احذروا المال !..
قال النبي (ص) :
احذروا المال !.. فإنه كان فيما مضى رجلٌ قد جمع مالاً وولداً ، وأقبل على نفسه وجمع لهم فأوعى ، فأتاه ملك الموت فقرع بابه وهو في زيّ مسكين ، فخرج إليه الحجّاب فقال لهم : ادعوا لي سيدكم ، قالوا : أوَ يخرج سيدنا إلى مثلك ؟!.. ودفعوه حتى نحّوه عن الباب ، ثم عاد إليهم في مثل تلك الهيئة ، وقال : ادعوا لي سيدكم ، وأخبروه أني ملك الموت ، فلما سمع سيدهم هذا الكلام قعد فرقاً ، وقال لأصحابه :
ليّنوا له في المقال ، وقولوا له : لعلّك تطلب غير سيدنا بارك الله فيك ، قال لهم : لا ، ودخل عليه وقال له : قم فأوص ما كنت موصياً ، فإني قابضٌ روحك قبل أن أخرج ، فصاح أهله وبكوا ، فقال :
افتحوا الصناديق واكتبوا ما فيها من الذهب والفضة ثم أقبل على المال يسبّه ويقول له : لعنك الله يا مال !.. أنت أنسيتني ذكر ربي ، وأغفلتني عن أمر آخرتي حتى بغتني من أمر الله ما قد بغتني ، فأنطق الله المال فقال له :
لِمَ تسبّني وأنت ألأم مني ؟..
ألم تكن في أعين الناس حقيراً ، فرفعوك لما رأوا عليك من أثري ؟..
ألم تحضر أبواب الملوك والسادة ، ويحضرهما الصالحون ، وتدخل قبلهم ويؤخَّرون ؟..
ألم تخطب بنات الملوك والسادة ، ويخطبهن الصالحون ، فتنكح ويردّون ؟.. فلو كنت تنفقني في سبيل الخيرات لم أمتنع عليك ، ولو كنت تنفقني في سبيل الله لم أنقص عليك ، فلِمَ تسبني وأنت ألأم مني ؟..
إنما خُلقت أنا وأنت من تراب ، فأنطلق تراثا وانطلق بإثمي ، هكذا يقول المال لصاحبه .
بحار الأنوار