عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2011, 04:02 PM   رقم المشاركة : 7
محامي العتره
( عضوفضي )
 
الصورة الرمزية محامي العتره
الملف الشخصي




الحالة
محامي العتره غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي رد: مسير الارواح في عالم البرزخ

::نيران الحسرة ::

لشدة ما انتابتني من حسرة وغم جلست وأخذت أحدّث نفسي :
أية درجة ومنزلة هذه ؟ منذ مدة وأنا أدور في هذه الصحراء وواجهت الكثير من العوائق والمصاعب ولا زلت لم أصل بعد إلى نتيجة .
لكن هؤلاء بلغوا مقصدهم بهذه السرعة , فحقا ً طوبى لأولئك الذين مضوا شهداء .
سالت الدموع على وجنتي وبلغت روحي حنجرتي .
بكيت وبكيت بصوت عالٍ حتى أخرجت ما في فؤادي من عقد الدنيا ... لكن الحسرة والغبطة لموكب الشهداء بقيت في قلبي , وهل يمحوها البكاء ؟
جاءني ((حسن)) بهدوء وأخذ يهدئ من روعي ويشجعني على مواصلة الطريق الذي كان طويلا ً مضنيا ً.
رغم قطعنا لمسافة طويلة من الطريق لكن لم تلح في الأفق نهاية الصحراء .
وعلى بعد رأيت عمودا ً أسودا ً ما بين عمق الأرض والسماء يتصل بنيران السماء ودخانها وهو يتحرك , ولما اقترب ظهر أنّه يشبه الغبار يدور حلو نفسه , ولما رأيته التصقت بـ((حسن)) ولفني الرعب والهلع فسألته : ما هذا العمود ؟
قال : إنّه غبار ..........الشهوات يدور حول نفسه بسرعة مذهلة .
قلت له مضطربا ً : وما العمل في هذه الحالة ؟ فالغبار يتجه نحونا بسرعة لا توصف وهو يلف كلّ ما يحيط به .
قال ((حسن)) :أحِطْ بيديك حول ظهري , وانتبه لئلا يفصلك الغبار عنّي .
أخذ الغبار يقترب منا شيئا ً فشيئا ً بصوته المرعب , وأخذ اضطرابي يزداد ويزداد حتى أصبح الجو مظلما ً خلال طرفة عين .
لقد أحاط بنا الغبار وحاول لفّنا إليه غير أنّ ((حسن)) قد التصق بالأرض كالطود , وقد استطعت السيطرة على نفسي بصعوبة بالغة في حين قبضت بيدي على ظهر ((حسن)) .
كنت بين الحين والآخر أسمع صوت ((حسن)) وسط ضجيج الغبار وهو ينادي : انتبه لا يفرقك الغبار عني !
كانت لحظات غاية في الصعوبة وكنت أخشى أن يفرقني الغبار عن ((حسن)) لقد وهنت يداي وتثاقلت أذناي فلم أعد أسمع صوت ((حسن)) .
وفجأة فلتت يداي عن ((حسن)) وبطرفة عين ابتعدت عن ((حسن)) عدة كيلومترات وألقى بي نحو الأعلى .
كان الغبار يدور ولشدة الضجيج وارتفاع درجات الحرارة فقدت الوعي , ولما فتحت عيني شاهدت الشبح الأسود الموحش للذنب واقفا ً فوق رأسي وكانت رائحته الكريهة تؤذيني فنهضت بسرعة وحينما حاولت الهرب قبض على يدي بقوة وجذبني نحوه وقال : إلى أين أيها الصديق عديم الوفاء ؟ أتفضل مرافقة ((حسن)) على مرافقتي ؟ في حين أنك اخترتني رفيقا ً في الدنيا .
نظرت إلى وجه الذنب نظرة سريعة فلمست أن هيكله قد صغر قليلا ً .
ودون أن أنتبه إلى كلامه سألته : ما الخبر , فقد أصبحت ضعيفا ً ونحيفا ً؟
قال منزعجا ً : كل ما أتجرعه هو بسبب ((حسن)) .
فسألته متعجبا ً : بسبب ((حسن)) ؟
قال : نعم , فلقد فرّقك عني ليؤذيك قليلاً من خلال مرورك من طرق معقدة وصعبة .
قلت :حسنا ً , وما علاقة أذيتي بضعفك ؟ فأجاب منزعجا ً :
كلما يزداد عذابك يصيبني الضعف أكثر فأكثر وتذوب لحوم بدني وإذا ما وصلت إلى وادي السلام لن يبقى لي أثر , ثمّ عظَّ على نواجذه وقال : الآن الدور لي فلا بدّ أن ترافقني .

::إلى النار ::

وأنا أرتعش من شدة الخوف والرهبة , سألته : إلى أين ؟ فأشار الذنب إلى جبل إلى يساره وقال : خلف هذ الجبل هنالك وادي جميل أودّ أن تبقى فيه إلى يوم القيامة .

كنت أعلم أن لا جدوى من العناد واللف والدوران , فسرت في الطريق الذي أشار إليه , فتقدم هو مسرورا ً عجولاً وبين الحين والآخر يلتفت ويشجعني على مواصلة الطريق .

وبالرغم من أنني لو أرَ خيرا ً من الذنب بشاراته المتكررة وسروره الغير مبرر حفّزني على الاستمرار في المسير .

أخذت أفكر مع نفسي عسى أن ألتقي بـ((حسن)) خلف الجبل , ولعلّ وادي السلام يقع خلف الجبل وأنّ الغبار قد أدناني منه , ولكن هل يمكن الوصول إلى وادي السلام بدون ((حسن)) ؟
قطعنا منتصف الجبل فتناهت إلى مسامعي أصوات نحيب , فواصلت الطريق دون أن أكترث لها , وكلما اقتربنا من قمة الجبل يزداد صوت النحيب حتى استحوذ عليَّ الخوف والرعب فتوقفت وقلت للذنب :
ما هذه الأصوات التي أسمعها , فأجاب الذنب مضطربا ً : أية أصوات ؟
قلت : هذه الأصوات والصرخات التي تصدر من خلف هذا الجبل فتقطع فؤادي .

قال الذنب : إنني لا أسمع صوتا ً لعلها هلاهل وأفراح أهالي تلك المنطقة المنعّمين .

فقلت له : إنني أسمع أصواتاً وصرخات أشبه ما تكون بالصياح والعويل .

فقال الذنب : قلت لك إنني لا أسمع صوتا ً فلا تضيّع الوقت بلا داعي , واصل الطريق بسرعة فالوقت ضيّق والطريق طويل .

هنا فهمت أن الذنب يخفي شيئا ً وهو يتظاهر بعدم السماع , ولم يكن هنالك من مناص فلقد أبعدني الغبار عن ((حسن)) وأصبحت الآن أسيراً بيد الذنب , يا ليتني لم أترك ((حسن)) بيد أنّ الغبار كان من القوة بحيث أبعدني عنه .

كنت أسير خلف الذنب بين طيّات الجبل يعتريني الشك والتردد وإذا بي أسمع صوت ((حسن)) وهو يصيح بي : قف جانبا ً , ففعلت وإذا بصخرة كبيرة تسقط على رأس الذنب ألقت به في قعر الوادي .

عندما شاهدت ((حسن)) مقبلا ً عليَّ من أعلى الجبل واحتضنني , سررت لرؤية ذلك الوجه الجميل والعطر الفواح ووضعت رأسي على كتفه وأخذت أبكي .

قال لي ((حسن)) وهو يمسح دموعي والبسمة ترتسم على شفتيه : ماذا تفعل هنا يا صديقي ؟ أتدري أين أنت الآن ؟
قلت : كلا , فهز ((حسن)) رأسه وقال : إنَّك على شفا وادي العذاب , لقد سمعت باسم هذا الوادي سابقا ً من ((حسن)) لكنني لم أصدق أبدا ً أنني سأقترب من هذا الوادي الخطير , طلبت من ((حسن)) أن يحدّثني عن هذا الوادي فاستجاب لي وقال : إنّه مستقر الذين يعجزون عن العبور من برهوت ولن تكون لهم القدرة على العبور من الصراط يوم القيامة وبالتالي فإنّهم سيسقطون في قعر جهنم, وهنا تلفحهم نفحة من نيران جهنم , أما في القيامة فإنّهم سيستقرون فيها .

لقد أرعبني اسم وادي العذاب ووقوفي على شفيره, وبعد أن هوَّن ((حسن)) من روعي دعاني للاستراحة قليلا ً لرفع التعب






التوقيع :

محامي العتره

رد مع اقتباس