عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2015, 09:40 AM   رقم المشاركة : 55
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 15-2

لقد استنصر الإمام الحسين(ع) حتى من لم يؤمن بإمامته وعصمته

لنلقِ نظرة إلى معسكر أعداء الإمام الحسين(ع) في كربلاء. إن بعض هؤلاء كانوا يجاهدون في جيش أمير المؤمنين(ع) وإذا بهم أصبحوا أعداء الإمام الحسين(ع). فكانت الحدود الفاصلة بين الحق والباطل في كربلاء حدودا خاصة ومتميزة جدا. وكانت العقائد الحقيقية والرذائل والفضائل الرئيسية هي الفاصلة بين الجبهتين.
لقد استنصر أبو عبد الله الحسين(ع) جميع الناس، حتى أولئك الذين لم يؤمنوا بإمامته وعصمته ولم يعترفوا له بما نعترف له من شأن ومنزلة. وبعضهم قد لبّوا دعوته وبعضهم لم يلبوا. فعلى سبيل المثال كان «عبيد الله بن الحرَّ الجعفي» ممن لم يلبّ دعوة الإمام الحسين(ع) وندم بعد ذلك وبقي يبكي إلى آخر عمره.
والنموذج الآخر هو كتب مقتل الإمام الحسين(ع) التي ألّفها علماء أهل السنّة. حتى أن بعض هذه الكتب تشتمل على روايات لا نقبلها ونعتبرها أنها صنيعة بعض الناس ممن أراد أن يكون محسوبا على الإمام الحسين(ع) ومنسوبا إليه. ولكن انظروا كيف كانت الأجواء على مرَ التاريخ بحيث يودّ الجميع أن يرتبطوا بشكل أو بآخر بالإمام الحسين(ع) ويُنسَبوا إليه.

قد يكون ثواب دعم المجالس الحسينية غير الشيعية أكثر

فانظروا ما هو واجبنا وتكليفنا اليوم تجاه مجالس عزاء الإمام الحسين(ع)؟ يجب علينا أن نوصل صوت عزاء الإمام الحسين(ع) إلى أسماع أهل العالم جميعا. فليس من الصحيح أن نعتبر إقامة العزاء مراسيم شيعية وحسب.
أدعوكم أيها الشباب المثقفون أن تخصصوا جزء من إقامة العزاء على الحسين ونشاطكم الحسيني بالعمل في سبيل ترويج ثقافة إقامة العزاء بين جميع المسلمين. وأينما وجدتم شيئا من هذه المجالس والشعائر، فادعموها وارفعوا راياتها، فلعل ثوابه أعظم من حضوركم في مجالس الشيعة الذين لا يختلفون معكم في رأي أو عقيدة.

إن البكاء على الشهيد من سنّة رسول الله(ص)

بغض النظر عن الحقائق التاريخية، عندما نرجع إلى الأسس النظرية لإقامة العزاء، نجد في سنّة رسول الله(ص) أنه كان يبكي على الشهيد، كما أنه كان يبكي على حمزة سيد الشهداء. حتى جاء في أحد مصادر أهل السنة أنه «لَمَّا رَأَى النبي حَمْزَةَ قَتِیلًا بَکَى، فَلَمَّا رَأَى مَا مُثِّلَ بِهِ شَهَقَ»[السيرة الحلبيّة/2/247] إن طريقة بكائكم هذا في المجالس الحسينية الذي يصحب العويل والضجيج، هو في الواقع سنّة رسول الله(ص) حيث كان يبكي على مثل حمزة أشدّ البكاء؛ «مَا رَأَیْنَا رَسُولَ اللَّهِ ص بَاکِیاً أَشَدُّ مِنْ بُکَائِهِ عَلِیِّ حَمْزَةَ» و أيضا روي أنه «وَضَعَهُ فِی القبلة، ثُمَّ وَقَفَ عَلِیُّ جَنَازَتَهُ وَ انْتَحَبَ، حتّی بَلَغَ بِهِ الْغَشْیُ» [ذخائر العقبي/181].

إلى القرن الثاني والثالث كان المتعارف بين أهل المدينة أن يبكوا على حمزة قبل البكاء على أمواتهم

وكذلك ورد في المصادر السنيّة أنه بعد معركة أحد مرّ رسول الله(ص) بأحد بيوت الأنصار فسمع صوت بكاء نسائه على شهدائهم، فدمعت عيناه على عمّه حمزة وقال: لكن حمزة لا بواكي له؛ «وَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ص بِدَارٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَ بَني ظَفِرَ فَسَمِعَ الْبُکَاءَ وَ النَّوَائِحَ عَلَى قَتْلَاهُمْ فَذَرَفَتْ عَیْنَا رَسُولِ اللَّهِ ص فَبَکَى ثُمَّ قَالَ لَکِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاکِيَ لَهُ»[تاریخ الطبري/2/210] بعد ذلك جرت سنّة بين نساء المسلمين أن لا يبكين على ميّتهن أو شهيدهن إلا وقبل ذلك يبكين على حمزة؛ «فَلَمْ تَبْکِ أَمْرَأَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلی مَیِّتٍ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص «لَکِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاکِيَ لَهُ» إِلَی الْیَوْمَ إِلَّا بَدَأْت بالْبُکَاء عَلِی حَمْزَةَ»[مجمع الزوائد/6/126]
وقد جرت هذه السنّة بين المسلمين إلى القرن الثاني أو الثالث أن يبدأن النساء بالبكاء على حمزة سيد الشهداء أولا ثم يعرّجن على شهيدهنّ أو ميتهنّ. فقد قال الواقدي المؤرخ في القرن الثاني أو الثالث: «فَلَم یَزَلنَ یَبدَأنَ بِالنَّدبِ لِحمزة حَتَّى الآن»[أسد الغابة/2/48] وهذه هي نفس السنّة التي نلتزم بها اليوم في مجالس الفواتح والترحيم على موتانا، وهي أن نذكر مصيبة أبي عبد الله الحسن(ع) ونبكي عليه. فقد بقيت هذه السنّة وتمّ توثيقها في كتب التاريخ.
إذن إن إقامة العزاء عمل معقول ولا يزال متعارف بين أهل السنّة، وقد جرت السنّة أن يبكوا على حمزة سيد الشهداء أثناء البكاء على أمواتهم.
وكذلك جاء في مصدر آخر من مصادر أهل السنّة أنه عندما أخبر رسول الله(ص) بخبر استشهاد جعفر، ذهب إلى بيته. فأخذ رسول الله(ص) يشمّ أولاد جعفر ويبكي، فبكين النساء ببكاء رسول الله(ص)، وصرخت أسماء زوجة جعفر بالبكاء. وفي هذه الأثناء دخلت فاطمة الزهراء(س) وصاحت: وا عمّاه وهي تبكي. ثم قال رسول الله(ص): «عَلَی مِثلِ جَعفرَ فَلتَبکِ البَواکِي»[الاستیعاب/1/313] وكذلك أنتم اليوم عندما تندبون أبا الفضل العباس(ع) تنادون «وا عمّاه».



يجب إحياء السنن المنسيّة والمهمّشة التي سنّها رسول الله(ص)

ليست الكتب الشيعة وحدها قد ذكرت هذه الأخبار، إنها من السنن التي سنّها النبيّ الأعظم(ص) وهي من السنن المنسيّة التي لابدّ أن تحيى من جديد. وكذلك لابدّ أن نحظى بصدر رحب لإقامة مجالس حسينيّة مشتركة بين الشيعة وأهل السنّة. لا ينبغي أن نعتقد أن إقامة العزاء على الحسين(ع) هو عمل شيعيّ محض، ولا يمكن تبريره إلا عبر العقائد الشيعيّة.

الأبعاد السياسية والنفسانية لإقامة العزاء/ الإمام الخميني(ره): لو عُلِمت الأبعاد السياسية لإقامة العزاء، لأقام مجالسَ العزاء حتى المتغرّبون

الآن، إذا أردنا أن ندرس آثار إقامة العزاء وأبعادها وأسبابها غير الدينية وننظر إلى هذه المجالس بنظرة تجربية بغضّ النظر عن التشيّع والقرآن والروايات وننظر إلى هذه الظاهرة من خارج الدين ماذا نجد من نتائج؟ وإذا نظرنا إلى مجالس العزاء من وجهة نظر العلوم الإنسانية كالعلوم السياسية وعلوم النفس والعلوم التربوية، بماذا سوف نخرج من نتائج؟
يقول الإمام الخميني(ره): «لیعرف شعبنا قدر هذه المجالس؛ هذه المجالس التي تحافظ على حياة الشعوب. ولا سيما في أيام عاشوراء فليزيدوا من اهتمامهم... فلو عرفوا أبعاد هذه المجالس السياسية، لأقام مجالس العزاء حتى المتغرّبون، وذلك فيما إذا أرادوا [مصلحة] شعبهم وبلدهم»[صحيفة الإمام/ج16/ص347] وقد عنى الإمام بكلمته هذه بعض ما يسمَّون بالمثقفين المتغربين الذين كانوا يخالفون إقامة العزاء، أو بعض المتغربين الذين لم يكونوا يدركون حكمة هذه الشعائر.
كان الإمام الخميني(ره) يعتبر إقامة العزاء عملا سياسيّا نافعا للمجتمع وله آثار سياسية عالية جدا. وأساسا يفترض للإنسان العارف بالسياسة أن يروّج إقامة العزاء. ينبغي للأساتذة المتخصصين وأصحاب شهادات الدكتوراه في العلوم السياسية وكذلك الطلاب الجامعيين أن يقدّموا مقالات علميّة في هذا المجال. وكذلك ينبغي للناشطين في مجالات العلوم النفسيّة والتربويّة أن يدرسوا الطاقة الإيجابية التي تنتشر في مجالس إقامة العزاء. وأنتم لا تجدون مثل هذه الطاقة في بيوتكم وبكائكم الفردي. حتى بغض النظر عن التعاليم الدينية ومعارفنا العقائدية نستطيع أن ندرك كم لهذه المجالس الحسينية من آثار قيّمة على الفرد والمجتع.
في احتفال تأبين جان بیاجیه (عالم النفس الشهیر) في ذكرى مرور مئة عام من ميلاده، تمت دعوة بعض علماء النفس الأجانب إلى إيران للحضور في هذا الاحتفال. فبعد انتهاء الاحتفال، ذهبوا بهؤلاء العلماء إلى حرم الإمام الرضا(ع) ليشاهدوا هذا المكان كأحد الأماكن السياحيّة في إيران. ولكنهم انجذبوا إلى هذا الحرم إلى درجة أنهم ما كانوا راغبين بالخروج منه. فعبّروا عن هذا المكان بهذا المضمون: يا له من مكان مفعم بالطاقة الإيجابية! هنا تتلطف نفسيات الناس! نحن نتلقى أمواج هؤلاء الناس وكم نشعر بالسعادة في هذا المكان!

يتبع إن شاء الله...








رد مع اقتباس