عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2011, 03:59 PM   رقم المشاركة : 4
محامي العتره
( عضوفضي )
 
الصورة الرمزية محامي العتره
الملف الشخصي




الحالة
محامي العتره غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: مسير الارواح في عالم البرزخ


:: وادي برهوت::

خرجنا من القبر وكان ((حسن)) يتقدمني وأنا لأتبعه على بعد مسافة قليلة , ولم يدع لي الخوف والرهبة لحظة أعيش فيها بأمان , وكلما تقدمنا يزداد المكان انفتاحا ً وتصبح المناظر أكثر دهشة.
ثم طلبت من((حسن)) أن لا يبتعد عني وأن يكون معي جانبا ً لجنب وقدما ً لقدم وأن ينقل خطواته بهدوء
فتوقف ((حسن)) وقال : لقد أودعوك عندي كي أؤنسك وأعينك حتى تصل وادي السلام بسلام , لهذا فاني أسير أمامك قليلا ًلتعرف الطريق جيدا ً. وتوقف هنيئة ثم واصل كلامه قائلاً :
بطبيعة الحال اذا ما استطاع الذنب من خديعتك أو أجبرك على مرافقته فاننا سنصل متأخرين لا محالة.
منذ ذلك الحين ازداد اضطرابي وأخذ يتصاعد عندي احتمال ظهور الذنب من جديد .
لقد قطعنا الطريق رغم ما اعترضنا خلاله من مشاكل حتى وصلنا جبلا ًاستطعنا بصعوبة بالغة الصعود إلى قمته , وعلى مرأىً منا يبد وادي مترامي الأطراف وأجواؤه قد مُلئت دخانا ً ونيرانا ً.
نظر إليَّ ((حسن)) وقال : هذا هو لوادي برهوت وأنت ترى الآن مشهداً منه فقط .
فامسكت بـ((حسن)) وقلت : إنني أخاف هذا الوادي. لنسلك طريقا ً أكثر أماناً منه .
توقف ((حسن)) وقال :
هذا هو طريق عبورك , ولكن سوف لن أتركك ما استطعت وسأقاوم بإعانتك عند مواضع الخطر قلَّلت كلمات ((حسن)) من اضطرابي وخوفي نوعا ًما , ولكن لا زلت أشعر بالقلق في داخلي .
خيَّم الصمت علينا للحظات : توجهت بعدها لـ((حسن))وقلت له : ألا يوجد طريق أكثر أمانا ًمن هذا الطريق ؟
أدار بوجهه نحوي وقال : من الأفضل أن تعلم أن الناس جميعا ًسواء المؤمن أو الكافر لا بدَّ لهم من العبور يوم القيامة على جسرٍ يسمى((الصراط)) يُشرف على النار , فمن استطاع العبور بسلام دخل الجنة و إلا فإن أدنى زلّةٍ ستؤدي إلى قعر جهنم , وفي عالم البرزخ صورة من الجنة والنار فقط ولا يمكن مقارنته بيوم القيامة العظيم , ووادي برهوت يشابه الصراط في يوم القيامة ولابد من العبورعليه حتى بلوغ وادي السلام بسلام بكل جدارة , ولكن الويل للمثقَلين ومَنْ أحاط بهم العذاب أو التيه على أقل تقدير.
فكرت قليلا ًوقلت : لا حيلة أمامي ... علينا المسير على بركة الله. توجهنا نحو تلك الصحراء الشاسعة , وكلما أمعنا في المسير تأخذ حرارة الجو بالتزايد ولما وصلنا سطح الأرض ضاق نفسي فطلبت من ((حسن)) التوقف للاستراحة لكنه رفض وواصل الطريق وقال لي : أمامنا طريق طويل وخطير فلا تضيع الوقت , فكلما أسرعنا في مسيرنا استطعنا الخلاص أسرع .
قلت : أنا لا أستطيع فقد أنهكتني شدة الحرارة , وفي تلك الحال حيث العرق يتصبب من رأسي ووجهي ,سقطت على الأرض فسقاني ((حسن)) جرعة من الماء الذي كان معه , وفي الوقت الذي كان لم يزل يئن من جروحه رفعني ووضعني على ظهره وواصل الطريق .
هنا أصابني الخجل والسرور في آنٍ واحدٍ لأنه لم يتركني لوحدي رغم ما به من جروح وأخذ يواسيني كصديق حميم .

ونحن نسير في طريقنا لفت انتباهي صوت رهيب , فنظرت نحو الجانب الأيسر من الصحراء , فذعرت لما شاهدت مما دفعني إلى أن القي بنفسي من أعلى كتف ((حسن)) ودون اختيار مني احتميت به .
كان هناك شخصان عظيمي الجثة أسودين تتطاير من فمهما وأنفيهما النيران والدخان وشعرهما يخط الأرض يحمل كلٌّ منهما عمودا ضخما ًمن حديد.
اضطربت وقلت لـ((حسن)) مَنْ هؤلاء ؟! ربما يتوجهان نحونا !
تبسَّم ((حسن)) وقال : لا نخَفْ , فهؤلاء نكير ومنكر متوجهان نحو كافرٍ جاء لتوه من الدنيا ليسألاه كما سألاك , قلت : هؤلاء أكثر قبحا ً . قال : انهما مشغولان مع كافر الآن.
مضى قليل من الوقت فسمعت صوت سقوط شيء ما هزَّ الأرض تحت أقدامي , ولما سألتُ ((حسن)) عن السبب أجاب : أنها ضربة نزلت على ذلك الكافر .
من الآن فصاعداً ستسمع الكثير من هذه الأصوات التي تهز الأرض.



::وادي سحيق ::

اتخذ ((حسن)) طريقه من أعلى القمم وأحياناً بين أودية صغيرة وطويلة حتى وجدتُ نفسي على شفا وادٍ سحيق وعظيم .
سألت ((حسن)) : هل علينا العبور من هذا الوادي ؟
قال : نعم . وإن عبوره يستغرق وقتا ً طويلاً فعليك الاسراع .
نظرتُ إلى قعر الوادي مرعوبا ً , لقد كان عميقا ً بحيث لا يُرى قعره , عدت إلى ((حسن)) وقلت له : وهل حقا ً لا يوجد طريق آخر أكثر أمنا ً من هذا الوادي ؟!
مسحَ ((حسن)) على رأسي بيده وقال : طرق العبور في هذا الوادي كثيرة , ولكن لكلٍّ معبره الذي لابد أن يجتازه.
قلت منزعجا ً: وهل هذا استحقاقي أن أعبر من مكانٍ بحيث تعذبني النيران والدخان من الأعلى , ومن الأسفل القمم والأودية السحيقة ؟ فتبسم ((حسن)) وقال : أعلم يا صديقي أن هذا العذاب ما هو إلا مردود أعمالك القبيحة في الدنيا وإذا لم تتحمل ذلك في هذا الطريق لن تصل إلى وادي السلام أبدا ً, فقد سُجِّل عليك أدنى قبيح عملته في الدنيا وهذا جزاؤه .
ونظراً لما تعتريني من لهفة لوصول وادي السلام فقد أذعنت لمواصلة الطريق بهدوء وأخذت بالمسير خلف ((حسن)) داخل ذلك الوادي .
انهمكنا بالمسير داخل الوادي ولم يلح بالأفق ما يدل على انتهائه , وكنت أفكر في أن عمق الوادي دليل على عظمة ذنوبي ... هنا انتبهت إلى نفسي حين سماعي لصوت انهيار الأحجار من أعلى الوادي .
فالتحقت بـ((حسن)) فورا ً كي يعينني إذا واجهتني مشكلة . كنت مضطربا ً مرعوبا ً تكاد عيوني تخرج من أحداقي , فشاهدت رجلا ًيسقط مع أحجار صغيرة وكبيرة إلى قعر الوادي .
فأشار إليَّ((حسن)) وقال : لا تنظر إلى الأسفل بل أنظر إلى أعلى الوادي فشاهدت شبحا ً ضخما ً أسودا ً يضحك بصوت عال ٍ وقف على أعلى الوادي .
قال ((حسن)) : هذا الشبح هو ذنوب ذلك الرجل الذي سقط , ولقوتها فقد تغلبت على حسناته فالقتها في قعر الوادي . هنا وضع ((حسن)) يده على كتفي وقال : هذه عاقبة إتِّباع الهوى .
لمّا سمعت هذا الكلام استحوذ عليّ الخوف من ذنوبي وإمكانية غلبتها عليَّ في أية لحظة .
بعد قطعنا لطريق طويل وصلنا أخيرا ً إلى نهاية الوادي , شاهدت ذلك الرجل ملقىً على الأرض وكان رفيقه – أي حسن – ضعيفا ً وواهنا ً بحيث أنه كلما حاول حمله على كتفه لم يستطع.
طلبتُ من ((حسن)) أن يساعده فاعتذر قائلا ً :
إنني مكلف بمرافقتك ,{ ولا تزر وازرةٌ وزرَ اُخرى } .
قلت : لكننا كنا في الدنيا يعين بعضنا البعض !
قال حسن : في هذا العالم كلٌّ يتحمل وزر أعماله , ولستُ أشفع له إذا استحق الشفاعة , وعليك الدعاء أن يكون من محبيِّ أهل البيت – عليهم السلام – عسى أن تناله شفاعتهم .
حركتُ رأسي متحسرا ً ودعوت أن يكون كذلك .
ربما استغرق قطعنا للطريق ساعات طوال من ساعات الدنيا حتى وصلنا طريقا ً ينتهي إلى الأعلى . هنا التفت ((حسن)) نحوي وقال : استعد للصعود إلى أعلى هذا الوادي الخطير.
ألقيت ببصري نحو الأعلى وكلما نظرت لم أستطع تخمين ما تبقى حتى نهاية الطريق . فأصابني الإحباط لأنني مضطر لقطع هذا الطريق الطويل , ولكن لا حيلة سوى ذلك من أجل الوصول إلى وادي السلام .
بعد تحمل المشقات والكثير من الصعاب وصلنا أخيرا ً إلى قمّة الوادي. تمنيت أن لا تعترضنا مثل هذه المعوقات . وبعد قليل من الاستراحة واصلنا طريقنا باتجاه وادي السلام .

بعد قليل من المسير شاهدت طائرا ً ضخما ً يحلِّق على مقربة كم الأرض , فقال ((حسن)) : أتريد أن تشاهد منظرا ً مثيرا ً ؟
قلت : طبعا ً
قال : حسنا ً فانظر إلى ما يقوم به هذا الطائر .
حطَّ الطائر قريبا ً من صخرة وألقى بقسمٍ من بدن رجلٍ خارج منقاره ثم طار وعاد بعد قليل ليلقي بقسم ٍ آخر من الجسد وهكذا كررها أربع مرات حتى ظهر هيكل رجل مزعج وقبيح للغاية.
حاولت أن أسأل ((حسن)) لكنه أشار عليَّ بالسكوت و أُتابع الحدث .
ثم ابتلع الطائر قسما ً من جسد ذلك الرجل وطار وكرر ذلك أربعا ً حتى لم يبق أثرٌ للرجل .
التفتُ إلى ((حسن)) وقلت له : حسنا ً الآن قل لي ما معنى هذا العمل , مَن كان ذلك الرجل ؟
قال : انه أشقى الأشقياء عبد الرحمن ابن ملجم المرادي وسيبقى في هذا العذاب إلى يوم القيامة .
سألته : ومن أين جاء به هذا الطائر وأين ذهب به ؟
أجاب : مستقره في وادي عذاب .
سألته مدهوشا ً : وأين هو وادي عذاب ؟
قال : إنه جانب من وادي برهوت يتعذب فيه الكافرون والمنافقون وإني أتمنى أن لا يكون مرورنا منه . وبدوري تمنيت ذلك وأنا أشعر بالخوف يهيمن على وجودي .








التوقيع :

محامي العتره

رد مع اقتباس