عرض مشاركة واحدة
قديم 08-17-2016, 10:38 AM   رقم المشاركة : 6
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي الطريق الوحيد للحصول على الحياة 4.2


لعلّنا لا نحسن الحياة فأصبحنا لا نحسن العبادة؟/ لا يمكن التقرّب إلى الله بغير طريق إصلاح الحياة

الهدف الثالث هو إصلاح عبادتنا. فلعلّنا لا نحسن الحياة فأصبحنا لا نحسن العبادة. لعلّنا لا نحسن العمل والتجارة فأصبحنا لا نحسن الصلاة. ولعلّنا لا نقضي يومنا بشكل صحيح فأصبحنا بلا مهجة في الأسحار لمناجاة الله.
يسأل البعض: ماذا أفعل لأزداد حضورا في الصلاة؟ وماذا أفعل لكي تغزر دموعي وأزداد حرقة ومهجة بين يدي الله؟ ماذا أفعل في سبيل أن أتقرّب من الإمام الحجة(عج) وأوفّق لرؤيته؟ إن هذه الأسئلة تحكي عن أن السائل إنسان معنوي ومحبّ لله ولأهل البيت(ع) وبودّه أن يتقرّب إلى الله. ولكن لا يمكن التقرّب إلى الله بغير طريق إصلاح الحياة.

لقد تمّ ترويج الدين المجرّد من الحياة كثيرا وله طلّاب كثيرون/ لا يرغب بعض المتديّنين في أن يواجه قضايا الحياة في مسار تقرّبه إلى الله

يقول بعض الجاهلين: يا ليتنا لم نواجه قضايا الحياة وكنّا ممحّضين في الآخرة ونستأنس بالله! لقد تمّ ترويج الدين المجرّد من الحياة كثيرا وله طلّاب كثيرون. لا يرغب بعض المتديّنين في أن يواجه قضايا الحياة في مسار تقرّبه إلى الله.
تعرفون أن السامريّ هو الذي جعل قوم بني إسرائيل يعبدون العجل. إن قوم بني إسرائيل كانوا ينتظرون الخلاص من فرعون مئات السنين وألحّوا في الدعاء وضجّوا واستغاثوا حتى عجّل الله لهم في ظهور موسى «...فَلَمَّا طَالَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وَ بَکَوْا إِلَى اللَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى وَ هَارُونَ يخَلِّصُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِينَ وَ مِائَةَ سَنَةٍ» [تفسير العياشي/2/154] كان بنو إسرائيل قد مرّوا في ظروف صعبة جدّا بحيث كانوا يذبحون أبناءهم ويقتلون النساء الحوامل منهم. فقد قاسوا المصائب والويلات العديدة حتى جاءهم موسى ورأوا المعاجز العظيمة على يديه، كالمرور من نهر نيل وهبوط الطعام عليهم من السماء (وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى‏) [البقرة/57] وانفجار إثنتي عشرة عينا (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيناً) [البقرة/60] فكأن الدنيا صارت كالجنّة لهم! ولكن بعد ما رأى هذا القوم كلّ هذه الآيات الإلهية وقد قاسى التعذيب الشديد من قبل، استطاع السامريّ أن يجرّهم إلى عبادة العجل.

كان سامريّو أمة النبي(ص) يدعون إلى دين مجرّد من الحياة/ لابدّ لنا من إصلاح العبادة عن طريق إصلاح الحياة

لقد جاء في روايات النبي(ص) وأئمة الهدى(ع) أن السامريّ موجود في هذه الأمّة أيضا. فقد روي عن النبي(ص): «...و فِرْقَةٌ مُدَهْدَهَةٌ عَلَى مِلَّةِ السَّامِرِي؛ أمالي المفيد/ص30» و من أبرز الأشخاص الذين عُرّفوا كسامريّي هذه الأمّة هم أولئك الذين كانوا قد رفعوا راية العرفان والمعنوية الدينية المجرّدة من الحياة. أحد هؤلاء الأشخاص السامريّي النهج كان قد ترك الدنيا تماما وكان يوصي الناس بترك الدنيا والاشتغال بأمر الله فقط. ولا يدرى كيف كان يريد أن يصل إلى الله؟!
يجب علينا أن نصلح عبوديّتنا عبر إصلاح الحياة. فإننا إن نجحنا في تنظيم حياتنا سنحظى بعبادة جميلة جدّا. كلّما وجدتم أنفسكم غير ذي مهجة في المناجاة، كونوا على ثقة بأنّكم لم تحسنوا العيش، أي لم تبالوا في بعض جوانب الحياة ولم تهتمّوا بها. أو أنكم لم تتعاملوا مع موضوع المعيشة والحياة باحترام، إذ أن الله لا يسمح للإنسان المؤمن بذلك.

لابدّ لنا أن نصلح حياتنا لكي نقدر على حبّ الله/ أولئك الذين لا يقبلون على إمام زمانهم إلا عند تورّطهم بالمشاكل والصعاب، فليس بمعلوم أن لا يخونوا الإمام بعدئذ

يزعم الكثير من الناس أن المساكين والبؤساء أكثر تديّنا في حين أن الأمر ليس كذلك. نحن نفتّش عن أناس يعيشون حياة جيّدة وقلوبهم غير مأسورة بالمشاكل لكي نقودها إلى الله. يعني أن لا تکون معيشتهم «معيشة ضنكا» وقلوبهم خالية من مخاوف الحياة غير المطلوبة، وكلّ ذلك بسبب صواب حياتهم لا لأنهم غير مبالين بالحياة. إن هؤلاء هم الذين يستطيعون أن يعشقوا الإمام المهدي(عج) لا غيرهم. حتى كثير من أهل المصائب والمشاكل لا يقدرون على قراءة دعاء الندبة بروحية عالية.
يجب أن نصلح حياتنا بالدين، ثمّ ننادي إمام زماننا(عج) بقلب مطمئن وبال فارغ وعن وعي ومعرفة. وإلّا فاستغاثة أهل المصائب والنوائب بالإمام الحجة(عج) أمر طبيعي. ولكن أولئك الذين لا يُقبلون على إمام زمانهم إلا عند تورّطهم بالمشاكل والمصائب، فليس بمعلوم أن لا يخونوا الإمام بعدئذ.
قبل سنين كان يقول بعض المتأثرين بالمدّ الشيوعي: «لم يكن يؤمن أحد بالنبي الأكرم(ص) إلا الفقراء والمحرومين والمضطهدين!» مع أن الأمر لم يكن كذلك. فعلى سبيل المثال أحد الأشخاص الذين آمنوا بالنبي كان شابّا من أسرة ثريّة ومترفة جدّا باسم مصعب. فقد كان أهله قد وفّروا له كلّ ما يشتهيه الشابّ. فهو قد آمن بالنبي بسبب فراغ باله لا بسبب مشاكله. «کان مصعب ابن عمير فتى مکة شبابا و جمالا و تيها، وکان أبواه يحبّانه، و کانت أمه تکسوه أحسن ما يکون من الثياب...» [الاستيعاب/‏4/1473]
كان مصعب شابّا ثريّا تأثّر بشخصية النبي(ص) فعندما أسلم بعض أهالي المدينة وطالبوا النبي(ص) بإرسال مبلّغ إليهم يعرّفهم على الإسلام، أرسل إليهم مصعب. وهو الذي مهّد لإقبال أهالي المدينة إلى الإسلام. [الكامل في التاريخ لابن أثير/ج2/ص66 و تاريخ اسلام از آغاز تا هجرت، على دواني/290]
لابدّ لنا أن نصلح حياتنا لكي نقدر على حبّ الله وأوليائه، وإلا فنبقى في اشتباك دائم مع مشاكل الحياة. لأن الحياة الجيّدة لا تربك روح الإنسان بمخاوف ومشاكل لا نهاية لها، بل تسمح للروح أن تعيش في فراغ واطمئنان، ولذلك فتصبح قادرة على عشق الله.






التوقيع :

رد مع اقتباس