عرض مشاركة واحدة
قديم 07-31-2011, 06:06 PM   رقم المشاركة : 7
الشعور القاتل
(عضوة مميزة)

 
الصورة الرمزية الشعور القاتل
الملف الشخصي





الحالة
الشعور القاتل غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: قصص حيـــــاة شـــــهداء البحـــــــــرين

*** 7***

الشهيد حسين الصافي





الاسم : حسين علي الصافي
العمر : 25 سنة
الاستشهاد : 26/1/1995م
المنطقة : سفالة - سترة
التفاصيل
يسأل أمه :
أين أبي ؟ فلا يسمع إلاّ تنهداً عميقاً دون جواب، لماذا تبخلين عليّ بالكلام عندما أطرح عليك هذا السؤال ، وأنت التي تناغينني ليلاً ونهاراً ؟!.. صمت كامل !


ولد علي هذا بعد تسعة أشهر من استشهاد أبيه حسين علي محمد الصافي في يناير 1995م برصاص قوات الشغب الخليفية ، وقتها لم يكن قد مر على زواج الشهيد من أم ولده الوحيد --الذي لم يره قط - إلا أربعة أشهر وعشرة أيام ، وفي ليلة صعوده إلى ربه خرج من المسجد بعد صلاة المغرب وأخبر أحد أصدقائه بأن لا يتأخر لأنه في عجلة من الأمر ، لقد كان على موعد مع الله ، ذهب حسين إلى منزله وتحدث مع زوجته قائلاً لها : إذا أنجبت ولداً فعلّميه كيف يحمل الرسالة ويمضي في درب الشهادة ، يومها كانت الزوجة في أيام الحمل الأولى ، وأوصاها كذلك بأن يدفن بقرب جده فيما لو رزق الشهادة ، وأن تسمي مولودها "عليّاً " إذا كان ولداً و " زينب " إذا كان بنتاً ، كما أوصاها بالصبر والاحتساب وأن تكون قوية الموقف طوال حياته .


ربما لم تكن الفتاة الشابة الحديثة العهد بالزواج تدرك جدية الشهيد وهو يتحدث بلغة الأبطال المتوجهين إلى ميدان الشهادة للصعود إلى الملكوت الأعلى ، فأخبرته في تلك اللحظات إن وجهه يبدو أكثر جمالاً مما هو عليه عادة وأنه يشع نوراً .. في ذلك الوقت كان ابن عمه ينصحه بعدم الخروج ، بينما كان حسين يقول له : كيف لا أخرج وأنا أرى الجنة رأي العين ؟! وكان قد ذهب مع بعض اخوته إلى المقبرة يوم الخميس لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء ، وعندما سألته الزوجة عن أصدقائه أجابها : لا ضرورة لمعرفة ذلك ، كان البطل يعرف معنى التكتم ويدرك أهمية السيطرة على اللسان .


في تمام الساعة السابعة والنصف خرج الشهيد مع صديقه إلى قرية مجاورة وتوجّها إلى البحر ثم عادا والتقيا عدداً من الشباب في القرى المجاورة لتوزيع المسؤوليات وما يجب أن تقوم به كل مجموعة لمواجهة قوات الشغب ، وقامت المجموعات بإغلاق بعض المنافذ والشوارع لكي يتسنى لهم القيام بأعمالهم التي خططوا لها تلك الليلة ، وهم يتوقعون اعتداء قوات الشغب على المنطقة ، ويروي صديقه الذي كان معه ما حدث في تلك الليلة : بعد الإنتهاء من المسيرة أردنا الرجوع إلى منازلنا وكان الشارع العام مظلماً ، وكان الشهيد في المقدمة يتفقد أمان الطريق من المرتزقة .. وعند الوصول إلى الشارع العام الفاصل بين مركوبان وواديان تقدم الشهيد ليتحقق من خلو الشارع لكي يعبر الجميع ، ففوجئنا بطلقات نارية متتالية بحدود 6 أو 8 طلقات في غضون 5 ثواني ، فسقط الشهيد على الأرض ، وكان ذلك في الساعة 55, 8 مساءً ، فلم يره حين سقوطه إلاّ شخصان أراد أحدهما الوصول إليه ولكنهم أطلقوا عليه الرصاص فلم يصبه ، وبعدها أخبر الجميع عن سقوط حسين الشهيد ووجود المرتزقة بالقرب منه ، وفي تمام الساعة العاشرة ذهب شخصان إلى مكان الحادث بسيارة ولكنهما لم يجداه ، فذهبا إلى مستشفى السلمانية وسألا أحد الموظفين إن كانوا قد استقبلوا أي مكالمة لطلب إسعاف من منطقة سترة ، فأخبرهم بأنهم حوالي الساعة 9.25 استلموا مكالمة من مركز شرطة سترة يطلبون فيها إسعافاً لنزيف أحد الأشخاص ، وفي الوقت نفسه قالوا للموظف نحن سوف ننقل المريض إلى المستشفى، ولكنهم لم يفعلوا بل أخذوا يمثلون به ويعذبونه بشتى أنواع التعذيب لكي يعترف على من معه .


ولمّا يئسوا منه رموه في منطقة " السيحة " فرآه أحد الأشخاص ملقى على الشارع في الساعة 10.40 تقريباً وهو ينزف دماً، فسأله : من أية منطقة أنت ؟ فقال له : أنا من سترة .. وبعدها لفظ أنفاسه الأخيرة ! فقام هذا الشخص بالإتصال بالإسعاف وجاءوا إلى المكان فنقلوه إلى المستشفى ، فقام الأطباء بفحصه وإذا به قد أصيب برصاصتين من الرصاص الحي ، بالإضافة إلى ما يزيد عن 50 من الشظايا الحارقة التي أدت إلى خرق بطنه وصدره ، وحسب شهادة الذين رأوا الجثمان فإن الرصاصتين قد أصابت إحداهما قلبه والأخرى خاصرته .


وكان أحد أقارب الشهيد يعمل في المستشفى وقد تزامن عمله ووقت الحادثة فسأله أحد الأطباء : أنت من عائلة الصافي؟ قال : نعم ، فقال له الدكتور إن شخصاً من عائلة الصافي قد أصيب برصاص ومات .. فقام هذا الشخص بإرسال أحد العمال إلى المشرحة ليتحقق من الأمر ، فذهب هذا العامل ورأى الشهيد ، فقام هذا الغريب بإخبار أناس من أهالي منطقة إسفالة فجاءوا إلى المستشفى وذهبوا إلى المشرحة للتحقق من صحة الخبر فرأوا الشهيد حسين ، وقام بعدها بإخبار أهل المنطقة وأهل الشهيد .


وعندما أرادوا أن يستلموا الجثمان قيل لهم : لابد أولاً من إخبار مسؤولة المستشفى . فأخبروها وقامت هذه المسؤولة باستدعاء الشرطة ، وعندما جاءوا إلى المستشفى قاموا بالتحقيق ، فقالوا للقريب الذي يعمل في المستشفى : من الذي أخبرك بأن لك أحداً من أقاربك مصاباً في المستشفى ؟ فقال لهم : كل الناس الذين في المستشفى يتحدثون عن هذا الأمر ، فقالوا له : من هو أول شخص نقل إليك هذا الخبر ؟ وبعد الضغط عليه ، قال لهم : إن الدكتور فلان أخبرني بذلك .. بعدها قاموا بالتحقيق مع الدكتور ليعرفوا من هو الذي اتصل بالمستشفى وأخبرهم عن الشهيد لكن محاولتهم هذه باءت بالفشل .


بعد هذا الأمر قالوا لهم : لن تستلموا الجثمان إلا بعد أن تعطونا جواز سفره وبطاقته السكانية ، وبعد تسليم جواز السفر والبطاقة السكانية إلى الشرطة سألوا الشرطة عن شهادة الوفاة فقالوا لهم : استلموا الجثمان بدون شهادة وفاة ، ولا تناقشونا في هذا الأمر !


في صباح يوم الجمعة انتشر خبر استشهاد حسين علي الصافي في منطقة سترة والقرى المجاورة ، وبعد فترة وجيزة تواجد الشباب وقلوبهم محترقة على شهيدهم ، وقبل تجهيز جثمان الشهيد تم الاتصال بأحد العلماء للصلاة عليه فقال : انه سوف يحضر بعد الأنتهاء من صلاة الجمعة ، وقبل صلاة الظهر اتصل أحد الشباب وقال إن الشيخ يعتذر لوجود معوقات ! فبادر الشباب بتجهيزه والصلاة عليه ، وازداد توافد المشيعين من جميع أنحاء البحرين ، وبعد تجهيز جثمانه الطاهر رفع على الأكتاف وسط الهتافات والشعارات وهم يحملون صوراً للشهيد ، رغم أن المنطقة حوصرت بشرطة الشغب من جميع الجهات ، وأقيم مجلس الفاتحة على روحه الطاهرة لمدة ثلاثة أيام ، وفي اليوم الثالث بعد الإنتهاء من مجلس العزاء توجه الجمهور الغفير إلى المقبرة وهم يرددون الشعارات وبعدها تم اعتقال كثير من الشباب بعد رجوعهم .


ولد الشهيد حسين الصافي في 4 أكتوبر 1969م لأبوين مؤمنين الأمر الذي كان له أثر كبير في حياته ، فكان لا يفارق القرآن أو المسجد ، وكان مواظباً على الصلاة منذ صغره ، وهو واحد من أربعة إخوة وثلاث أخوات من أمه وثلاث أخوات وأخ واحد من أبيه ، وقد أكمل دراسته الثانوية الصناعية بتفوّق وعمل في بيع الخضار في السوق بعد أن رجع إلى القرآن باستخارته ، وقد خسر في البداية كل أمواله ، ولكن ثقته بالقرآن دفعته إلى الاستمرار في عمله حتى استعاد كل أمواله وأكثر على حد قوله ، ويقول عنه أقرانه إن القرآن كان ربيع قلبه يقرؤه ويتفقّه ما فيه ويرجع إليه للاستئناس به ، كما كان يحثّ اخوته على قراءته ، وكان يكثر من التلفظ بآيات القرآن والأحاديث النبوية الشريفة في تعامله مع الآخرين ، ولم تفارق الابتسامة وجهه .. أدى العمرة وحج بيت الله الحرام والأماكن المقدسة الأخرى ، وكان مواظباً على صلاة الليل ، كان يطلب من زوجته أن تعينه على العبادة .


ولقد رأته خالته قبل يوم واحد من استشهاده مع أخيه وعمه وإذا بوجهه يزداد جمالاً ونوراً ، فقالت لزوجها : إني لأعلم ما سيجري له !


كان حسين الصافي مولّعاً بالشهادة ويتحدث عنها كثيراً ، وكان يقول : (( على كل عائلة أن تقدم شهيداً ، وأن الحركة يجب أن تبقى أمانة في أعناق الأبطال )) ويشير إلى رقبته . كما كان يقول لأمّه : (( إنه لن يسكت على الظلم ، وأن على الجميع أن لا يسكتوا على الظالمين ، وعليهم أن يحاربوا المرتزقة )) .


وقد عرف بالهدوء والسخاء، وكان من أهم هواياته القراءة والعبادة وخاصة قراءة الدعاء ، وقد اعتاد صوم شهري رجب وشعبان من كل عام ، وكان شديداً في مواقفه صلباً في آرائه ، ويرفض كلام من يطلب منه عدم الخروج في المسيرات ، ويكرر إن ذلك هو أقل ما يمكن عمله للضغط على الحكومة ، وكان قد اعتقل في العام 1990 لمدة أسبوعين بحجة أنه كان يسعى لفتح مدارس دينية أغلقتها الحكومة .


وقد تأثر والده باستشهاده كثيراً ، أمّا والدته فتقول إنها سعيدة باستشهاده وإن كانت متأثرة جداً بفقده .. وترى في ابنه " علي " خلفاً صالحاً له ؛ ورأته أخته في المنام وهو يشير إلى الإصابة التي بجنبه ويقول : لم يؤثر فيّ شيء إلا هذه الضربة .. كما رأته زوجة أبيه في المنام قبل ليلة واحدة من ولادة طفله وأعطاها تحفة وسبحة قائلاً : خذيهما وقولي لأبي وأمي بأن يحفظا هذه السبحة ولا يفرطا بها ، ولا تنسوا التحفة الكبيرة . وفي اليوم التالي وضعت زوجته "علياً " أمّا خالته فقد قالت لبعض صديقاتها بعد استشهاده إنها لا تترك زيارته في القبر لقراءة الفاتحة على روحه ، ولكنها غفلت مرة عن زيارته بضعة أيام متتالية وإذا بها تحس بالشوق لزيارته ، وفي إحدى الليالي أيقظت زوجها في الساعة الحادية عشرة وذهبا نحو القبر ، وفي منتصف الطريق كان هناك شيء يمنعها من الذهاب إليه ، فلمحت القبر وإذا به يشع نوراً وقد رأى زوجها ذلك النور وقالت ابنة خالته لبعض صديقاتها إنها رأته في المنام وهو يرتدي ملابس بيضاء ووجهه يشع نوراً فقال لها: لماذا تبكون عليّ وأنا لم أمت ؟! ثم أخذها إلى قصر كبير وقال: هذا محلّ إقامتي .






التوقيع :

رد مع اقتباس