عرض مشاركة واحدة
قديم 12-22-2015, 12:27 PM   رقم المشاركة : 2
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي معالم الأسرة الصالحة 2

كيف نعصم أبناءنا من أعمال السوء وسوء الأدب؟/ المهمّ في تربية الولد هو أن تسحقوا هوى نفسكم أمام ولدكم

يشكو الكثير من الآباء والأمّهات اليوم من أولادهم ويتساءلون: «ماذا نفعل لكي يصبح أولادنا من المصلّين؟ وكيف نعصمهم من أعمال السوء وسوء الأدب؟» فلابدّ من القول لهؤلاء الآباء والأمّهات: كم تجاهدون أنفسكم أمام أولادكم؟ لا يكفي أن تكونوا أناسا صالحين وحسب ولا ينفع ذلك في تربية الولد كثيرا، وإنّما يجب أن يرى الولد جهادكم للنفس لكي يتأثر. فعلى سبيل المثال إن كان أحدكم إنسانا خلوقا وعطوفا بمقتضى سجيّته ووراثته فهذا ما لا ينفع كثيرا في تربية طفله. المهمّ هو أن تحصوا كم مرّة قد سحقتم هوى نفسكم وضحّيتم بمشتهياتكم أمام طفلكم بحيث يدرك طفلكم ذلك؟ فإن لم تكونوا قد فعلتم ذلك أمام طفلكم فلا تتوقعوا أن تجدوا طريق حلّ لإصلاح ولدكم!
عندما يجد الإنسان أن ابنه قد أوشك بالانحراف والضياع وهو المسبّب في ذلك لا ابنه، عند ذلك حريّ به أن ينتبه ويشعر بضرورة التديّن وجهاد النفس له قبل ابنه.

الأسرة الصالحة هي الأسرة التي تربّي أطفالا صالحين في نفس هذه الظروف الموجودة في المجتمع وحتى في ظروف أسوأ

نحن نخرّب تربية أطفالنا في البيت ثمّ نلقي اللوم على الفساد الموجود في المجتمع! الأسرة الصالحة هي الأسرة التي تربّي أطفالا صالحين في نفس الظروف الموجودة في المجتمع وحتى في ظروف أسوأ. الأسرة الصالحة لا تنتج ولدا معقّدا حتى إذا صار متديّنا يمارس التطرّف. مثلا يتزمّت في موضوع التطبير ويأبى إلّا أن يطبّر! فأمثال هؤلاء الناس إذا دخلوا في أي سلك يتجاوزون الحدّ ويفرطون ويتطرّفون. فعلى سبيل المثال في المأكل والمشرب يتعدّون الحدود ويتورّطون في أكل الحرام. وفي العلاقات والصداقات يفرطون حتى قد يرتكبون قتلا في سبيل بعض العلاقات. وكذلك في إقامة العزاء تراه يفرط ويطبّر على حساب تشويه سمعة الدين. وكذلك يفرط في الالتذاذ والتمتّع حتى يقع في الحرام.
يجب أن نرى في أي أسرة قد تربّى أمثال هؤلاء وكيف كان أخلاق الوالدين في البيت. إذا درستم أسر هؤلاء الناس لوجدتم أن أكثرهم كان آباؤهم وأمهاتهم لم يكونوا يسيطرون على لسانهم إذا غضبوا ويتلفظون بكل شيء، ولذلك ترى الطفل قد نشأ هكذا. حتى وإن كانوا يلزموا أنفسهم حين الغضب أحيانا، فلم يكن ذلك من أجل الله، بل من أجل عوامل أخرى قد منعتهم عن إطلاق الكلمات البذيئة، مثلا لعلّهم لزموا أنفسهم حفاظا على سمعتهم أمام أقربائهم وجيرانهم لا في سبيل الله. لذلك فالطفل الذي يترعرع في مثل هذه الأسرة لم ير والديه قد لزما أنفسهما وكفّا عن بعض السلوك في سبيل الله قطّ وفعلوا بما شاء هواهم واشتهته أنفسهم.

لا نكن متطرّفين تحت غطاء الدين ولا نكن إفراطيّين ماديّيين/ إن مشاهدة هبوط نافورة الثقافة والحضارة الغربية النخرة قد صعّد قابليّات الشباب

فماذا يجب أن نفعله نحن في هذه الأجواء الحسّاسة؟ فمن جانب يجب أن لا نكن متطرّفين معنويّين تحت غطاء الدين ولا نكن إفراطيّين مادّيين تحت لواء الحياة الحرّة الغربيّة النخرة، ومع الأسف تروّج هذه الحياة بالرغم من انقضاء شوطها.
برأيكم لماذا تزداد أجهزة الستلايت والموبايل وغيرها لأنواع الفسق والفساد يوما بعد يوم؟ صحيح أن التقنيّة في تطوّر وأنّ بعض الأيادي المنتزهة هي وراء توسعة أدوات الخلاعة والفساد، ولكن ليست هذه الأسباب خارجة عن تدبير الله وحكمته. فما هي الحكمة من تيسّر الوصول إلى مختلف أدوات الفساد؟ ويا ترى لماذا قد اقتضت حكمة الله أن يحصل مثل هذا التوسّع في أدوات الفسق والفساد؟
يبدو أن الله سبحانه وتعالى الذي يمتحننا في مثل هذه الظروف، علم أنّنا لابدّ أن نقدر على النجاح في هذا الامتحان وإلا لما سمح الله بأن يفرض علينا امتحان صعب فوق طاقتنا. وهذا يعني أن شبابنا قادرون على أن يحظوا بقابليّة تمكّنهم من النجاح في مثل هذا الامتحان.
لم يكن يروّج الفساد بهذا القدر في الأزمان الماضية، ولكن في نفس الوقت لم تكن العقول قد بلغت إلى هذا المستوى من الرشد ولم تتوفّر إمكانات الصلاح والرشد المعنوي ولم تكن القدوات الصالحة بمرأى الناس ولم ينكشف لدى الناس نهاية طريق الحضارة الغربية النخرة وثقافتها المشؤومة القائمة على الكفر والإلحاد. الماء الذي ينطلق إلى الأعلى في النافورة فكلما يقترب إلى نقطة أوجه فهو في الواقع يقترب إلى مرحلة هبوطه. وها نحن نرى اليوم لحظة هبوط نافورة الثقافة الغربية النخرة. إذن نحن نحظى بإمكانات عالية للنجاح في هذه الامتحانات.
إن لم نجتز هذه الامتحانات بنجاح سيستغلها بعض ذوي الأفكار السقيمة فيتمسّك ببعض مظاهر الفساد في المجتمع كذريعة ويستدلّ بها على عدم أحقيّة طريق الحسين(ع). مثلا يقول: إن مقيمي عزاء الحسين(ع) هم نفس هؤلاء الذين لا يراعون الكثير من المسائل الشرعية. لذلك فقد أصبح التديّن الصحيح ضرورة حياتيّة اليوم.
الدليل الآخر لهذه الضرورة هي أن العديد من الجهات والتيارات أصبحت تعادي تديّننا وصلاحنا.












التوقيع :

رد مع اقتباس