داحي الباب
11-28-2009, 04:10 AM
السلام عليكم
كرامات قمر بني هاشم تعددت وانتقلت لكل القلوب
وهذة احدى كرامات ابالفضل العباس(ع)
نشيج بكاء يقلع أضلاع الصدر، امرأة ثكلى مفجوعة..
ـ ما لكِ يا امرأة! ما الخبر ؟!
ـ عنبر.. عنبر.
ـ ما بهِ عنبر ؟!
ـ ولدي.. خرج من البيت ولم يَعُد.
أجل لم يعد تلك الليلة ولا التي بعدها، عصفت رياح الضياع، لا أحد يعلم أين ذهب، ومع مَن ذهب!
كان صبيّاً وحيداً لأمّه، وقد تُوفّي والده قبل أشهر في مدينتهم « دزفول » الإيرانيّة، فأصبح يتيماً كما أصبحت والدته أرملة، فجمعهما الحرمان وجعلهما متلازمين، تعلّق قلب كلّ واحدٍ بالآخر، فليس لهما أحد.
لكنّ غيابه الذي طال نكّد حياتها، وقد امتدّت الأشهر ثم السنوات مريرة دون أيّ خبر، وقلبُ الأمّ يحدّثها أن « عنبراً » موجود كأنّ مشامّها تحسّ بعطره، وكأنّ حدسها يلحّ عليها أن عنبراً موجود.. نعم هو موجود، ولكن أين ؟! وأنّهما سيلتقيان، نعم سيلتقيان، ولكن متى ؟!
لا تدري تلك المرأة المفجوعة كيف انقضت عشر سنوات، إلاّ أنّها تدري أنّها هَرِمَت لِما نَزَل بها، وأنّ الناس حولها يتألّمون لحالها، ويمدّون لها أيدي المعونة والمساعدة، إذ لم يبقَ لها معين.. حتّى فُتح طريق العراق، فرأت أن تتّفق مع امرأتينِ من أرحامها ترافقهما في زيارة العتبات المقدّسة هناك.
كان السفر، والعين تتقلّب على مناظر تأتي وتمرّ، حتّى وقعت الأنظار على تلك القباب المشرقة التي تفتح الأرواح على عالَمٍ آخَر، فتشرّفت أمّ عنبر بزيارة سيّد الشهداء عليه السّلام وبكت على مصيبته في ولده عليّ الأكبر سلامُ الله عليه.
ثمّ قامت من عنده لتزور أخاه الشهيد أبا الفضل العبّاس عليه السّلام، ذاك باب الحوائج إلى الله تعالى، فرأت أن تذكر بين يديه طلَبَها، وتشكو له طول انتظارها لولدها، ولكن لم تكن شكوى وحَسْب!
انفجرت باكيةً ناشجة مستغيثة، وقد وقعت على ضريحه المقدّس، ولم تملك نفسها حتّى غلبَ عليها الإغماء من كثرة النحيب. فبادرت المرأتان إلى حملها وإخراجها من الحرم المطهّر، لينقلاها إلى الطبيب، فقد أصبح يُخشى عليها. دقائق وإذا بسيارة تاكسي، استوقَفَتاه:
ـ خاله.. رحمه لأبوك، تاخذ هذه المَرَه للمستشفى، للطبيب. اِحنه غريبات اهنا بكربله، إجينه من دزفول، رحمه لأمواتك تساعدنه بهذي الحُرمه.
أعانهنّ، أركبهنّ، ثمّ عاد يقود سيّارته وهو مسرع ولكنّه متسائل، وكأن قلبه متلهّف لمعرفة أمر هذه المرأة، ما خبرها ؟ فسأل:
ـ من أيّ محلّة أنتنّ من دزفول ؟
ـ من محلّة المسجد.
ـ هذه المرأة، ما بها ؟!
ـ إنّها أم فاقدة لولدها الوحيد، فقد خرج من البيت منذ عشر سنوات ولم يَعُد إليها، وها هي قد جاءت من دزفول للزيارة، تطلب ولدها من أبي الفضل، وقد بكت عند ضريحه بكاءً شديداً حتّى غابت عن وعيها.
ازداد اهتمام السائق بالأمر أكثر، وداخلَه الفضول والاستفهام والتساؤل أكثر فأكثر، حتّى قال:
ـ عفواً شنو اسمهمه المَرَة ؟
ـ « فلانة ».
ـ زين.. العفو العفو، شنو اسم ابنهه ؟!
ـ اسمه « عنبر ».
أوقف السائق سيارته وقد اصفرّ وجهه، واتّسعت عيناه بادئ الأمر وهو ينظر إلى المرأة المغمى عليها من خلال مرآةٍ أمام عينيه:
ـ ليش خاله وگّفت سيارتك، احنه مستعجلين وهاي المرة خاف اتموت!
نَظَرنَ إلى المرآة فرأينه وقد اغروقت عيناه بالدموع واختنق بعبرته، ثمّ اجهش ببكاءٍ عالٍ راح يتفجّر فيه، وقد التَفَتَ وصاح في وجه المرأة المغمى عليها حتّى أفاقت:
ـ يمّه!! آنه عنبر!
ـ يمّه! عنبر، عنبر!
وتعانَقا في بكاءٍ مرير، ومعهما المرأتان مدهوشتان لم تشعرا كيف صدر منهما العويل والصراخ.
يظنّانِ كلَّ الظنِّ ألاّ تَلاقيـا! وقد يجمع الله الشتيتينِ بعدما
والتأم الجرح، واجتمع الشمل، وكانت التفاتات كلُّها معانٍ. اتّجهت صوبَ قبّة أبي الفضل العبّاس عليه السّلام، تريد ـ ولا تستطيع ـ أن تعبّر عن الشكر والإجلال والإعجاب والافتخار بصاحب الكرامات الكبرى.
كرامات قمر بني هاشم تعددت وانتقلت لكل القلوب
وهذة احدى كرامات ابالفضل العباس(ع)
نشيج بكاء يقلع أضلاع الصدر، امرأة ثكلى مفجوعة..
ـ ما لكِ يا امرأة! ما الخبر ؟!
ـ عنبر.. عنبر.
ـ ما بهِ عنبر ؟!
ـ ولدي.. خرج من البيت ولم يَعُد.
أجل لم يعد تلك الليلة ولا التي بعدها، عصفت رياح الضياع، لا أحد يعلم أين ذهب، ومع مَن ذهب!
كان صبيّاً وحيداً لأمّه، وقد تُوفّي والده قبل أشهر في مدينتهم « دزفول » الإيرانيّة، فأصبح يتيماً كما أصبحت والدته أرملة، فجمعهما الحرمان وجعلهما متلازمين، تعلّق قلب كلّ واحدٍ بالآخر، فليس لهما أحد.
لكنّ غيابه الذي طال نكّد حياتها، وقد امتدّت الأشهر ثم السنوات مريرة دون أيّ خبر، وقلبُ الأمّ يحدّثها أن « عنبراً » موجود كأنّ مشامّها تحسّ بعطره، وكأنّ حدسها يلحّ عليها أن عنبراً موجود.. نعم هو موجود، ولكن أين ؟! وأنّهما سيلتقيان، نعم سيلتقيان، ولكن متى ؟!
لا تدري تلك المرأة المفجوعة كيف انقضت عشر سنوات، إلاّ أنّها تدري أنّها هَرِمَت لِما نَزَل بها، وأنّ الناس حولها يتألّمون لحالها، ويمدّون لها أيدي المعونة والمساعدة، إذ لم يبقَ لها معين.. حتّى فُتح طريق العراق، فرأت أن تتّفق مع امرأتينِ من أرحامها ترافقهما في زيارة العتبات المقدّسة هناك.
كان السفر، والعين تتقلّب على مناظر تأتي وتمرّ، حتّى وقعت الأنظار على تلك القباب المشرقة التي تفتح الأرواح على عالَمٍ آخَر، فتشرّفت أمّ عنبر بزيارة سيّد الشهداء عليه السّلام وبكت على مصيبته في ولده عليّ الأكبر سلامُ الله عليه.
ثمّ قامت من عنده لتزور أخاه الشهيد أبا الفضل العبّاس عليه السّلام، ذاك باب الحوائج إلى الله تعالى، فرأت أن تذكر بين يديه طلَبَها، وتشكو له طول انتظارها لولدها، ولكن لم تكن شكوى وحَسْب!
انفجرت باكيةً ناشجة مستغيثة، وقد وقعت على ضريحه المقدّس، ولم تملك نفسها حتّى غلبَ عليها الإغماء من كثرة النحيب. فبادرت المرأتان إلى حملها وإخراجها من الحرم المطهّر، لينقلاها إلى الطبيب، فقد أصبح يُخشى عليها. دقائق وإذا بسيارة تاكسي، استوقَفَتاه:
ـ خاله.. رحمه لأبوك، تاخذ هذه المَرَه للمستشفى، للطبيب. اِحنه غريبات اهنا بكربله، إجينه من دزفول، رحمه لأمواتك تساعدنه بهذي الحُرمه.
أعانهنّ، أركبهنّ، ثمّ عاد يقود سيّارته وهو مسرع ولكنّه متسائل، وكأن قلبه متلهّف لمعرفة أمر هذه المرأة، ما خبرها ؟ فسأل:
ـ من أيّ محلّة أنتنّ من دزفول ؟
ـ من محلّة المسجد.
ـ هذه المرأة، ما بها ؟!
ـ إنّها أم فاقدة لولدها الوحيد، فقد خرج من البيت منذ عشر سنوات ولم يَعُد إليها، وها هي قد جاءت من دزفول للزيارة، تطلب ولدها من أبي الفضل، وقد بكت عند ضريحه بكاءً شديداً حتّى غابت عن وعيها.
ازداد اهتمام السائق بالأمر أكثر، وداخلَه الفضول والاستفهام والتساؤل أكثر فأكثر، حتّى قال:
ـ عفواً شنو اسمهمه المَرَة ؟
ـ « فلانة ».
ـ زين.. العفو العفو، شنو اسم ابنهه ؟!
ـ اسمه « عنبر ».
أوقف السائق سيارته وقد اصفرّ وجهه، واتّسعت عيناه بادئ الأمر وهو ينظر إلى المرأة المغمى عليها من خلال مرآةٍ أمام عينيه:
ـ ليش خاله وگّفت سيارتك، احنه مستعجلين وهاي المرة خاف اتموت!
نَظَرنَ إلى المرآة فرأينه وقد اغروقت عيناه بالدموع واختنق بعبرته، ثمّ اجهش ببكاءٍ عالٍ راح يتفجّر فيه، وقد التَفَتَ وصاح في وجه المرأة المغمى عليها حتّى أفاقت:
ـ يمّه!! آنه عنبر!
ـ يمّه! عنبر، عنبر!
وتعانَقا في بكاءٍ مرير، ومعهما المرأتان مدهوشتان لم تشعرا كيف صدر منهما العويل والصراخ.
يظنّانِ كلَّ الظنِّ ألاّ تَلاقيـا! وقد يجمع الله الشتيتينِ بعدما
والتأم الجرح، واجتمع الشمل، وكانت التفاتات كلُّها معانٍ. اتّجهت صوبَ قبّة أبي الفضل العبّاس عليه السّلام، تريد ـ ولا تستطيع ـ أن تعبّر عن الشكر والإجلال والإعجاب والافتخار بصاحب الكرامات الكبرى.