منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام

منتديات أبو الفضل العباس عليه السلام (https://al3abbas.com/vb/index.php)
-   منتدى الشعر وهمس القوافي (https://al3abbas.com/vb/forumdisplay.php?f=37)
-   -   قِفْ في رُبى الطَّف (https://al3abbas.com/vb/showthread.php?t=169261)

صلاتي حياتي 12-03-2015 04:44 AM

قِفْ في رُبى الطَّف
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم



قِفْ في رُبى الطَّف



للشاعر: محمّد حسين الصغير


قيلت في رثاء سيِّد الشهداء الإمام الحسين بن علي عليه السلام في 10 محرم الحرام 1412 هـ 10 / 7 / 1992 م.
وهي معارِضةٌ لقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء بني أُميّة، والتي مطلعها:


قُمْ ناجِ جُلَّقَ وانشِدْ رسْمَ مَن بانُوا مَشَتْ على الرَّسمِ أحداثٌ وأزمانُ



* * *


قِفْ في رُبى الطَّفِّ وانشدْ رَسمَ مَن بانُوا * فإنّهـا فـي جبيـنِ الدهـرِ عُـنـوانُ
واسْتَلهِـمِ التُّربـةَ الحمـراءَ ناطـقـةً * بهـا الدمـاءُ الزَّواكـي فهـيَ تِبيـانُ
أنَّى استَقَلَّ ( بنو الزهراءِ ) عن وطـنٍ * وكيفَ ضَمَّت ( بني الزرقاءِ ) أوطـانُ!
ضاق الفضاءُ بأهلِ البيـت، واتَّسَعَـت * لقـادةِ الـجـورِ أوكــارٌ وأوكــانُ
حتّى إذا نزلوا في ( كربـلاءَ ) سَـرَت * للحـربِ مِنهـم مغاويـرٌ وفُـرسـانُ
تَدَرَّعـوا الصبـرَ، فالأبـدانُ أُضحيـةٌ * واستشعروا المـوتَ، والأرواحُ قُربـانُ
بِيضُ الوجوهِ، فما انحازوا ولا انتكسوا * شُمُّ العَرانيـنِ مـا هانُـوا، ولا لانُـوا
يستشرفـون سُيـوفَ الهنـدِ لاهـبـةً * ويمتطـون العوالـي وهـيَ مُــرّانُ
البِـيـد بالخيلِ،والبطـحـاءُ عـامـرةٌ * بالمشرفـيّـةِ، والآفــاقُ حُـسْـبـانُ
والأرضُ تَرقُـلُ بالأبطـالِ زاحـفـةً * إلـى المنايـا ووادي الطَّـفِّ مـيـدانُ



* * *


قِفْ بي على الطَّفِّ واسألْ عن كواكبِهِ * أنَّـى اسْتَبَـدَّت بهـا نُـؤْيٌ وكُثبـانُ
مُجَزَّرينَ على وجـهِ الصَّعيـدِ لُقًـى * فـي كـلِّ داجيـةٍ بـدرٌ وكَـيـوانُ
تَهابُها مِـن وحـوشِ البِيـدِ عُسـلانُ * رُعْباً، وتَحرُسُها فـي الجـوِّ عُقبـانُ
فـي ذِمَّـةِ اللهِ أشــلاءٌ مُمَـزَّقـةٌ * وفـي ذُرى الخُلْـدِ أرواحٌ وأبــدانُ
في كُلِّ ثَغـرةِ جُـرحٍ مِـن دمائِهـمُ * أشـعّـةٌ وتَـرانـيـمٌ وألـحــانُ
لاحَ الصباحُ عليها فازدَهـى غُـرَراً * وجادَها الغَيثُ غَضّـاً وهـوَ نَشـوانُ
فيا رُبَى الطَّـفِّ لا جافـاكِ مُنْهَمِـراً * مِـن رحمـةِ الله بالأنـواءِ هَـتّـانُ
ولا عَـداكِ نَسيـمُ الفجـرِ، باكَـرَهُ * طِيـبٌ، وخامَـرَهُ رَوحٌ ورَيـحـانُ
مَـرَرتُ فيهـا، وأنفاسـي مُؤرَّجـةٌ * وشِمْتُهـا، وأوارُ القـلـبِ نـيـرانُ
تَدافَعَت حولـيَ الأطيـافُ معركـةً * بِهـا تَصـارعَ كُـفـرانٌ وإيـمـانٌ
تُبدي بهـا جَبَـروتَ الأرضِ طائفـةٌ * وتَستـذِلُّ بهـا الطُّغْـيـانَ فِتَـيـانُ
حتّى إذا اشْتَبكا، طاحـت مُضَرَّجـةً * سَواعِـدٌ، وهَـوَت أيـدٍ وسِيـقـانُ
وحولَها مِـن أُبـاةِ الضَّيـم كوكبـةٌ * ما كان مِنهـم لغيـرِ الحـقِّ إذعـانُ
مَشَوا إلى الموتِ مَشْيَ الأُسْدِ * ضاريةً الثَّغـرُ مُبْتَسِـمٌ، والوجـهُ جَــذْلانُ
وغُودِرُوا جُثَثاً يَلـوي الصَّعيـدُ بهـا * والريحُ تَعصِـفُ، والبَوغـاءُ أكفـانُ
إن يَقتلُوا الشَّمْسَ فالأضواءُ واجمـةٌ * أو يَنحَروا الفجـرَ فالأنـداءُ أحـزانُ



* * *


لولا الحسيـنُ لَغـامَ الأفْـقُ واندَلَعَـت * شَـرارةٌ، وطغـى للـغَـيِّ طُـوفـانُ
والنـاسُ عـادت إليـهـم جاهليَّتُـهُـم * وقُدِّسَـتَ بـعـدُ أصـنـامٌ وأوثــانُ
والحاكـمُ الفـردُ بآسـمِ اللهِ يَملِكُـهـا * زَعْـمـاً؛ وسُلطـانُـهُ للهِ سُـلـطـانُ
سياسـةُ الجَبـرِ والإرجـاءِ قائـمـةٌ * علـى التناقُـضِ، والأهـوءُ ألــوانُ
والدِّيـنُ عـاد غريبـاً بعـدَ جِـدَّتِـهِ * والحـقُّ عـاثَ بـهِ بغَـيٌ ونُـكـرانُ
ما كان غيـرُ أبـي الأحـرارِ مُنقِذَهـا * بصرخـةٍ هـيَ للتغيـيـرِ إعــلانُ
لثـورةِ الطَّـفْ تاريـخٌ بـهِ انجَذبَـت * مِــن العـوالـمِ آفــاقٌ وأكــوانُ
ومـا تَـزالُ تَعيـهـا كــلَّ أونَــةٍ * مِـن التـحـرُّرِ أفـكـارٌ وأذهــانُ
تَغفُو الشعَوبُ على ضَيـمٍ يُـرادُ بهـا * وتَستفيـقُ، وثـأرُ الـطَّـفِّ يَقْـظـانُ
يُقِيتُهـا المُـثُـلُ العُلـيـا ويدفعُـهـا * لشاطـئِ الأمـنِ فـي يُمنـاهُ رُبّــانُ
يزهو بـه الغـارُ موفـوراً، ورائـدُهُ * أن لا يَضِـلَّ طريـقَ الحـقِّ إنسـانُ
قادَ الجموعَ إلـى الإحسـانِ تَكرُمـةً، * إنّ القـيـادةَ إيـثــارٌ وإحـســانُ
وثـارَ لا أشِـراً فيـهـا ولا بَـطِـراً * لكنَّمـا هُــو إصــلاحٌ وعُـمـرانُ
رسالـةٌ مِـن ذُرى الإسـلامِ خـالـدةٌ * فاهَ ( الحسينُ ) بها، فانصاعَ ( سُحْبانُ )



* * *


يَحمي الحسينُ حِمى الوادي وتَحرُسُهُ * عـن النوائـبِ أنصـارٌ وأعــوانُ
في كلِّ عصـرٍ لـه جُنـدٌ وألويَـةٌ * وكـلِّ جيـلٍ لـه صــوتٌ وآذانُ
يلقاكَ مِن حولِه ( العبّاسُ ) مُبتسِمـاً * ( كما تَلقّاكَ دونَ الخُلْدِ رِضـوانُ )
والهاشميُّون فـي لُجْـبٍ وجَمْهـرةٍ * مِـن العزائـمِ، والأنصـارُ رُكبْـانُ
إن يَمنعوا الناسَ عن قبرِ الحسينِ فَقَد * مُدَّت له مِن قلوبِ النـاسِ أغصـانُ
في كلِّ روحٍ لـه روضٌ ومزرعـةٌ * وكـلِّ قلـبٍ لـه حقـلٌ وبُسـتـانُ
يبقى الحسينُ منـاراً يُسْتضـاءُ بـهِ * فإن أغـاروا عليـه فَهـوَ بُركـانُ
أخافَهُم وَهوَ حـيٌّ بالكفـاحِ، كمـا * أخافَهُم وهوَ في الأرمـاسِ جُثمـانُ
قد حاولُوا النَّيلَ مِـن عليـاءِ عِزَّتِـهِ * وهـاشِـمٌ تَـتَـأبّـاهُ وعـدنــانُ
عَـدَوا حَواليـهِ عُدوانـاً يُلاحِقُهُـم * ولا يَـدومُ مـع الأيّـامِ عُــدوانُ
يُخادِعـون البرايـا أنَّهـم رَبِحُـوا * ورِبحُهُم فـي مجـالِ الهَـدمِ بُنيـانُ
القَصْفُ والنَّسْفُ والتدميـرُ أسلحـةٌ * على العِدا، لا عليهِ.. فهـيَ بُهتـانُ
إنِ استطالَت يدُ التخريبِ فانطَمَسَـت * بعـضُ المعالـمِ.. فالأيّـامُ أزمـانُ
للمُتَّقيـن مِـن الدنـيـا عواقبُـهـا * وللمُضِلِّـيـن أغــلالٌ ونـيـرانُ



* * *


هـذي القِبـابُ سِــراجٌ لا انْطـفـاءَ لَــهُ * وكـيـفَ يُطـفِـئُ نـــورَ اللهِ طُـغـيـانُ
تُهـدى السـمـاءُ بـنـورٍ مِــن أشعَّتِـهـا * ويَستضـيءُ بهـا فــي اللـيـلِ حَـيـرانُ
وتَحسُـدُ الأرضَ فيهـا الشُّـهـبَ سابـحـةً * وتَستَطـيـلُ إلـيـهـا وهـــيَ أكـــوانُ
مـا زالَ فيـهـا نشـيـدُ الـحـقِّ مُنطلِـقـاً * يَصحُو بـه الدهـرُ حيـث الدهـرُ سَكـرانُ
شعـائـرٌ قـــد أعـــزَّ اللهُ جانـبَـهـا * لـهـا مِــن النـجـمِ سُـمَّـارٌ ونُـدْمـانُ
تُحنَـى الـرُؤوسُ علـى أعتابِـهـا فَـرَقـاً * وتسـتـجـيـر أكـالـيــلٌ وتِـيـجــانُ
وتَستَـظِـلُّ بـهـا فــي كــلِّ نـازلــةٍ * أئــمّــةٌ وبـطـاريــقٌ ورُهــبـــانُ
للـسـاجـديـنَ تَـرانـيــمٌ وهَـيـنَـمـةٌ * وللمُـصـلّـيـن إنـجـيــلٌ وقُــــرآنُ
الحـقُّ بــاقٍ، وإن عَــزَّ النصـيـرُ، وإنْ * تَــداولَ الحُـكـمَ صِـبـيـانٌ وعُـبــدانُ
والظُّلْـمُ فـإنٍ، وإن طــالَ الـزمـانُ بــهِ * وإن تَجَـبَّـرَ ( فِـرعَـونٌ ) و ( هـامـانُ )
فأيـن ( عـادٌ ) و ( شَـدّادٌ ) وشِبْهُهـمـا ؟ * وأين ( كِسرى ) و ( سابورٌ ) و ( ساسانُ ) ؟!
وأيـن مُلـكُ ( بـنـي العـبّـاسِ ) قاطـبـةً * وأيـن ولّـى عـن السلطـانِ ( مَـروانُ ) ؟!
كانـوا مُلـوكـاً؛ فـعـادُوا بَـعـدُ أتْـرِبـةً * كأنّمـا القـومُ مـا صـاروا ومـا كـانُـوا!



* * *



( بَنـو علـيٍّ ) ولاةُ الأمــرِ تُزْعجُـهُـم * عــن الأمــانِ تَبـاريـحٌ وأشـجــانُ
مُـشَـرَّدون فِـجـاجُ البِـيـدِ تَحضِنُـهُـم * فلـيـس للمالكـيـنَ الأرضَ أوطـــانُ!
تُراثُـهُـم بـيَـدِ الأقـــدارِ مُنـتَـهَـبٌ * وحظُّهُـم مِــن حـقـوقِ اللهِ حِـرمـانُ!
عَـبَّـتَ ( أُمـيّـةُ ) أحـقـاداً دمـاءَهُـمُ * وأسفَرَت مِـن ( بنـي العبّـاسِ ) أضغـانُ
حتّـى إذ الحـقُّ أبـدى حُــرَّ صَفحـتِـهِ * وآنـهـارَ للرافعـيـنَ الظُّـلْـمَ بُـنـيـانُ
ذابَ الطُّغـاةُ؛ كـأنّ الشمـسَ مـا طَلَعَـت * ولا عَــلا لَـهـمُ مُـلـكٌ وسـلـطـانُ
وظـــلَّ آلُ رســـولِ اللهِ ذِكـرُهُــمُ * عـالٍ، فمـا استسلَمـوا ذُلاًّ، ولا هـانُـوا
إن كنـتَ تطلـبُ برهانـاً علـى حَــدَثٍ * فـإن تـاريـخَ أهــلِ البـيـتِ بُـرهـانُ
عاشُوا على مَضضِ الأحـداث وانتصـروا * عصـا ( الكليـمِ ) إذا حَقّقـتَ ( ثُعبـانُ )
هُـمُ النجـومُ نـجـومُ الأفــقِ لامـعـةً * هُمُ الجبالُ.. فما ( رَضْوى ) و ( ثَهلانُ ) ؟!
أئـمَّـةٌ قُـربُـهُـم دِيـــنٌ، وحُـبُّـهُـمُ * فَـرضٌ، وبُغضُـهُـم شِــركٌ وكُـفـرانُ
إن لاحَ صـبـحٌ.. فـأبــرارٌ وألـويــةٌ * أو جَــنَّ لـيـلٌ.. فعُـبّـادٌ ورُهـبــانُ
كانـوا علـى الأرضِ أوتــاداً مُقـدَّسـةً * فهل سألـتَ سمـاءَ الخُلـدِ مـا كانـوا ؟!
يمشـون هَونـاً.. وللطغـيـانِ زَمْـجَـرةٌ * ويَـرْأفُــون، ولـلإرهــابِ إرنـــانُ
أخلاقُـهُـم مِــن رســولِ اللهِ نابـعـةٌ * وهَدْيُـهـم بِـهُـدَى الرَّحـمـانِ مُــزدانُ
صَلَّـى الإلـهُ عليهـم كلَّـمـا سَجَـعَـت * وُرْقٌ، وحَنَّـت إلــى الأنــداءِ أفـنـانُ



( من ديوانه: ديوان أهل البيت عليهم السلام:182 ـ 190، نشر: مؤسّسة البلاغ ـ بيروت، الطبعة: الأولى ـ سنة 1430 هـ / 2009 م )

اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء الراضين المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل بركاتك
والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته

أبو حيدر 12-16-2015 06:30 PM

رد: قِفْ في رُبى الطَّف
 
يا حسين مدد.


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:40 AM.

منتديات أبو الفضل العباس
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات أبو الفضل العباس عليه السلام