المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زينب عليها السلام سيدة الصبر والتقوى........


mokdad
05-22-2008, 03:36 PM
زينب عليها السلام سيدة الصبر والتقوى

يقف الانسان حائراً مبهوتاً أمام عظمة وشموخ سيدتنا زينب بنت أمير المؤمنين عليها السلام، هذه السيدة التي استطاعت ان تقهر بصبرها، واستقامتها وصمودها إمبراطورية الأمويين، وقد أضحت هذه المرأة الجليلة القدر الأسوة والقدوة الحسنة لأجيال الثائرين بشكل عام....
{ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِاَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لاَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ لِيَسوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرا* عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَاِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً * إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } (الاسراء/6-9)
يقف الانسان حائراً مبهوتاً أمام عظمة وشموخ سيدتنا زينب بنت أمير المؤمنين عليها السلام، هذه السيدة التي استطاعت ان تقهر بصبرها، واستقامتها وصمودها إمبراطورية الأمويين، وقد أضحت هذه المرأة الجليلة القدر الأسوة والقدوة الحسنة لأجيال الثائرين بشكل عام، وللنساء منهم بصورة خاصة، نظراً لما تحملته من أثقال المصائب الكبرى، ونظراً لما نجحت فيه من تحمل أعباء الثورة التي قام بها أخوها سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام، فلقد حملت هذه السبطة الشهيدة أثقالاً تعجز الجبال عن حملها حينما عادت الى المدينة المنورة بع
د فاجعة كربلاء العظمى التي لم ولن يشهد التأريخ لها مثيلاً فيما مضى أو فيما يأتي ? إذ بمجرد دخولها مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تحولت إلى محل للبكاء ومأتم طال به الدهر، حيث نشرت عقيلة الهاشميين راية السبط الشهيد عليه السلام على ربوعها، كما استطاعت
بداعي الاستقامة والوعي ان تنصب لقضية كربلاء مجلساً حسينياً في كل بيت من بيوتها وفي كل شبر من بقعتها المباركة، حتى ان روايات التاريخ لتذكر مدى الرعب والهلع الذي أصاب والي المدينة ودعاه إلى الاستنجاد بيزيد بن معاوية قائلاً له عبر رسالة بعثها إليه: ان زينب
امرأة عاقلة حكيمة وأنها تثير وتؤلب أهل المدينة وتحرضهم على الانتقام منك. فكتب يزيد إليه رسالة بدعوه فيها إلى ضرورة التفرقة بين السيدة زينب عليها السلام وبين أهل المدينة. فبعث الوالي إلى الصديقة الصغرى زينب الكبرى من يقول لها: اخرجي من المدينة واختري أي
مدينة شئتي، إلاّ ان اخت سيد الشهداء أبت الانصياع لهذا الأمر الظالم قائلة بكل صمود واستقامة وصبر: ماذا يريدون أن يصنعوا بنا؟ هل هي إلاّ الشهادة؟ فهي أعربت بكل وضوح عن الرغبة في الاستمرار على طريق الثورة المقدسة، وأبت ما شاء لها أن تأبى عن التملص دون تحمل
المسؤولية، لولا ان نساءً هاشميات أحطن بها وحاولن إقناعها بالخروج من المدينة، وغالب الظن أن الإمام زين العابدين عليه السلام هو الذي حبّب اليها الخروج، فخرجت إما الى ارض مصر على قول بعض الرواة وإمّا الى الشام حيث مرقدها الذي اصبح كعبة لعشاق الثورة الحسيني
ة والاستقامة الزينبية.
.. ومرة أخرى يقف المرء منبهراً متسائلاً عن السر وراء مثل هذه الصلابة وهذا الصمود المعهود من سيرة السيدة زينب الكبرى عليها السلام ? فماذا كانت تمتلك من اسباب مكّنتها من هزيمة الظالم يزيد بن معاوية ومن قبله عبيد الله بن زياد، وهي المرأة المجردة من كافة ا
لوسائل المادية؟..
وللإجابة عن هذا التساؤل الكبير لابد من القول بأن مجرد المشاركة في الشعائر الحسينية أو أقامتها وزيارة مراقد أهل البيت عليهم السلام غير كافيان ابداً للنهوض بمستوى الإنسان الروحي والمعنوي، بل إن الأمل والتطلع والطموح عبارة عن عوامل من شأنها ان تحدو بنا إل
ى التزود لمسيرتنا الطويلة. فنحن في هذه الدنيا عُرضة للامتحان والابتلاء والافتتان الذي لا يقتصر على شكل من الأشكال، وحكمة الله تبارك وتعالى اقتضت ان تكون دار الدنيا محلاً لصقل وتشذيب بني آدم ? والاساس في نجاح الانسان لدى الامتحان والمحنة هو التزود بالتقوى
، { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} وهذا العامل هو الأساس من بين العوامل التي جعلها الله سبحانه للحيلولة دون سقوط الانسان في مهاوي الشيطان والهوى والفشل. فكل لحظة يعيشها المرء ويقضيها من عمره المقدّر له لا تعدو كونها مساحة للامتحان بدءا
ً من إدراكه وبلوغه حتى لحظة انتزاع الروح من جسده، وإذا كانت عوامل الصحة والصداقة والجاه والمال من شأنها تيسير حركة الانسان في الدنيا، فان عامل التقوى هو العامل الوحيد الذي يضفي على بقية العوامل مصداقيتها وايجابيتها في الحياة الدنيا، وهو العامل الوحيد - ا
يضاً- الذي يمكن الانسان من عبور العقبات المستحيلة التصور في الدار الآخرة التي تبدأ أولى مراحلها ولحظاتها فور انفصام الروح عن الجسد، فعندما يوضع المرء في القبر ويرى نفسه وحيداً فريداً في حفرته الظلماء وإزاء هذا الضغط المادي والمعنوي الذي لا يوصف لا تنفعه
غير التقوى والعمل الصالح، وعند القيام من القبور والشخوص الى يوم الحشر، ? لك اليوم الرهيب، يوم الفصل والندامة والحسرة والتغابن ? فانه لا نفع المرء سوى ما كان لديه من قلب سليم معمور بالتقوى.
وبناءً على ما تقدم، فان زينب بنت علي عليها السلام ما كان باستطاعتها ابداً ان تقف امام الطاغية يزيد متحدية إياه بكل جرأة وشجاعة قائلة له: " فكد كيدك واسع سعيك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا" ما كانت لتستطيع كل ذلك لو لم تكن قد مهدت لقولتها هذه روحا
ً مفعمة بالتقوى وجوارح ما امتدت إلى الدنس ابداً، وفي موقف كان يهابه الرجال الشجعان لقد تمكنت السيدة زينب من اعتقال الطغاة الأمويين الذين ظنوا انهم قد اعتقلولها بقيودهم وتفاخرهم وغرورهم وابّهتهم.. ففي الوقت الذي كانت فيه تعاني المرض والانهاك والأذى وقفت ه
ذه السيدة العظيمة كالطود الشامخ أمام يزيد قائلة له: يزيد! إني لأستصغر قدرك. أي أنها كانت في مستوى تستصغر وتستحقر وتستهزئ بهذا الطاغية وملكه الواسع وجبروته الشاسع