المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المهدوية في الإسلام


أبنه الهواشم
05-13-2010, 08:11 AM
المهدوية في الإسلام

إن مسألة المهدوية في الاسلام، وبالخصوص عند الشيعة، لها فلسفة كبيرة؛ ان الاعتقاد بظهور المخلص والمصلح، ليس بمعنى ظهوره في منطقة جغرافية معيّنة، أو لجماعة وقبيلة خاصّة، أو عنصر خاص، أو لانقاذ المسلمين فحسب؛ انه يظهر لانقاذ البشرية عموماً في العالم كله، وتغيير الأوضاع الحياتية للبشر، بما فيه صلاحهم وسعادتهم.
ربما يتخيّل البعض، بأنه في عصرنا عصر العلم، العصر الذي تعرّف فيه الإنسان على أسرار الأرض وحقائقها، وسخّرها؛ والآن يرتقي إلى السماء ليتعرف عليها ويسخّرها، فلا تحتاج البشرية حينئذ للمدد الغيبي، إذ انه يصبح بذلك أكثر تكاملاً واستقلالية، فلا يحتاج للمعونة الغيبية، أو أنه أقل احتياجاً لذلك، فإن العقل والعلم بالتدريج، سوف يملآن الفراغ، ويستجيبان لمثل هذه الاحتياجات والرغبات.
وإنما الخطر يهدّد البشرية لو شاعت الجهالة، فإن البشر بأيديهم الجاهلة الغيبية، سيوفّرون عوامل فنائهم ودمارهم، وسيفقدون التوازن والتعادل في حياتهم ، ولكن بعد أن استضاء العالم بنور العلم، فلا يهدده أي خطر.
ومما يؤسف له، أن يخطر مثل هذا الوهم الباطل في أذهان البعض، فإن المفاسد والأخطار والمتاعب، التي ظهرت في عصر العلم، ليست أقل منها في العصور السابقة؛ بل، أنها أكثر وأشد.
إننا في وهم كبير، حين نتصور بأن الباعث على انحرافات البشر دائماً هو الجهل، وعلماء التربية والأخلاق، في مختلف العصور، قد بحثوا هذه المسألة؛ وهل أن الباعث والمنشأ لانحرافات البشر، هل الجهل فحسب؛ فحينئذ يكفي التعلّم والتعليم، لمقاومة هذه الانحرافات والقضاء عليها؟ أم أنّ الأمر ليس كذلك؟ بل، إنّ الجهل أحد العوامل المؤدية للانحراف، فإن أكثر الانحرافات ناشئة، من عدم التعادل في الغرائز والميول، نتيجة الاستسلام للشهوة والغضب، أو طلب الجاه واللذة؛ وبالتالي، فإنها ناشئة في واقعها من عبادة النفس وعبادة المنفعة، ولا شك بأن النظرية الثانية هي الصحيحة.
ولندرس، وضعية الغرائز البشرية في عصرنا الراهن، غرائز الشهوة والغضب، وحبّ الشهرة والمنصب واستغلال الإنسان، واستثماره، وعبادة النفس والمنفعة والظلم والاضطهاد وغيرها، فهل هدأت هذه الرغبات والغرائز في ظلال العلم؟ لتحلّ محلّها روح العدالة، والتقوى، والعفاف، والصدق، وغيرها من القيم الرفيعة، أم أن الأمر على العكس تماماً؟
من الواضح: أن غرائز البشر أصبحت في عصرنا أكثر جنوناً من السابق؛ وأصبح العلم والفن آلات ووسائل بأيدي هذه الغرائز المدمرة؛ وأن ملائكة العلم أصبحت خدماً لشيطان الشهوة، والعلماء وجنود العلم أصبحوا خدماً للسياسيين، والباحثين عن المناصب، والذين يدّعون الربوبية في البشر.
اعتقد بأننا سوف لا نتردد في القول، بأن التقدم العلمي، لم يكن له أيّ تأثير في غرائز البشر، بل، الأمر على العكس، لقد أصبح الإنسان أكثر غروراً، والغرائز الحيوانية أكثر اشتعالاً وضراوة، ومن هذه الناحية أصبح العلم الحديث أكثر عداوةً للانسان، أي: إن ذلك الشيء الذي هو أفضل صديق للانسان، أصبح من أشد أعدائه حقداً عليه وعداوةً له، لماذا؟
إن علم الكهرباء، إنما يكون مفيداً ومثمراً، فيما لو لوحظ في أيّ موضع يستفاد منه، لأي هدف، وكما يقول (النسائي): إن المصباح يمكن الاستفادة منه، لقراءة كتاب، ويمكن الاستفادة منه للسرقة في الليل المظلم.
إن الإنسان إنما يستخدم العلم من أجل تحقيق أهدافه الخاصّة، ولكن ماهي أهداف البشر؟ لا يتمكن العلم من تغيير أهداف الإنسان، أو تغيير قيم الأشياء في نظره، أو أن يجعل من مقاييسه معايير انسانية عامّة، فإن ذلك مهمة الدين فحسب ، إنما وظيفة القوة التي تمتلك السيطرة على الغرائز والميول الحيوانية، واثارة الغرائز الإنسانية السامية فيه.
إن العلم يتمكن أن يسيطر على كلّ شيء إلاّ الإنسان وغرائزه، وإنما الإنسان هو الذي يمتلك القدرة في السيطرة على العلم، وتوجيهه الوجهة التي يريدها، والدين وحده، يتمكن أن يُمسك زمام الإنسان، ويضعه تحت اختياره وارادته، ويغيّر من أهدافه وطموحاته.
يقول ويل ديورانت في كتابه (لذّات الفلسفة) حول الإنسان في عصر الساعة: (انّنا أصبحنا أكثر قدرة من حيث التكتيك، ولكننا فقراء في الأهداف).
فلا فرق بين الإنسان المعاصر وغيره، في أن كلاّ منهما أسير لغضبه وشهوته؛ ولم يتمكن العلم من تحريره، واطلاق سراحه من هوى النفس، لم يتمكن العلم أن يغيّر من طبيعة أكثر من (الحجّاج) وأكثر من (جنكيز) وأمثالهما من مجرمي التأريخ؛ بل إنهم اليوم أنفسهم يحكمون العالم ويسيطرون عليه، بتلك الطبيعة المجرمة نفسها، متقنّعة بقناع الرياء والنفاق والازدواجية؛ بل، إنهم أصبحوا أكثر قدرة وخبرة في الاجرام بواسطة العلم، لقد تبدّل السيف، إلى صاروخ يحمل القنابل المدمّرة الجهنمية.




***********************
المدد الغيبي في حياة الإنسان
من بحوث :الشهيد الشيخ مرتضى المطهري

كواثر
05-13-2010, 11:25 AM
يسلميوو على الطرح الرائع المتألق

بانتظار جديدك دومااا

لاخلا ولاعدم من الطرح المبدع

تقبلي مرروري

تح ياتي

محبة الاطهار
05-14-2010, 01:01 PM
اللهم عـجل الوليك الفرج وانصره على اعدائه ياكريم
بارك الله فيك على الطرح المميز
وجزاك الله خير الجزاء
يعطيك ربي الف عافيه والله
لا يحرمنا من كل مميز
كل الشكر والتقدير
تــــحياتـــــــــــي