثقيف، ميسان، الحمة الشاحطة، الصخرة، رخمات، العرق وداما حيث يعاني الأهالي من صعوبة التواصل بين بعضهم البعض لوعورة الطرق.
ويحلم الأهالي أيضا بتحويل مكتب التربية والتعليم إلى إدارة تعليمية لخدمة ما يزيد عن 80 مدرسة ومجمعا تعليميا. يدرس بها أكثر من 12 ألف طالب وطالبة.
ويقول يحيى بن الحسن المالكي: أصبحنا في حاجة ماسة إلى كليات لتعليم البنات والبنين تخدم الطلاب والطالبات، حيث تبعد قرانا عن مدينة الطائف ما يزيد عن 140 كيلو مترا تقريبا وهناك العديد من الطالبات حبيسات المنازل لعدم مقدرة أولياء أمورهن على إيصالهن إلى الكليات.
وأوضح بأنه رغم تحديد موقع وتسليمه للبلدية لإكمال الإجراءات حيال ذلك، إلا أنه لم يهتم أي أحد من المسؤولين. كما أن هناك طلبا مقدما لرفع مركز حداد إلى محافظة، وتم عمل حصر للقرى والهجر والمراكز المجاورة، لكن شيئا من هذا لم يحدث وكأننا محكوم علينا بالشقاء.
أما مشكلة مياه الشرب في هذه القرى فإن المأساة التي يعيشها الأهالي في ذلك تخيل إليك وكأنهم يعيشون خارج المملكة أو أنهم يعيشون في معتقل كبير تم نفيهم فيه ومنعت عنهم مياه الشرب.
تحدث المواطن محمد الحارثي بمرارة عن معاناة أهالي جنوب محافظة الطائف مع مياه الشرب قائلا حيث إن مراكز جنوب الطائف كمركز القريع وحداد وثقيف تبعد عن محافظة الطائف بحوالى 150 كيلومترا باتجاه الجنوب الغربي، فإننا تفتقر للمياه الجوفية، بسبب جفاف الآبار التي كانت تغطي معظم القرى والهجر بمياهها العذبة، ولقد أصبح أهالي وسكان هذه المنطقة يعانون الكثير من صعوبة الحصول على المياه، مما جعلهم يشترون وايت المياه العادي بـ 250 ريالا، يتضاعف كلما زادت المسافة للمساكن البعيدة.
أما الشيخ رشيد بن مساعد فقد عبر عن همومه بقوله: نحن في حاجة ماسة لتوفير العديد من فروع الدوائر الحكومية الخدمية، ونعاني من مشقة السفر لإنهاء العديد من المعاملات في المحافظة، ومن المهم جدا افتتاح فروع للجوازات، المرور، مكتب العمل، والأحوال المدنية لإنهاء معاناة السفر إلى المدن المجاورة لما تسببه لنا من ضياع للوقت وإنهاك لقوانا ناهيك عن حالات حوادث الطرق التي راح ضحيتها الكثير من شبابنا وهم في طريقهم لاستكمال بعض الإجراءات في الطائف.
ورغم تخوفه من الحديث لوسائل الإعلام غير أن عضو لجنة تطوير القرى في ثقيف جمعان عطية الثقفي قال إن ثقيف بحاجة ماسة إلى العديد من المشاريع التنموية، التي تسهم في ارتقاء المنطقة، وراحة المواطن، وفي مقدمتها إيجاد شبكة للمياه، تنفيذ مركز صحي قيا، استكمال مشروع عقبة شهدان، والبدء في تنفيذ مستشفى ترعة ثقيف الذي طال انتظاره دون جدوى، بالإضافة إلى العديد من المشاريع البلدية، كمشروع الإنارة، تهيئة المنتزهات، صيانة الطرق المنفذة مسبقا، والتي تهالكت، وخاصة الطريق المؤدي إلى منتزه شهدان، وأصبح يشكل خطرا داهما على العابرين لانهيار بعض أجزائه.
المواطن بشير يحيى الريس أدلى بدلوه فأشار إلى تأخير تنفيذ المعهد المهني، موضحا بأنه رغم تسليم الأرض الخاصة به إلى المؤسسة العامة للتدريب المهني بعد تسويتها على نفقة الأهالي،إلا أنها ظلت على حالها، رغم أن هذا المعهد في حال وجوده يخدم مراكز جنوب الطائف جميعها.
وأضاف بأن حلمه كان يبتعد كثيرا قبل أن يصطدم بحجرة الواقع القاسية، ليرى المعهد وقد تحول إلى كلية تقنية، تخدم أبناء هذه المراكز، وتحد من الهجرة من القرى إلى المدن.
المواطن سالم الحارثي أصر على أن يتحدث عن الأنفاق فطالب بضرورة صيانتها قائلا بأنه مضى عليها 28 عاما دون إضاءة، وراح ضحيتها كثير من الأبرياء بسبب حوادث السير فيها.
وأوضح الحارثي بأن المسؤولين يضحكون علينا، لأن الشركة التي يفترض تنفيذها للإضاءة تعمل لفترة قصيرة من الزمن، ثم تختفي لتعود بعد عدد من الأشهر.
مرارة الأهالي من شح الخدمات الصحية وتعثر مشاريعها في هذه القرى ومعاناة الأهالي عبر عنها بعض المواطنين بكل مرارة ويأس، وحسب علي الثقفي، سعد الحارثي ونائف المالكي، فإن مستشفى قيا العام، الذي بدأ العمل فيه منذ ما يزيد عن ست سنوات دون أن يكتمل، يعد من أهم المشاريع المتعثرة، بالإضافة إلى مستشفى ترعة ثقيف، فرغم استلام الأرض منذ سنوات، إلا أن المشروع لم ينطلق بعد.
كما يطالب الأهالي بتطوير مستشفى القريع العام، الذي يقبع في مبنى مركز صحي متهالك، يقدم الخدمات الصحية تحت سقف صفيح الشنكو، وينتظر المراجعون دورهم للدخول إلى عيادات كانت سكنا للممرضات.
وأضاف علي المالكي يقول إن الأهالي في جنوب الطائف يعيشون معاناة مراجعة الدوائر الحكومية المختلفة كالجوازات والمرور (قسم الرخص) ومكتب العمل والمياه والأحوال المدنية والبلدية لمتابعة معاملاتهم مما يجعلهم عرضة للسفر بشكل مستمر إضافة إلى معاناتهم مع عدم وجود كتابات عدل. وأصبح الحصول على وكالة يتطلب من الأهالي السفر للمراكز الأخرى بحثا عن قاض يقوم بتنفيذ طلب المراجع.
الحرمان البشري الأهم في هذه المنطقة يتمثل في حرمان الأهالي من حق التعليم وإغلاق المدارس بالقرى والهجر،
ويشير الكثير من الأهالي إلى أن هذا الوضع ساهم في هجرة السكان لمنازلهم وفي تدني نسبة المتعلمين من ذوي المؤهلات الجامعية.
أما خدمة الاتصالات فإن الموجود بهذه المنطقة لن يصدق أنه في المملكة، فالخدمة متعثرة ولا تصل إلى جميع القرى.
وكالة أنباء الجزيرة "واجز"
http://www.wagze.com/ (http://www.wagze.com/)