المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ~:: الشيعة والسب واللعن ::~


أبو حيدر
04-27-2009, 06:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

~:: الشيعة والسب واللعن ::~

السّب واللعن:

- اللعن: واقع ما دامت المعصية الموبقة توافق خيارات الإنسان.

- والسّب: خلق سيئ يبرز عندما يجوز الآدمي بخياراته خيار ربه له.

وقد ورد معنى السّب في القرآن مرتين في آية واحدة تحكي الفعل قال تعالى:

(ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً بغير علمٍ). في حين عولجت معاني اللعن بما يحكي الأفعال والأسماء في القرآن الكريم في أكثر من أربعين آية.

السّب: هو تعبير انفعالي سلوكي أو لغوي يصدر في الغالب عند عدم الرضا من المسبوب وعند استصغاره، فيصفه السّاب بذميم الصفات، أو يلعنه دون استحقاق كما سنبين.

لذا فالسّب يشير إلى حالة نفسية غير سوية عند السّاب تجعله غير متوازن فهو مهزوز بما يكشف دوما ضعف في نفس السّاب يتنافى مع ما يتمتع به صاحب الخلق الحسن من حلم وسعة صدر وتسامح، والسّب يكشف أيضا عن جهل، كما يصف ذلك القرآن الكريم في الآية الآنفة الذكر.

وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام مر بهم بصفين: إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر. وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم أحقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ظلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به.

وهذا هو هدي النبوة ونور العصمة ينطق به أمير المؤمنين (عليه السلام) ويوصي به إمام المتقين، فالسّب عمل هابط دون ميزان الإنسانية للآدمي والمفترض بالذي يسب أن يعرف بالحق ليزج ظلام الجهل، ويفضح الغي والعدوان، ليرعوي ويرتدع تابعهما بدل من السّب الذي لا يزيد المسبوب إلا تعنتاً وغيا، لأنه يسهم في زيادة حالته النفسية انفعالا ويملئها بالحقد، ولا يزيد السائر في درب الغي والعدوان إلا غياً وعدواناً.

بل إن أمير المؤمنين يمضي إلى أكثر من هذا حين يرى في السّب زكاةً له ثقة منه (عليه السلام)، بأن السب ما هو إلا كلام يقصد به الإغاظة في الغالب دون قصد معانيها، فالشتائم تعطي معنى معكوس حين تفصح عن حال السّاب والمسبوب.

قال الأمير (عليه السلام) لأصحابه:

(أما أنه سيظهر عليكم رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد ويطلب ما لا يجد فاقتلوه، ولن تقتلوه، إلا وأنه سيأمركم بسبي والبراءة مني، فأما السّب فسبوني فإنه زكاة لي ولكم نجاة، وأما البراءة، فلا تتبرؤا مني، فإني ولدت على الفطرة وسبقت للإيمان والهجرة).

والأمير يقول: فسبوني فإنه لي زكاة، ذلك لأن السّب أصلا هو عمل هابط في معاني الإنسانية وخلق سيئ لا يصدر إلا عن فاقد لمميزاته الآدمية ومنحرف عن فطرته، والسّب هو بمثابة الكشف لماهية السّاب إزاء سيد الأوصياء كامل الفطرة الذي كرم الله وجهه، فالسّب هو عمل لا قيمة له مطلقا إزاء من لا يرقى إليه الطير وينحدر عنه السيل.. مقابل كل هذا، فإذا كان السّب بغيته وقلة حظه من الدنيا والآخرة، فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثلما يتزكى بالسّب يفوز بنجاة شيعته وأنصاره الذين يحفظ بهم الخط الرسالي لدين الله ويفضح للأمة المنافقين، فقد قال المصطفى: (يا علي لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق).

ثم هي حكمة ماضية جرت على لسان الناس ونظمها المتنبي في قوله:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني فاضل

فالسّباب خلق من لا فضيلة لهم.. وهو بيان افتضح به الأمويون حين جعلوا سبّ الإمام (عليه السلام) سنة خبيثة أجروها لمدة أكثر من أربعين عاما وعلى 70 ألف منبر، وكتاب الله يصرح بقول الله بأمر بمودة آل محمد (صلى الله عليه وآله) والأمويون جعلوا سبهم سنة.

والغريب أن ينسى أعداء الله هذا أو تناسوه للأمويين، فهم أمراء المؤمنين وخلفاء رسول الله!! والذين يذكرون الناس بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في لعن بني أمية، هو المنحرف؟!

وعلى هذا فالذين يطيعون الله ورسوله في مولاة أهل البيت (عليهم السلام) ومودتهم والتشيع لهم، هم الذين يتعرض لهم اتباع أمية بالسّب بل ويرون أنه سنة كما كان يراها خلفاؤهم الأمويون.

هذا مثلا؟ ابن حجر في كتابه (الصواعق المحرقة) يقول في صفحة (58) من هذا الكتاب عن الشيعة والرافضة.

عليهم لعنة الله وملائكته والناس أجمعين .

ويعرف الرافضة في نفس كتابه هذا وعلى الصفحة (9): (إن الرافضي من يقدم علياً على أبي بكر وعمر).

انظر إلى أي حد من الهبوط الإنساني يبلغ بالسّاب واللاعن دون حق، فلو علم هذا أن الله سبحانه و تعالى ورسوله هما اللذان قدما علياً (عليه السلام) على أبي بكر وعمر، فقد كرم الله وجهه فلم يسجد لصنم قط بفضل الله تعالى، وبمبادرته للإسلام قبلهما على يد رسوله، بل هما (أبو بكر وعمر) يرويان أن علياً أفضل منهما وفي ذلك أحاديث صريحة صدرت عنهما.. وحسب تعريف ابن حجر هذا يكون الله ورسوله من الروافض، وحتى أبو بكر وعمر هما روافض فضلاً عما هو معروف عن كبار الصحابة مثل عمار وأبو ذر، والمقداد وسلمان… وقد سب الجميع فكفر (أولئك الّذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم) [سورة محمد: آية 23].

لا ترون أن السّب يفضح صاحبه أولاً ويزكي المسبوب؟

ماهية السّب والشتم:

كل قول بذيء أو ذميم أو فاحش يصدر عن الآدمي يريد به الانتقاص من المسبوب أو إغاظته، حتى وإن كان ذلك القول يطابق الواقع وحتى أن قاله بانفعال أو بمزاح بارد، وكل طعن ولعن يرمى به بريئا فهم سب وشتم إلا أن يكون تعبيرا عمن لعنهم الله تعالى أو أمر بلعنهم وسيأتي البحث في ذلك.

وعند معظم مراجعنا الكرام حفظهم الله، فإن مجرد اللفظ البذيء ممنوع، إذ فيه إثم الفحش، إلا أن يقصد بذلك اللفظ واقع الشيء وحقيقته، أما في غير ذلك فعند الحاجة إلى ذلك اللفظ البذيء الذي فيه الفحش، فيمكنك أن تقوله متهجيا لفظة حرفاً حرفا.

وقد جاء عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله)، قال يا رب: ما حال المؤمن عندك؟ قال يا محمد من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة وأنا أسرع إلى نصرة أوليائي.

وقد أخفى الله تعالى ثلاثاً في ثلاث، أخفى غضبه في معاصيه ورضاه في طاعته وأولياءه في عباده، وكي يتجنب الآدمي غضب الله تعالى فعليه أن يتجنب كل المعاصي، وكذا ليحضى برضاه عليه أن يأتي بكل الطاعات، ولكي يتجنب مبارزة الله تعالى عليه أن لا يتعرض لعباد الله تعالى بسب أو لعن أو طعن أو شتم أو غيبة… أو ما يهين أو يشين.

اللعن واللاعنون والملعونون:

اللعن: هو الطرد من الرحمة، فإن كان اللعن صادر من الرحمن الرحيم جل وعلا، فإنها الخسارة الكبرى والواقع الذي لا مناص منه، فكل خسارة دون رحمة الله ليست بخسارة، وكل شيء دون إرادة الله تعالى غير واقع لا مناص منه.

ولو أطلق اللعن مجرد لفظ يخص شخصا، حقدا أو طعنا وليس حقيقة فلا واقع له إلا أنه يعتبر سبا وسوء خلق ممن صدر عنه، وفيه جرأة على الله تعالى كبيرة، لأنه يتقول على الله تعالى بما لم يشأ. فلا يكون اللعن واقعاً إلا إذا صدر من لدن الله تعالى أو من رسوله الذي لا ينطق عن الهوى، أو من أئمة الهدى الذين عصمهم الله من الزلل وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بإرادته جل وعلا وإرادته نافذة في خلقه.

ولقد لعن الله تعالى من خلقه ما ذكرهم في كتابه في أصناف هم: الخارجين على خيارته لبني آدم والمخالفين لإرادته من الكافرين والمشركين والمنافقين والظالمين فقال في الكافرين:

ـ (إنّ الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً) [الأحزاب: الآية 64].

ـ (ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلاّ قليلاً)[النساء: الآية46].

ـ (فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين)[البقرة: الآية161].

وقال تعالى في المنافقين والمشركين:

ـ (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفّار نار جهنّم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذابٌ مقيمٌ)[التوبة: الآية 68].

ـ (ويعذّب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظّانّين بالله ظنّ السّوء عليهم دائرة السّوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنّم وساءت مصيراً)[الفتح: الآية6].

وقال الله تعالى في الظالمين:

ـ (كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أنّ الرّسول حقٌّ وجاءهم البيّنات والله لا يهدي القوم الظّالمين أولئك جزاؤهم أنّ عليهم لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين)[آل عمران: الآية87].

ـ (فأذّن مؤذّنٌ بينهم أن لعنة الله على الظّالمين)[الأعراف: الآية44].

ـ (ألا لعنة الله على الظّالمين)[هود: الآية 18].

والظلم كما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب. فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى (إنّ الله لا يغفر أن يشرك به). وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا. القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدى ولا ضربا بالسياط ولكنه ما يستصغر معه ذلك فإياكم والتلون في دين الله. وإما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات. نهج البلاغة الجزء الثاني: ص95.

وللخلاص من ظلم العباد يوصي أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: أنصف الله وانتصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك ألا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته وكان لله حربا حتى ينزع ويتوب وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد.

وهو بيان بليغ لمعاني لعنة الله للظالمين من لدن سيد البلغاء أمير المؤمنين (عليه السلام).


- الفئة الثانية من الملعونين:

الذين يكتمون ما أنزل الله هم والذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه من اليهود وأصحاب السّبت والذين يطعنون في دين الله قال تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسيةً يحرّفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظًّا ممّا ذكّروا به ولا تزال تطّلع على خائنةٍ منهم إلاّ قليلاً منهم فاعف عنهم واصفح إنّ الله يحبّ المحسنين)[المائدة: الآية 13].

وأصحاب السّبت ملعونون، ومن هم في مثلهم: (يا أيّها الّذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلنا مصدّقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنّا أصحاب السّبت وكان أمر الله مفعولاً)[النساء: الآية 47].

وفيهم يقول تعالى أيضاً:

(قل هل أنبّئكم بشرٍّ من ذلك مثوبةً عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطّاغوت أولئك شرٌّ مكاناً وأضلّ عن سواء السّبيل)[المائدة الآية60].

وفي إشارة واضحة لليهود يقول تعالى:

(ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت ويقولون للّذين كفروا هؤلاء أهدى من الّذين آمنوا سبيلاً أولئك الّذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً)[النساء الآية52].

وقال تعالى: (إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للنّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون)[سورة البقرة الآية159].


- الفئة الثالثة: إبليس وتابعيه من الإنس والجن وكل من تجرأ على بني آدم متعمداً في معصية الله تعالى.

قال تعالى في الشيطان ومن تبعه:

(إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً وإن يدعون إلاّ شيطاناً مريداً لعنه الله وقال لأتّخذنّ من عبادك نصيباً مفروضا)[النساء: الآية 118].

وقال فيمن يقتل مؤمناً متعمداً: (ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً)[النساء: الآية93].

ويلاحظ أن مفردة غضب الله تكون في القرآن في الغالب قرينة لعنته سبحانه وتعالى.

وفي المتجرئين على الله والناكثين لعهده يقول تعالى:

(والّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللّعنة ولهم سوء الدّار)[الرعد: الآية 25].

وفي إبليس يقول تعالى: (وإنّ عليك اللّعنة إلى يوم الدّين)[الحجر: الآية 35].

(وإنّ عليك لعنتي إلى يوم الدّين)[ ص: الآية 78].

الفئة الرابعة: الذين إذا تولوا في الأرض أفسدوا فيها وقطعوا أرحامهم، والذين يؤذون المؤمنين، والذين يرمون المحصنات الغافلات والذين يؤذون الله ورسوله.

قال تعالى: (فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم أولئك الّذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم)[محمد: الآية23].

وقال تعالى: (إنّ الّذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدّنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهيناً والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) … إلى قوله تعالى: (ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتّلوا تقتيلاً)[الأحزاب: الآية 57 ـ 61].

ولعن الله الذين يرمون المحصنات الغافلات: قال تعالى: (إنّ الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدّنيا والآخرة)[النور: الآية 23].

الفئة الخامسة: من الملعونين هم الذين لعنهم الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) أو لعنهم الأنبياء أو الذين لعنهم الأئمة المعصومين (عليهم السلام) من عترة المصطفى الذين طهرهم الله تطهيرا واذهب عنهم الرجس بإرادته وبنص وحيه.

فأما الذين لعنهم الأنبياء فيقول تعالى:

(لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم)[المائدة: الآية 78].

وأما الذين لعنهم محمد (صلى الله عليه وآله) فهم كل من آذاه وآذى آل بيته ووصيه علي بن أبي طالب، وابنته فاطمة وابنيه الحسن والحسين ولعن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) كل من حاربه وناصبه العداء ومنعه من أداء رسالته وكل من تآمر عليه وعلى دين الله وكاد للإسلام، وفيما يلي نورد تلك الأصناف التي لعنها النبي محمد (صلى الله عليه وآله).


- أولا: لعن (صلى الله عليه وآله) الذين تآمروا على حياته الشريفة والذين تصدوا له ليمنعوه أو يعيقوه من أداء رسالته التي كلفه الله تعالى بها: مثال، ورد في كتاب الخصال لأبي جعفر بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق الجزء الثاني ص 397-398 مع تفصيل في الإسناد عن ابن موسى عن محمد بن موسى الدقاق، عن محمد بن محمد ابن داود الحنظلي، عن الحسين بن عبد الله الجعفي، عن الحكم بن مسكين عن أبي الجارود عن أبي الطفيل عامر بن واثله قال: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن أبا سفيان في سبعة مواطن:

أولهن: يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجرا وأبو سفيان جاء من الشام، فوقع فيه أبو سفيان يسبه ويوعده، فهم أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله.

والثانية: يوم العير: إذ طردها ليحرزها من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلعنه الله ورسوله.

والثالثة: يوم أحد، قال أبو سفيان: أعل هبل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الله مولانا ولا مولى لكم.

والرابعة: يوم الخندق، يوم جاء أبو سفيان في جمع من قريش فردهم الله بغيضهم لم ينالوا خيرا، وانزل الله عزّ وجل في القرآن آيتين في سورة الأحزاب، فسمى أبو سفيان وأصحابه كفارا، ومعاوية يومئذ مشرك عدو لله ولرسوله.

والخامسة: يوم الحديبية، والهدي معكوفاً إن يبلغ محله، وصد مشركوا قريش رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المسجد الحرام وصدوا بدنه أن تبلغ المنحر، فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يطف بالكعبة ولم يقض نسكه، فلعنه الله ورسوله.

والسادسة: يوم الأحزاب، يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وعامر بن الطفيل بجمع هوازن، وعيينه بن حصين بغطفان، وواعدهم قريظة والنضير أن يأتوهم، فلعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) القادة والأتباع وقال: أما الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمنا، وأما القادة فليس منهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج.

والسّابعة: يوم حملوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة وهم اثنا عشر رجلاً من بني أمية وخمسة من سائر الناس، فلعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من على العقبة غير النبي (صلى الله عليه وآله) وناقته وسائقه وقائده.

وفي نفس المصدر (الخصال) الجزء الأول ص191، وبتفصيل في السند أيضا عن عبد الله بن عمر، أن أبا سفيان ركب بعيرا له ومعاوية يقوده ويزيد يسوق به، فلعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الراكب والقائد والسائق.


- ثانيا: لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعنا تشريعيا لمطلق المنع في فعل ما أو من باب التحذير والتوجيه أمثال:

ـ ملعون ملعون من ضيع من يعول

ـ ملعون ملعون مبغض علي بن أبي طالب

ـ ملعون ملعون من يظلم ابنتي فاطمة.

ـ من أبغض عترتي فهو ملعون.


- ثالثا: أشار الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى أفعال كونها من الأصناف الملعونة في القرآن، أمثال الكافرين والظالمين والذين يؤذون رسول الله.. أمثال:

المثال الأول: روى الطبري في تاريخه الجزء 11 ص356، والواقدي وكافة رواة الحديث، أن الحكم ابن أبي العاص كان سبب طرده وولده مروان حين طردهما رسول (صلى الله عليه وآله)، أن الحكم اطلع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً في داره من وراء الجدار وكان من سعف، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوس ليرميه فهرب.

وفي رواية أنه قال للنبي (صلى الله عليه وآله) في قسمة خيبر: اتق الله يا محمد!، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لعنك الله ولعن ما في صلبك، أتأمرني بالتقوى؟! وأنا جئت به من الله تعالى اخرج فلا تجاورني فلم يريا الأطريدين، حتى ملك عثمان فأدخلهما.

المثال الثاني:

روى الترمذي في الجامع، وأبو نعيم في الحلية، والبخاري في الصحيح، والموصلي في المسند وأحمد في الفضائل والخطيب في الأربعين عن عمران بن الحصين وابن عباس وبريده أنه رغب علي (عليه السلام) من الغنائم في جاريه، فزايده حاطب بن بلتعه وبريد الأسلمي، فلما بلغ قيمتها قيمة عدل في يومها أخذها بذلك، فلما رجعوا وقف بريدة قدام الرسول (صلى الله عليه وآله) وشكى من علي، فأعرض عنه النبي (صلى الله عليه وآله) ثم جاء عن يمينه وشماله ومن خلفه يشكو فأعرض عنه، ثم قام إلى بين يديه فقالها، فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) وتغير لونه وتربد وجهه وانتفخت أوداجه وقال: مالك يا بريدة! ما آذيت رسول الله منذ اليوم؟ أما سمعت الله تعالى يقول: (إنّ الّذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدّنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهيناً)[الأحزاب: الآية 57].

أما علمت أن عليا مني وأنا منه وإن من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم، يا بريدة أنت اعلم أم الله أعلم؟ أم قراء اللوح المحفوظ أعلم؟ أنت أعلم أم ملك الأرحام أعلم؟ أنت أعلم أم حفظة علي بن أبي طالب؟ قال: بل حفظته، قال: وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة عليّ أنهم ما كتبوا قط عليه خطيئة منذ ولد، ثم حكى عن ملك الأرحام وقرّاء اللوح المحفوظ وفيها: ما تريدون من علي، ثلاث مرات، ثم قال: إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. وفي رواية أحمد: دعوا عليا.

وهذه الرواية واضحة في تصنيف الذين يؤذون الإمام علي (عليه السلام) من أصناف الملعونين في القرآن في محكم قوله تعالى الوارد في هذه الرواية.

وجاء اللعن على لسان الأئمة المعصومين أيضا في أصناف هي أصناف الذين لعنهم الله ورسوله:

أولا: ما جاء في قول أمير المؤمنين (عليه السلام) للأشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة يخطب فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث فقال يا أمير المؤمنين هذه عليك لا لك فخفض (عليه السلام) بصره إليه فقال: (ما يدريك وما عليّ مما لي عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين. حائك أبن حائك منافق أبن كافر، والله لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أخرى.. فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك. وإن امرأً دل على قومه السيف وساق إليهم الحتف، الحري إن يمقته الأقرب ولا يأمنه الأبعد.

ثانياً: ما جاء في توجيهات الأئمة (عليهم السلام) من أمثال لعن الكافرين والظالمين والمنافقين.. ولعن الذين تصدوا للأئمة في دعوتهم لله تعالى.. والقول المشهور عن العباس في حضرة الحسين (عليه السلام) حين دعاه شمراً، وقد أخذ له الأمان من ابن زياد باعتباره من أخواله: صاح الشمر يوم الطف أين بنو أختنا أين العباس وأخوته.. فقالوا له ماذا تريد؟ ـ بعد إعراض ـ فقال لهم لكم الأمان من ابن زياد فخلوا معسكر الحسين، فرد عليه أبو الفضل: لعنك الله ولعن أمانك.. أتئمننا وابن رسول الله لا أمان له. وقد ورد اللعن من لدن الإمام المعصوم في التوجيه وفي تفقيه الأمة بدينها قالوا (عليهم السلام) مثلا:

ـ المنجم ملعون، والكاهن ملعون، والساحر ملعون، والمغنية ملعونة.

ـ ملعون من ظلم أجيراً أجرته.

ـ من آذن الله فهو ملعون.

ـ المحتكر ملعون.

ـ ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها خمر

ـ ملعون ملعون من آذى جاره..

ـ ملعون ملعون قاطع رحمه.

ومثل ذلك كثير.

ملخص القول:

إن اللعن: هو الطرد من رحمة الله تعالى والبوء بغضبه، ولذا فهو واقع يتجسد عن معاصي بعض الآدميين في الأصناف المذكورة، فلا مناص من هذا الواقع لكل من فضل خيار نفسه على خيار خالقه المحسن له، فهم الخارجون على طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعته واختارهم لدينه وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بإرادته وكتب على العباد مودتهم وأمر بالرجوع إليهم، ثم هم السفينة المنجية وأحد الثقلين، ولذا فاللعن واقع لإرادة الله سبحانه وتعالى، والملعون هو من يشك في لعن من لعنه الله تعالى ولعنه رسول (صلى الله عليه وآله)، ولعنه أولي الأمر الأطهار المعصومون (عليهم السلام).أ

أما السّب فإنه تعبير لغوي أو سلوكي عن احتقار الآدمي لأخيه سواء بهيئة أو بإشارة أو بلفظ ذات معاني قبيحة، بل حتى اللعن إذا لم يقع أو إذا لم يكن واقعا صحيحا فإنه سب.

والسّب مع أنه معصية موبقة إلا أنه تعبير عن سوء خلق صاحبه ودليل هبوط مميزاته الآدمية. لأنه يتضمن معظم رذائل النفس كالجهل والتكبر اللذان يدفعان إلى احتقار الإنسان لأخيه الإنسان، ولأنه يحسن استعمال القبح في غير موضعه أو لأنه يقول مالا واقع له، فهو بلا مروءة ولأنه خالي من فضائل النفس، مثل الحلم والعلم والتسامح.. فلو حلم واتسع صدره لما لجأ إلى السّب ولم علم لخاف العاقبة ولاستحيا من سوء الخلق ولو كان سمحاً لما تسلح بالسّباب.

فالسّب هو خلق الأراذل على مر التاريخ، وحتى عند من لا دين لهم وجدت هذه الطرفة ولا بأس في أن أنقلها لكم:

لما ظفر الحجاج بعمران بن حطان الشاري.

قال: اضربوا عنق ابن الفاجرة.. فقال عمران لبئسما أدبك أهلك يا حجاج! كيف آمنت أن أجيبك بمثل ما لقيتني به؟.. أبعد الموت منزلة أصانعك عليه؟ فأطرق الحجاج استحياءً وقال خلوا عنه.

كعبة الأحزان
04-29-2009, 05:07 PM
http://www.hotagri.com/data/media/73/8.gif

عبير الاحلام
04-29-2009, 05:48 PM
http://www.hotagri.com/data/media/73/8.gif

أبو حيدر
10-17-2011, 05:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
مشكورين على المرور العطر وعساكم على قوة.