منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام - الدرع الواقي من حراب الشيطان

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قد تمر على الإنسان ساعات يشعر بضيق يتمنى فيها لو لم يكون قد ولد ولا على الأرض نشأ
نعم إنها ضغوطات الحياة التي أفزعته فجعلته يتمنى الموت ويُفكر بالإنتحار بسبب روتين العيش الذي يمر به في أغلب الليالي والأيام أو لمعصية ارتكبها كان لها الوقع السيء على نفسه ، أو لصفقة قد خسرها أو لفقدانه لأخ أو صديق يعز عليه فراقه أو لأمر مصيري مطلوب منه أن يحسمه بقرار حكيم ، عجز عن أن يظهره بسبب ضعف في نفسه أو خوف من أن يكون غير مصيب ، أو لحبيب تخلى عنه أو لزوج نسي العشرة معه فتعدى لذلك حدود ربه ، أو لمرض ألم به فجعله يُفكر في مصيره
فكيف الخروج من هذه الأزمة بسلام ومن دون أن يخسر فيها الإنسان حياته في الدينا ويلقى الله مأثوماً على فعله؟ والجواب أجمله الله جل وعلا في سورة العصر حيث قال جل وعلا
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَصْرِ 1 إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ 2 إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ 3
نعم إن الإنسان فيما يُفكر فيه ويفعله مع نفسه حينما يمر بضائقة يكون في خسر خصوصاً إذا قاده تفكيره إلى فعل الحرام كالإنتحار أو الإنتقام أو شرب أو تعاطي ما يعتقد بأنه سيُنسيه ما تسبب في همه وغمه كالخمر والمخدرات أو أن يكون وحشاَ ضارياً يفتك بخلق الله ظاناً بذلك أنه سيخرج من أزمته ، فهو إن سار في هذا المسار واستسلم للشيطان فسيكون مصيره الوقوع في النيران ليخلد فيها مهاناً لا يرى إلا العذاب فيندم على قنوطه ويطلب من الله الرجوع ليُكفر عن ذنوبه لكنه لا يرى جواباً إلا مطارق النيران تهوي على رأسه فينادي بالويل والثبور ويتمنى أن يكون تراباً ولا يبقى في هذا العذاب
أما العاقل فذاك الذي يصبر على بلاء الله ويستغفره من معصية ارتكبها ويطلب منه العوض لحبيب افتقده أو مال ضاع منه أو زوج خانه مع غيره ويطلب منه العون على أمر يحتاج إلى قرار صائب منه وأن لا يفزع من مرض ألم به ولا موت حل به ، واثقاً بربه أنه مُعوض له بالخير والنعيم المُقيم ، فالصبر هو المفتاح لكل بلاء والفرج لكل هم وشقاء فما أجمل تلك النفس الصابرة التي لم تعبأ بالبلاء الواقع عليها لأنها واثقة بالله ومطئنة بأنه سيعوضها خيراً ، كما هي نفس الحسين عليه السلام الذي لم ينسَ ذكر الله ولم تضعف نفسه أبداً مع ما لاقى من عظيم الأذى من قبل أبناء الطلقاء فقد رأى أحبته مضرجين وأبناءه مقطعين ونساءه مُهتكين ورأى نفسه وهو صريع والأعداء من حوله هذا يطعنه برمحه وذاك يضربه بسيفه ورأى الشمر متربعاعلى صدر فلم يفزعه ذلك ينادي باطمئنان هون ما نزل بي أنه بعين الله ، هنا تتجلى عظمة تلك النفس لتصل إلى درجة يقول لها الباري جل وعلا يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ 27 ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً 28 فَادْخُلِي فِي عِبَادِي 29 وَادْخُلِي جَنَّتِي 30 سورة الفجر
قد أكون مررت بالموضوع نفسه في سالف الأيام إلا أني ومن خلال ما أرى من تفكير كثير من الشباب في الإنتحار بسبب مشاكل تافهة لا تستدعي حتى الإهتمام فضلاً عن أن توصلهم إلى التفكير الجاد بإزهاق أرواحهم ، رأيت من واجبي أن أُعيد وأُعيد وأُعيد فالتكرار في كثير من الأحيان يقي ويحصن من أخطار الوقوع في شراك الشيطان ، فما يُضيرني فعلاً أن أحبة لي يقرأون مقالاتي وهم متدينون كما أراهم من خلال مشاركاتهم وأقوالهم ومع ذلك أجدهم مستسلمين لإغواء الشيطان ولأسباب لا قيمة لها تافهة وعديمة الإهتمام
وأدعو الله لهم بالهداية والتأسي بآل البيت الكرام الصابرون على بأس الظالمين وجور الجائرين وكيد الشياطين والمبشرون بنعيم الجنان قال تعالى إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ 109 فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ 110 إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ 111 سورة المؤمنون
http://c.shia4up.net/uploads/13255710021.jpg