عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-2015, 09:48 AM   رقم المشاركة : 56
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 3.15

الإمام الخميني(ره): إقامة العزاء لصالحنا، فاحسبوا مصلحتها الدنيوية على الأقل!

ليست هذه الحقائق مما نحتاج أن نستشهد له بالروايات فقط إلى يوم القيامة، فإن عقلنا النظري والتجربي أيضا يدركها جيدا. لقد أشار الإمام الخميني(ره) في أحد خطاباته إلى هذه الحقيقة وقال: «لماذا نرى الله سبحانه وتعالى قد أعدّ ثوابا عظيما لصبّ الدموع وحتى للدمعة الواحدة بل حتى للتباكي؟ لقد أصبحت تتضح القضية من بعدها السياسي، وإن شاء الله تتضح أكثر في المستقبل... بل المهمّ هو هذا البعد السياسي الذي خطط له أئمتنا في صدر الإسلام ليكون مستمرّا دائما وهو أن يكون اجتماع تحت راية واحدة وفكر واحد، ولا يستطيع عامل أن يؤثر في هذا الأمر مثل تأثير عزاء سيد الشهداء فيه»[صحيفة الإمام/ 16/ 343ـ345]
كان الإمام الخميني(ره) يؤكد على ضرورة مواكب العزاء وكان يعتبرها تظاهرات سياسية؛ «لا يزعمون أن هذه المواكب والمسيرات التي تسير في أيام عاشوراء، [ينبغي] أن نبدّلها إلى تظاهرات، إنها تظاهرات بحد ذاتها، ولكنها تظاهرات بمضمون سياسي. فليستمروا بها كما في السابق بل أفضل. ليستمروا بهذه اللطميات والقصائد نفسها فهي رمز انتصارنا. يجب أن تكون مجالس العزاء في جميع أنحاء البلد. فليقرأ الجميع وليبكِ الجميع»[صحيفة الإمام/11/99]
كان الإمام الخميني(ره) يرى أن إقامة العزاء نافعة لمصلحتنا، حتى مصلحتنا الدنيوية. وإلا فما هي حاجة الإمام الحسين(ع) لمجالس عزائنا؟ «لو بكينا إلى الأبد على سيد الشهداء، فلا ينفعه أبدا، ولكنه ينفعنا. لاحظوا نفعه الدنيوي فضلا عن نفعه الأخروي، وانظروا إليه من الناحية النفسيّة وأنه كيف يربط بين القلوب.» [صحيفة الإمام/11/100]



إن إدراك عظمة إقامة العزاء وآثارها، لا يحتاج إلى إيمان وتدين

إن هذه الأبحاث مما يمكن فهمها بالعلوم الإنسانيّة أيضا. إن هذه الأركان التاريخية والثقافية وهذه المواقف الزمانية والرجال الذين يجب أن نلوذ بهم، هي من الاحتياجات النفسانية للإنسان وللمجتمع الإنساني. ألا تدلّ الغفلة عن الأبعاد الدنيوية والآثار الروحية والنفسانية التي تتحفنا بها مجالس العزاء في هذه الدنيا وتناسي بركات هذه المجالس في هذه الدنيا على الرذالة والخباثة؟! وهل يستطيع الإنسان أن يتجاهل مثل هذه الحقائق العظيمة في حياة الإنسان؟
هل من المعقول أن تكتب مقالات كثيرة حول مواضيع تافهة أو غير مهمة، ولكن لا يتحقق شيء تجاه هذا الأمر العظيم؟! إن العالم النفساني المنصف لا يمرّ من هذا الموضوع مرور الكرام، بل يدرسه بدقّة، فإن إدراك عظمة مجالس العزاء وآثارها وبركاتها حتى لا يحتاج إلى إيمان وتديّن ومعنويّة ومحبة.

قد يكون أحيانا مفعول شهر محرم في تكاملنا المعنويّ أكثر من مفعول شهر رمضان

وإن اجتزنا من هذا البعد، نصل إلى البعد المعنوي والأخلاقي لمجالس عزاء الحسين(ع). قد يكون أحيانا مفعول شهر محرم في تكاملنا المعنوي أكثر من مفعول شهر رمضان. لقد قال آية الله البهجة: «إن البكاء على مصائب أهل البيت(ع) ولا سيما سيد الشهداء(ع) هي من المستحبات التي قد لا يكون مستحب أفضل منها»[نکته های ناب/ص63]. حتى أن صلاة الليل التي اتفق جميع العرفاء على أن لا يمكن الوصول إلى درجة القرب الإلهي بدونها، مع ذلك يقول الشيخ بهجت(رض): «أظنّ أن فضل البكاء على سيد الشهداء(ع) أعظم من صلاة الليل».[در محضر بهجت/ج1/ص217]
وکذلك السيد القاضي له كلمات عجيبة وعالية جدا في هذا المجال. فقد نقل عنه أنه قال: «من المستحیل أن يصل الإنسان إلى مقام التوحيد عن غير طريق سيد الشهداء»[ز مهر افروخته/ص22] إن سريان هذا الفيض وهذه الخيرات يمرّ عن طريق سيد الشهداء وأمين الحسين(ع) وخادمه هو قمر بني هاشم أبو الفضل العباس(ع). وقد نقل عن السيد القاضي(ره) أنه قد وصل إلى ما وصل من المقامات والدرجات عن هذا الطريق. فقد قال: «کلّ ما لديّ فهو من زيارة سيد الشهداء والقرآن»[دریای عرفان/ص98]
فمن هذا المنطلق يبدو أن كلّ ثغراتنا الأخلاقيّة بسبب أننا لم نحي هذه العشرة الأولى من محرم كما ينبغي. دع أيّ ضعف وثغر تشكو منه في طوال سنتك وفي حياتك، وحاول أن تعوّض في هذه العشرة ولا تقصّر. فهل تزعمون أن شرّابي الخمور والشقاوات فقط يتحولون إلى إنسان آخر في مثل هذه الليالي؟! ألا ينبغي أن نتحول نحن أيضا وتزول مشاكلنا في دوافع بناء الذات وتطهير النفس؟!
فإن قام أحد من مائدة أبي عبد الله الحسين(ع) جائعا خائبا صفر اليدين، فمن له بعد في هذا العالم ليأخذ بيده؟! من شأن محرم أن يغيّر حالنا ويأخذ بأيدينا إلى الكمال. فلا ينبغي لنا أن نتخلف عن هذه المسيرة، فالحقوا بهذا القطار من هذه الليلة الأولى، فلعلّكم لا تستطيعون ركوبه في وسط الطريق.

کان الإمام السجاد(ع) يعدّ الطعام لمقيمي عزاء الحسين(ع)، لأن لا يلهوا عن العزاء

يمكن أن نقول أن أول مجلس عزاء حسيني(ع) أقيم مع تقديم طعام وجرت سنّة بعد ذلك كان بواسطة الإمام السجاد(ع). كان النساء يقمن العزاء في الحرّ والبرد وكان الإمام السجاد(ع) يقوم بإعداد الطعام لأن لا يغفلن عن العزاء من أجل إعداد الطعام وتتوفر لهنّ فرصة كافية لإقامة العزاء؛ «لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ ع لَبِسْنَ نِسَاءَ بَنِی هَاشِمٍ السَّوَادَ وَ الْمُسُوحَ وَ کُنَّ لَا یَشْتَکِینَ مِنْ حَرٍّ وَ لَا بَرْدٍ وَ کَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ ع یَعْمَلُ لَهُنَ‏ الطَّعَامَ‏ لِلْمَأْتَم‏»[المحاسن/2/420]
أستبعد أن مجالس العزاء المتوفرة لدينا في طهران قد حظيت برضاكم؛ وذلك بسبب إهمالنا لهذا الأمر العظيم وعدم اعتنائنا بهذه المجالس. كالسمكة الساكنة في الماء والتي لا تعرف قدر الماء، وكذلك هذا الموضوع فقد لاقى إهمالا وعدم اكتراث.

القاعدة الذهبية لاكتشاف مدى تأثير واقعة عاشوراء في النفوس

حسبُ الإنسان لتكامله وبناء ذاته هو أن يأتيه خبر استشهاد سيد الشهداء(ع). إنّ من شأن هذا الخبر أن يقلع جذور حب الدنيا من القلب. فلا ينبغي أن يبقى شيء من حبّ الدنيا في قلبك، فإن بقى شيء لابد أن تعود إلى الإمام الحسين(ع) وتسأله أن يصلح شأنك.
عندما بلّغوا الإمام الحسن(ع) خبر استشهاد مسلم بن عقيل وهاني، بكى الحسين(ع) وقال: «إنا لله وإنا إليه راجعون». فأخذ أصحاب الإمام ينتظرون ردّ فعله ليرون هل يرجع أم يستمر في طريقه. هنا نطق الإمام الحسين(ع) كلمة واحدة وبها عبر عن عزمه على الاستمرار، وفي الواقع إنه قد عبّر عن قاعدة ذهبية تشير إلى أثر عاشوراء في النفوس. فكل من لم ير هذا التأثير في قلبه فإنه لم يصبح عاشورائيا بعد. بعد ما تلقّى الإمام الحسين(ع) خبر استشهاد مسلم بن عقيل وهاني قال: «لَا خَیْرَ فِی الْعَیْشِ بَعْدَ هَؤُلَاء». فإذا كان هذا أثر خبر استشهاد مسلم، فيا ترى ماذا يجب أن يكون أثر خبر استشهاد الحسين(ع) في قلوبنا؟ في الواقع أن بعد أيام عاشوراء أمرُ الله وتكاليفُه وسننه الحاكمة في هذا العالم هي التي ترجعنا إلى الاستمرار في الحياة وكسب الرزق، وإلا فبعد الحسين(ع) لا يبقى لنا حافز للاستمرار في الحياة...

صلى الله عليك يا أبا عبد الله








رد مع اقتباس