عرض مشاركة واحدة
قديم 01-02-2008, 09:44 PM   رقم المشاركة : 1
موقع عبد الله الرضيع (ع)
:: عضو مميز ::

الملف الشخصي





الحالة
موقع عبد الله الرضيع (ع) غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي الإنسانية المغيبة ومأساة الطفل الرضيع عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسانية المغيبة ومأساة الطفل الرضيع عليه السلام
الكاتب : الدكتور أحمد راسم النفيس



رحم الله إخواننا المحتفين بمأساة رضيع الحسين (ع)* الذين يصرون على إحياء ذاكرة أمتنا المصابة بفقدان الذاكرة الإرادي حيث يصر قومنا على إلحاق هذه الأنفس الزكية بتلك اللائحة الطويلة للدماء الطاهرة المطلولة التي ضاعت هدرا ولا ينبغي لأحد أن يطالب أو حتى أن يذكر بها.
إنها مهمة لا تقل صعوبة عن مهمة إحياء الموتى!!.
إنها واحدة من منظومة الجرائم التي أدمن القوم على تعاطيها والتي تثبت من دون أدنى شك أن القوم لم يكونوا يوما أصحاب ديانة ولا أحرارا في دنياهم وأنهم ممن لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا يوفون بعهد لله ولا يحترمون قيمة أو مبدأ إنسانيا أو أخلاقيا.
فشل القوم في كل الاختبارات الأخلاقية بعد أن قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).

(إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم) .. (ويا شيعة آل أبي سفيان : إن كنتم ذوى أحساب إمنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهالكم).

كانت تلك كلمات الإمام الحسين عليه السلام التي حاول من خلالها أن يمنع القوم من مواصلة إنتهاكهم لكل القيم والمعايير الأخلاقية وهو ما يكشف بوضوح عن طبيعة معركة الانتقام من رسول الله صلى الله عليه وآله والتي دفعت هؤلاء الأوباش نحو هذا السلوك الوحشي والرغبة العارمة في التنكيل والتشفي من أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين.
دعك من ترهات وعاظ السلاطين الذين يحاولون حصر ما جرى في إطار صراع سياسي يزعمون أنه كان من الممكن ألا ينشب لو إستمع الإمام الحسين (ع) لنصائح العجائز وأصحاب ورع الأفاعي وقل لي بربك:
لو كان الأمر صراعا حول السياسة ولا شيء غير السياسة فلماذا جرى التنكيل بالنساء وقتل الأطفال الأبرياء؟!.
لو كان هؤلاء المجرمون غير مأمورين من شيطانهم يزيد كما يزعمون فلماذا لم يعاقب هذا اليزيد قتلة الأطفال ومن سرقوا حتى حلي النساء ومن أحرقوا بيوت الحسين سبط النبي سلام الله عليه؟!.
نحن إذن أمام حزمة كاملة من الجرائم والموبقات إرتكبها بنو أمية بوعي وتصميم وإدراك وهي جرائم لم تحدث عفو اللحظة ولا من أجل الحفاظ على عرش لم يكن يوما ما حقا لهم ولكنها جرائم تكشف عن حقد دفين وبغض أشد لأهل بيت العصمة والنبوة والطهارة.

روى أبو مخنف وغيره من المؤرخين في (مقتل الإمام الحسين) أن الحسين (عليه السلام) لما آيس من نفسه ذهب إلى فسطاطه فطلب طفلا له ليودعه، فجاء‌ته به أخته زينب، فتناوله من يدها ووضعه في حجره، فبينا هو ينظر إليه إذ أتاه سهم فوقع في نحره فذبحه. فأخذ دمه بكفه ورمى به إلى السماء وقال: "اللهم لا يكن أهون عليك من دم فصيل ناقة صالح، اللهم إن حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير لنا، وإنتقم لنا من هؤلاء الظالمين، فلقد هون ما بي إنه بعينك يا أرحم الراحمين".
وروي عن الباقر عليه السلام أنه لم تقع من ذلك الدم قطرة إلى الأرض ثم إن الحسين (عليه السلام ) حفر له عند الفسطاط حفيرة بجفن سيفه فدفنه فيها بدمائه ورجع إلى موقفه.

اللهم لا يكن أهون عليك من فصيل صالح عليه السلام

كيف ولماذا أجهز القوم على ناقة صالح, ناقة الله وإرتكبوا فعلتهم الشنعاء التي أوجبت نزول نقمة السماء عليهم وهلاكهم وزوال ملكهم؟!.
كيف ولماذا أصر القوم على معاندة الإرادة الإلهية كَذِباً وَبَغْياً، أَنْ رَفَعَ اللهُ أهل البيت وَوَضَعَهُمْ، وَأَعْطَاهم وَحَرَمَهُمْ من نعمة الحكمة والاصطفاء، وَأَدْخَلَهم وَأَخْرَجَهُمْ.
(إسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ . وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً * أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً).
وهل يعني إمهال الله تبارك وتعالى لثمود ولأحفادهم من أدعياء الإسلام أنهم أفلتوا بجرائمهم في الدنيا والآخرة؟!.
يحكي الله تبارك وتعالى عن المجرمين الأوائل أسلافِ بني أمية وكيف إنتهكوا ما حرم الله تبارك وتعالى إنتهاكه وكيف عاجلهم الله بالهلاك وقال لهم تمتعوا ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب وكيف أن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة حتى (ولو ظُنَّ اَلظَّانُّ أَنَّ اَلدُّنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا وَلاَ يُرْفَعُ عَنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ سَوْطُهَا وَلاَ سَيْفُهَا وَكَذَبَ اَلظَّانُّ لِذَلِكَ بَلْ هِيَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ اَلْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً) تماما كما فعل أشقى الأشقياء عاقر الناقة!!.
يقول تعالى:
(إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ المَاءَ قِسْمَةٌ بَينَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ * فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَر * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ).
(قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ العَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ).
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا* فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا).
روى العلامة الجزائري في كتابه قصص الأنبياء عن العياشي عن أبيه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام:" قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله سأل جبرائيل عليه السلام كيف كان مهلك قوم صالح؟ فقال: يا محمد إن صالحا بعث إلى قومه وهو ابن ست عشرة سنة فلبث فيهم حتى بلغ عشرين ومائة سنة لا يجيبونه إلى خير وكان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله فلما رأى ذلك منهم, قال يا قوم إني قد بعثت إليكم وأنا إبن ست عشر سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة، وأنا أعرض عليكم أمرين إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألوني، وإن شئتم سألت آلهتكم فان أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم فقد شنئتكم وشنئتمونى؟ فقالوا قد أنصفت فاتعدوا ليوم يخرجون فيه، فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم ثم قربوا طعامهم وشرابهم فأكلوا وشربوا، فلما فرغوا دعوه فقالوا يا صالح سل, فدعا صالح كبير أصنامهم فقال ما اسم هذا؟ فاخبروه باسمه فناداه باسمه فلم يجب فقالوا أدع غيره فدعاهم بأسمائهم, فلم يجبه واحد منهم، فقال يا قوم قد ترون دعوت أصنامكم فلم يجبني واحد، منهم فاسألوني حتى أدعو الهي فيجبكم الساعة، فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها ما بالكن لا تجبن صالحا، فلم تجب، فقالوا يا صالح تنح عنا ودعنا وأصنامنا. قال فرموا بتلك البسط التي بسطوها وبتلك الآنية وتمرغوا في التراب وقالوا لها لئن لم تجبن صالحا اليوم لتفضحن، ثم دعوه فقالوا يا صالح تعال فسلها، فعاد فسألها فلم تجبه، فقال يا قوم قد ذهب النهار ولا أرى آلهتكم تجيبني، فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة، فإنتدب له سبعون رجلا من كبرائهم فقالوا يا صالح نحن نسألك فقال، أكل هؤلاء يرضون بكم؟ قالوا نعم، فان أجابك هؤلاء أجبناك قالوا يا صالح نحن نسألك فان أجابك ربك إتبعناك وتابعك جميع قريتنا. فقال لهم صالح سلوني ما شئتم، فقالوا إنطلق بنا إلى هذا الجبل فانطلق معهم، فقالوا سل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شديدة الحمرة وبراء عشراء - يعنى حاملا- بين جنبيها ميل، فقال سألتموني شيئا يعظم علي ويهون على ربي، فسأل الله ذلك. فإنصدع الجبل صدعا كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته وإضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض ثم لم يفجأهم إلا ورأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع فما إستتمت رقبتها حتى إجترت ثم خرج سائر جسدها، فاستوت على الأرض قائمة فلما رأوا ذلك، قالوا يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك، فاسأله أن يخرج لنا فصيلها فسأل الله ذلك، فرمت به فدب حولها، فقال يا قوم أبقي شيء؟ قالوا لا فانطلق بنا إلى قومنا نخبرهم ما رأيناه ويؤمنوا بك، فرجعوا فلم يبلغ السبعون الرجل إليهم حتى إرتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا سحر، وثبت الستة وقالوا الحق ما رأيناه، ثم إرتاب من الستة واحد فكان فيمن عقرها".






التوقيع :
موقع باب الحوائج عبد الله الرضيع عليه السلام
http://al-asghar.com

رد مع اقتباس