عرض مشاركة واحدة
قديم 04-26-2016, 09:09 AM   رقم المشاركة : 16
المصباح
( عضوفضي )
الملف الشخصي




الحالة
المصباح غير متواجد حالياً
الحالات الاضافية

 


 

افتراضي معالم الأسرة الصالحة 1.5


معالم الأسرة الصالحة ـ 5

لا يطوّر عبوديّة الإنسان شيء مثل خدمة الأسرة! / لا يمكن لاثنين أن يتحابّا مع بعض بشدّة إلا أن يكون كلاهما قد عشقا الله وأولياءه/ لتكن معاملتكم مع اللّه لا مع أزواجكم/ لا تخافوا ضياع حقوقكم في ما إذا أحسنتم الأخلاق والصحبة مع أزواجكم!

الزمان: 14/12/2013
المكان: طهران ـ بقعة الشيخ عبدالله الطرشتي

ألقى سماحة الشيخ بناهيان في العشرة الثالثة من المحرّم وفي بقعة الشيخ الطرشتي خمس محاضرات تحت عنوان «معالم الأسرة الصالحة» فإليكم أهمّ المقاطع من محاضرته الخامسة:

لا يفكّر بعض الناس بالهدف من حياتهم ولا يفتّشون إلا عن احتياجاتهم ولذائذهم

إنّ كان الإنسان يعاني في حياته من «نواقص وعقد نفسانيّة»، فهو عادة لا يسأل عن الهدف من حياته، وإنّما يفتش عن احتياجاته ولذائذه وحسب دون أن يفكّر بالهدف من حياته. أمّا إذا أعطى اللّه الإنسان «السّكينة»، فهو يبدأ يفكّر شيئا فشيئا ويسأل نفسه أن: لماذا أعيش وما الهدف من حياتي؟! وحتى قد يسأل نفسه: لماذا يجب أن ألتذّ وأتمتّع وما الداعي إلى ذلك؟ طبعا، النزهة هي غايةٌ بحدّ ذاتها لذوي النفوس الضعيفة، ولكن بشكل عام بعد ما يتمتّع الناس بمختلف اللذات ويشبعون منها نوعا ما، يسألون أنفسهم أن: «لماذا وبأيّ حبّ نتمتّع في حياتنا؟» فمثل هذا الإنسان إن لم يجد هدفا أعلى، سيجد هذه اللذّات تافهة بلا قيمة.
إن انشغل الناس دائما بمقارنة أنفسهم مع غيرهم، وأخذوا على أنفسهم أن لا يسبقهم الآخرون في إمكانات حياتهم وكانوا ينظرون إلى نواقصهم دائما وظنّوا أن حياة جارهم أفضل من حياتهم، فمثل هؤلاء لن يصلوا إلى التفكير في هدف الحياة أبدا. أما إن ترفّع الإنسان عن هذه المقارنات واطمأنّ قلبه، يواجه هذا السؤال بجدّ، وهو: «لماذا أعيش؟» يعني يبدأ يفكّر في الهدف من حياته بكلّ عمق.

تعطي «الصلاة» و «الشكر» السكينة للإنسان وتمنحه فرصة التفكير في هدف الحياة

لابدّ للإنسان أن يواصل حياته بهدف وحبّ ما؛ بحيث يكون هذا الحبّ أسمى من جميع الحياة بأسرها وقيّماً بحيث يستحقّ أن يجعل الإنسان حياته من أجله ويفديها في سبيله. وبالتأكيد لا يصل الكثير من الناس إلى هذه النقطة. فإنها تعبّر عن بلوغ روحي لدى الإنسان ولا يبلغ الكثير من الناس إلى هذا المستوى. إن أحد الأعمال المؤدّية إلى اطمئنان القلب وبلوغ الروح هو «الشكر». فإنّ شكرنا مدّةً سنحصل على سكينة واطمئنان لا يجدها المعقدون والحسّاد وأهل اللهو واللعب والهيجانات الكاذبة أبدا.
والعمل الآخر الّذي يطمئن قلب الإنسان ويعطيه فرصة التفكير في هدف الحياة هو «الصلاة». فإنّ اللّه وعبر فرض الصلاة علينا كأنّه يسحب الكابح اليدوي في حياتنا ويذيقنا السكينة ثلاث مرّات في اليوم، وذلك في سبيل أن يتسنّى لنا التفكير في أصل الحياة والهدف منها. لقد فرضت الصلاة من أجل أن تلفت نظرنا إلى الهدف السامي في الحياة وتفهّمنا سخافة انشغالاتنا الدنيوية وتحرضنا على التفكير في حقيقة أننا «طيور بستان الملكوت ولسنا لعالم التراب، وإنما قد سجنّا في قفص أبداننا في أيّام قليلة».
إن أولي القلوب المطمئنة الذين يحظون بساعات السكينة والاطمئنان، فإنهم يفكرون بهدف الحياة، بينما أولئك الذين يفقدون هذا الاطمئنان ولا يفكرون بهدف الحياة، فإنّهم مشغولون بشؤون حياتهم وحسب ولا يطمحون إلّا برفع نواقص حياتهم. وحري بالذكر أن مشاكل هؤلاء أكثر من الفئة الأولى، وحياتهم أصعب غالبا. فقد قال الله سبحانه وتعالى: «وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِکْري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنْکاً» [طه/124] فمن يصرف وقتا لذكر الله، يحلّ الله كثيرا من مشاكله.
مهما كان شغلكم فبإمكانكم أن تتخذوا معاونا رائعا يشخّص احتياجاتكم ويعدّ مقدّمات عملكم. إنّ هذا المعاون الرائع هو ربّ العالمين! فإن كنتم مع الله، سيكون الله معاونكم وبدلا من أن تصبّ قدرة الله في إفشال أعمالكم وتثبيط عزائمكم، ستكون في مسار تعبيد الطريق لشؤونكم وأموركم. طبعا لا يعني ذلك أن من كان مع الله، فلا تواجهه مشكلة، سيواجه مشاكل لا محالة، ولكن هذه المشاكل، سوف لا تحطّم أعصابه ولا تربك سكينته، بل ستكون سببا في رشده وارتقائه. فإن أصبحت على وشك الانهيار بسبب ما تعانيه من مشاكل، فاعرف أنك قد أعرضت عن الله في بعض شؤون حياتك، فورّطك الله بهذه المصائب لعلك تنتبه وترجع إليه.

إن كان الهدف من خلق الإنسان «العبودية» فالهدف من تكوين الأسرة هو «العبودية» أيضا/ لا يطوّر عبودية الإنسان شيء مثل خدمة الأسرة!

كلّ يجب أن يرى هل قد أحرز الهدف من الحياة؟ هل عرف ما هو الهدف من تكوين الأسرة؟ فلابدّ للإنسان أن يصل إلى شيء من البلوغ الروحي حتى يصل إلى هذه النقطة. لما قال الله سبحانه وتعالى: (وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاَّ لِيعْبُدُونِ) [الذاريات/56] فمعنى ذلك هو أن الهدف من جميع ما وفّره للإنسان من نعم هو العبوديّة. إذن فالهدف من اختيار الزوج وتكوين الأسرة هو عبادة الله أيضا. وكذلك الهدف من إنجاب الأطفال وتربية الأولاد وكسب الجاه الاجتماعي هو العبودية أيضا. ولكل هذه الأعمال أجزاء وشؤون وظروف وهي من أجل عبادة الإنسان أيضا. فإذا تحببتم إلى زوجاتكم فلابدّ أن يكون ذلك من أجل تحقق هذه العبودية.
فإذا اعتبرنا جميع شؤون حياتنا كأجزاء ومعدّات لعبادة الله، سنعرف عند ذلك أنه «لا يطوّر عبودية الإنسان شيء مثل خدمة الأسرة». فإنكم إذا جعلتم العبادة هدفا لتكوين الأسرة، لن تستطيعوا أن تجسّدوا عبادة الله عبر حسن الخلق في الرأفة في الشارع ومع الآخرين، كما لو فعلتم ذلك في داخل أسرتكم. لقد اشتهر على الألسن أن: «ليست العبادة سوى خدمة الخلق»، ولکن كان الأحرى أن يقال: «ليست العبادة سوى خدمة الأسرة». ترى أخلاق بعض الناس حسنة مع الآخرين، فيخدمون الغريب ويتعاملون معه بوجه بشوش، ولكنهم لا يتعاملون مع أمهاتهم وآبائهم وأزواجهم هكذا، فكأنهم أصبحوا تكراريّين لديهم! فإن هؤلاء أن لم يكونوا عطوفين مع أسرتهم، فلا قيمة لابتساماتهم وبشاشة وجههم مع الغير، ولا يستطيعون أن يخدعوا الله بهذه الأعمال. فمن لم يعطف على أقربائه، فعطفه بالغير كذب وخداع بالطبع.

يتبع إن شاء الله...






التوقيع :

رد مع اقتباس