حديث العلماء عن العقيق يختلف تماما عن الحديث الممزوج بالأسطورة لعامة الناس.
فمن الناحية العلمية يعرف العلماء العقيق بالقول بأنه حجر كريم من نوع المرو المسامى دقيق التعريق، ويوجد على هيئة مخطط من العقيق الأبيض.
ويوجد بشكل رئيسى على هيئة طبقات فى تجويفات الصخور الرسوبية. ومعظم أنواع العقيق ذات ألوان قاتمة.
وتتنوع خطوطها ابتداءً من الأبيض، مرورًا بالرمادي، وانتهاءً بالأسود. وقد تكون الخطوط حمراء باهتة، أو صفراء، أو زرقاء فى بعض الحالات.
وتنجم تلك الألوان عن وجود الشوائب مثل أوكسيد الحديد، وأوكسيد المنغنيز.
وتختلف أنواع العقيق فى أنماط خطوطها. فالعقيق اليمانى يتميز بخطوطه المتوازية الواقعة على سطح مستو. أما خطوط العقيق العيني، فإنها تشكِّل دوائر تنتشر من المركز إلى الخارج؛ بينما العقيق الحزازى نوع رقيق شبيه بالحزاز.
ويستخدم العقيق بشكل رئيسى فى صنع الحُلِي، مثل الدبابيس ودبابيس الزينة، كما أن صلادة العقيق وقدرته على مقاومة الحموض يجعلانه عظيم القيمة فى صنع هاونات السَّحْن ومِدَقَّاتِها.
وتستخدم هذه الأدوات لتكسير وخلط المواد الكيميائية. ويأتى معظم العقيق من محاجر فى البرازيل والأروغواي. وقد كانت بلدة إدار ـ أوبرشتين الألمانية، وما تزال، المركز الرئيسى لقَطْع وصقْل العقيق منذ مئات السنين.
كما أن العقيق يوجد فى أستراليا فى وادى العقيق بالغرب من نهر روبرتسون. وفى أمريكيا فى منطقة اوريجون ومونتانا وكاليفورنيا ويونغ وواشنطن والبحيرات العظمى وفى البرازيل فى المناطق الجنوبية وفى أوروغواى فى المنطقة الشمالية من البلاد وفى تشيكوسلوفاكيا وفى ألمانيا وفى اليمن وفى الهند وفى الصين.
والعقيق ينتمى إلى أحجار السلكا ويعد من الفصيلة غير المتبلورة منها يتألف كيميائيا من ثانى أوكسيد السلكون ويشوبه أوكسيد الحديد وأحيانا بعض النيكل كما قد تكتنفه فقاعات ماء أو غاز فيسمى علميا حينذاك أنهدروس وهو يتكون من ترسب محاليل مائية ويتواجد فى الحمم البركانية فيملأ التجاويف التى أحدثها انبثاق الغازات أثناء أنجماد الصهارة كما يعثر عليه فى الصخور الرسوبية وبين الحصى وهو ذو ألوان متباينة وبريق شمعى شفاف أو نصف شفاف أو معتم.
وينتسب العقيق إلى أنظمة التبلور السداسية ووزنه النوعى ما بين "2.60 - 2.65 " ومعامل انكساره ما بين " 1.544 – 1.553".
ألوان وأسماء ومصطلحات
للعقيق الكثير من الأسماء العلمية والألوان التى يتم التعامل العلمى وفقها وهي: العقيق الأحمر وأجوده ما اشتدت حمرته وأفضله يعرف باليمانى ويطلق على الأنواع الحمراء والبرتقالية اسم كارنيليان أما الحمراء الذهبية والحمراء البنية فتدعى سارد.
العقيق الأصفر ويوجد منه الأصفر الفاتح والأصفر الخالص والأخير يسمونه شرف الشمس.
العقيق الأبيض اللبنى اللون.
العقيق الأزرق يعرف باسم الكالسيدونى الأزرق وهو ذو زرقه باهته عادة.
العقيق الأخضر وهو نادر ويعزى اللون الأخضر إلى آثار النيكل.
العقيق عديم اللون التى تشبه إلى حد بعيد أحجار البلور.
العقيق متعدد الألوان وهو العقيق المتقزح و العقيق المبرش و العقيق المطحلب ذو البقع تشبه الطحالب أو الشعب و العقيق المريش فيه نقط لو قطعت لبدت كهيئة الريش أو الزهور.
وما دمنا بصدد التشريح العلمى وبيان تصانيفه لهذه الأحجار نذكر البعض منها وكالاتي:
1-كريسوبراز:
نوع من الخليقدونى ولونه أخضر تفاحى وذلك لوجود قليل من آثار النيكل فيه.
2-براز: هو شبه شفاف وهو قليل الخضرة وكان يستعمل قديماً للنقش وموطنة "المانيا".
3-بلاسما: وهو يشوبه ظل من الخضرة وغالباً ما يسوده الأخضر الحشيشى ويحتوى بشكل غير منتظم بعض البقع البيض والتى تميل إلى الاصفرار وتمد الهند والصين العالم بكميات طيبة من البلاسما.
4-الهيليوتروب أو حجر الدم: وهو خليقدونى اخضر غامق يشتمل على بقع مبعثرة من اليشب الأحمر وكان يستخدم فى الكنائس القديمة لنقش الأشياء المقدسة ويعرف بحجر "القديس ستيفان" ويستخدم حجر الدم فى صناعة خواتم التوقيع ويوجد فى الهند وسيبيريا.
5-العقيق المرطب: ويعرف أحيانا بحجر موكا ويدعى أيضا بالعقيق الطحلبي.
6-العقيق اليماني.
7-الجزع البقرى ويحتوى على طبقات من السرد والعقيق الأحمر ممتزجاً بطبقات بيض من الخليقدوني.
معتقدات متعلقة بالعقيق
فى كتاب "مفاتيح الجنان"، لكاتبه الشيخ عباس قومى يقول قال محمد الباقر: "من قام الليل حتى الفجر مرتديا خاتما من عقيق فى يده اليمنى، قبل أن يرى، أو يُرى من، أحد من الناس هذا النهار. ثم يلف الخاتم نحو كفه، وبينما يظل ناظرا إلى الحجر الكريم يقرأ سورة القدر من القرآن ويتبعها بدعاء، فإن رب الكون سيمنحه الحاية طيلة نهار هذا اليوم حتى المغرب من شر ما يسقط من السماء أو ما يصعد إليها أو يختفى فى الأرض أو يظهر منها.
وفى دراسة بعنوان "الحقائق الروحية والجمالية للأحجار الكريمة" يتحدث الباحث عماد الحاج حسن عن العديد من الحقائق المتعلقة بالعقيق فى المراجع القديمة و الحديثة العلمية والتى تثبت حقيقتها الروحية والجمالية. حيث يقول "من أجود أنواع العقيق-الأسود المحمر "أو" الأحمر المسود، وهو اسود ظاهراً وإذا ماعرض على الضوء كانت له حمرة فى دواخله، ويسمى "العقيق اليماني". وقال داود فى التذكرة...
هو حجر معروف يتكون بين اليمن والشحر ليكون مرجاناً فيمنعه اليبس والبرد وهو أنواع وأجوده: الأحمر والأصفر فالأبيض والى غيره من الألوان ومن خواصه: التختم به يدفع عن حامله الهم والغم والخفقان وقيل المشطب منه أجود. وقال أرسطو والحديث لداود فى تذكرته-أصنافه كثيرة وأجوده ما اشتدت حمرته وضعفت صفرته فمن لبس من أحسنه سكنت حدته وزال غضبه وأجوده مايجلب من اليمن وقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مكارم الأخلاق للطبرسي: "تختموا بالعقيق لأنه ينفى الفقر، وهو أول حجر أقر للرحمن بالوحدانية".. فهو حجر يذهب التكبر ويجعله حليماً وهو خمسة: أحمر-ورطبى مائل للصفرة-وازرق-واسود-وابيض.
وقال أرسطو: من أجود أنواع العقيق ما اشتدت حمرته وصفا لونه، ومن لبس العقيق القليل الإشراق الذى كلون الماء المحتلب من اللحم يقطع النزيف من سائر أعضاء البدن.
وقال صاحب نخبة الدهر: العقيق الأحمر هو بأرض صنعاء باليمن ويوجد عليه غشاء رقيق ينزع عنه فيظهر جوهره وله أنواع كثيرة منها، الأزرق والأبيض والأسود والأحمر ورطبى والعصفري، وأجود ألوانه الياقوتى الدموى واللحمى فالصافى فالعصفرى فالأحمر فالموشى بنقط بيض نقى البياض ومنه الخمرى والمجزع واللعبى والدبسي، والتختم به يورث الحلم والأناة ويصيب البيان فى الرأى ويسر النفس ويكسى حامله آلوقار وحسن الخلق، ويعزى التلون لهذه الأحجار فى منظورها العلمى وهناك شوائب واكاسيد مكونة لهذا اللون تدخل فى بنائها "الذري" حيث توجد بعض الأواصر بين الذرات غير الكاملة أو مكسرة كما هو الحال فى العقيق وقد يكون اللون موزعاً على هيئة حزم أو حلقات منتظمة حول بعضها وهو من المعادن الخفية التبلور.
ومن أنواع العقيق المرتبطة بالكثير من المعتقدات الدينية وخصوصا عند الشيعة "حجر الجزع" وهو نوع من أنواع العقيق وقد صنفه أصحاب هذا الفن بأنه حجر يعود أصله إلى "العقيق اليماني" وله عدة مناشئ منها اليمن والصين وكثيراً ما يتداولون الحديث عنه بأنه حجر "يورث" الهم والغم والحزن وفق هذه المداخلة جاءت تسميته بـ"الجزع" كترجمان لفعله، فى حين يرى الكثير من الناس يقتنون هذا الحجر دون أى تأثير من الحزن والهم الذى قيل عنه. وعند المداولة بالحديث عن هذا الحجر فقد أشاد البعض بهذا الحجر من حيث التمكين على الكثير من القراءات العملية له-فقيل: فيه الكثير من الحفظ وهو من الأحجار التى ترد كيد مردة الشياطين، وبدل القول عنه انه يورث الهم فانه يفيد بعض من حمله بالهدوء وراحة البال والحفظ، ويبعد الوسواس، وله أصناف كثيرة منها البقراوى أى "البقري" والغروى والفارسى والحبشى والشمعى والعسلى والزيتى والمعرق والبقراوى ثلاثة أصناف هي:-
احمر/ ابيض/ وبلوري، فالأحمر لا يشف، ويليه الأبيض والبلوري، وأجوده ما استوت عروقه فى الثخن أو الرقة وكان سليماً من الخشونة، وأما الحبشى فجهته الحبشة ويمتاز بطرفين سوداوين والوسط طبقة شديدة البياض وهو أصلب الأحجار العقيقية قاطبةً.
"المنظور العلمى لهذا الحجر": للحجر اليمانى الجزع طبقات من "الكالسيدوتي" مرتبة فى مستويات متوازية ويدعى "أونكس" وتوجد فيه طبقات من الاوبال والكوارتز الحبيبى مستتر التبلور، وتظهر الوانه عادة فى آخر حزمة دقيقة متوازية وقد تكون مقوسة وفى بعض النماذج تكون متراكزة، وبعضها تكون له ألوان موزعة بطريقة مختلفة غير مرتبة ويطلق عليه اسم العقيق الطحلبى .
النوع الذى يعود فيه الاختلاق اللونى إلى وجود شوائب مرئية غالباً ما تتكون من أكاسيد المنغنيز حيث تظهر فى إشكال تشبه الطحالب ويطلق عليه اسم الخشب العقيقى أو الخشب السليسى على الخشب المتحجر للاحلال بالعقيق. وهناك أنواع كثيرة من حجر العقيق الذى منه العقيق اليمانى الأخضر ويتميز بلونه الأخضر المعتم ومنه أيضا الحجر الدموى وهو عبارة عن "الكالسيدوني" اخضر يحتوى على بقع حمر من الجاسبر.
العقيق السليماني: وهو من أصناف العقيق وأكثرها شيوعاً لكثرة راغبيه واستخدامه المألوف لدى أكثر العامة من الناس كما انه لحسن جماله يضفى انبهاراً لا مثيل له، ولكونه عبارة عن لوحة فنان بارع رسمها بألوان متناسقة- كما أن للدوائر النظامية التى تدخل فى تصنيفه رسمتها يد القدرة الإلهية لهذا النوع من الأحجار، وهذه الدوائر ميزته الأولى كبداهة للتصنيف، ويوعز العلم فى التحليل لهذه الدوائر والتى كأنها عيون ساحرة ماهى إلا كائنات مجهرية حية قد تكونت وتبلورت عبر "ملايين" السنين فكانت بهذا الشكل.
ولكلمة "السليماني" محاور كثيرة للاستدلال على معناها وتسعفنا "اللغة" لتدلنا على معناها فتقول: نسبة إلى "السليم" وهو "اللديغ" أى الملدوغ بالأفعى والمتألم منها كما جاء لفخر الدين الرازى فى مختاره الصحاح..
عين الهر: وقال داود فى تذكرته فى نهاية حرف العين: أما عين الهر فهو حجر مشهور لا نفع فيه، وقال بعضهم والقول لداود-من خواصه: انه يحفظ حامله من أعين الناس وأعين السوء والأنفس الخفية الجنية والانسية وانه جمع فيه خواص الياقوت البهرمانى فى منافعه ولاينقص "مال" حامله، وهو حجر ابيض مع إشراق عظيم ومائية فى باطنه، نقطة متحركة على الدوام خلاف حركته، وإن كسر على اقل جزء منه ظهرت هذه النقطة فى كل جزء.. وقال صاحب درة الغواص: حجر عين الهر إذا علق على المعدة "قواها" ومن تختم به لم يجدر، وان علق على جبهة المجدور لم يقع الجدرى فى عينه.
وفى نخبة الدهر، هو حجر يتكون من معدن الياقوت والغالب على لونه البياض الناصع مع إشراق مفرط ومائية رقيقة شفافة وسمى بعين الهر لان فيه نقطة مائلة كالروح "الباصر" ومنه لون يشوب بياضه "صفرة" وتكون النقطة المنظورة فيه شبيهة بذبابة صافية اللون تبين فى باطنه كأنها ماء متدفق، وهو اقل "عمراً" من الياقوت الأحمر.
التحليل العلمى لهذا الحجر: ويسمى علمياً "السايموفين-" أو مايسمى بعين القط وهو نوع من "الكرايزوبيريل" يظهر متلألئا وذلك حينما يصقل، ويتميز السايموفين بظهور حزمة ضيقة من الضوء على سطحه الخارجى والتى تتحرك من موقعها مع كل حركة يتحرك فيها المعدن وعين الهر ذو بريق حريرى وهو نوع من الكوارتز فى بعض المصادر العلمية والذى يعطى تلاعباً فى الألوان يشبه بعين الهر وذلك عند قطعه بشكل مستدير ويعزى هذا التلاعب فى الألوان لوجود "المكتنفات" الليفية أو إلى طبيعة الكوارتز الليفية ويسمى الكوارتز الأصفر والذى ينتشر فى جنوب افريقيا ويسمى هناك بعين النمر.