المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة الملك اردشير مع الجارية


ياساقي العطاشى
11-05-2009, 08:45 PM
(قصة الملك اردشير مع الجارية)

نقل ابن الأثير في تاريخ الكامل وصاحب المستطرف: ان اردشير الملك كان ذا مملكة متسعة وقد وصف له بنت مالك بحر الأردن بالجمال البارع فأرسل يخطبها، فامتنع ابوها من اجابته فعظم على اردشير ذلك وحلف ليغزونه وليقتلنه هو وابنته وسائر خواصه، فسار اليه في جيوشه فقاتله وقتله اردشير وقتل سائر خواصه، ثم سأل عن ابنته المخطوبة فبرزت اليه جارية من القصر من اجل الناس واجملهم واكملهن حسناً فقالت: ايها الملك اني من البلد الفلاني الذي غزاه هذا الملك قبل ان تقتله وانه اسرني واتى بي الى هذا القصر فرأتني ابنته التي خطبتها فأحبتني وسألته ان يتركني لتستأنس بي فتركني لها فكنت انا وهي كالروحين في جسد واحد، فلما سيرت خطبتها خاف عليها منك فأرسلها الى بعض جزائر البحر المالح عند بعض اقاربه من الملوك. فقال اردشير: وددت اني قد ظفرت بها لكنت اقتلها شر قتلة ثم انه تأمل الجارية فرآها فائقة الجمال فمالت نفسه اليها فاخذها للتسري وقال: هذه اجنبية ولا احنث في يميني بأخذها، ثم انه واقعها فحملت منه فلما ظهر عليها الحمل اتفق انها تحدثت معه يوماً ورأته منشرحا فقالت له: انت غلبت ابي وانا غلبتك، فقال لها: ومن ابوك؟ فقالت له: هو ملك بحر الأردن وانا ابنته التي خطبتها منه واني سمعت انك اقسمت لتقتلني فيمن يقتل فاحتججت عليك بما سمعت والآن فهذا ولدك في بطني فلا يهنأ لك قتلي، فعظم ذلك على اردشير قهرته امرأة وتحيلت عليه حتى خلصت من يده، فانتهرها وخرج من عندها مغضباً وعول على قتلها. ثم ذكر لوزيره ما اتفق له معها فلما رأى الوزير عزمه قويا على قتلها وعرف انه يخشى ان تتحدث الملوك عنه بمثل هذا وانه لا يقبل فيها شفاعة شفيع فقال له: ايها الملك ان الرأي خطر لك والمصلحة هي التي رأيتها وقتل هذه في هذا الوقت اولى من ان يقال: ان امرأة قهرت رأي الملك واحنثته في يمينه لأجل شهوة النفس. ثم قال: ايها الملك ان صورتها مرحومة وحمل الملك معها وهي اولى بالستر ولا أرى في قتلها استر ولا اهون من الغرق، فقال له الملك: نعم ما رأيت خذها واغرقها. فأخذها الوزير ثم خرج بالليل الى بحر الأردن ومعه ضوء ورجال واعوان فتحيل الى ان طرح شيئا في البحر اوهم من كان معه انها الجارية ثم أخفاها عنده، فلما اصبح جاء الى الملك فأخبره انه غرقها فشكره على ما فعل.

ثم ان الوزير دفع للملك حقاً مختوماً قال: ايها الملك اني نظرت مولدي فرأيت اجلي قد دنى على ما يقتضيه حكماء الفرس في النجوم، وان لي اولاد وعندي مال قد ادخرته من نعمتك فخذه اذا أنا مت ان رأيت، وهذا الحق فيه جواهر أسأل الملك ان يقسم على اولادي فانه ارثي من ابي، وليس عندي شيء لم اكتسبه من نعمتك الا هذه الجواهر. فقال له الملك: يطول الرب في عمرك ومالك لك ولاولادك سواء كنت حيا او ميتاً، فألح عليه الوزير ان يودع عنده الحق، فاخذه الملك واودعه عنده في صندوق. ثم مضت اشهر على الجارية فولدت ولداً ذكراً جميل الوجه والخلق، فلاحظ الوزير جانب الادب في تسمية الولد فسماه (شاه پور) ومعناه بالفارسية ابن ملك، فان شاه ملك وبور ابن، ولم يزل يلطف بالجارية والولد الى ان بلغ الولد فعلمه كلما يصلح لاولاد الملوك من الخط والحكمة والفروسية وهو يوهم الناس انه مملوك له اسمه شاه پور، الى ان راهق البلوغ.

هذا كله وادرشير ليس له ولد وقد طعن في السن واقعده الهرم فمرض واشرف على الموت فقال للوزير: ايها الوزير قد هرم جسمي وضعف واني ميت لا محالة وهذا الملك يأخذه بعدي من قضي له به، فقال الملك: لقد ندمت على تغريق تلك الجارية ولو كنت ابقيتها لتضع فلعل حملها يكون ذكراً، فلما شاهد الوزير منه الرضا قال: ايها الملك انها عندي وقد وضعت ولدا ذكرا من احسن الغلمان خلقا وخلقاً. فقال له الملك: احقا ما تقول؟ فاقسم الوزير ثم قال: ايها الملك ان في الولد روحانية تشهد بأبوة الاب وفي الولد روحانية تشهد ببنوة الولد لا يكاد ذلك ان يخرم ابدا، وانني اتي بالغلام بين عشرين صبيا في سنه وهيئته ولباسه وكلهم ذو اباء معروفة خلا هو واعطي كل واحد منهم صولجانا واكرة وامرهم ان يبلغوا بين يديك في مجلسك، هذا والملك يتأمل شمائلهم وصورهم فمن مالت نفسه اليه فهو هو. فقال الملك: نعم ما قلت،



فأحضرهم الوزير على هذه الصورة ولعبوا بين يدي الملك فكان الصبي اذا ضرب الأكرة وقربت من مجلس اردشير تمنعه الهيبة ان يقدم يأخذها حتى ترمى اليه الا شاه پور فانه كان اذا ضربها وجاءت الى مرتبة ابيه تقدم واخذها ولا يهابه. فلاحظ اردشير ذلك مراراً فقال له: ايها الغلام ما اسمك؟ فقال شاه پور، فقال له: صدقت انت ابني، ثم ضمه الى صدره وقبله. فقال له الوزير: هو هذا ايها الملك، ثم احضر اباه بقية الصبيان ومعهم عدول فأثبت لكل صبي منهم والده بحضرة الملك، فتحقق الصدق.

ثم جاء بالجارية وقد تضاعف حسنها وجمالها فقبلت يدي الملك فرضي عليها. فقال الوزير: ايها الملك قد دعت الضرورة في هذا الوقت الى احضار الحق المختوم، فأمر الملك باحضاره ففك الوزير ختمه وفتحه ثم اخرج ذكره وانثييه مقطوعة مصانة فيه من قبل أن يتسلم الجارية من الملك، واحضر عدولا من الحكماء كانوا فعلوا به ذلك فشهدوا عند الملك ان هذا الفعل فعلناه به قبل ان يتسلم الجارية بليلة، فدهش اردشير من فعل الوزير وخدمته ومناصحته وتضاعف سروره باثبات صيانة الجارية واثبات الحاق نسبه بالولد.

ثم ان الملك عوفي من مرضه الذي كان به وصح جسمه ولم يزل يتقلب في نعمته الى ان حضرته الوفاة ورجع الملك الى ابنه شاه پور بعد موته. وقد نقل هذه الحكاية السيد المحقق السيد نعمة الله الجزائري في شرحه على التهذيب في بيان معنى الثياب السابرية. قال (قده): السابري ـ كما قال في الصحاح ـ ثوب رقيق جداً هو نسبة الى شاه پور الملك. وهو معرب شاه پور، والپور في الفرس القديم معناه الولد، فشاه پور ولد السلطان. ثم نقل الحكاية المذكورة ومنه نقلنا.

ويش أكتب
11-05-2009, 11:57 PM
تسلم اخي على القصه الرائعه وتقبل مروري

ياساقي العطاشى
11-06-2009, 10:57 AM
نشكر مروركم والرد علينا أخوكم ياساقي العطاشى