عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2013, 10:37 AM   رقم المشاركة : 5
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي المفتاح الذهبي للحياة المشتركة 3


لقد خلقنا الله لنصل في مسيرتنا هذه إليه. لقد خلقنا لنصل إلى رشدنا و تكاملنا بالامتحان. فهو الذي يعين لنا هذا الامتحان، كما و يعين لكل شخص زوجه و نصيبه. فقد يتم الزواج عن طريق إلقاء محبة أحدهما في قلب الآخر؛ وقد يتم بإصرار الوالدين، و قد يتم بأن يتعرف أحدهما على الآخر صدفة و هكذا. بيد أن أصل الزواج، ليس باختيارنا. لكن نتيجة مساعينا لاختيار الزوج، كاشفة عن الإرادة و التقدير الإلهيين. للعوام مثل يقول: لننتظر و نرى من سيكون قسمة من؟ ففي الحقيقة إن هذا ليس مثل العامة، بل هو استنباط عرفاني لحقيقة الزواج.

أمّا السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما محصل اختيار الانسان؟ و هل هناك منافاة بين التقدير الإلهي و انتخابنا؟ أولسنا نحن الذين اخترنا أزواجنا؟ إياكم و أن تقيّموا الاختيار على أنه لاينسجم مع التدخل الإلهي. فليس الأمر كما يتصور البعض بأن الأمور التي تجري باختيارنا ليس لله يد فيها بل يدعها بأيدينا كاملا. فليس لدينا أي اختيار مطلق حتى في اختيار سيارة الأجرة. فعملية الاختيار هي في الواقع عملية التمام بين إرادتنا و إرادة الله سبحانه. فلامناص من جعل هذه الحقيقة نصب أعيننا و هي أن اختيارنا، لايمكن أن يكون مطلقا، كما أن الجبر بطبيعة الحال أيضا لايمكن أن يكون مطلقا. و البسط في هذا الموضوع موكول للبحوث الكلامية ولا مجال هنا للخوض في هذا الموضوع بأكثر مما ذكر.

سأكتفي هنا بالقول بأن الزواج من أكثر الموارد التي يخضع فيه تدخل المشيئة الإلهية لتعلقه بكل حياتنا. فقد رسم الله لنا الخطة التي نمشي عليها في كل حياتنا ولا مجال بحال من الأحوال لضربها أو تغييرها. السعي لاختيار الزوج الأفضل هو تكليفنا وله الأثر المباشر على حياتنا. لكن لابدّ من العلم بأن هذا التكليف وهذا الأثر المباشر هو، مظهر المشيئة الإلهية في نوع الامتحان الذي يمتحننا الله به في حياتنا الأسرية. إذن، تكليفي في الاختيار له محله الخاص، و مسألة أن الله يفعل ما يشاء أيضا لها محلها الخاص. فأنت تختار و على أساس مجموعة من المصالح و المنافع. أما مسألة وصولك لهذه المصالح أو عدمها فهو موكول للسنّة الإلهية. نعم، لابد من القول بأن حسن عملك مأثر حتما في صلب الحقيقة والواقع التي أنت عليه الآن. وسأتناول مسألة حسن العمل وأبسط الكلام فيه أكثر في المواضيع القادمة.

الملاحظة الأخرى هي، قد يتصور البعض بأن المرء الجيد لابد وان يكتب الله له نصيبا جيدا مثله. بيد أن الشواهد الكثيرة تنصّ على خلاف هذا التصور، فقد استشهد بعض أئمتنا على يد أزواجهم، وهذا التصور ناشئ من عقيدة خاصة و هي أن الزواج الصالح بمثابة الجائزة على أعمال المرء الصالحة، فأي إنسان يصلح باطنه و عمله و إيمانه، يحصل على زوج صالح مثله. كلا، ليس الأمر هكذا. فزوج المرء أرضية رشده المعنوي، والله سبحانه هو بوحده يعين الزوج المناسب لرشدنا. فاختلاف زوجتك معك روحيا و المشاكل و المصادمات المترتبة على هذا الاختلاف قد تشكل أرضية الرشد المتزايد بالنسبة لك. ولعله كلما ازدادت الظرفية و السعة الوجودية للشخص كان نصيبه زوجا أقل مرافقة و موافقة و أكثر اختلافا. أو لم يكن الإمام الحسن - عليه السلام - و الامام الجواد - عليه السلام - يستحقان المرأة المؤمنة الصالحة؟

و المسألة الأخرى الجديرة بالتأمل؛ إن الله سبحانه لايحرمنا للطفه و كرمه بسبب بعض تقصيرنا و نقصنا. إذ كرمه سبحانه أكثر من أن يعاملنا بالنقص في التقدير بسبب ضعفنا و تقصيرنا تجاهه.

وكما أشرنا إليه سابقا و نشير إليه لاحقا أن سعي المرء للحصول على زوجة صالحة لايذهب جزافا أبدا. كما أن دعاؤه و دعاء أمه و أبيه بحقه أيضا مؤثر حتما. غير أن التقدير و المصلحة مع هذا لها مكانتها و أهميتها الخاصة.

فمع أن "الدعاء يرد القضاء ولو أبرم إبراما" بيد أن كثيرا من أعمالنا كاشفة عنه. فليس أمامنا إلا السعي بمقدار وسعنا و طاقتنا؛ وبه تتحقق قسمة كل فرد.

خلاصة القول، أن اختيار الزوج، متعلق بمصلحة العبد و خيره قبل كونه متعلق بكفاءاته أو تقصيره.

اسمحوا لي هنا أن أوضح لكم محصل الاختيار و الدور الإلهي فيه بمثال: فلو قرر شخص الزواج ببنت متشخصة ليشمخ بأنفه و يفخر بها أمام أقربائه المتشخصين، أمكن العلم بطبيعة البنت التي يسعى وراءها من خلال من يتفق تعرّفه عليهن في تلك الأيام. والله سبحانه هو وحده الذي عرفه عليهن.

ثم يعيّن واحدة من بينهن يمكنه أن يشمخ بأنفه و يفخر بها أمام أقربائه. و من حسن الصدف يجعل الله سبحانه في هذه البنت المعيّنة صفاتا غير قابلة للتحمل، لكي يجعلها سببا لرقية و الوصول إلى رشده. فهنا قد تم الاختيار من قبل الشخص، والله أيضا فعل ما يريد. إضافة إلى هذا قد يوقعه الله في صعوبات عديدة و يمتحنه امتحانات عسيرة بسبب نيته السيئة في الاختيار. على كل حال ليس اختيارنا بالاختيار المطلق.



يتبع إن شاء الله ...






رد مع اقتباس