منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام

منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام (https://al3abbas.com/vb/index.php)
-   منتدى الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم (https://al3abbas.com/vb/forumdisplay.php?f=108)
-   -   تأسَّ بنبيّك الأطيب الأطهر (ص) فإنّ فيه اُسوةً لمن تأسّى (https://al3abbas.com/vb/showthread.php?t=167638)

صلاتي حياتي 01-18-2015 03:27 AM

تأسَّ بنبيّك الأطيب الأطهر (ص) فإنّ فيه اُسوةً لمن تأسّى
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم


أفضل الهدى وأشرف السنن

« فاقتدوا بهدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنّه أفضل الهدى ، واستنّوا بسنّته فإنّها أشرف السنن »[1] .
وإليك ما قاله أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) في نهجه المبارك في التأسّي بالنبيّ محمّد والأنبياء المرسلين[2].
رسول الله :
ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله) كاف لكَ في الاُسوة ، ودليلٌ لكَ على ذمّ الدنيا وعَيبها ، وكثرة مخازيها ومساويها ، إذ قُبِضت عنه أطرافها ، ووُطِّئت لغيره أكنافها ، وفُطم عن رَضاعها ، وزُوي عن زخارفها.
موسى :
وإن شئتَ ثنَّيتُ بموسى كليم الله (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول : « ربِّ إنّي لما أنزلتَ إليَّ من خير فقير » . والله ، ما سأله إلاّ خبزاً يأكله ، لأ نّه كان يأكل بقلة الأرض ، ولقد
كانت خُضرة البَقل تُرى من شفيف صفاق بطنه ، لهزاله وتشذُّب لحمه.
داود :
وإن شئت ثلَّثتُ بداود (صلى الله عليه وسلم) صاحب المزامير ، وقارئ أهل الجنّة ، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده ، ويقول لجلسائه : أ يّكم يكفيني بيعها ! ويأكل قرص الشعير من ثمنها.
عيسى :
وإن شئت قلت في عيسى بن مريم (عليه السلام) ، فلقد كان يتوسَّد الحجر ، ويلبس الخشن ، ويأكل الجشب ، وكان إدامه الجوع ، وسراجه بالليل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجةٌ تفتنه ، ولا ولدٌ يحزنه ، ولا مال يلفته ، ولا طمع يُذلُّه ، دابَّته رجلاه ، وخادمه يداه.
الرسول الأعظم :
فتأسَّ بنبيّك الأطيب الأطهر (صلى الله عليه وآله) فإنّ فيه اُسوةً لمن تأسّى ، وعزاءً لمن تعزّى ، وأحبُّ العباد إلى الله المتأسّي بنبيّه ، والمقتصّ لأثره ، قضم الدنيا قضماً ، ولم يعِرها طرفاً ، أهضم أهل الدنيا كشحاً ، وأخمصهم من الدنيا بطناً ، عُرِضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها ، وعَلِمَ أنّ الله سبحانه أبغض شيئاً فأبغضه ، وحقَّر شيئاً فحقّره ، وصغَّر شيئاً فصغّره . ولو لم يكن فينا إلاّ حبّنا ما أبغض الله ورسوله وتعظيمنا ماصغَّر الله ورسوله ، لكفى به شقاقاً لله ، ومُحادَّةً عن أمر الله . ولقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ، ويخصف بيده نعله ، ويرفع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويُردف خلفه ، ويكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول : « يا فلانة ـ لإحدى أزواجه ـ غيِّبيه عنّي ، فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها » . فأعرض عن الدنيا بقلبه ، وأمات ذِكرها من نفسه ، وأحبَّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشاً ، ولا يعتقدها قراراً ، ولا يرجو فيها مقاماً ، فأخرجها من النفس ، وأشخصها عن القلب ، وغيّبها عن البصر . وكذلك من أبغض شيئاً أبغض أن ينظر إليه ، وأن يُذكر عنده.
ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يدُلُّك على مساوئ الدنيا وعيوبها : إذ جاع فيها مع خاصّته ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زُلفته . فلينظر ناظرٌ بعقله : أكرَمَ الله محمّداً بذلك أم أهانه ! فإن قال : أهانه ، فقد كذب ـ والله العظيم ـ بالإفك العظيم ، وإن قال : أكرمه ، فليعلم أنّ الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له ، وزواها عن أقرب الناس منه . فتأسّى مُتأسٍّ بنبيّه ، واقتصَّ أثره ، ووَلَجَ مَولِجه ، وإلاّ فلايأمن الهَلَكَة ، فإنّ الله جعل محمّداً (صلى الله عليه وآله) عَلَماً للساعة ، ومبشّراً بالجنّة ، ومنذراً بالعقوبة ، خرج من الدنيا خميصاً ، وورد الآخرة سليماً . لم يضع حجراً على حجر ، حتّى مضى لسبيله ، وأجاب داعي ربّه . فما أعظم مِنَّة الله عندنا حين أنعم علينا به سَلَفاً نَتَّبعه ، وقائداً نَطَأُ عَقِبه ، والله لقد رقَّعتُ مِدرعتي هذه حتّى استحييت من راقعها . ولقد قال لي قائل : ألا تنبذها عنك ؟ فقلت : اغرُب عنّي ، فعند الصباح يحمد القوم السُّرى.

________________
[1]تحف العقول : 150.
[2]نهج البلاغة : الخطبة 160.

اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء الراضين المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك
والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:32 PM.

منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام