عرض مشاركة واحدة
قديم 01-15-2014, 11:05 AM   رقم المشاركة : 2
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي جمال الدين وبدائعه 2

إن إدراك جمال الدين معيار لتقدير مدى علاقة الإنسان بالدين/ إذا استقرّ الإيمان في قلب امرء، لابدّ أن يذوق جمال الدين

مضافا إلى هاتين الضرورتين الفردية والاجتماعية لإدراك جمال الدين، إنه «جميل» بحد ذاته. إذن لا يمكن للإنسان أن يكوّن له علاقة مع الدين ولا يدرك من جماله شيئا. فمن هذا المنطلق لابدّ أن نفترض إدراك جمال الدين معيارا لكشف أن هل قد حدثت علاقة حقيقية مع الدين أم لا. فقد جاء في القرآن الكريم: (وَ لکِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَیْکُمُ الْإیمانَ وَ زَیَّنَهُ فی‏ قُلُوبِکُمْ وَ کَرَّهَ إِلَیْکُمُ الْکُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْیانَ أُولئِکَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)[الحجرات/7]. فإذا استقر الإيمان في قلب امرء، لابدّ أن يذوق جمال الدين.

لماذا ترى بعض الناس يكره المعصية ولا يكره الكفر

وفي النقطة المقابلة لجمال الدين، هناك ثلاثة سيئات قبيحة وبإمكان الروح والقلب أن يدرك قبحها وشؤمها. وهي عبارة عن: الكفر والفسوق والعصيان.
بناء على الآية المزبورة، أول ما يدرك قبحه في القلب هو الكفر. وفي المرحلة التالية يأتي دور الفسوق. فإن الفسق هو الذنب الكبير الذي يؤتى علنا وعمدا. ثم تأتي بعد الفسق مرحلة إدراك قبح العصيان والذنب بشكل عام. ففي بداية الأمر لابدّ أن نكره حالة الكفر؛ بيد أن هناك الكثير من الناس يكرهون الذنب ولكن لا يكرهون الكفر وعدم الإيمان. فعلى سبيل المثال تجدهم يستاؤون من سوء أخلاق البعض بيد أنهم لا يستاؤون من كفرهم وعدم إيمانهم. من الذين يتعاملون بهذا الأسلوب؟! هم الأنانيون وأهل حبّ الذات، فما إن واجهوا ظاهرة تسيء إلى أنفسهم بالذات، يستاؤون منها، ولكن إذا وجدوا ظاهرة تسيء إلى الله، لا يتألمون إذن هؤلاء أنانيّون.

ترى بعض الناس يكره ظاهرة السفور أشدّ كره، بيد أنه لا يكره من لا ولاية له

لا يخفى علينا أن معنى «کَرَّهَ إِلَیْکُمُ الْکُفْرَ» لیس هو التعامل السيئ والعنيف مع غير المؤمن أو طرده مثلا. حتى قد يحتاج مثل هذا الإنسان إلى الترحّم والشفقة، ولكن المهم هو أن نكره ظاهرة الكفر.
وإنما يكره الكفر من عاش جمال الإيمان وأصبح الإيمان محبوبا له. فمثل هذا الإنسان يستطيع أن كره الكفر أولا ثم يكره الفسوق والعصيان بعد ذلك. فترى بعض الناس يكره ظاهرة الفسوق أشد كره، بيد أنه لا يكره من لا ولاية له. فمشكلة هذا الإنسان هي أن لم ينتظم فكره الديني بشكل صحيح وهناك فارق بين قضاياه المهمّة الرئيسة وبين قضايا الدين وأولوياته. فلم يرى المقادير بصواب ولم يراعها. فلابدّ من مراقبة النفس من هذه الناحية.
في رواية عن النبيّ الأعظم(ص) في موضوع الشكر، أشار(ص) إلى نموذج من هذه النسب والمقادير، حيث قال: «لَأَنَا أَشَدُّ عَلَیْکُمْ خَوْفاً مِنَ النَّعَمِ مِنِّی مِنَ الذُّنُوبِ»(نهج‌الفصاحة/621). فيبدو أن النبي(ص) أراد أن يعرفنا على نموذج من هذه المقادير. إن الشكر هو أحد مظاهر جمال الدين وإذا حظى العبد بحياة الشاكرين سيعيش عبودية جميلة.
إن جمال الدين ضرورة من جهة وله فوائد من جهة أخرى. ضرورته هي أنّ من لم يذق جمال الدين، فإنه في الواقع لم يدرك الإيمان. وفائدته هي من عرف جمال الدين أولا لا يتورط بالعجب وثانيا يتمكن من إشاعة إيمانه بين الآخرين.
والوجه الآخر لعملة ضرورة معرفة جمال الدين هو ضرورة كره الكفر، مثل الكره والحقد الذي كان يحمله الإمام الخميني(ره) تجاه الكفر فإنه قد نهض بهذه الثورة حتى يحارب الكفر.

الإمام الحسين(ع) أحد أروع مظاهر جمال الدين...

أما في سبيل معرفة جمال الدين لابد أن نكون قد تعرفنا على أحد مظاهر هذا الجمال مسبقا ليتسنّى لنا الحديث عن هذا الموضوع. وإن ذاك الجمال الذي قد ذقنا طعمه من قبل هو جمال حب الحسين(ع) والبكاء عليه. وكذلك في المقابل قد أدركنا شدة قبح الابتعاد عن الإمام الحسين(ع). فأولئك الذين رأوا الحسين(ع) ولم يدركوا جماله أصبحوا من أعدائه ومناوئيه...






رد مع اقتباس