المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سامراء


فدوه لعيونك أني ياعمي
07-30-2009, 08:29 PM
الحقيبة

قلما تبارحني الذكرى ..... وكأنها لصيقة بي ... تأبى أن تفارقني .... فها أنا ذا أرى نفسي كل يوم ... طفلة ... لا تعي أمر الدنيا ... تتراكض أمام مبنى المدرسة ... حاملة على ظهرها حقيبة تثقل كاهلها ...
أنا ذاتها تلك الطفلة .... مع اختلاف بسيط ... هو أني غدوت امراءة ...... وليس أي امراءة .... ولكني متزوجة ... فقط منذ أسبوع .......
وما زلت أتذكر .... (يا لغبائي) ..... لحظات الطفولة ....
وفي كل صورة ماضية يلتقطها عقلي المرهق ... أجده .... نعم أجده دونما عناء ... وكأنما نُسخ في كل الصور ... فلا يبارحني مهما ابتعدت في الذكرى .... مصطفى .... نعم .... اسمه مصطفى ..... شاب .... لا بل فلنقل طفل ..أو ربما مراهق ..... يقف عند طرف الشارع ..... تضيق عيناه كلما رآني .... يقترب مني ..... فأحس بأنفاسه تلفح وجهي .... ويقول لي دوماً ( حقيبتك أكبر منك يا صغيرتي )
فأولي هاربة لا ألوي على شيء .... هل كنت أخافه ؟؟؟ هل كنت أخجل ؟؟؟ هل كان يسخر مني ؟؟؟ أو يتسلى ؟؟؟ أو لعله يرأف بي ؟؟؟
لا أعلم ؟
طيلة خمسة عشر عاماً ... لم أملك جواباً ...... فالذكرى تطاردني .... ومصطفى ... والحقيبة ......وكأنهم اتفقوا عليّ .... حتى مصطفى ذاته .... ما عرفت يوماً عنه شيئاً إلا أن اسمه مصطفى ... وقد تلقفت ذلك الاسم صدفة ... حين ناداه صاحبه ... وهو يهمس لي كالعادة ( حقيبتك أكبر منك ....)
وحين يقترب وجهه الأسمر .... الباهت ... أود لو أصرخ .... كان كل الأطفال يخافون المدرسة في باديء أيامهم ... ولكني كنت أخاف مصطفى .....
صرخت بأمي ذات يوم .... ( لا أريد حقيبتي ...... لا أريدها .....) وجثوت على ركبتيّ راجية إياها أن تشتري غيرها ... وأن تكون أصغر
وحينما أتت الحقيبة الصغيرة ... فرحت كثيراً .... رقصت .... وطربت ... وعرضتها على عائلتي بأسرها ..... وأمي تبتسم .....
اعتقدت أن حقيبتي الصغيرة ..... ستبعد وجه مصطفى ... الساخر عني .... ستبعد عيناه الضيقتان عني .... وستبعد أنفاسه الحارة عن لسعي
وهكذا .... مضيت للمدرسة .... ولم أره ... فكنت قلقة متوجسة .... أدير وجهي ذات اليمين وذات الشمال .... وفي طريق العودة ... كان كما هو على رأس الشارع ... يترقبني ... وبدأت عيناه تضيقان ... و أخذ الخوف يسيطر عليّ .... ولدهشتي ... ابتسم .... وأومأ باصبعه لحقيبتي .... وهمس ثانية ( ما زالت أكبر منك يا صغيرتي )

أسمع وقع أقدام أيقظتني ... انه زوجي ........ دخل للغرفة .... وابتسم ... ( ما زلت هنا يا ريم ؟؟)
( نعم عزيزي ... ما وددت أن أنزل اليوم )
( ما بك ؟؟ أيشغلك أمر ما ؟؟)
( أبداً ذكريات الطفولة فحسب )
( ذكريات ؟؟ بالفعل ... لا يضاهي ذكريات الطفولة شيء ..... ألنا أن نتحدث فيها خارجاً ؟؟؟)
تثاقلت خطواتي .... فنفضت عبائتي وألقيتها على أعلى رأسي ... و استدرت لأختار حقيبتي .... وتعمدت اختيار أصغرها .... كي لا يقفز وجه مصطفى الساخر كالعادة إلى مخيلتي ... و حانت مني التفاته ... لابتسامة ساخرة ..... أحسست بأني غارقة في الحلم القديم .... إني أرى وجه مصطفى بذاته أمامي .... يا إلهي ... بدأت عيناه تضيقان ..... جسده الصغير .... بات قوياً ... ما زال أضخم مني .... انها ابتسامة زوجي ..... ولكنها عينا مصطفى ...... جائني صوته هامساً ..... وقد اقترب وجهه فلسعتني أنفاسه ...

( أتعلمين يا عزيزتي ..... ما هي أجمل ذكرى تمر بي وابتسم لأجلها ؟؟؟)

جاء صوتي مرتجفاً .... غائراً ...

( ما هـــ.....ي ؟)

( لا يغيب عن ناظريّ .... شكل طفلة صغيرة جداً .... تحمل كل يوم حقيبة ظهر أكبر منها ؟؟؟ )




تمت

أبو رباب
12-09-2009, 04:44 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
تسلم يمينك
اختيار موفق كلمات رائعة
يعطيك الف عافية
بانتظار جديدك

http://img11.imageshack.us/img11/8288/00b051xxl.gif

فدوه لعيونك أني ياعمي
12-30-2010, 09:33 AM
http://www.alqaly.com/upload/uploads/images/domain-bd235ce99d.gif (http://www.alqaly.com/vb/t19406-post225107.html#post225107)

كربلائي ولائي
12-31-2010, 10:28 AM
سلمت انا ملك وزادك علما وفهما

كلمت في منتهى الروعة

فيحاء
12-31-2010, 03:35 PM
شكرا جزيلا لك