المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امير المؤمنين ع يصف حالنا وابتلائنا وينصحنا فاسترشدوا وفقكم الله


noor_a
05-22-2008, 09:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

من كلام له عليه السلام في صفة من يتصدى للحكم بين الامة وليس لذلك بأهل إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان: رجل وكله الله إلى نفسه (1) فهو جائر عن قصد السبيل مشغوف بكلام بدعة. ودعاء ضلالة. فهو فتنة لمن افتتن به. ضال عن هدي من كان قبله. مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته. حمال خطايا غيره. رهن بخطيئته (2) ورجل قمش جهلا. (3)

أعلاه، وأصل النبات جذره الذاهب في منبته، وهلاك السنخ فساده حتى لا يثبت فيه أصول ما اتصل به ولا ينمو غرس فيه، وكل عمل ذهبت أصوله في أسناخ التقوى كان جديرا بأن تثبت أصوله وتنمو فروعه ويزكو بزكاء منبته ومغرس أصله وهو التقوى وكما أن التقوى سنخ لاصول الاعمال كذلك منها تستمد الاعمال غذاءها وتستقي ماءها من الاخلاص وجدير بزرع يسقى بماء
التقوى أن لا يظمأ وعليها في الموضعين في معنى معها، وقد يقال في قوله سنخ أصل أنه هو على نحو قول القائل إذا خاص عينيه كرى النوم، والكرى هو النوم، والسنخ هو الاصل، والاليق بكلام الامام ما قدمناه (1) وكله الله إلى نفسه تركه ونفسه وهو كناية عن ذهابه خلف هواه فيما يعتقد لا يرجع إلى حقيقة من الدين ولا يهتدي بدليل من الكتاب، فهذا جائر عن قصد السبيل وعادل عن جادته، والمشغوف بشئ المولع به وكلام البدعة ما اخترعته الاهواء ولم يعتمد على ركن من الحق ركين (2) هذا الضال المولع بتنميق الكلام لتزيين البدعة الداعي إلى الضلالة قد غرر بنفسه وأوردها هلكتها فهو رهن بخطيئته لا مخرج له منها وهو مع ذلك حامل لخطايا الذين أضلهم وأفسد عقائدهم بدعائه كما قال تعالى وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم (3) قمش جهلا جمعه والجهل =


موضع في جهال الامة (1) عاد في أغباش الفتنة. عم بما في عقد الهدنة (2) قد سماه أشباه الناس عالما وليس به. بكر فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر (3) حتى إذا ارتوى من آجن. واكتنز من غير طائر (4). جلس بين الناس قاضيا. ضامنا لتخليص ما التبس على

هنا بمعنى المجهول وكما يسمى المعلوم علما بل قال قوم إن العلم هو صورة الشئ في العقل وهو المعلوم حقيقة كذلك يسمى المجهول جهلا بل الصورة التي اعتبرت مثالا لشئ وليست بمنطبقة عليه هي الجهل حقيقة بالمعنى المقابل للعلم بذلك التفسير السابق فالجهل المجموع هو المسائل والقضايا التي يظنها جامعها تحكي واقعا ولا واقع لها (1) موضع في جهال الامة مسرع فيهم بالغش والتغرير وضع البعير أسرع وأوضعه راكبه فهو موضع به أي مسرع به، وقوله عاد في أغباش الفتنة الاغباش الظلمات واحدها غبش بالتحريك وأغباش الليل بقايا ظلمته. وعاد بمعنى مسرع في مشيته أي أنه ينتهز افتتان الناس بجهلهم وعماهم في فتنتهم فيعدو إلى غايته من التصدر فيهم والسيادة عليهم بما جمع مما يظنه الجهلة علما وليس به. ويروى غار في أغباش الفتنة من غره يغره إذا غشه وهو ظاهر (2) عم وصف من العمى أي جاهل بما أودعه الله في السكون والاطمئنان من المصالح، وقد يراد بالهدنة إمهال الله له في العقوبة وإملاؤه في أخذه ولو عقل ما هيأ الله له من العقاب لاخذ من العلم بحقائقه وأوغل في النظر لفهم دقائقه ونصح لله ولرسوله وللمؤمنين (3) بكر بادر إلى الجمع كالجاد في عمله يبكر إليه من أول النهار فاستكثر أي احتاز كثيرا من جمع بالتنوين أي مجموع قليله خير من كثيره إن جعلت ما موصولة فإن جعلتها مصدرية كان المعنى قلته خير من كثرته، ويروى جمع بغير تنوين ولابد من حذف على تلك الرواية أي من جمع شئ قلته خير من كثرته (4) الماء الآجن الفاسد المتغير الطعم واللون شبه به تلك المجهولات التي ظنها معلومات وهي تشبه العلم في أنها صور قائمة بالذهن فكأنها من نوعه كما أن الآجن من نوع الماء لكن الماء الصافي ينقع الغلة ويطفئ من الاوار والآجن يجلب العلة ويفضي




غيره (1). فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا رثا من رأيه ثم قطع به (2). فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت (3). لا يدري أصاب أم أخطأ فإن أصاب خاف أن يكون أخطأ. وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب. جاهل خباط جهالات. عاش ركاب عشوات (4) لم يعض على العلم بضرس قاطع (5) يذري الروايات إذراء الريح الهشيم. لا ملئ والله بإصدار ما ورد عليه. ولا هو أهل لما

يشار به إلى البوار. واكتنز أي عدما جمعه كنزا وهو غير طائل أي دون خسيس (1) التخليص التبيين، والتبس على غيره اشتبه عليه (2) المبهمات المشكلات لانها أبهمت عن البيان كالصامت الذي لم يجعل على ما في نفسه دليلا ومنه قيل لما لا ينطق من الحيوان بهيمة، والحشو الزائد لا فائدة فيه، والرث الخلق البالي ضد الجديد أي أنه يلاقي المبهمات برأي ضعيف لا يصيب من حقيقتها شيئا بل هو حشو لا فائدة له في تبينها ثم يزعم بذلك أنه بينها (3) الجاهل بشئ ليس على بينة منه فإذا أثبته عرضت له الشبهة في نفيه وإذا نفاه عرضت له الشبهة في إثباته فهو في ضعف حكمه في مثل نسج العنكبوت ضعفا ولا بصيرة له في وجوه الخطأ والاصابة فإذا حكم لم يقطع بأنه مصيب أو مخطئ وقد جاء الامام في تمثيل حاله بأبلغ ما يمكن من التعبير عنه (4) خباط صيغة مبالغة من خبط الليل إذا سار فيه على غير هدى، ومنه خبط عشواء، وشبه الجهالات بالظلمات التي يخبط فيها السائر وأشار إلى التشبيه بالخبط. والعاشي الاعمى أو ضعيف البصر أو الخابط في الظلام فيكون كالتأكيد لما قبله، والعشوات جمع عشوة مثلثة الاول وهي ركوب الامر على غير هدى (5) من عادة عاجم العود أي مختبره ليعلم صلابته من لينه أن يعضه فلهذا ضرب المثل في الخبرة بالعض بضرس قاطع أي أنه لم يأخذ العلم اختبارا بل تناوله كما سول الوهم وصور الخيال ولم يعرض على محض الخبرة ليتبين أحق هو أم باطل (6) الهشيم ما يبس من النبت وتفتت. وأذرته الريح


فوض إليه (1). لا يحسب العلم في شئ مما أنكره * ولا يرى أن من وراء ما بلغ مذهبا لغيره. وإن أظلم أمر اكتتم به (2) لما يعلم من جهل نفسه. تصرخ من جور قضائه الدماء. وتعج منه المواريث (3) إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهالا (4) ويموتون ضلالا ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته (5). ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرف عن مواضعه. ولا عندهم أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر. 18 - ومن كلام له عليه السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا ترد على أحدهم القضية في حكم من الاحكام فيحكم فيها

إذراء أطارته ففرقته ويروى تذرو الروايات كما تذرو الريح الهشيم وهي أفصح قال الله تعالى (فأصبح هشيما تذروه الرياح) وكما أن الريح في حمل الهشيم وتبديده لا تبالي بتمزيقه واختلال نسقه كذلك هذا الجاهل يفعل في الروايات ما تفعل الريح بالهشيم (1) الملئ بالقضاء من يحسنه ويجيد القيام عليه وهذا لا ملئ بإصدار القضايا التي ترد عليه وارجاعها عنه مفصولا فيها النزاع مقطوعا فيها الحكم أي غير قيم بذلك ولا غناء فيه لهذا الامر الذي تصدر له وروى ابن قتيبة بعد قوله لا ملئ والله بإصدار ما ورد عليه (ولا أهل لما قرظ به) أي مدح به بدل ولا هو أهل لما فوض إليه (2) اكتتم به أي كتمه وستره (3) العج رفع الصوت وصراخ الدماء وعج المواريث تمثيل لحدة الظلم وشدة الجور (4) إلى الله متعلق بأشكو. وفي رواية إسقاط لفظ أشكو فيكون إلى الله متعلقا بتعج، وقوله من معشر يشير إلى أولئك الذين قمشوا جهلا (5) تلى حق تلاوته أخذ على وجهه وما يدل عليه جملته وفهم كما كان النبي

برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ثم يجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم (1) فيصوب آراءهم جميعا وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد. أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه. أم نهاهم عنه فعصوه. أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه. أم كانوا شركاء له. فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه دينا تاما فقصر الرسول صلى الله عليه وآله عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول (ما فرطنا في الكتاب من شئ) فيه تبيان كل شئ وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا). وإن القرآن ظاهره أنيق (2). وباطنه عميق. لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به

وأصحابه صلى الله عليه وسلم يفهمونه، وأبور من بارت السلعة كسدت، وأنفق من النفاق بالفتح وهو الرواج وما أشبه حال هذا المعشر بالمعاشر من أهل هذا الزمان (1) الامام الذي استقضاهم الخليفة الذي ولاهم القضاء (2) أنيق حسن معجب، وآنقني الشئ أعجبني

نهج البلاغة 51- 55
نسألكم الدعاء