المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الديمقراطية والشورى ؟


ثآر الله
06-11-2009, 11:52 PM
http://www10.0zz0.com/2009/04/22/19/538714943.gif (http://www.0zz0.com)
السلام عليكم ورحمة الله
هذا الموضوع مستل من كتاب نظرات إسلامية في إعلان حقوق الإنسان
للسيد الشهيد محمد الصدر قدس الله نفسه الزكية
يناقش السيد الشهيد الصدر ( قده ) في كتابه نظرات إسلامية في إعلان حقوق الإنسان فكرة (( إن الأمة مصدر كل سلطة و لا يجوز لأي جماعة أو أي فرد أن يمارس سلطة ليست مستمدة منها)) وهي الأساس الفكري للديمقراطية.
كما يناقش موضوع بدعة الشورى في التشريع وسن القوانين في الاسلام بالتوهم في تفسير آيتين هما : ((فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليط القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين)) وقوله عز وجل : ((والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم، ومما رزقناهم ينفقون)) .

فيقول ( قده) :" هذه المادة هي من اكبر ركائز الفكر الحديث، حيث تنص على الأسلوب الديمقراطي للحكم، وتوجب أن يصدر القانون عن الأمة أو عن ممثليها، و لا يجوز أن يفرض على الأمة فرضاً.
ولكن هذا مما يتم مع تمامية احد الأمرين ، احدهما : صرف النظر عن التعاليم الدينية . وثانيهما : خشية فرض القوانين على الأمة بصورة تعسفية ظالمة. وحينئذ لا يبقى مجال إلاّ لأن تعمل هذه القاعدة عملها ، وإلاّ لأن تعمل هذه القاعدة عملها، وإلاّ ذاقت الأمة الظلم والحرمان.
ولكن الدين الإسلامي الوارد من المصدر الإلهي العام بخصائص البشر والمطلع على سرائرهم، والعلم بمشاكلهم وآمالهم وآلامهم ، والعارف بما يحقق تلك الآمال، ويحل كل تلك المشاكل ويرفع تلك الآلام . هذا الدين الإلهي الحنيف لا يعترف بهذه القاعدة لأنه ليس في حاجة إليها، بعد إعتضاده بالقوة الإلهية السرمدية.
بالإضافة إلى القوانين التي تضعها الأمة لن تكون – حتى في حالات الديمقراطية المثالية – خيراً من القوانين الإلهية التي أنزلها الله تعالى للبشر في سبيل سعادتهم ورقيهم نحو الكمال، لأن العقل البشري قاصر عن أن يدرك مصالحه الحقيقية وكمالاته النفسية، وخاصة بعد أن أحاطته عدة أغشية من الغرائز ، والانفعالات والمصالح التي تطمس أمامه الطريق الصحيح إلى الحق، ومن المحال على المرء أن يتجرد من صفاته الفردية، كما ينص على ذلك علماء النفس، مهما أوتي من موضوعية ودقة تفكير.
هذا بالنسبة إلى الفرد، فكيف بالنسبة إلى الجماعة، حيث تكون العقول مختلفة والآراء متضاربة والاعتبارات متباينة، مما يجعل القانون مزيجاً عجيباً من هذه الآراء وهذه العقول. بالإضافة إلى باقي المشاكل الاجتماعية من تشعب وتعقيد بضمنها بعض الاعتبارات النفسية والفكرية والعاطفية للشعب، والتي قد تخفى أكثرها على واضعي القانون.
ومن هنا نجد أن القوانين الوضعية غير قابلة لأن تعمر طويلاً ولا يمكنها أن تثبت للزمن، فسرعان ما يبدو خللها وتحتاج إلى إصلاح، ثم يحتاج الإصلاح إلى إصلاح. وهلم جرا.... هذا بالإضافة إلى ما في الدين من قيم واعتبارات لم يكن ليدركها البشر لولا تعاليم الدين نفسه، فمنها الجزاء على الإحسان برضاء الله (عز وجل) والجنة. والمجازات على الإساءة بغضبه (عز أسمه) والنار. وكيف يمكن أن تؤخذ هذه الأمور بنظر الاعتبار من قبل واضعي القانون مع غض النظر عن الدين؟ مع إنها ثابتة بثبوت العقيدة الدينية."
اما بخصوص موضوع الشورى في الإسلام فيقول قده :
"أما ما يمكن أن يوهم بذلك من آيات القرآن العزيز، فآيتان : هما قوله عز من قائل : ((فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليط القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين)) وقوله عز وجل : ((والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم، ومما رزقناهم ينفقون)) وكلا هاتين الآيتين واردتان في موارد التعاليم الأخلاقية، والنصائح الاجتماعية التي تحث الأصدقاء على أن يتشاوروا فيما بينهم لئلا يستبد فرد منهم برأيه فيفشل في حياته وهما غير متعرضتين على الإطلاق لمسألة التشاور لأجل التشريع وسن القوانين.
أما بالنسبة إلى الآية الأولى فإن في سياقها دلالة صريحة على أن هذا التشاور بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين المسلمين ليس إلا للألفة وزرع الوفاق بينهم وبين قائدهم العظيم، ولأجل استئناسهم وتطيب نفوسهم، وأخذ آرائهم في الأمور الجزئية التي قد يقوم بها النبي (صلى الله عليه وآله)، ليتم تنفيذها، عن رضاهم وطيب قلوبهم. وهذا هو المعنى المناسب للعفو عنهم والاستغفار لهم.
أما القوانين العامة والتشريعات الأساسية فليس في الآية أي تعرض لها، ولا يمكن أن يكون ذلك، لأن القرآن نفسه نازل من قبل الله تعالى الذي له النهي والأمر، وهو مملوء بالأوامر والنواهي التي يقصد بها حفظ مصالح المجتمع الإسلامي، ولا يقصد أخذ رأي الأمة في ذلك بقليل ولا كثير. ولم يرد تاريخياً أن النبي (صلى الله عليه وآله) أستشار أصحابه في هذه التعاليم الإسلامية في يوم من الأيام. بالإضافة إلى أن هناك آية صريحة على خلاف ذلك، وهو قوله عز وجل : (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً ان يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)).
أما الآية الثانية فهي أيضاً تدل على أنها من باب تشاور الأصدقاء، والمداولة بينهم حول أمورهم الخاصة، لا لأجل سن القوانين حيث مدحهم الله عز وجل: ((الذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم)) أي أن الفرد منهم لا يبت بأمر من أموره إلا بعد مشاورة أصدقائه وإخوانه في الدين، لأجل أن لا تزل قدمه في حل مشاكل حياته، فيكون التشاور، بذلك، مستمراً بين المسلمين، و لا يعني ذلك بحال من الأحوال إجراء استفتاء شعبي لإقرار أو رفض قانون من القوانين.
بل أن هذه الآية الثانية قد فسرت بعكس ذلك، فقد ذكر في تفسيرها أن معنى الآية أنه ينبغي للمسلمين أن يشاوروا الإمام (عليه السلام) فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم كما قال الله (عز وجل) : ((ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم))



والمشورة في الأمور المعاشية والحياتية الاعتيادية أمر مستحسن في الشريعة ألإسلامية ، وهذا ما قد حثت عليه هاتان الآيتان، وذلك لأن الفرد العادي قد يمكن أن لا يهتدي إلى الطريق الصحيح كأن أن تخفى عنه جوانب من أموره ، فيستعين بعقول أخرى لأجل مساعدته في حل مشاكله وتسوية أموره. وفي ذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) كما في نهج البلاغة : ((من استبد برأيه هلك ، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها)) وقال (عليه أفضل التحية والسلام) : ((والاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه)). وقد ورد عن نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) : ((ما من رجل يشاور أحداً إلا هدي إلى الرشد)).
ولكن ذلك لا يعني على الإطلاق أن يكون القانون الإلهي الإسلامي عرضة للتحوير والتطوير بيد آراء بشرية قاصرة ، وأهواء طائشة.
ومن هنا يتضح مناقشة القسم الثاني من المادة وهو أنه (( لا يجوز لأي جماعة أو فرد أن يمارس سلطة ليست مستمدة منها)) فإن مثل هذا الفرد إنما يكون مستحقاً للعقاب إذا نفذ على الأمة قوانينا تعسفية ظالمة، لا فيما إذا نفذ في صالحهم القانون الإلهي الحكيم.

حيدر الكربلائي
06-12-2009, 04:42 PM
بسمه تعالى :

جزاكَ اللهُ ألف خيٌر اخي الموالي
في ميزان حسناتك