عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2015, 09:27 AM   رقم المشاركة : 1
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي الأستاذ بناهيان: دعوة إلى التعاطف بين الشيعة والسنة

هذا الذي بين يديك أيها القارئ الكريم، ملخص كلمة سماحة الأستاذ بناهيان في اجتماع طلاب الجامعات في مسجد جمكران على أعتاب أسبوع الوحدة الإسلامية

الشيعي الممهّد للظهور، لا يحدّد معنويّته بالأبعاد الفرديّة

لابد للشيعي المنتظر أن يحظى بمهارة الحياة الجماعية/ لابد أن نتمتع بالقدرة على التعامل والتآزر بالرغم من الخلافات الموجودة

لقد كتب إمام العصر (عج) في أحد توقيعاته: «وَ لَوْ أَنَ‏ أَشْیَاعَنَا وَفَّقَهُمْ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ عَلَى اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ فِی الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَیْهِمْ لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْیُمْنُ بِلِقَائِنَا» (الاحتجاج/2/499)
إن اجتماع الشيعة وتآزرهم معا من القضايا المهمّة جدّا. فإن الشيعي الذي يحاول طيّ الطريق منفردا، وبصدد تكوين علاقة شخصية وفردية مع إمام زمانه، ويحدّد روحانيته بالأبعاد الفردية في إطار خلواته ومناجاته، فإن الإمام لا يعدّه موطئا للظهور. فعلى سبيل المثال لقد جاء في الروايات أن إذا أراد أحدكم أن يزور إماما، فليصطحب جماعة من إخوانه. يعني الأولى أن لا يذهب الإنسان إلى زيارة أئمته منفردا.
أحد معاني قول الإمام: «لَوْ أَنَ‏ أَشْیَاعَنَا وَفَّقَهُمْ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ عَلَى اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ» هو أن يتدرّب أتباع مذهب أهل البيت(ع) على الحياة الجماعية. فلا يمكن للشيعي المنتظر أن لا يعرف الحياة الجماعية. أحيانا قد نجد بين رجالنا السياسيين أو الناشطين الثقافيّين أنّهم لا يملكون حالة الانعطاف اللازمة للحضور بين جمع يشتمل على مختلف السلائق. من المهمّ جدّا أنّ يحظى الإنسان بمهارة الحياة الاجتماعية وقدرة الانسجام مع الآخرين وأن يعترف بقابليات غيره وأفضليّته إن وجد فيه فضلا. وإذا كان أضعف منه يعينه ويمنحه قدراته.
بطبيعة الحال عندما يجتمع الناس مع بعض، تظهر خلافات بينهم في الآراء وحتى الروحيّات وقد تنجرّ هذه الخلافات إلى توتّر بينهم. ومن المتيقّن أنه لم يكن هدف أهل البيت(ع) من دعوتنا إلى الاجتماع والتواصل هو أن نتنازع، بل أرادوا منّا أن نجتمع معا ونحظى بقدرة التعامل والتآزر بالرغم من وجود الخلافات. إن بعض الناس لا يقدرون على التعامل حتى بين فريق متكوّن من ثلاثة أشخاص، فضلا من أن يتعاملوا مع فريق أكبر وجمع أوسع.
من أجل ازدياد قابليّتنا في التعامل، لابدّ أن نعالج كثيرا من نقاط ضعفنا. فعلى سبيل المثال كيف ردّ فعلنا إذا أغضبنا أحد أو تجاسر علينا؟ أو كيف نواجه من لم يدرك قولنا أو فسّره بطريقة سيئة؟ وكيف نطبّق هذه التوصية التي تقول: لا ينبغي أن لا ننسب مساوئنا إلى غيرنا وحسب، بل يجب أن ننسب مساوئ غيرنا إلى أنفسنا؛ «مَا بَالُ الْمَظْلُومِ لَا یَصِیرُ إِلَى الظَّالِمِ فَیَقُولُ: أَنَا الظَّالِمُ، حَتَّى یَصْطَلِحَا» [الخصال/ج1/ ص138] فإذا قمنا بعمل جماعي وأفشل أحد الأعضاء العمل، لا ينبغي أن نتهجّم عليه مباشرة ونقول: «إنّه هو المقصّر إذ كنت قد قلت له وحذرته من كذا...» بل بالعكس، يجب أن نحصل على هذه القدرة، بحيث نتقبل تقصير الآخرين ونقول: «أنا المقصّر في فلان قضيّة». طبعا من الصعب جدّا أن يبلغ الإنسان إلى هذا المستوى من قدرة التعامل والانعطاف.
إن زمن الغيبة والانتظار، هو زمن التمهيد والتوطئة لظهور الإمام. ولابدّ للموطئين أن يمتازوا بخصائص. كيف يمكن للطالب الجامعي أو الحوزوي أن يكون ناصرا للإمام، ولكنّه لم يقم بنشاط مع أيّ جمعية أو منظمة ثقافية؟! وهل أنه لا يستطيع أن ينسجم أو يكوّن علاقة مع أيّ فرد. إن بعض الناس لا يرغب بالعمل الجماعي وبودّه أن يعمل بغنى عن غيره. وقد يكون السبب هو أنّه لا يخلو العمل الجماعي من لوازم ومقتضيات نحو التنازل والتضحية وغيرها.

يجب أن نحبّ المؤمنين من صميم القلب، حتى وإن كنّا نختلف معهم

إن ما قاله الإمام الحجة(عج): «لَوْ أَنَ‏ أَشْیَاعَنَا... عَلَى اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ» يعني أن يتحابّوا من صميم القلب، لا أن يتحمّل بعضهم البعض فقط. فلابدّ لنا أن نودّ المؤمنين ونحبّهم حتى وإن كان هناك خلاف بيننا وبينهم، وحتى لو كنا قد تضرّرنا شخصيّا بسبب هذه الخلافات. يجب أن نترفّع عن كل هذه الخلافات ونودّهم من أعماق القلب ولا نكون ممن يحبّ أصدقاءه المقرّبين وحسب. إنها من الأعمال التي أكّد عليها أهل البيت(ع) بالتحديد كمقّدمة للظهور.
قِیلَ لِأَبِی جَعْفَرٍ ع: إِنَّ أَصْحَابَنَا بِالْکُوفَةِ لَجَمَاعَةٌ کَثِیرَةٌ فَلَوْ أَمَرْتَهُمْ لَأَطَاعُوكَ وَ اتَّبَعُوكَ قَالَ: «یَجِی‏ءُ أَحَدُکُمْ إِلَى کِیسِ أَخِیهِ فَیَأْخُذُ مِنْهُ حَاجَتَهُ؟ فَقَالَ: لَا. فَقَالَ: هُمْ بِدِمَائِهِمْ أَبْخَلُ. ثُمَّ قَالَ: ... إِذَا قَامَ الْقَائِمُ جَاءَتِ الْمُزَامَلَةُ وَ أَتَى الرَّجُلُ إِلَى کِیسِ أَخِیهِ فَیَأْخُذُ حَاجَتَهُ فَلَا یَمْنَعُهُ‏» [الاختصاص للشیخ المفید/ص24] و عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ الباقِر ع، قَالَ یَوماً لأصْحابِهِ: «أیُدخِلُ أحَدَکُمْ یَدَهُ في کُمِّ صاحِبِهِ فَیَأخُذَ حَاجَتَهُ مِنَ الدَّنانیرِ؟ قالوا: لا. قال: فَلَستُم إذاً بِإخوانٍ» [کشف الغمة/ج2/ص148]

الإنسان المنتظر يعني الإنسان التنظيمي، طبعا لا بالمعنى الحزبي المحض

الحياة الجماعيّة والتنظيمية تعدّ من ضرورات منتظري الظهور. لا يمكن أن نعتبر اعتزال الشابّ الجامعي في غرفته أو في زاوية المسجد أو في المكتبة واشتغاله بالصلاة والمطالعة تزكية وبناء للذات، فقد قال الله سبحانه وتعالى: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُون» [آل عمران/ 200] «اصبروا» یعني فليصبر كل واحد منكم على حدة، أما «صابروا» فیعني أن «اصبروا» سوية وبشكل جماعي.
فكم بالمئة منّا نحن المتدينين، من يعرف الفرق بين «الصبر الفردي» و «الصبر الجماعي» ويعرف مقتضياتهما؟ العنصر المنتظر يعني العنصر التنظيمي، ولا أقصد من التنظيم «الحزب» فقط، بل المقصود هو كل تشكيل وتنظيم وكل جمع منظّم هادف يمارس النشاط من أجل أهداف محدّدة.

يتبع إن شاء الله...








رد مع اقتباس