عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2016, 08:29 AM   رقم المشاركة : 10
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي معالم الأسرة الصالحة 2.3


لا يخرج من الأسرة الصالحة، إنسان يعاني من نواقص روحية وعاطفية

للأسرة الصالحة خصائص ومؤشرات عالية جدّا. فلا يخرج من الأسرة الصالحة إنسان يعاني من نواقص روحية وعاطفيّة. مع الأسف إن بعض الناس يعانون من نقص الحبّ والحنان بشدّة، بحيث يبحثون عن من يملأ نقصهم العاطفي في الشوارع، ثمّ يسمّون عملهم حبّا وغراما بدلا من أن يسمّوه وقاحة. وبدلا من أن يقول أحدهم: «عندي مشكلة وأصبحتُ مريضا أو معقّدا نفسيّا»، يقول بفخر: «أحببت وعشقت!»
يقول أحد الروات: «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْعِشْقِ، قَالَ قُلُوبٌ خَلَتْ مِنْ ذِکْرِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ حُبَّ غَيرِهِ» [أمالي الشيخ الصدوق/ص668]
في الأسرة الصالحة بعد مضيّ ثلاثين سنة من الحياة المشتركة، تصبح المحبّة بين الزوجين أكثر بكثير من محبتهما في شهر العسل. ولذلك عندما تمرّ سيارة عروس من جانب هذه المرأة، لا تتحسّر على الأيّام الأولى من حياتها المشتركة أبدا، إذ قدّ اشتدّ حبّ كلّ من الزوجين إلى زوجه بعد مضيّ ثلاثين سنة.

إن طريق الحصول على اللذة العميقة في الأسرة هو «جهاد النفس في أجواء الأسرة» / أغلب الأزواج الذين يعقتدون بسوء اختيارهم في الزواج مخطئون

الأسرة الصالحة تمنح الإنسان لذة ألصق بالفؤاد وأعمق بكثير ممّا يعطيه الفسق والفجور. ولكن في سبيل نيل هذه اللذة العميقة، هناك طريق واضح لابدّ لنا من سلوكه، وهو طريق «جهاد النفس في أجواء الأسرة». يزعم بعض الناس ـ مع الأسف ـ أن طريق نيل هذه اللذة هو أن يبحثوا عن أفضل زوج في العالم! يعني أن يختاروا زوجا لا يسأمون منه أبدا، وأن يكون حسن خلق الزوج ورأفته ورحمته وتواضعه وجماله من الشدّة والروعة بمكان بحيث لا تقع معه طيلة الحياة أيّ مشكلة. ثمّ يستمر جمال الزوج وباقي محاسنه إلى آخر عمره! وفي الواقع يبحث هؤلاء عن مورد كامل متكامل لا نقص فيه، لأنهم أشخاص غير لائقين وفيهم عيوب كثيرة!
ليس معنى هذا الكلام هو أن لا يدقّق الإنسان في اختيار زوجه، أو أن لا يبحث عن المورد المناسب، ولكن لا تأتي السعادة عبر الاختيار الصائب والصحيح وحسب، بل يجب على الإنسان أن يحصل على السعادة في مسار حياته المشتركة شيئا فشيئا، ولا سعادة أهنأ من هذه السعادة الحاصلة بالتدريج، وكلّ أنواع السعادة الأخرى لا تبلغ عمق لذّتها ودوامها. كما هناك الكثير من الناس الذين قد حصلوا على أفضل الأزواج ولكنهم من أسوأ الناس، فلا يصلحون إلى جانب أزواجهم الصالحين، بل يزدادون سوء وفسادا. وأساسا قد يكون سوء الزوج سببا لرشد الإنسان وازدياد مراقبته على أعماله.
لابدّ من «صنع» الحياة المليئة بالسعادة، لا أن نربح بها مفاجأة. لا يربح الإنسان بأسرة صالحة بالصدفة، ولا يتعلّق صلاح الأسرة باختيار الزوج الصالح وحسب. مع الأسف قد جرى على ألسن كثيرا أن «لم يكن اختياري صائبا»، ولكن أغلب الأزواج الذين يعتقدون بسوء اختيارهم في الزواج مخطئون. بعض هؤلاء هم أشخاص أنانيّون وأتباع الهوى، ويريدون أن يكون الآخرون عبيدا لهم، وتجري رياحهم كما تشتهي سفنهم. لذلك فهم يبحثون عن من ينقاد تماما إلى رغباتهم وهذا ما لا يمكن أبدا، إذ يودّ هؤلاء في مسار حياتهم المشتركة أن يلبّوا أهواءهم ويلتذّون وحدهم دون الطرف الآخر.

الخطوة الأولى لتكوين الأسرة الصالحة، تغيير رؤيتنا تجاه «الأسرة» / الإنسان الذي يرى لذّته في تلبية هواه لا يصلح للزواج!

طيّب، كيف نستطيع أن نكوّن أسرة صالحة؟ الخطوة الأولى لتكوين الأسرة الصالة هي تغيير وإصلاح رؤيتنا تجاه الأسرة وأن نعلم حقيقة الأسرة. الأسرة مقرّ له آدابه الخاصة. للحضور في الأسرة آداب كما هو الحال في الحضور في المسجد. فكما أن للمسجد حرمة، كذلك للأسرة حرمة ولابدّ من مراعاة الكثير من الآداب فيها. طبعا لا مانع من الراحة في أجواء الأسرة، ولكن هناك حدود للراحة في البيت.
هؤلاء الذين يقولون لا تتزوجوا مبكّرا والعبوا وامرحوا قبل الزواج والتذّوا بالعيش في أيام شبابكم (وهم يقصدون الفسق والفجور) فيا ترى لماذا يتزوجون أساسا؟! إذ أن الإنسان الذي يرى لذّته في تلبية هواه، فهو غير صالح للزواج من الأساس! وحري بمثل هذا الإنسان أن لا يبحث عن زوج صالح، إذ مهما كان زوجه صالحا، مع ذلك سينساق إلى الفسق والفجور تلبية لهواه. إن كان الإنسان متّبعا لهواه، فحتى لو حصل على أفضل زوج في العالم، مع ذلك سرعان ما يسأم منه ويضجر وينفر.

كما أن المائدة ليست محلّ النهم والبطنة ولها أدابها، كذلك ليست الأسرة بمرتع لإشباع الغرائز والشهوات ولها آداب خاصّة/ الأسرة بمعنى الحياة في إطار دستور

كما أن الأسرة ليست محلّا للنهم والبطنة ولها أداب معيّنة، كذلك ليست الأسرة بمرتع لإشباع الغرائز والشهوات ولها آداب خاصّة. الأسرة بمعنى الحياة في إطار دستور. إن مراعاة آداب الأسرة ومقرّراتها من الأهمية بمكان بحيث تنزل آية قرآنية لتحدّد قانون ذهاب الأطفال إلى غرفة الوالدين؛ (لِيسْتَأْذِنْکُمُ الَّذينَ مَلَکَتْ أَيمانُکُمْ وَ الَّذينَ لَمْ يبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْکُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَ حينَ تَضَعُونَ ثِيابَکُمْ مِنَ الظَّهيرَةِ وَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَکُمْ...) [النور/58]
يجب أن نغيّر رؤيتنا عن الأسرة. فعلى سبيل المثال إن رؤيتنا عن المعسكر هي أنه مقرّ تجب فيه مراعاة الكثير من الآداب والضوابط والسلوك الخاص. عندما نواجه في المعسكر من هو أعلى رتبة منّا، يتعيّن علينا أن نضرب له تحية عسكريّة، فحتى لو كنّا نودّ قائدنا جدّا، لا يجوز لنا أن نعانقه ونعبّر عن حبّنا واحترامنا له كما نشاء، بل يجب علينا أن نضرب تحية عسكرية له حسب الأصول والضوابط. طبعا ليست آداب الأسرة وضوابطها شديدة ومتصلّبة كما في المعسكر، ولكن يجب أن تراعى بعض الآداب والاحترامات في أجواء الأسرة. لقد ذكرت في رواياتنا تفاصيل آداب المعاشرة بين الزوجين في إطار الأسرة بشكل دقيق، وفصّلت القوانين والضوابط تفصيلا. فلم نترك في البيت سدى، بل مكلّفون بمراعاة الآداب والضوابط.

يتبع إن شاء الله...








التوقيع :

رد مع اقتباس