أبو حيدر
06-06-2009, 07:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد على آل محمد وعجل فرجهم الشريف
~~:: أم البنين ونشأة العباس ::~~
بعد رحيل فاطمة الزهراء سلام الله عليها وهي في ريعان الشباب، تزوج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه حسب وصية فاطمة من أمامة – ولكن ألم فراق فاطمة كان لا يزال يعتصر قلبه إذ لم يكن مثيل لفاطمة بين النساء، فهي سيدة نساء العالمين.
وبعد مضي عشر سنوات على شهادتها، عاش أهل البيت ظروفاً قاسية، ومروا بظروف لم تكن في حسبان أحد، التفت الإمام علي عليه السلام إلى أخيه عقيل- وكان عالماً بالأنساب ويعرف تاريخ الرجال والقبائل، وله إلمامٌ بالخصائص الأخلاقية لهم فقال له (( انظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب)).
فأشار له عقيل إلى فاطمة بنت حزام العامرية وهي امرأة جليلة كانت تتحدر من عائلة كريمة، عُرفت بالشجاعة والكرامة والالتزام بالفضائل والمناقبيات، فأرسل الإمام أخاه عقيلاً لكي يخطب له هذه المرأة العظيمة، ووجد عقيلٌ ترحيباً لهذا الأمر من العائلة، وهكذا تم زواج الإمام أمير المؤمنين بفاطمة العامرية.
ويقال: إنها حينما دخلت بيت علي عليه السلام، التفت إلى أولاد فاطمة الزهراء، وقالت لهم : لاتناديني((تنادياني)) فاطمة، بل ناديني ((خادمة)). كانت لا تحبذ أن يتذكر هؤلاء، آلام أمهم وما جرى عليها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولقد بقيت في بين الإمام أمير المؤمنين وهي تعاملُ مع أولاده من فاطمة أقل ما يقال فيها إنها كانت قمة في النبل والكرامة. وفي الحقيقة فإن الإمام علياً عليه السلام كان ينشد من هذه الزوجة أن يولد منها رجالٌ تتمثل فيهم صفاته هو، وفي مقدمتها الإيمان وتحمل المسؤولية في زمن تغيرت فيه نفوس الناس، ولم تعد على ما كانت عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وكانت ثمرة هذا الزواج الميمون أربعة من الأولاد، وهم العباس ، وعبدالله ، وجعفر، وعثمان. لقد كانت فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن صعصعة من قبيلة هوازن، وكان لعائلتها ولاء خاص لأهل البيت عليه السلام ممحصة فيهم المودة ولهم عندها الجاه الرفيع والمحل الكريم. وظهرت فضائل هذه المرأة الكريمة في مواقفها حين زواجها من علي عليه السلام وبعد استشهاده كما ظهرت فيما جرى أولادها فيما بعد ، ووفاء لسيد الأوفياء العباس بن علي عليه السلام، فلقد عاشت فاطمة العامرية- كما يقال بعض المؤرخين عشرين عاماُُ بعد أمير المؤمنين، ولم تقبل الزواج بأحد وفاءً منها لصاحب راية رسول الله.
ولد العباس في اليوم الرابع من شهر شعبان، عام 26 للهجرة، وكان مولده بالنسبة مناسبة فرح وحزن في آن واحد، كما كان الأمر مناسبة حزن وفرح لرسول الله حين ولادة الحسين عليه السلام. فلقد وضع الإمام أمير المؤمنين، طفله العباس في حجره، وشمر عن ساعديه الصغيرين، وقبلهما ثم بكى. ولما رأت أمه ذلك ، أدهشها الحال لأنها لم تكن تعهد صبياً بتلك الشمائل العلوية، ينظر إليه أبوه ويبكي من دون ما سبب ظاهر، فسألت عن الأمر فبين لها الإمام علي ما سيجري على العباس في يديه، وكيف انهما ستقطعان في سبيل الله في يوم من الأيام.
كان بكاؤه مما سيجري عليه، أما فرحه فكان لتلك المواقف التي سيقفها العباس، والمقام الرفيع الذي سيكون له يوم القيامة. لقد امتد العباس في علي، فكما كان علي صاحب راية رسول الله، كان العباس صاحب راية الحسين وهما راية وإن اختلف الذي يحملها بين الوالد والولد.
وهكذا فقد ولد العباس، وهو يحمل بالوراثة كل صفات الفروسية التي كانت في أبيه وأمه. كان يتمتع بشمائل الأبطال جسماً و روحاً، أما من حيث جسمه، فقد سمي بقمر بني هاشم، كما سمي عبد مناف من قبل بقمر البطحاء، وسمي عبدا لله والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقمر الحرم لما كان يتمتع به هؤلاء الرجال من وسامة وجمال. وحسب تعبير صاحب كتاب ((مقاتل الطالبيين)) فإن العباس كان وسيماً جميلاً يركب المطهم و رجلاه تخطان على الأرض.
وأما من حيث الروح، فلقد كان مثالاً للشجاعة، والبصيرة والمواساة والوفاء والحزم والإيثار والثبات والرضا بأمر الله والاستعداد للتضحية من أجل دينه. ولم يكن تسمية أمير المؤمنين له بالعباس (الذي يعني الأسد الغضوب)اعتباطاً، فقد كان الإمام يتوسم في ابنه الهجوم على الباطل، ومواجهة أهله بما سيكون قدوة للآخرين.
إلا أن الإمام علياً لم يكتف بأن اختار أم العباس من قبيلة ذات صفات كريمة من أرومة عالية من المناقبيات، بل تعهد العباس بالتربية كما تعهد بها ولديه الحسن والحسين عليهما السلام. وكان الإمام علي عليه السلام يعتبر كلاً من السبطين ولدي رسوله الله بينما كان يعتبر العباس ولده. ومن هنا فإنه كان يولي العباس من التربية بمقدار ما يخدم في مستقبل أيامه سبطي رسول الله وولديه الحسين والحسين.
تفتفت تلك الصفات المودعة في العباس بفعل الوراثة من والديه، تفتقت عن استعداد واسع للنبل ولاكتساب الفضائل، وكانت لوصايا الإمام علي عليه السلام لأولاده جميعاً وللعباس بالخصوص التأثير الكبير في مستقبل مواقف العباس. ولقد قيل إن أمير أخذ بيد العباس في تلك الليلة التي فارق الدنيا في صبيحتها وقال له : ((ولدي ستنعم عيني عما قريب بك وبما ستفعل في يوم عاشوراء، ولدي إن دخلت الفرات فلا تشربنّ الماء قبل أخيك الحسين)). وكانت تلك بعض الدروس التي تلقاها العباس في أيامه الخالدات في حضن أمير المؤمنين عليه السلام وفي ظل تربيته.
ومن عوامل الوراثة إلى التربية الحسنة، إلى الوصاية الخالدة من كل ذاك ، ظهرت في العباس صفات لا أعلى منها ولا أجل منها وفيما يلي بعض منها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد على آل محمد وعجل فرجهم الشريف
~~:: أم البنين ونشأة العباس ::~~
بعد رحيل فاطمة الزهراء سلام الله عليها وهي في ريعان الشباب، تزوج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه حسب وصية فاطمة من أمامة – ولكن ألم فراق فاطمة كان لا يزال يعتصر قلبه إذ لم يكن مثيل لفاطمة بين النساء، فهي سيدة نساء العالمين.
وبعد مضي عشر سنوات على شهادتها، عاش أهل البيت ظروفاً قاسية، ومروا بظروف لم تكن في حسبان أحد، التفت الإمام علي عليه السلام إلى أخيه عقيل- وكان عالماً بالأنساب ويعرف تاريخ الرجال والقبائل، وله إلمامٌ بالخصائص الأخلاقية لهم فقال له (( انظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب)).
فأشار له عقيل إلى فاطمة بنت حزام العامرية وهي امرأة جليلة كانت تتحدر من عائلة كريمة، عُرفت بالشجاعة والكرامة والالتزام بالفضائل والمناقبيات، فأرسل الإمام أخاه عقيلاً لكي يخطب له هذه المرأة العظيمة، ووجد عقيلٌ ترحيباً لهذا الأمر من العائلة، وهكذا تم زواج الإمام أمير المؤمنين بفاطمة العامرية.
ويقال: إنها حينما دخلت بيت علي عليه السلام، التفت إلى أولاد فاطمة الزهراء، وقالت لهم : لاتناديني((تنادياني)) فاطمة، بل ناديني ((خادمة)). كانت لا تحبذ أن يتذكر هؤلاء، آلام أمهم وما جرى عليها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولقد بقيت في بين الإمام أمير المؤمنين وهي تعاملُ مع أولاده من فاطمة أقل ما يقال فيها إنها كانت قمة في النبل والكرامة. وفي الحقيقة فإن الإمام علياً عليه السلام كان ينشد من هذه الزوجة أن يولد منها رجالٌ تتمثل فيهم صفاته هو، وفي مقدمتها الإيمان وتحمل المسؤولية في زمن تغيرت فيه نفوس الناس، ولم تعد على ما كانت عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وكانت ثمرة هذا الزواج الميمون أربعة من الأولاد، وهم العباس ، وعبدالله ، وجعفر، وعثمان. لقد كانت فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن صعصعة من قبيلة هوازن، وكان لعائلتها ولاء خاص لأهل البيت عليه السلام ممحصة فيهم المودة ولهم عندها الجاه الرفيع والمحل الكريم. وظهرت فضائل هذه المرأة الكريمة في مواقفها حين زواجها من علي عليه السلام وبعد استشهاده كما ظهرت فيما جرى أولادها فيما بعد ، ووفاء لسيد الأوفياء العباس بن علي عليه السلام، فلقد عاشت فاطمة العامرية- كما يقال بعض المؤرخين عشرين عاماُُ بعد أمير المؤمنين، ولم تقبل الزواج بأحد وفاءً منها لصاحب راية رسول الله.
ولد العباس في اليوم الرابع من شهر شعبان، عام 26 للهجرة، وكان مولده بالنسبة مناسبة فرح وحزن في آن واحد، كما كان الأمر مناسبة حزن وفرح لرسول الله حين ولادة الحسين عليه السلام. فلقد وضع الإمام أمير المؤمنين، طفله العباس في حجره، وشمر عن ساعديه الصغيرين، وقبلهما ثم بكى. ولما رأت أمه ذلك ، أدهشها الحال لأنها لم تكن تعهد صبياً بتلك الشمائل العلوية، ينظر إليه أبوه ويبكي من دون ما سبب ظاهر، فسألت عن الأمر فبين لها الإمام علي ما سيجري على العباس في يديه، وكيف انهما ستقطعان في سبيل الله في يوم من الأيام.
كان بكاؤه مما سيجري عليه، أما فرحه فكان لتلك المواقف التي سيقفها العباس، والمقام الرفيع الذي سيكون له يوم القيامة. لقد امتد العباس في علي، فكما كان علي صاحب راية رسول الله، كان العباس صاحب راية الحسين وهما راية وإن اختلف الذي يحملها بين الوالد والولد.
وهكذا فقد ولد العباس، وهو يحمل بالوراثة كل صفات الفروسية التي كانت في أبيه وأمه. كان يتمتع بشمائل الأبطال جسماً و روحاً، أما من حيث جسمه، فقد سمي بقمر بني هاشم، كما سمي عبد مناف من قبل بقمر البطحاء، وسمي عبدا لله والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقمر الحرم لما كان يتمتع به هؤلاء الرجال من وسامة وجمال. وحسب تعبير صاحب كتاب ((مقاتل الطالبيين)) فإن العباس كان وسيماً جميلاً يركب المطهم و رجلاه تخطان على الأرض.
وأما من حيث الروح، فلقد كان مثالاً للشجاعة، والبصيرة والمواساة والوفاء والحزم والإيثار والثبات والرضا بأمر الله والاستعداد للتضحية من أجل دينه. ولم يكن تسمية أمير المؤمنين له بالعباس (الذي يعني الأسد الغضوب)اعتباطاً، فقد كان الإمام يتوسم في ابنه الهجوم على الباطل، ومواجهة أهله بما سيكون قدوة للآخرين.
إلا أن الإمام علياً لم يكتف بأن اختار أم العباس من قبيلة ذات صفات كريمة من أرومة عالية من المناقبيات، بل تعهد العباس بالتربية كما تعهد بها ولديه الحسن والحسين عليهما السلام. وكان الإمام علي عليه السلام يعتبر كلاً من السبطين ولدي رسوله الله بينما كان يعتبر العباس ولده. ومن هنا فإنه كان يولي العباس من التربية بمقدار ما يخدم في مستقبل أيامه سبطي رسول الله وولديه الحسين والحسين.
تفتفت تلك الصفات المودعة في العباس بفعل الوراثة من والديه، تفتقت عن استعداد واسع للنبل ولاكتساب الفضائل، وكانت لوصايا الإمام علي عليه السلام لأولاده جميعاً وللعباس بالخصوص التأثير الكبير في مستقبل مواقف العباس. ولقد قيل إن أمير أخذ بيد العباس في تلك الليلة التي فارق الدنيا في صبيحتها وقال له : ((ولدي ستنعم عيني عما قريب بك وبما ستفعل في يوم عاشوراء، ولدي إن دخلت الفرات فلا تشربنّ الماء قبل أخيك الحسين)). وكانت تلك بعض الدروس التي تلقاها العباس في أيامه الخالدات في حضن أمير المؤمنين عليه السلام وفي ظل تربيته.
ومن عوامل الوراثة إلى التربية الحسنة، إلى الوصاية الخالدة من كل ذاك ، ظهرت في العباس صفات لا أعلى منها ولا أجل منها وفيما يلي بعض منها.