المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عثمان ينفي أباذر إلى الربذة!!


عاشقة نحر الحسين
06-15-2010, 04:33 AM
روى البلاذري:

لما أعطى عثمان مروان بن الحكم ما أعطاه، وأعطى الحارث ابن الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم، وأعطى زيد بن ثابت الأنصاري مائة ألف درهم جعل أبو ذر يقول: بشر الكانزين بعذاب أليم ويتلو قول الله عز وجل: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم(1) فرفع ذلك مروان بن الحكم إلى عثمان فأرسل إلى أبي ذر ناتلا مولاه أن انته عما يبلغني عنك فقال: أينهاني عثمان عن قرائة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله ؟ فوالله لإن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضاه.

فأغضب عثمان ذلك و أحفظه فتصابر وكف، وقال عثمان يوما: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال فإذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك.

فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديين أتعلمنا ديننا ؟ فقال عثمان: ما أكثر أذاك لي وأولعك بأصحابي ؟ إلحق بمكتبك وكان مكتبه بالشام إلا أنه كان يقدم حاجا ويسأل عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فيأذن له في ذلك، وإنما صار مكتبه بالشام لأنه قال لعثمان حين رأى البناء قد بلغ سلعا: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا بلغ البناء سلعا فالهرب. فأذن لي آتي الشام فأغزو هناك.

فأذن له، وكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها وبعث إليه معاوية بثلاث مائة دينار فقال: إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا ؟ قبلتها، وإن كانت صلة ؟ فلا حاجة لي فيها.

وبعث إليه حبيب بن مسلمة الفهري بمائتي دينار فقال: أما وجدت أهون عليك مني حين تبعث إلي بمال ؟ وردها.

وبنى معاوية الخضراء بدمشق فقال: يا معاوية إن كانت هذه الدار من مال الله ؟ فهي الخيانة، وإن كانت من مالك ؟ فهذا الإسراف.

فسكت معاوية، وكان أبو ذر يقول: والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه، والله إني لأرى حقا يطفأ، وباطلا يحيى، وصادقا يكذب، وأثرة بغير تقى، وصالحا مستأثرا عليه.

فقال حبيب بن مسلمة لمعاوية: إن أبا ذر مفسد عليك الشام فتدارك أهله إن كانت لكم به حاجة.

فكتب معاوية إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية: أما بعد فاحمل جندبا إلي على أغلظ مركب وأوعره فوجه معاوية من سار به الليل والنهار، فلما قدم أبو ذر المدينة جعل يقول: تستعمل الصبيان، وتجمي الحمى، وتقرب أولاد الطلقاء. فبعث إليه عثمان: إلحق بأي أرض شئت. فقال: بمكة. فقال: لا. قال: فبيت المقدس.قال: لا. قال: فبأحد المصرين.قال: لا. ولكني مسيرك إلى الربذة. فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات. ومن طريق محمد بن سمعان قال لعثمان: إن أبا ذر يقول: إنك أخرجته إلى الربذة. فقال: سبحان الله ما كان من هذا شئ قط، وإني لأعرف فضله، وقديم إسلامه وما كنا نعد في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أكل شوكة منه.

ومن طريق كميل بن زياد قال: كنت بالمدينة حين أمر عثمان أبا ذر باللحاق بالشام وكنت بها في العام المقبل حين سيره إلى الربذة.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: تكلم أبو ذر بشئ كرهه (2) عثمان فكذبه (3) فقال: ما ظننت إن أحدا يكذبني بعد قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أقلت الغبراء وما أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، ثم سيره إلى الربذة فكان أبو ذر يقول: ما ترك الحق لي صديقا.

فلما سار إلى الربذة قال: ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا.

قال: وشيع علي أبا ذر فأراد مروان منعه منه فضرب علي بسوطه بين أذني راحلته، وجرى بين علي وعثمان في ذلك كلام حتى قال عثمان: ما أنت بأفضل عندي منه.

وتغالظا فأنكر الناس قول عثمان ودخلوا بينهما حتى اصطلحا.

وقد روي أيضا: إنه لما بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة قال: رحمه الله.

فقال عمار بن ياسر: نعم.

فرحمه الله من كل أنفسنا.

فقال عثمان: يا عاض أير أبيه أتراني ندمت على تسييره ؟ " يأتي تمام الحديث في ذكر مواقف عمار ".

ومن طريق ابن حراش الكعبي قال: وجدت أبا ذر بالربذة في مظلة شعر فقال: ما زالا بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لم يترك الحق لي صديقا.

ومن طريق الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: قلت لأبي ذر: ما أنزلك الربذة ؟ قال: أنصح لعثمان ومعاوية.

ومن طريق بشر بن حوشب الفزاري عن أبيه قال: كان أهلي بالشربة(4) فجلبت غنما لي إلى المدينة فمررت بالربذة وإذا بها شيخ أبيض الراس واللحية قلت.

من هذا ؟ قالوا: أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وإذا هو في حفش(5) ومعه قطعة من غنم فقلت: والله ما هذا البلد بمحلة لبني غفار فقال أخرجت كارها.

فقال بشر بن حوشب: فحدثت بهذا الحديث سعيد بن المسيب فأنكر أن يكون عثمان أخرجه وقال: إنما خرج أبو ذر إليها راغبا في سكناها (6).

وأخرج البخاري في صحيحه من حديث زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فقلت لأبي ذر: ما أنزلك هذا ؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية: الذين يكنزون الذهب والفضة. فقال: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: فينا وفيهم. فكتب يشكوني إلى عثمان فكتب عثمان: إقدم المدينة. فقدمت فكثر الناس علي كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكر ذلك لعثمان فقال: إن شئت تنحيت فكنت قريبا. فذلك الذي أنزلني هذا المنزل. قال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث: وفي رواية الطبري إنهم كثروا عليه يسألونه عن سبب خروجه من الشام فخشي عثمان على أهل المدينة ما خشيه معاوية على أهل الشام. وقال بعد قوله: إن شئت تنحيت. في رواية الطبري: تنح قريبا. قال: والله لن أدع ما كنت أقوله. ولابن مردويه: لا أدع ما قلت.

وذكر المسعودي أمر أبي ذر بلفظ هذا نصه: إنه حضر مجلس عثمان ذات يوم فقال عثمان: أرأيتم من زكى ماله هل فيه حق لغيره ؟ فقال كعب: لا يا أمير المؤمنين فدفع أبو ذر في صدر كعب وقال له: كذبت يا ابن اليهودي ثم تلا: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا. الآية (7).

فقال عثمان: أترون بأسا أن نأخذ مالا من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوبنا من أمورنا ونعطيكموه ؟ فقال كعب: لا بأس بذلك.

فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب وقال: يا ابن اليهودي ما أجرأك على القول في ديننا ؟ فقال له عثمان: ما أكثر أذاك لي غيب وجهك عني فقد آذيتني.

فخرج أبو ذر إلى الشام فكتب معاوية إلى عثمان: إن أبا ذر تجتمع إليه الجموع ولا آمن أن يفسدهم عليك، فإن كان في القوم حاجة فاحمله إليك.

فكتب إليه عثمان يحمله فحمله على بعير عليه قتب يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون به حتى أتوا به المدينة قد تسلخت بواطن أفخاذه وكاد أن يتلف، فقيل له: إنك تموت من ذلك.

فقال: هيهات لن أموت حتى أنفى، وذكر جوامع ما نزل به بعد ومن يتولى دفنه، فأحسن إليه في داره أياما ثم دخل إليه فجلس على ركبتيه وتكلم بأشياء وذكر الخبر في ولد أبي العاص: إذا بلغوا ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خولا.

ومر في الخبر بطوله وتكلم بكلام كثير وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال فنضت البدر حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم فقال عثمان: إني لأرجو لعبد الرحمن خيرا لأنه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون.

فقال كعب الأحبار: صدقت يا أمير المؤمنين ! فشال أبو ذر العصا فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم وقال: يا ابن اليهودي ! تقول لرجل مات و ترك هذا المال إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة وتقطع على الله بذلك وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما يسرني أن أموت وأدع ما يزن قيراطا.

فقال له عثمان: وارعني وجهك. فقال: أسير إلى مكة. قال: لا والله. قال: فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت ؟ قال: أي والله. قال: فإلى الشام. قال: لا والله. قال: البصرة.قال: لا والله فاختر غير هذه البلدان. قال: لا والله ما أختار غير ما ذكرت لك ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني حيث شئت من البلاد. قال: فإني مسيرك إلى الربذة.

قال: الله أكبر صدق رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخبرني بكل ما أنا لاق.

قال عثمان: وما قال لك ؟ قال: أخبرني بأني امنع عن مكة والمدينة وأموت بالربذة ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز وبعث أبو ذر إلى جمل له فحمل عليه امرأته و قيل ابنته، وأمر عثمان أن لا يتجافاه الناس حتى يسير إلى الربذة، فلما طلع عن المدينة ومروان يسيره عنها إذ طلع عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعه ابناه وعقيل أخوه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر فاعترض مروان فقال: يا علي إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك.

فحمل عليه علي بن أبي طالب بالسوط بين أذني راحلته وقال: تنح نحاك الله إلى النار: ومضي مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف، فلما أرادا الانصراف بكى أبو ذر وقال : رحمكم الله أهل البيت إذا رأيتك يا أبا الحسن ! وولدك ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به علي بن أبي طالب فقال عثمان: يا معشر المسلمين ! من يعذرني من علي، رد رسولي عمار وجهته له وفعل كذا والله لنعطينه حقه. فلما رجع علي استقبله الناس (8) فقالوا: إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر. فقال علي: غضب الخيل على اللجم.

ثم جاء فلما كان بالعشي جاء إلى عثمان فقال له: ما حملك على ما صنعت بمروان واجترأت علي ورددت رسولي وأمر ؟ قال: أما مروان فإنه استقبلني يردني فرددته عن ردي ؟ وأما أمرك فلم أرده، قال عثمان: أولم يبلغك إني قد نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه ؟ فقال علي: أو كل ما أمرتنا به من شئ يرى طاعة لله والحق في خلافه اتبعنا فيه أمرك ؟ بالله لا نفعل. قال عثمان: أقد مروان.

قال: وما أقيده ؟ قال: ضربت بين أذني راحلته (9) قال علي: أما راحلتي فهي تلك فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل، وأما أنا فوالله لئن شتمني لأشتمنك أنت مثلها بما لا أكذب فيه ولا أقول إلا حقا.

قال عثمان: ولم لا يشتمك إذا شتمته فوالله ما أنت عندي بأفضل منه.

فغضب علي بن أبي طالب وقال: إلي تقول هذا القول ؟ وبمروان تعدلني ؟ فأنا والله أفضل منك، وأبي أفضل من أبيك، وأمي أفضل من أمك، وهذه نبلي قد نثلتها وهلم فأقبل بنبلك.

فغضب عثمان واحمر وجهه فقام ودخل داره وانصرف علي فاجتمع إليه أهل بيته ورجال من المهاجرين والأنصار، فلما كان من الغد واجتمع الناس إلى عثمان شكا إليهم عليا وقال: إنه يعيبني ويظاهر من يعيبني يريد بذل أبا ذر وعمار بن ياسر وغيرهما فدخل الناس بينهما وقال له علي: والله ما أردت تشييع أبي ذر إلا لله.

وفي رواية الواقدي من طريق صهبان مولى الأسلميين قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له: أنت الذي فعلت ما فعلت ؟ فقال له أبو ذر: نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني.

فقال عثمان: كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها قد أنغلت الشام علينا فقال له أبو ذر: إتبع سنة صاحبك لا يكن لأحد عليك كلام.

قال عثمان: مالك وذلك ؟ لا أم لك قال أبو ذر: والله ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فغضب عثمان وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب إما أن اضربه أو أحبسه أو أقتله فإنه قد فرق جماعة المسلمين أو أنفيه من أرض الاسلام.

فتكلم علي عليه السلام وكان حاضرا وقال: أشير عليك بما قاله مؤمن آل فرعون: فإن يك كاذبا فعليه كذبه، وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب.

قال: فأجابه عثمان بجواب غليظ لا أحب ذكره وأجابه علي بمثله.

قال: ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر ويكلموه فمكث كذلك أياما ثم أمر أن يؤتى به فأتي به فلما وقف بين يديه قال: ويحك يا عثمان ! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ورأيت أبا بكر وعمر ؟ هل رأيت هذا هديهم ؟ إنك لتبطش بي بطش الجبار فقال: أخرج عنا من بلادنا.

فقال أبو ذر: ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج ؟ قال: حيث شئت.

قال: فأخرج إلى الشام أرض الجهاد.

قال: إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها، أفأردك إليها ؟ قال: فأخرج إلى العراق.

قال: لا.

قال: ولم ؟ قال: تقدم على قوم أهل شبه وطعن في الأمة ؟ قال: فأخرج إلى مصر.

قال: لا.

قال: فإلى أين أخرج ؟ قال: حيث شئت.

قال أبو ذر.

فهو إذن التعرب بعد الهجرة أخرج إلى نجد فقال عثمان: الشرف الأبعد أقصى فالأقصى إمض على وجهك هذا ولا تعدون الربذة فسر إليها فخرج إليها.

وقال اليعقوبي: وبلغ عثمان أن أبا ذر يقعد في مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله ويجتمع إليه الناس فيحدث بما فيه الطعن عليه وأنه وقف بباب المسجد فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري، أنا جندب بن جنادة الربذي، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

محمد الصفوة من نوح فالأول من إبراهيم والسلالة من إسماعيل و العترة الهادية من محمد، إنه شرف شريفهم واستحقوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة، وكالكعبة المستورة، أو كالقبلة المنصوبة، أو كالشمس الضاحية، أو كالقمر الساري، أو كالنجوم الهادية، أو كالشجر الزيتونية أضاء زيتها وبورك زيدها(10) ومحمد وارث علم آدم وما فضلت به النبيون إلى أن قال: وبلغ عثمان أن أبا ذر يقع فيه ويذكر ما غير وبدل من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسنن أبي بكر وعمر فسيره إلى الشام إلى معاوية، وكان يجلس في المجلس فيقول كما كان يقول ويجتمع إليه الناس حتى كثر من يجتمع إليه ويسمع منه، وكان يقف على باب دمشق إذا صلى صلاة الصبح فيقول: جاءت القطار تحمل النار، لعن الله الآمرين بالمعروف والتاركين له، ولعن الله الناهين عن المنكر والآتين له.

فقال: وكتب معاوية إلى عثمان إنك قد أفسدت الشام على نفسك بأبي ذر فكتب إليه أن احمله على قتب بغير وطاء فقدم به إلى المدينة وقد ذهب لحم فخذيه، فلما دخل إليه وعنده جماعة قال: بلغني أنك تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا كملت بنو أمية ثلاثين رجلا اتخذوا بلاد الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دغلا ؟ فقال: نعم سمعت رسول الله يقول ذلك.

فقال لهم: أسمعتم رسول الله يقول ذلك ؟ فبعث إلى علي بن أبي طالب فأتاه فقال: يا أبا الحسن ! أسمعت رسول الله يقول ما حكاه أبو ذر ؟ وقص عليه الخبر فقال علي: نعم.

قال: فكيف تشهد ؟ قال لقول رسول الله: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر.

فلم يقم بالمدينة إلا أياما حتى أرسل إليه عثمان: والله لتخرجن عنها، قال: أتخرجني من حرم رسول الله ؟ قال: نعم وأنفك راغم، قال: فإلى مكة ؟ قال: لا.

قال: فإلى البصرة ؟ قال: لا.

قال: فإلى الكوفة ؟ قال: لا.

ولكن إلى الربذة التي خرجت منها حتى تموت فيها.

يا مروان ! أخرجه ولا تدع أحدا يكلمه حتى يخرج.

فأخرجه على جمل ومعه امرأته وابنته فخرج علي والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر ينظرون فلما رأى أبو ذر عليا قام إليه فقبل يده ثم بكى وقال: إني إذا رأيتك ورأيت ولدك ذكرت قول رسول الله فلم أصبر حتى أبكي.

فذهب علي يكلمه، فقال مروان: إن أمير المؤمنين قد نهى أن يكلمه أحد.

فرفع علي السوط فضرب وجه ناقة مروان وقال: تنح نحاك الله إلى النار.

ثم شيعه وكلمه بكلام يطول شرحه، وتكلم كل رجل من القوم وانصرفوا وانصرف مروان إلى عثمان، فجرى بينه وبين علي في هذا بعض الوحشة وتلاحيا كلاما.

وأخرج ابن سعد من طريق الأحنف بن قيس قال: أتيت المدينة ثم أتيت الشام فجمعت فإذا أنا برجل لا ينتهي إلى سارية إلا خر أهلها يصلي ويخف صلاته.

قال: فجلست إليه فقلت له: يا عبد الله من أنت ؟ قال: أنا أبو ذر.

فقال لي: فأنت من أنت ؟ قال: قلت أنا الأحنف بن قيس.

قال: قم عني لا أعدك بشر.

فقلت له: كيف تعدني بشر ؟ قال: إن هذا يعني معاوية نادى مناديه ألا يجالسني أحد.

وأخرج أبو يعلى من طريق ابن عباس قال: استأذن أبو ذر عثمان فقال: إنه يؤذينا فلما دخل قال له عثمان: أنت الذي تزعم إنك خير من أبي بكر وعمر ؟ قال: لا، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن أحبكم إلي وأقربكم مني من بقي على العهد الذي عاهدته عليه وأنا باق على عهده (11) قال: فأمره أن يلحق بالشام وكان يحدثهم ويقول: لا يبيتن عند أحدكم دينار ولا درهم إلا ما ينفقه في سبيل الله أو يعده لغريم.

فكتب معاوية إلى عثمان: إن كان لك بالشام حاجة فابعث إلى أبي ذر.

فكتب إليه عثمان: أن أقدم علي فقدم.

راجع الأنساب 5: 5452، صحيح البخاري في كتابي الزكاة والتفسير، طبقات ابن سعد 4: 168، مروج الذهب 1: 438، تاريخ اليعقوبي 2: 148، شرح ابن أبي الحديد 1: 242240 فتح الباري 3: 213، عمدة القاري 4: 291.

</i></b></i>

SAIF Al-Bably
06-15-2010, 02:23 PM
السلام عليك يا ابا ذر يوم ولدت ويوم متَ غريباً وحيداً ويوم تبعثُ حياً خصيماً للمنافقين

عاشقة الجواد
06-16-2010, 03:14 AM
شكرااا أخيتي على الموضوع


السلام على أبا ذر يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا

عاشقة نحر الحسين
06-17-2010, 02:49 AM
مشكورين وموفقين على مروركم