المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في رحاب المرجع الشيرازي دام ظلّه


فدوه لعيونك أني ياعمي
10-23-2009, 09:16 AM
فضيلة حجة الإسلام والمسلمين العلاّمة الشيخ حسين الفدائي دامت بركاته أحد أعضاء لجنة الاستفتاءات الشرعية في مكتب المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله بمدينة قم المقدسة ومن أبرز تلامذة سماحته في بحوث الخارج الاستدلالية منذ أكثر من عشرين سنة. ولمعرفة بعض خصائص سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في الجوانب العلمية والأخلاقية والاجتماعية، وفعاليات سماحته اليومية، وبعض إنجازاته، وغير ذلك قام مندوب مؤسسة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الثقافية بإجراء الحوار التالي مع فضيلة الشيخ الفدائي دامت بركاته، نقدّمه لزوّار الموقع الكرام راجين من الله تعالى التوفيق لخدمة تعاليم أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين.



http://www.s-alshirazi.com/news/1430/07/images/03/01.jpg

س1- متى وكيف تعرفتم على سماحة المرجع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله؟

ج1- بسم الله الرحمن الرحيم، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
لقد وفّقني الله تعالى أن تعرّفت على آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله في السنين اﻷولى من سنيّ التمييز والحداثة من حياتي، فلقد كنت بحمد الله تعالى منذ نعومة أضفاري أحبّ العلم والعلماء، وأودّ أن أكون منهم، وأن أعيش معهم، ولعل ذلك كان هو نتيجة التعامل الطيّب الذي كان يتعامل به أسرة الشيرازي الكريمة مع الناس وخاصة مع اﻷحداث والشباب، فلقد كانت في كربلاء المقدسة مدرسة واحدة أهلية، قام بتأسيسها -رغم كل الصعوبات المفروضة من الحكومة العراقية آنذاك- عميد أسرة الشيرازي آية الله العظمى الحاج السيد محمد الشيرازي أعلى الله درجاته وكانت مدرسة ابتدائية تدعى باسم: «مدرسة اﻹمام الصادق عليه السلام» فكانت بإشراف أسرة الشيرازي وإدارة آية الله السيد مرتضى القزويني، وكانت تمتاز من حيث اهتمام اﻷسرة المشرفة والمديرة عن باقي المدارس الحكومية في كربلاء المقدسة -مضافاً إلى المناهج المدرسية العامة- بتدريس مادة الدين واﻷخلاق وتاريخ أهل البيت عليهم السلام فتعرّفت في تلك المدرسة أولاً على آية الله السيد مرتضى القزويني حيث إنه كان مدير مدرستنا ومعلّمنا في الدين واﻷخلاق وفي تدريس تاريخ أهل البيت عليهم السلام، ثم تعرّفت على أسرة الشيرازي الكريمة، وذلك من خلال وضع جوائز ثمينة وجميلة لمن يحفظ سورة: ياسين، والرحمن، والواقعة، وسور كريمة أخرى، وكانت الجائزة اﻷولى وهي أجمل الجوائز -وقد هويتها من بين الجوائز الأُخر لمن يحفظ السور الثلاث اﻷولى، وفي اليوم الذي تعيّن لامتحان المشتركين في الحفظ، كان عميد أسرة الشيرازي آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي من الناظرين والمشجّعين للهيئة المشرفة على الامتحان، فلما وصلت النوبة إليّ وقرأت سورة يس، والرحمن، والواقعة عن ظهر الغيب وفزت بالجائزة اﻷولى، تلطّف بي اﻹمام الشيرازي كثيراً، وأعارني اهتمامه البالغ، ورغّبني في أن أقوم بحفظ القرآن الحكيم كلّه، ومن ذلك تعرّفت على السادة الكرام واﻷخوة اﻷشقّاء للإمام الشيرازي، ومنهم بالخصوص: سماحة السيد المرجع آية الله العظمى الحاج السيد صادق الشيرازي، حيث كان يشملني بعطفه ولطفه، ويشجّعني على حفظ القرآن الحكيم ويساعدني على الثبات فيه، واستمرّ معي يعاضدني ويواكبني الحفظ حتى أني حفظت معه بضع سور من القرآن الحكيم، وبقيت مستمرّاً في علاقتي معه، ومشمولاً في حياتي لتوجيهاته.

س2- ما هو تقييمكم لشخصية سماحة السيد المرجع الشيرازي من الناحية العلمية؟
ج2- إن آية الله العظمى الحاج السيد صادق الشيرازي دام ظله، هو ابن العلم، وربيب الفقه، فقد فتح عينيه على العلم وفي بيت العلم، وصاحَب العلم والعلماء، وراهن الفقه والفقهاء ورافق الكتاب والحديث، وقارن البحث والتدريس، ولم ينفكّ عن ذلك قدر استطاعته، ولم ينقطع عنه طيلة حياته.
قيل إنه عندما اشتغل بتأليف كتاب في علم النحو وقواعد اللغة العربية، وكان ذلك الكتاب مبتكر وفريد في بابه، ومهيمن على ما بين يديه وما خلفه من كتب النحو وقواعد اللغة العربية، استشار فيه والده المقدّس آية الله العظمى الحاج السيد ميرزا مهدي الشيرازي قدّس سره وسأله عن الاستمرار فيه؟ فأشار عليه بتركه، وأراد منه تكريس كل عمره، وحكر كل وقته على علوم الفقه واﻷصول، فامتثل سماحته أمر والده وترك كتاب النحو وهجر تأليفه، وصار مشتغلاً في كل وقته بالفقه والأصول، وتضلّع فيهما حتى جاء في الفقه واﻷصول بما هو فريد في مجاله، وخاصة في اﻷصول حيث أصوله المعروف باسم «بيان اﻷصول» يتميّز بما يجعله قابلاً للتطبيق في كل أبعاد الفقه ومجالاته، وبعيداً عن المعنى المعروف المتداول عند الفقهاء والذي يقول: «أسّسوا في اﻷصول ما نسوه في الفقه».
لقد أشبه في قصته هذه صاحب الشرايع، حيث إنّه كما قيل: سافر لمواصلة دراسته العلمية وابتعد عن والده، فكتب إليه والده رسالة يتفقّد فيها حاله، فبعث إلى والده جواب الرسالة التفقدية منظومة شعرية، وقصيدة عصماء، يبيّن لوالده حاله، ويقصّ عليه عن سلامته وعافيته، فكتب إليه والده- بعد أن عرف أنه قد بذل وقتاً طويلاً وساعات كثيرة على نظم هذه القصيدة الجوابية- ينهاه عن الاشتغال بهذه اﻷمور الهامشية، وينصحه بتكريس وقته وبذل عمره في الفقه وعلوم الشرع، فامتثل الابن أمر أبيه حتى استطاع أن يكتب في الفقه «الشرايع» وهو الكتاب الذي لم يسبقه أحد بمثله، ولم يعرف التاريخ بعده كتاباًَ فقهياً مماثلاً ومشابهاً له.
أجل، إن «بيان اﻷصول» وكذلك «بيان الفقه» دليل المدى العلمي الكبير الذي يحظى به سماحة السيد المرجع الشيرازي دام ظله الوارف ويتفرّد به من بين أقرانه ومعاصريه، وهو مطبوع وموجود في متناول طالبيه وروّاده.

س3- كم هي المدّة التي حضرتم خلالها في البحث الخارج عند سماحة السيد المرجع الشيرازي دام ظله، وما هي وجهة نظركم إلى هذه البحوث؟
ج3- لقد بدأ سماحة السيد المرجع آية الله العظمى الحاج السيد صادق الشيرازي دام ظله في إلقاء دروس بحث الخارج من الفقه واﻷصول، منذ طليعة شبابه ومقتبل عمره، واستمر يواصل تدريسه ذلك إلى ما يربو على الثلاثين عاماً، وقد ساعدني الحظ ﻷن أشترك في هذه البحوث منذ أكثر من عشرين سنة، وقد استفدت منه الكثير الكثير، فإنه على ما رأيته مضافاً إلى التبيين الكبير، والتبسيط الكثير للبحوث يحتوي على عمق علمي غائر، وبُعد فكري عريق، وتلك هي اﻷشرطة والتسجيلات الموجودة منه دليل قوي على ما قلناه، فبحثه في نفس الوقت الذي يتّسم بالشرح المسهب، يتصف بالقوة العلمية الرصينة المتجذّرة

س4- ما رأيكم حول شخصية السيد المرجع الشيرازي دام ظله؟
ج4- أسرة آل الشيرازي الكرام يمتازون بقوة الفكر والرأي، وصلابة العقيدة واﻹيمان، فكل واحد منهم مفكّر نِحرير، وعبقري كبير، وخاصة سماحة السيد المرجع دام ظله، ومحاضراته القيّمة، المبتكرة من نوعها، والمتفرّدة في بابها دليل على ذلك.
إنه من قوة الفكر وحصافة الرأي، بمكان مرموق وممتاز جداً، إنه لا يفكّر بنفسه وبعيشته الفردية، أو حياته الشخصية قط، إذ حياته الفردية ومعيشته الدنيوية خالية من المباهج والزخارف، متواضعة وبسيطة جداً، وإنما يفكّر في أمته، بل في العالم كله، ويهمّه ما يهمّهم، ويؤرّقه ما يؤرّقهم، إنه يفكر في الخير ﻷمته وللعالم أجمع، ويضمر لهم الخير، ويتمنى لهم الخير، ويعمل ﻹيصال الخير إليهم، وإحاطة الخير بهم، ويرى الخير كلّه في اتّباع ثقافة أهل البيت عليهم السلام ومنهجهم، المجسّد لمنهج القرآن الحكيم وثقافته، تلك الثقافة الراقية، والمنهج القويم الذي رسمه الله تعالى ﻷهل اﻷرض، وجعل فيه خيرهم وسعادتهم
س5- ما رأيكم حول مؤلفات سماحة السيد المرجع الشيرازي دام ظله؟

ج5- الكتاب -كما روي- ترجمان عقل اﻹنسان، ومقياس درايته ومعرفته، وميزان دركه وفكره، ومعيار علمه وثقافته، ومؤلّفات سماحة السيد المرجع –الرابية على مائة مؤلف- مؤشرات على منزلته العلمية، ومكانته الثقافية والفكرية، ومرتبته الفقهية واﻷصولية، فمن يراجع من أهل الخبرة مؤلفاته في الفقه مثل «بيان الفقه»، «الاجتهاد والتقليد» يعتقد تفوّقه في الفقه، ومن يراجع من أهل الفن مؤلفاته في اﻷصول مثل «بيان اﻷصول» يذعن بأعلميته، وهكذا بقية مؤلفاته في سائر العلوم اﻷخرى، فإن الخبير في مجالها إذا طالعها اعترف بتضلّعه وبراعته فيها، وخاصة مثل كتاب «عليّ في القرآن» و«فاطمة الزهراء في القرآن» و«المهدي في القرآن» و«أهل البيت في القرآن» ومثل «السياسة من واقع اﻹسلام» فإن من يراجعها يطمئن إلى تعمّقه في الفكر الديني، واستيعابه للعلوم العقائدية والسياسية واﻹقتصادية ونحوها في اﻹسلام

س6- لو تفضلتم بالحديث عن أخلاق السيد المرجع الشيرازي دام ظله وتعامله مع مختلف شرائح المجتمع؟

ج6- إن السادة من أسرة الشيرازي -وخاصة سماحة السيد المرجع الشيرازي دام ظله– قد اقتفوا آثار أجدادهم المعصومين: الرسول الكريم وأهل بيته الطاهرين في اﻷخلاق واﻵداب، وفي السيرة والسلوك، وفي التعامل مع مختلف شرائح المجتمع، وفي الاصطكاك مع سائر الناس، انهم في تعاملهم مع اﻵخرين بأخلاقهم الراقية يذكّرون اﻹنسان بأخلاق أجدادهم الكرام، بصفائهم وصدقهم، بمحبّتهم ومودتهم، بنصحهم ورحمتهم، إنهم يسعفون من يلتقي بهم مادياً ومعنوياً، ويساعدونهم روحياً ونفسياً، ويقدّمون له من النصائح ما يسعد بتطبيقها في حياته، ومن التجارب والحلول ما يستطيع أن يحلّ به مشكلاته ومعضلاته.
فلقد التقيت بأحد الخطباء المبرّزين في بعض البلاد ﻷبلّغه سلام السيد المرجع وتحياته، فقال: إنني كما يقولون من البارعين في فنّ الخطابة والمنبر، وفي اﻹحاطة بالتاريخ والحديث، والتفسير والسيرة، ولكني كلما زرت سماحة السيد المرجع الشيرازي أتحفني بحديث، أو تاريخ، أو تفسير، أو سيرة لم تمرّ عليّ من ذي قبل، وسماحته هو كذلك، فإنه قد خصّص لنفسه في يومه وقتاً لمراجعة شيء من كتب الحديث والتاريخ والتفسير والسيرة، وهو يوصي اﻵخرين بذلك أيضاً.

س7- حبذا لو تكلمتم عن أسرة السيد المرجع الشيرازي دام ظله عبر التاريخ؟

ج7- التاريخ ناصع بذكر الميرزا الشيرازي الكبير: السيد محمد حسن صاحب قصة التنباك: الجدّ الرابع للسيد دام ظله، والذي استطاع عبر فتواه الشهيرة في تحريم التنباك طرد الاستعمار البريطاني العجوز من بلاد إيران.
والتاريخ زاهرٌ أيضاً بذكر الميرزا الشيرازي الثائر: الميرزا محمد تقي صاحب ثورة العشرين المعروفة: الجدّ الأمي الثاني للمرجع دام ظله، والذي استطاع عبر ثورته ضد المحتلين البريطانيين طردهم من ربوع العراق بذلّة وخسّة، وتكبيدهم خسائر كبيرة في المعدّات والرجال.
والتاريخ مشرقٌ أيضاً بذكر السادة والمراجع أعمام وأبناء عم السيد المرجع دام ظله مثل آية الله العظمى السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي المعروف بالورع والتقوى، والعلم والمرجعية، والذي طالب البهلوي الثاني بإرجاع ما صادره البهلوي اﻷول من أملاك وعقارات ومؤسسات وشركات إلى أصحابها.
والتاريخ زاخر بمفاخر المرجع الزاهد، والفقيه المجاهد، والد السيد المرجع دام ظلّه: آية الله العظمى السيد ميرزا مهدي الشيرازي، الذي قال عنه ابن عمّه آية الله العظمى السيد عبد الهادي الشيرازي: -حين سئل عن عدالته- إنه عاشره قرابة ثلاثة عقود من الزمن فلم ير منه حتى ارتكاب مكروه قط، وقد قال سماحته نفس هذا الكلام في جواب من سأله عن عدالة ابن عمه سماحة السيد عبد الهادي الشيرازي أيضاً، فلقد قصّ عليّ عمي المرحوم الحاج رضا أنه قد عمّ أهالي كربلاء الحزن والحداد على ارتحال الميرزا مهدي الشيرازي، ﻷنهم فقدوا عالماً عاملاً، وفقيهاً تقياً زاكياً، وأباً حنوناً وشفيقاً، قال: ولشدّة تأثري رأيت في المنام: أن نوراً وهاجاً انفلق وهو يعلو نحو السماء، وإذا بي أرى في وسطه السيد الميرزا مهدي الشيرازي، فقلت: وا أسفاه لقد فقدنا هذا النور، فأجابني هاتف: صحيح أنكم فقدتم هذا النور، ولكنه خلّف أنواراً أربعة، فاعرفوا قدرها، ثم أضاف العم قائلاً: واﻷنوار اﻷربعة كناية عن أنجاله اﻷربعة، ومنهم: السيد المرجع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله.

س8- كيف كان يتم التنسيق بين السيد المرجع الشيرازي دام ظله وأخيه اﻷكبر المرحوم آية الله العظمى اﻹمام الشيرازي دام قدّس سرّه؟

ج8- جاء في التاريخ: أن الاسكندر، المعروف بذي القرنين أوصى عند موته أن يخرجوا عند تشييعه كفّه -التي كان قد أشار فيها بأصابعه الخمسة- من كفنه بارزة للناس، فلما مات فعلوا ذلك عملاً بوصيته وقاموا بتشييعه، وفي اﻷثناء مرّوا بحكيم، فلما نظر ذلك الحكيم الى كف ذي القرنين بارزة من كفنه مشيرة بأصابعها الخمسة وكأنها ترمز الى أمر، جاء حتى وقف بأزاء الجنازة ورفع كفه مشيراً بها بإصبعين فقط، وجعلها تجاه كف ذي القرنين المشيرة بأصابعها الخمسة، وإذا بكف ذي القرنين تنزل وتغيب في الكفن، فتعجّب المشيعون من هذا المنظر وسألوا الحكيم عن سرّ ذلك؟ فقال: إن ذا القرنين كان يريد أن يقول بأصابعه الخمسة: لو أن خمسة رجال اتحدوا قلباً وفكراً استطاعوا أن يسخّروا العالم، فقلت له برفع كفّي مشيراً بإصبعين منها فقط: إنه لا حاجة الى اتحاد خمسة رجال في تسخير العالم، بل انه لو اتحد رجلان قلباً وفكراً لاستطاعوا ذلك أيضاً، فصدّقني ذو القرنين وغيّب كفّه.
نعم هذه هي حقيقة كونية، وسنّة الهية ثابتة، وقد جُرّبت كثيراً، وأنتجت نتائج طيبة، وكنموذج على ذلك مساندة سماحة السيد المرجع الشيرازي دام ظله أخاه اﻷكبر اﻹمام الشيرازي الراحل آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي قدّس سرّه في طول مسيرته العلمية والجهادية، وحياته اﻹجتماعية والنضالية، فإنه بهذه المساندة سرّاً وجهراً، والمظاهرة علماً وعملاً، والموافقة قلباً ويداً، استطاع التغلّب على ما خطّط أعداء اﻹسلام ضده من التعتيم اﻹعلامي، وما فرض عليه من محاصرة الشرق والغرب، وما واجهه من مضايقة القريب والبعيد، والعدوّ والصديق، بل استطاع الانتصار على الحرب الشعواء التي أقيمت ضدّه، وأثيرت في وجهه، وتصدّت ﻹيقاف حركته الثقافية الزاحفة، التي تجسّدت في تقديم مكتبة عامرة وقيّمة، وأينعت بعطاء فكري ضخم وأصيل، والتي تمثّلت في ما يقرب من تأليف الف وخمسمائة كتاب وكتيّب، وزخرت بما لا عدد له من التجارب والحكم، والعلوم والفنون، والعظات والعبر، المأثورة عن الرسول الأعظم وآله الكرام، بحيث إنها جدّدت معالم اﻹسلام، وأحيت تراث أهل البيت، وأصبحت تغذي الشباب المسلم بالفكر الصحيح، والعقيدة القويمة، وتوقفه شيئاً فشيئاً على تراثه العظيم الذي تركه لهم الرسول الكريم وأهل بيته المعصومون، وترجعه الى عراقته وأصالته، والى اعتناق مذهب أهل البيت، وانتهاج ثقافتهم المجسّدة لثقافة القرآن الحكيم، من السلم والمسالمة، ومن المعايشة والمفاهمة، ومن نبذ العنف والخرق، وهجر الظلم والجور، وترك الغدر والمكر.
وبكلمة واحدة: أنتجت المساندة والتنسيق الدائب والمستمر بين السيد المرجع الشيرازي دام ظله وأخيه اﻷكبر اﻹمام الشيرازي أعلى الله مقامه ثماراً طيّبة، أحبطت كل المخططات العدوانية، وكشفت جيمع النوايا الشيطانية، وأذابت التهم والافتراءات الصبيانية، ولولا ذلك التنسيق وتلك المساندة لنجح اﻷعداء في مخططاتهم، وانتصروا في حربهم الدعائية والعدوانية ضده، ولما بقي ﻷسرة آل الشيرازي ذكر يُحمد ولا أثر يُطلب.

س9- كيف يتعامل السيد المرجع الشيرازي دام ظله مع الطبقة الفقيرة في المجتمع؟

ج9- يتعامل السيد المرجع الشيرازي دام ظله مع الطبقة الفقيرة معاملة ربّ اﻷسرة الشفيق مع أسرته، والرفيق بمن يعوله، إنه يواظب على مواساتهم ومساواتهم، حتى أنه جعل مستوى معيشته بسيطة ونازلة إلى مستوى معيشة فقراء المجتمع من حيث المسكن والملبس واﻷثاث والرياش، فذلك هو بيته المتواضع والبسيط في كل شيء حيث صار أشبه ما يكون بالبيت المتواضع والبسيط الذي كان يعيش فيه أخوه اﻷكبر اﻹمام الشيرازي قدّس سرّه، فقد ظهر لزوّاره بساطته وزهده، وتلك هي حياته المتواضعة، والتي جعلها وقفاً لمساعدة المعوزين والمحتاجين، فكان ولا يزال بمنزلة اﻷب المنفق، والكفيل المشفق لكثير من المؤمنين الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً.

س10- ما هو برنامج السيد المرجع الشيرازي دام ظله اليومي؟

ج10- برنامج السيد المرجع الشيرازي دام ظله يعتمد على وقف نفسه ووقته في سبيل الله وخدمة دين الله ونفع عباد الله، بين درس وتدريس، وبين قرآن وحديث، وبين عبادة ونسك، وبين زيارة ولقاء، وبين استطلاع للأخبار اليومية واﻷحداث العالمية، وبين اهتمام بما يحدث ويجري على الساحة، واتّخاذ موقف مسؤول منها، وبين استقبال للوافدين والزائرين واﻹجابة على أسئلتهم ومطاليبهم، فهو لا ينام في الليل إلاّ ثلاث أو أربع ساعات، يقوم بعدها للتهجّد والصلاة، ثم اﻹجابة على استفتاءات الناس، ثم يواصل أعماله اليومية من كتابة وتأليف وبحث وتدريس وتحقيق ونحو ذلك حتى المساء، وهكذا في كل يوم.

س11- تفضلوا بالحديث عن بعض إنجازات السيد المرجع الشيرازي دام ظله؟

ج11- للسيد المرجع الشيرازي دام ظله إنجازات كبيرة وعظيمة، خيرية واجتماعية، دينية ودنيوية، علمية وثقافية، فنية وتربوية، بالمباشرة وبالوساطة، وفي كل الميادين والمجالات الحيوية للحياة اليومية، من مساجد وحسينيات ومدارس ومعاهد، ومشافٍ ومستوصفات، ولجان فنية وهيئات، ومسؤسسات خيرية واجتماعية ونحو ذلك، ففي كل منها له فيها اليد الطولى، وقدم السبق، والمؤازرة الحسنة، والدعم المستمر، والمواصلة الدائمة واللائقة

س12- ما تقييمكم لموسوعة أهل البيت عليهم السلام في القرآن الكريم في المكتبة اﻹسلامية، تأليف سماحة السيد المرجع الشيرازي دام ظله؟

ج12- موسوعة أهل البيت عليهم السلام في القرآن الحكيم، أول موسوعة من نوعها تظهر إلى عالم النور، وتزيّن المكتبة اﻹسلامية، وتملأ الفراغ الموجود في مجال أهل البيت من هذا الجانب الفكري والعقائدي العظيم، أهل البيت الذين أنزل الله في مدحهم ربع القرآن الحكيم –كما في بعض الروايات المنيفة- وأنزل في ذم أعدائهم، ومبتزّي حقوقهم، ومُصادري خلافتهم، وغاصبي منبر جدّهم، ومقاتليهم ومحاربيهم، ربع القرآن الحكيم أيضاً –كما في بعض اﻷحاديث الشريفة- فإنهم عليهم السلام كانوا ولا يزالون معتّم عليهم، ومجهول حقّهم، ومخفيٌ قدرهم، ومصادرٌ فضلهم ومقامهم، فجاءت موسوعة أهل البيت ومن مصادر العامّة وكتبهم، لتثبت ما أثبت الله تعالى للرسول الكريم وأهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، من منزلة ورفعة، وإمامة وخلافة في كتابه الحكيم، وفرقانه العظيم، ولتجمع في مكان واحد، وكتاب خاص ما جاء متفرقاً في زوايا الكتب، ومتشتتاً في ثنايا التاريخ، فهو باب جديد، وابتكار جميل، واسم على مسمّى.

س13- اذكروا بعض خواطركم مع سماحة السيد المرجع الشيرازي دام ظله.

ج13- كل يوم يمرّ على اﻹنسان من أيام اﻷسبوع والشهر والسنة وهو إلى جنب المرجع الشيرازي دام ظله وفي رحابه، لا يكاد يخلو من خواطر وقصص، ومن نوادر ولطائف، وكلّها تصب في الدلالة على إخلاصه لله تعالى، ولرسوله الكريم وأهل بيته المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وعلى وقف نفسه ووقته لخدمة دين الله، ونفع عباد الله، فمن طلاقة وجهه وبسمته التي لا تفارق شفتيه حدّث ولا حرج، ومن رحابة صدره وسعة قلبه قل ولا تخف، ومن عظم روحه وكبر معنويته بُح ولا تَوجل، إنه امتداد ﻷجداده الطاهرين، ومثال لسيرتهم الطيبة، وأخلاقهم الحسنة، فلا يجلس إليه أحد إلاّ استزاد إيماناً وطيباً، ولا يكلّمه شخص إلاّ وأخذ من أدبه باقة، ومن أخلاقه غصناً، ومن تواضعه درساً، إنه يوصي الجميع وخاصّة الشباب بالتقوى والعلم، والجدّ والمثابرة، والنشاط والهمّة في سبيل إعلاء كلمة الله، ونفع عباد الله، ويوصي من معه بأن يتحرى من له حاجة ملحّة، أو مشكلة ملمّة فيقضي له حاجته ويحلّ له مشكلته بقدر المستطاع، ولم أنس وصيته لشباب كانوا قد جاءوا من بعض بلاد الهند لزيارته فقال لهم: إن كل واحد منكم لابد وأنه سمع باسم محرّر الهند: غاندي، وكل منكم إنسان لا يقلّ في قدرته واستطاعته عمّا كان عليه غاندي أيضاً، وغاندي غير المسلم استطاع تحرير بلاد الهند على ما فيها -كما تعلمون- من أديان ومبادئ، ولغات وألسنة من مخالب اﻹستعمار البريطاني العجوز، وجعلهم سادة وقادة، فكيف بكم وأنتم مسلمون، واﻹسلام جاء لتحرير الشعوب، وتعميم الخير والسعادة للعالم أجمع، ثم واصل كلامه معهم وقال: فلو تقاعسنا وتكاسلنا ولم نبلّغ صوت الاسلام وعدله، وهتاف القرآن وقسطه، وثقافة الرسول الكريم وأهل بيته إلى العالم كله -رغم وجود وسائل البث واﻹعلام الجديدة- فماذا يكون جوابنا لسؤالنا الله تعالى عن ذلك، وقارن بيننا وبين مثل غاندي غير مسلم في إنجاز مهمّته، بينما نحن لم نعمل ﻹنجاز مهمّة الإسلام، وإسعاد العالم به، إذن: فلا تقصّروا في إنجاز ذلك وتحقيقه على أرض الواقع إن شاء الله تعالى. انتهى

والسلام على محمدوال محمد وعجل فرجهم

ثآر الله
10-25-2009, 11:50 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن عدوهم
احسنت جزاك الله خير جزاء المحسنين بوركت على نشر اللقاء القيم
وحفض الله سماحة المرجع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله
ووفقك الله لتقديم كل ما هو فيه الخير والفائدة تقبلي تحياتي اخت فدوة

فدوه لعيونك أني ياعمي
11-03-2009, 02:19 PM
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ
شكـرا لك علـى مرورك في موضوعـي المتواضع ..
الله يوفقنا لنصره دنـينا ومذاهبنا