المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامام زين العابدين عليه السلام


فراشة روحي
11-29-2009, 08:24 PM
ليس في تاريخ هذا الشرق، الذي هو مهد النبوات من يضارع الإمام زين العابدين (عليه السلام) في ورعه وتقواه، وشدة إنابته إلى الله، اللهم إلا آباؤه الذين أضاءوا الحياة الفكرية بنور التوحيد، وواقع الإيمان.
لقد حكت سيرة هذا الإمام العظيم سيرة الأنبياء والمرسلين، وشابههم بجميع ذاتياتهم، واتجاهاتهم، فهو كالمسيح في زهده وإنابته إلى الله، وكالنبي أيوب في بلواه وصبره، وكالرسول محمد (صلى الله عليه وآله) في صدق عزيمته وسمو أخلاقه، فهو زين العابدين ولم يُمنح لأحد هذا اللقب سواه.
وبرز الإمام زين العابدين (عليه السلام) على مسرح الحياة الإسلامية كألمع سياسي إسلامي عرفه التاريخ، فقد استطاع بمهارة فائقة أن ينهض بمهام الإمامة وإدامة نهضة أبوه الإمام الحسين (عليه السلام)، برغم ما به من قيد المرض وأسر الأمويين. لقد حقق الإمام (عليه السلام) هذه الانتصارات الباهرة من خلال خطبتين ألقاها على الجماهير الحاشدة في الكوفة وفي الشام والتي كان لها الأثر البالغ في إيقاظ الأمة وتحريرها من عوامل الخوف والإرهاب.
لقد كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) من أقوى العوامل في تخليد الثورة الحسينية، وتفاعلها مع عواطف المجتمع وأحاسيسه، وذلك بمواقفه الرائعة التي لم يعرف لها التاريخ مثيلاً في دنيا الشجاعة والبطولات، وظل يلقي الأضواء على معالم الثورة الحسينية، ويبث موجاتها على امتداد الزمن والتاريخ. وكان من مظاهر تخليده للثورة الحسينية كثرة بكائه على ما حل بأبيه وأهل بيته وأصحابه من أهوال يوم الطف، وكان لهذا الأسلوب الأثر الكبير في نفوس المسلمين وفي تحرير الإنسان من الظلم والعبودية والطغيان ورفضهما.
وكان للإمام زين العابدين (عليه السلام) الدور الكبير في إنارة الفكر الإسلامي بشتى أنواع العلوم والمعارف، وقد دعا ناشئة المسلمين إلى الإقبال على طلب العلم، وحثهم عليه، وقد نمت ببركته الشجرة العلمية المباركة التي غرسها جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأقبل الناس بلهفة على طلب العلم ودراسته فكان حقاً من ألمع المؤسسين للكيان العلمي والحضاري في دنيا الإسلام.
أما الثروات الفكرية والعلمية التي أثرت عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) فإنها تمثل الإبداع والانطلاق والتطور، ولم تقتصر على علم خاص، وإنما شملت الكثير من العلوم كعلم الفقه والتفسير وعلم الكلام، والفلسفة وعلوم التربية والاجتماع، وعلم الأخلاق الذي اهتم به الإمام (عليه السلام) اهتماماً بالغاً، ويعود السبب في ذلك إلى أنه رأى انهيار الأخلاق الإسلامية، وابتعاد الناس عن دينهم من جراء الحكم الأموي الذي حمل معول الهدم على جميع القيم الأخلاقية فانبرى عليه السلام إلى الإصلاح وتهذيب الأخلاق.
إن المثل التي نشرها الإمام السجاد (عليه السلام) تبهر العقول وتدعو إلى الاعتزاز والفخر لكل مسلم بل لكل إنسان يدين للإنسانية ويخضع لمثلها وقيمها.
ومن الحق أن يقال أن هذا الإمام الملهم العظيم ليس لطائفة خاصة من الناس، ولا لفرقة معينة من الفرق الإسلامية دون غيرها، وإنما هو للناس جميعاً على اختلاف عصورهم، بل وعلى اختلاف أفكارهم وميولهم واتجاهاتهم، فإنه سلام الله عليه يمثل القيم الإنسانية والكرامة الإنسانية، ويمثل كل ما يعتزّ به هذا الإنسان من الكمال والآداب، وسمو الأخلاق وكان المسلمون يرون في سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) تجسيداً حياً لقيم الإسلام وامتداداً مشرقاً لجده الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، فهو يحكيه في منهجه وسيرته ومآثره وقد ملك القلوب والعواطف بأخلاقه الرفيعة، وكانوا لا يرون غيره أهلاً لقيادتهم الروحية والزمنية، ولهذا عمدوا إلى اغتياله كما اغتالوا غيره من أئمة المسلمين، وأعلام الإسلام من الذين يشكلون خطراً عليهم.

آراء معاصريه
وأدلى المعاصرون للإمام زين العابدين (عليه السلام) من العلماء، ومختلف الشخصيات بانطباعاتهم عن شخصيته، وكلها إكبار وتعظيم له سواء في ذلك من أخلص في الود أو أضمر له العداوة والبغضاء، وفيما يلي كلماتهم.
1- جابر الأنصاري:
وكان الصحابي العظيم جابر بن عبد الله الأنصاري منقطعاً لأهل البيت (عليهم السلام) ومن الموالين لهم، وقد أعرب عن إعجابه البالغ بالإمام (عليه السلام) قائلاً:
(ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين..)(1).
حقاً لم ير في أولاد الأنبياء مثل الإمام علي بن الحسين في تقواه وورعه، وشدة إنابته إلى الله، كما لم يبتل منهم بمثل ما ابتلي به فقد داهمته المحن والخطوب في أكثر أيام حياته.
2- عبد الله بن عباس:
كان عبد الله بن عباس على جلالة شأنه وتقدمه في السن يجل الإمام زين العابدين وينحني خضوعاً وتكريماً له، فإذا رآه قام تعظيماً، ورفع صوته قائلاً: مرحباً بالحبيب الحبيب(2).
3- الزهري:
كان محمد بن مسلم القرشي الزهري الفقيه أحد الأئمة الأعلام، وعالم الحجاز والشام(3) ممن أخلص للإمام (عليه السلام) وهام بحبه، وقد أدلى بمجموعة من الكلمات القيمة أعرب فيها عما يتصف به (عليه السلام) من القيم الكريمة والمثل العظيمة، وهذه بعض كلماته:
(أ) (ما رأيت هاشمياً مثل علي بن الحسين..)(4).
(ب) (ما رأيت قرشياً أورع، ولا أفضل منه..)(5).
(ج) (ما رأيت قرشياً أفضل من علي بن الحسين..) (6).
(د) (لم أدرك بالمدينة أفضل منه) (7).
(هـ) (لم أدرك في أهل البيت رجلاً كان أفضل من علي بن الحسين..)(8).
(و) (ما كان أكثر مجالستي من علي بن الحسين، ما رأيت أحداً أفقه منه) (9).
(ز) (كان علي بن الحسين أفضل أهل زمانه، وأحسنهم طاعة) (10).
(ح) (ينادي مناد في القيامة ليقم سيد العابدين في زمانه فيقوم علي بن الحسين..) (11) أشار بذلك إلى الحديث النبوي المشهور: (إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ليقم سيد العابدين، فيقوم) (12).
(ط) (سئل الزهري عن أزهد الناس في الدنيا؟ فقال: علي بن الحسين) (13).
(ي) قال سفيان بن عيينة: قلت للزهري: لقيت علي بن الحسين؟ قال: نعم لقيته، وما لقيت أحداً أفضل منه، والله ما علمت له صديقاً في السر، ولا عدواً في العلانية، فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: لأني لم أر أحداً، وإن كان يحبه إلا وهو لشدة معرفته بفضله يحسده، ولا رأيت أحداً وإن كان يبغضه إلا وهو لشدة مداراته له يداريه..) (14).
ومن المؤكد أن الزهري لم يدل بهذه الكلمات إلا بعد اتصاله الوثيق بالإمام، ومعرفته التامة بما اتصف به من المثل العليا والقيم الكريمة، وقد بلغ من إعجابه به أنه إذا ذكره بكى وقال: زين العابدين(15).
4- سعيد بن المسيب:
وكان سعيد بن المسيب من الفقهاء البارزين في يثرب، ويقول الرواة: إنه ليس من التابعين من هو أوسع علماً منه(16) وقد صحب الإمام زين العابدين ووقف على ورعه، وشدة تحرجه في الدين، وقد سجل ما رآه وبهر به من مثل الإمام بهذه الكلمات:
(أ) (ما رأيت أورع منه - أي من علي بن الحسين -..)(17).
(ب) (ما رأيت قط أفضل من علي بن الحسين، وما رأيته قط إلا مقت نفسي، ما رأيته ضاحكاً يوماً قط..) (18).
(ج) قال رجل لسعيد: ما رأيت أورع من فلان، فقال له سعيد: هل رأيت علي بن الحسين؟ قال: لا. قال: ما رأيت أورع منه..) (19).
(د) كان سعيد جالساً وإلى جانبه فتى من قريش فطلع الإمام زين العابدين فسأل القرشي سعيداً عنه، فأجابه سعيد:
(هذا سيد العابدين علي بن الحسين..) (20).
(هـ) (ما رأيت أودع وأورع من زين العابدين علي بن الحسين..) (21).
وألمّت هذه الكلمات التي أدلى بها هذا الفقيه ببعض صفات الإمام (عليه السلام)، من الورع والطاعة لله، والوداعة في سلوكه وسيرته مع الناس، وهي من أندر الصفات وأعزها وأعظمها عند الله.
5- زيد بن أسلم:
كان زيد بن أسلم في طليعة فقهاء المدينة، كما كان من المفسرين للقرآن الكريم(22) وقد اختص بالإمام زين العابدين (عليه السلام)،وبهر في فضله ورعه وتقواه وانطلق يعرب عن إعجابه البالغ بمثل الإمام وقيمه، وقد أدلى بعدة كلمات كان منها ما يلي:
(أ) (ما جالست في أهل القبة مثله - أي مثل علي بن الحسين -..)(23).
(ب) (ما رأيت مثل علي بن الحسين فيهم - أي في أهل البيت -..)(24).
(ج) (ما رأيت مثل علي بن الحسين فهماً حافظاً..) (25).
ومعنى ذلك أن الإمام أفضل مسلم، وأفضل هاشمي في عصره، كما أنه لم ير مثله في فهمه وسرعة إدراكه وحفظه، وهذا مما تؤكد عليه الشيعة من أن الإمام لابد أن يكون أفضل أهل عصره

ثآر الله
11-30-2009, 03:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احسنتم جزاكم الله خير جزاء المحسنين
اشكر لكم الطرح الجميل
واكرر الشكر لتواصلكم في رفد المنتدى بالمشاركات القيمة
لاتنسونا من بركة دعاءكم
اتمنى لكم كل التوفيق
ثآر الله